Wednesday, November 25, 2009

ذاته ليست مصونة و ذاتك ليست فوق القانون

.

في البداية أود أن أوضح بأنني أعتبر محمد عبدالقادر الجاسم من أفضل الكُتاب السياسيين في الكويت , بل أنني أعترف أمامكم بأنه أحد أهم عوامل رفع سقف حرية التعبير في الكويت و أعتقد أن له أثر مباشر و غير مباشر على المدونين و اسلوبهم في تناول المواضيع السياسية
.
و بالرغم من هذا الاعجاب و العلاقة الطيبة – المحدودة – التي تجمعني به من خلال مشاركته في ندوة المدونات الا أنني لا أتفق معه و مع من فزع له في موضوع رفضه لدفع الكفالة و استمرار حبسه في النيابة على أثر القضايا المرفوعة ضده من سمو رئيس الوزراء
.
أقول قولي هذا و أنا أعلم بأنني أسبح ضد تيار المؤيدين لموقف الجاسم و المطالبين بالافراج عنه معتبرين حبسه تعدي صارخ على حرية التعبير , لكني أرى بأن حرية التعبير تأتي جنبا الى جنب مع تحمل مسؤولية هذه الحرية , و اختصام المتضررين للقضاء أحد أهم أركان تحمل هذه المسؤولية , فمن حق المتضرر اللجوء للقضاء , و من حق الناشر أن يدافع عن نفسه أمام القضاء , بغض النظر عن شخص الناشر و المتضرر و تأييدنا من عدمه اتجاه أي منهم
.
فرئيس الوزراء استخدم حقه باللجوء للقضاء عندما شعر بالضرر من مقالات و خطابات محمد الجاسم , و النيابة العامة في هذه الحالة تؤدي دورها في استدعاء المتهم و التحقيق معه , و من الطبيعي أن تطالب النيابة بدفع كفالة مالية نظير اطلاق سراح المتهم , أما بالنسبة لتعلق القضية بحرية التعبير و غيرها من المباديء التي ننادي بها فهذا لا يعني بأن المتهم معفي فيها من دفع الكفالة المالية , فكلنا يتذكر هنا قضية التأبين و قضية الطاحوس و بو رمية التي تم القبض فيها على نواب سابقين في مجلس الأمة و أساتذة جامعيين و تم اجبارهم على دفع الكفالة للخروج من الحبس , و انتهت أغلب هذه القضايا بتصنيفها في خانة ممارسة حرية التعبير
.
نعم أنا أطالب بحرية التعبير , و نعم أعتقد أن رئيس الوزراء بالغ في كثرة القضايا المرفوعة ضد خصومه السياسيين من الكتاب و غيرهم , لكن النظام و القانون يجب أن يُحترم و علينا أن لا نستخدم معايير المزاجية و الفزعة لترسيخ مبدأ الاستثناءات في تطبيقه , فاليوم الجاسم هو من يريد تسجيل موقف سياسي من خلال رفضه دفع الكفالة , و هذا حقه , لكن من حق النيابة العامة أن تستمر في احتجازه مقابل هذا الرفض
.
أيضا تُجدر الإشارة هنا بأن الجاسم قام برفع قضايا مقابلة على حليف رئيس الوزراء الاعلامي محمود حيدر , و سيأتي دور هذا الآخر في التحقيق بهذه القضايا و منها سنرصد كيفية تعامل النيابة العامة معه, فإن تم الإفراج عنه من دون الكفالة المالية سيحق لنا أن ننتفض ضد ازدواج المعايير في تطبيق القانون و نطربق عاليها واطيها , أما اليوم فلا أرى داعي لإثارة الموضوع كتعدي على مبدأ حرية التعبير , فالقانون يُطبق على الجميع
.
أكرر بأني أحترم وجهة نظر أهل الفزعة و لكني أقول ما يمليه علي ضميري اتجاه الكويت و احترام القانون المهدور فيها
.

Monday, November 23, 2009

بين حرية التعبير و حرية التأزيم

قبل الدخول في الموضوع أرجو متابعة هذا المقطع الظريف
.


