الصرصور

بعد ليلة طويلة, قضاها وع – الصرصور – في التسكع بثمالة بين ممرات بواليع المدينة , جاءه نداء القائد

كان وع متعبا مرهقا من ليلته الطويلة فوقف يفكر بما يملك من خيارات, هل يعود الى بالوعته للنوم و يعتذر للقائد عن عدم وصول ندائه, أم يسحب نفسه سحبا الى لقائه , فهو يعلم أن القائد يتعامل بجدية تامة في هذه المسائل

لم يطل تفكير وع في الأمر و قرر التوجه الى مقر القيادة للقاء القائد و من بعدها يعود الى بالوعته لأخذ قسط من الراحة

كان الطريق الى مقر القيادة طويلا و مظلما على وع, لكنه أصر على الذهاب خوفا من العقوبة

و عند وصوله الى بوابة مقر القيادة همّ وع بطرق الباب و التعريف بنفسه للدخول

و سرعان ما تم فتح البوابة و قد كان في استقباله جمع حاشد من الخدم و الحشم الذين قاموا بمرافقته الى القاعة الرئيسية, و هناك مد وع بصره بصعوبه ليرى أمامه الصرصور القائد عاقدا حاجبيه و على وجهه تبدو علامات الهم و الحزن

في هذه اللحظة بدأت ملامح القائد بالتبدل نحو الانفراج و رمق وع بنظرة حادة ثم قال

القائد: أهلا أهلا أخ وع , أتمنى أن لا يكون ندائي قد وصلك في وقت غير مناسب؟

وع: وقتي ملكك أيها القاعد, أنا في خدمتك

القائد: اسمعني جيدا, نحن نعيش لحظات حرجة في هذه الأيام و التطورات لا تبشر بخير, هناك من يحاول فتح الملفات القديمة و الدفع نحو تسريع الأمور و تعجيل رش المبيدات الحشرية في البلد, و أنت خير من يعلم بأننا لا نستطيع العيش في هذا الجو الملوث

وع – و قد كان يغالبه النعاس - : همم نعم نعم يا سيدي, و كيف سنوقف هؤلاء القنادر؟

القائد: لا أخفيك سرا بأنني استعنت بالأخوة خع و جع و الكثيرين للوقوف بوجه هؤلاء المجانين الا أننا أخفقنا في فرملة هذه الموجة, و اليوم لم يتبقى لنا الا سلاح أخير

و هنا اقترب القائد بوجهه الى وع بشكل مريب

وع: كلي أذان صاغية سيدي, ما هو سلاحنا الأخير؟

القائد: تقصد من و ليس ما

وع: احم احم , نعم نعم , من هو سلاحنا الأخير؟

القائد: عزيزي وع أنت تعلم بأنك لا تملك الشعبية أو التاريخ الذي يؤهلك لخوض المرحلة المستقبلية, لذلك فقد قررنا استخدامك كورقة أخيرة في مواجهة الأعداء

وع: هه, عفوا سيدي القائد لكنك تعلم بأن دوري الأساسي ينحصر في التصويت عند الحاجة و أمور أخرى أنت تعلمها خارج القاعة, لكنني لست الشخص المناسب للوقوف مباشرة بوجه الأعداء

القائد: وع وع وع , لا تستصغر من نفسك يا عزيزي, أنت شاب طموح و لك مكانة خاصة عند القيادة , أيضا نحن لسنا أغبياء لنتركك وحدك تتصدر المواجهة, اطمئن, نحن سندعمك بالوثائق و سيسهّل بقية الرفاق عليك المهمة

وع: حسنا, ماذا تريدني أن أفعل؟

القائد: شيء بسيط, بي يور سيلف, لا تتعب نفسك, هاجم الأعداء و امنعهم من اكمال مخططهم

وع: هممم سأفعل ذلك, ادعيلي

القائد: الله يوفقك

و في التاسعة صباحا دخل وع الى القاعة مترنحا و اتخذ له مقعدا بين الرفاق

و عند النداء على اسمه وقف وع شامخا – رغم قصر قامته - و قد حاول التظاهر بالتماسك و القوة ثم بدأ بالهجوم على الأعداء متوعدا اياهم بكشف الحقائق ثم انتقل الى معايرتهم بعدم قدرتهم على الذهاب الى الديوانيات و في هذه اللحظة أحس وع بشعور غريب لم يحسسه منذ سنين طويلة

فقد أصبح فعلا نجم الجلسة و كل الأضواء و الأنظار مرتكزة عليه و الآذان منصتة الى خطبته مما جعله يشعر بأهمية وهمية تفوق واقعه التعيس مما جعله يصعّد من هجومه بشكل كوميدي مما جعل المحيطين به يشعرون بالملل و ينشغلون عن تهريجه بأحاديث جانبية

و هنا هبط على وع – الصرصور - انزعاج شديد و اختلطت أمامه الرؤية , فصورة المستهزئين حوله تداخلت مع صورة القائد و تعليماته الصارمة مما جعل الدم يفور بين عروقه و فجأة

انفجر بالحاضرين موجها شتائمه الى كل ما تقع عليه عيناه و قال

نعم أيها الكويتيون
الصراصير
أكرر
الصراصير تريدنا أن نكفر بالديموقراطية و نيأس من حلولها
الصراصير حاولت مرارا و تكرارا تخريب الديموقراطية و العبث بها
رشاوي و قبلية و شراء أصوات و خدمات و تنفيعات

و اليوم , بعد اقرار الخمس دوائر أصبحت تعلم أن قواعد اللعبة تغيرت
و أن أساليبهم القديمة لم تعد نافعة في هذه اللعبة

لذلك هم يريدوننا أن نطلع بره
نحل مشاكل البلد بره
نمارس خصوماتنا و سياساتنا بره

فهم لا يجيدون اللعب داخل قاعة عبدالله السالم
بره أفضل, بره يدفعون رشاوي, بره يمارسون ضغوطهم, بره و بالظلمة يتحركون بحرية

نعم ,لعبوا بره أيها الجبناء

أما نحن, أبناء الكويت فسنبقى بالداخل

سنبقى داخل بيتنا قاعة الشيخ عبدالله السالم الصباح

نحن داخل و أنتم برة, برة , برة

و هم نبيكم برة