حاولت قدر الامكان تجاهل الحرب الاعلامية بين مصر و الجزائر اعتقادا مني بأن بعد نهاية المباراة و تأهل الجزائر لكأس العالم ستعود المياه الى مجاريها تدريجيا و سينشغل كل منا بحياته الخاصة , الا أن الأحداث جاءت على عكس التوقعات, فنيران الحرب تزداد اشتعالا يوما بعد يوم , خصوصا من الجانب المصري , أو ربما نعتقد ذلك بسبب اطلاعنا الأكبر على الاعلام المصري مقارنة بالاعلام الجزائري المجهول لدينا
.
لا أعلم في الحقيقة كيف يتحول كل هؤلاء الاعلاميين " المثقفين " و أصحاب المكانة " المرموقة " الى فريق ردح - نخب أول - تتنافس فيه ألسنتهم مع السكاكين حدة و مع البواليع قذارة , فالإهانات انصبت على شعب بالمجمل , و الطعن أصاب التاريخ بمقتل , و العلاقات تتمزق في العلن , و الجميع يعقد نونته و يرخي حزامه للمشاركة في المعركة على مذهب الامام اللي يحب النبي يضرب
.
ليس من المهم عندي الأضرار الاستراتيجية المستقبلية لهذه الحرب, لكن ما يضج مضجعي هو كيف نستطيع السيطرة على هذا الفلتان الاعلامي و نحن من أشد المناصرين لمبدأ حرية الرأي و التعبير , فمنذ انتشار القنوات الفضائية الفارغة ازدهرت مفاهيم الاعلام الشعبي , أو مشاركة أفراد الشعب " أياً كانوا " بالمنتج الاعلامي , فأنجح البرامج اليوم تعتمد على شريط المسجات و المكالمات الهاتفية الخارجة عن السيطرة , فأي شخص يستطيع أن يتصل و يتقيأ بما يريد بلا مانع أو رادع الا قطع الاتصال بعد وقوع الضرر
.

.
و من سوء الحظ فإن أكثر من مدمني الاتصال على هذه البرامج لا يتمتعون بأقل مستويات الذرابة و الثقافة المطلوبة لعرض دُررهم المكنونة على الهواء مباشرة , فمن خلال متابعتي المتقطعة لهذه البرامج أجد أن مصطلحات ازدراء الآخرين و العنصرية سوقها ماشي ما بين المتصل و المذيع , ففي كل مكالمة نجد ذكر الوافدين و جنسياتهم بطريقة أقرب ما تكون الى ذكر الحيوانات – مكرم القاريء – و فصائلها , فالمصري و الهندي و البنغالي و الفلبيني مفردات لا يلحقها أو يسبقها غير التحقير و الاستهزاء
.
و السؤال الذي يتبادر الى ذهني دائما هو ما موقف المشاهدين من الوافدين – و المواطنين – من هذه الاهانات العلنية ؟ و ماذا ستكون ردة فعل القنوات الاعلامية في تلك الدول اتجاه الكويت عندما يحل عليها الدور و تُسلط الأضواء على هذه السلوكيات ؟ هل سيستطيع بو عيدة و جيرمن حفظ كرامة الكويت و الكويتيين أمام هجوم اعلام هذه الدول ؟ و هل ستتمكن دبلوماسية صندوق التنمية من ارجاع حق الكويتيين في حال الاعتداء عليهم و على مصالحهم في هذه الدول ؟ و السؤال الأهم في هذا المجال أيهما أوجب , كفالة حرية الرأي أم صيانة مصالح الدولة و المواطنين؟

Friday, November 20, 2009

بروفة

.
بما أننا مقبلين على موسم ساخن من الاستجوابات
.
أعتقد أن من واجبي
.
اهداء هذا المقطع
.
للسادة الوزراء
.
و الأخوة النواب
.
و السيد رئيس مجلس الأمة
.
.


.
انشاءالله تبيضونها
.
بالاسلوب الراقي
.
و الروح الرياضية
.
و احترام لوائح المجلس
.
بالتوفيق
.
______________________
.
.
خاصة النائبة الباكية رولا دشتي

Wednesday, November 18, 2009

و من قالك تسحب ؟

.

سـ أتوسم المصداقية و تحري الدقة من الأخ ابراهيم المليفي و صحيفة القبس في نقل هذا العنوان من بين طيات حديث النائب الفاضل فيصل المسلم خلال الكلمة التي القاها في تجمع ارحل . . نستحق الأفضل , و الغريب في العنوان أن النائب مسلم يقايض رئيس الوزراء للكشف عن اسماء المستفيدين من شيكاته مقابل سحب الاستجواب
.
و السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو من طلب من النائب المسلم سحب الاستجواب؟ خصوصا و أن كل تصريحات الحكومة توحي بأنها ستواجه الاستجواب بالطرق الدستورية و لم يطالب أحدهم بسحبه ؟ بل السؤال الأهم هل أصبح الاستجواب و التلويح به شُخشيخة بيد نوابنا الأفاضل يلعبون بها علينا ؟ هل قرار الاستجواب جاء بعد دراسة مستفيضة لمخالفة جسيمة تستحق المساءلة أم أنه علامة من علامات البلوغ يستخدمها النائب ليقول لنا أنا هنا ؟
.
أنا شخصيا مقتنع تماما بأن أي شيك أو خدمة خاصة يقدمها رئيس الوزراء أو وزرائه للنواب هي رشوة واضحة وضوح الهلال ثاني أيام العيد , و مقتنع أيضا بأن الاستجواب في هذا الموضوع واجب لا غبار عليه , بغض النظر عن الأعذار الترقيعية حول العمل الخيري و الفرق بين شيك الحساب الشخصي و المال العام
.
لكن في نفس الوقت أشعر بالغثيان من نوعيات نواب مجلس الأمة المنقسمة الى فريقين , فريق انبطاحي مرتشي و فريق إبتزازي مُساوِم , فكل شيء عنده قابل للمساومة , فما الذي سيتغير في حالة كشف رئيس الوزراء عن أسماء المستفيدين من شيكاته ؟ هل ستتحول شبهة البلنتي الى ضربة ركنية ؟ أم أن الحكم سيمدد الوقت بدل الضائع لحسن سلوك الفريقين ؟
.
في الحقيقة لم أعد أعرف ما الذي يجري في الكويت , فالوضع السياسي زفت , و الوضع الاقتصادي زفت , و الوضع الرياضي زفت زفت , كل شيء يتدهور في هذا البلد الا الفساد , فهو الشيء الوحيد المزدهر لدينا , و خيرنا ماشاءالله مغطي العالم , يوم في أمريكا , و يوم في العراق , و قريبا في الهند
.
ما نقول الا عمار يا كويت

Tuesday, November 17, 2009

انا لله و انا اليه راجعون


.
حسبي الله و نعم الوكيل
.
اشهد ان لا اله الا الله و اشهد ان محمدا رسول الله
.
مولاي سهِّل علينا
.
انا لله و انا اليه راجعون
.
آيداد بيداد
.
قلبيّ
.
فلوسيّ
.
تعبيّ
.
شقاي
.
كله راح
.
ليش تسوون فينا جذي؟

Thursday, November 12, 2009

للضرورة فقط


.
سأتوقف اليوم عن الكتابة في المواضيع الانشائية التي لا يجني منها القاريء أي نفع أو فائدة , لذلك قررت أن أخصص هذا الموضوع للتركيز على أحد أهم مهارات الحياة و فن التعامل مع التحديات اليومية في الكويت و هو فن اعطاء الرشوة , و قبل الدخول في صُلب الموضوع أود التعبير عن استيائي الشديد للانحدار السحيق الذي وصلنا اليه في مجال احترافية اعطاء الرشوة و ترقيعها و الذي كشفت عنه حادثة الشيك الموقع بإسم سمو رئيس مجلس الوزراء الموقر للنائب الفاضل نون دال و المعروفة باسم شيك المسلم
.
فمن يتابع تفاصيل هذه القضية لا يملك الا أن يتحسر على أيام الآباء و الأجداد المؤسسين لفن الرشوة أو المعروف في عصرهم الذهبي باسم "دهان السيور" , فالجيل السابق من الكويتيين دهانين سيور محترفين و لا يستطيع اكتشافهم حتى الجن الأزرق , أما اليوم , فللأسف نرى أن رئيس أهم جهاز بالدولة يفشل في تطبيق أدنى مستويات الأمن و السلامة في دهان السيور , فالداهن و بكل سذاجة يوقع على شيك بميتين ألف دينار يُسحب من رصيده مباشرة و يودع برصيد النائب المدهون , ما اقول الا سوَّد الله وجيهكم مثل ما سودتوا وجيهنا و فشلتونا بين العِربان , حتى رشوة مثل الأوادم ما تعرفون ترشون , لا بالتنمية فالحين و لا بالفساد نافعين؟
.
و من حرصي الشديد على الأجيال القادمة فأجد أن من واجبي تحذيرهم من اهمال قواعد الأمن و السلامة في هذا النشاط و اعطاءهم بعض المباديء الأساسية التي لا نسأل عليها أجر أو معروف غير الدعاء و الرحمة
.
اخواني أخواتي شباب و شابات الكويت , أجيالنا القادمة , لا يخفى عليكم أن الانسان يتعرض أحيانا لبعض الظروف الصعبة التي لا تتسهل الا بدفع مبلغ صغير لا يضر و لكنه ينفع , فكما يقول المثل الشهير " هِين فلوسك و لا تهين نفوسك " , فالرشوة أو الاكرامية أو الهدية أو الحلاوة أو التضبيطة كلها أسماء مختلفة لأداة واحدة هدفها اختصار الجهد و الوقت و عدم الاضرار بالمصالح , و المشكلة الوحيدة هنا هو أن القانون المتناقض – الله يسامحه – يحرم استخدام هذه الأداة و لكنه في نفس الوقت يُجبرك على استخدامها للقفز على تعقيداته اللا نهائية
.
و لذلك فإن عليك أن تستخدم هذه الأداة مع الحرص الشديد على عدم ترك أثر , و من هنا فإن نصيحتي الأولى هي عدم استخدام أي وثائق رسمية عند التعامل مع هذه الأداة , فالكاش هو الأداة المثالية للرشوة , و يستحسن أن يتم سحبه و ايداعه على عدة دفعات صغيرة في أوقات غير منتظمة حتى لا تثير الشبهة
.
أما في حالة ضخامة المبلغ المطلوب و خطورة حمله و تحويله الى الكاش فعليك استخدام وسيلة الحسابات الخارجية , يعني ببساطة تفتحلك حساب في بنك عربي أو خليجي و يفتح المستفيد حساب آخر في بنك خارجي آخر و يتم التحويل من هذه الحسابات , فلا من شاف و لا من دِري
.
أما في حالة الحاجة المستعجلة لاستخدام المال في الكويت و عدم امكانية سحب الكاش فعليك أن تلجأ الى اسلوب الشَل أكاونت , أو الحسابات التضليلية , يعني تحول الأموال و على عدة دفعات الى أبنائك أو زوجاتهم و هم يحولونها على عدة دفعات على حساب زوجة المستفيد أو ابنائه , و يا دار ما دخلك شر
.
أما في حالة عدم الثقة بالأهل و الأصدقاء و الحاجة الملحة للمال فيوصي خبراء غسيل الأموال باجراء عمليات بيع و شراء وهمية يتم من خلالها التعامل بالتحف الثمينة من سجاد أو لوحات فنية أو بعض القطع الأثرية , و هكذا نجد أن عملية دهان السيور سهلة و بسيطة و الاتزام بها لا يكلف الا القليل , في حين أن اهمال هذه النصائح قد يؤدي الى اكتشافها و من ثم التعرض للفضيحة و التشهير الغير ضرورية كما حصل مع طويل العمر
.
أرجو من الله أن اكون قد وُفقت في رد جزء من جميل الكويت و خدمة شبابها المعطاء , و قبل الختام لا يسعني الا نصح الشباب بعدم الافراط في استخدام هذه الوسيلة , فكل شي يزيد عن حده ينقلب ضده , و كما يقول الآباء دهان السيور للضرورة فقط
.
و الله ولي التوفيق

Monday, November 09, 2009

تقزيرة

.
لا يختلف اثنان على أن الغزو العراقي الغاشم هو أكبر كارثة حلت على الكويت خلال السنوات المائة الأخيرة , و بغض النظر عن الخسائر المادية أعتقد أن الخسارة الأكبر للكويت و الكويتيين هي فقدانهم جزء كبير من الاحساس بالوطن , أو التعامل بنوع من الاستقرار و الاطمئنان مع مفهوم الوطن , فقد شكّل ضياع البلد خلال أقل من 24 ساعة صدمة كبيرة لأبناء هذا الشعب أفقدتهم الثقة بالقيادة و الادارة العامة للدولة
.
و بطبيعة الحال رسخت هذه التجربة و ما صاحبها من تشريد و هروب من الوطن شعور عميق في وجدان المواطن الكويتي بأن الكويت دولة غير دائمة , دولة من السهل فقدانها و عليه – المواطن – أن يؤمِّن مستقبله في الخارج تحسبا لتكرار ما حدث في الغزو أو أي ظروف مستقبلية صعبة , و هكذا بدأ الكل يعيش على هذه الأرض تحت شعار من صادها عشّى عياله , أي أن عليك أن تشفط كل ما تقدر عليه من كوب الكويت لتضعه في كوب " الخارج " الذي ستحتاج اليه في المستقبل
.
و من هذا المنطلق بدأ الجميع بالاجتهاد و العمل على تأمين المستقبل , فموظف البلدية البسيط يتعاطى رشوة بعشرات الدنانير في حين أن قيمة هذه الرشوة قد تصل الى مئات الملايين للموظفين الكبار من أصحاب المعالي و السمو و السيادة , و هذا ما تسبب في بعض الصدامات بين هؤلاء المجتهدين , فالموارد محدودة في نهاية الأمر , و ان كنت ستُفوِّت الفرصة فغيرك لن يُفوتها
.
و هكذا أهمل الجميع زراعة الكويت و توجهوا بكل وجدانهم و طاقاتهم نحو الـ " الخارج " فنحن ندرس في الخارج و
.
علاجنا في الخارج
.
أعمالنا في الخارج
.
استثماراتنا في الخارج
.
احتفالنا بأعيادنا الوطنية في الخارج
.
عطلتنا الدينية في الخارج
.
اجازتنا الصيفية في الخارج
.
أسعد ذكرياتنا في الخارج
.
تسوقنا في الخارج
.
سرسرتنا في الخارج
.
أدبنا و ذرابتنا ما تطلع الا بالخارج
.
التزامنا في القانون و النظام لا نحرص عليه الا بالخارج
.
بل أن روحنا الوطنية و تلاحمنا الشعبي لا يظهر لنا الا في الخارج , فنحن نعيش في الكويت و كأننا مرغمون على ذلك , نعيش بحزن و تذمر و كآبة ننتظر الفرج بحلول أي عطلة يوم واحد + ويك ئند للهروب الى أقرب بلد عربي أو خليجي لتعود الينا هناك البسمة و النشاط و الحيوية
.
أنا هنا لا أدعي بأن السفر و الترحال جديد على أهل الكويت لكن الجديد هنا هو اللهفة المبالغ فيها على السفر , بل أن حكومة دولة الكويت الغير رشيدة تحولت الى مكتب سفريات يعيد تنظيم أيام العطلات الرسمية لتصبح أكثر تناسبا مع حب المواطنين للسفر , و السؤال الذي أطرحه عليكم , هل تشعر فعلا بأن الكويت تقزيرة ؟ و ان كان الجواب بنعم فأي البلدان تراها دائمة ؟
.
_________________________________________
.
بغض النظر عن اجابتك على الموضوع أعلاه , تحتفل الكويت بذكرى يوم الشيخ عبدالله السالم و التوقيع على دستور دولة الكويت , و بهذه المناسبة ندعوكم لحضور ثلاثة مناسبات قيمة لاحياء هذه الذكرى
.
غدا الثلاثاء , دار معرفي
.
.
الأربعاء , ساحة الارادة
.
.
الأربعاء , دار قرطاس للنشر
.

Friday, November 06, 2009

لعنة جيل


.
يُعتبر كتاب آوت-لايرز للكاتب الكبير مالكولم جلادويل من أكثر الكتب تأثيرا في مجال التحليل البديل ( كلمة أنا مخترعها ) , فالكتاب يتحدث عن الكثير من العوامل الغائبة في العادة عن الأغلبية عند تحليل عوامل النجاح و الابداع , و يركز الكاتب على عامل التوقيت و الدور الذي يلعبه في نسبة نجاح أو فشل أي شخص في عمل ما , فـ ميلاد الشخص خمس سنوات قبل أو بعد موعد ميلاده الحقيقي قد يؤثر بشكل كبير على نجاحه أو ابداعه في مجال ما

.
و قد استخدم الكاتب أحد الأمثلة للتدليل على نظريته من خلال استعراض أكبر الأسماء في عالم برامج الكمبيوتر – بيل جيتس و ربعه - و كيف أنهم ينتمون الى نفس الفئة العمرية تقريبا , فغالبيتهم من مواليد الأعوام ما بين 1953 و 1956 , و هذا ما جعلهم مصداقا للمثل القائل الشخص المناسب في المكان المناسب و في التوقيت المناسب , فلو أنهم وُلدوا قبل خمسة سنوات من موعد ميلادهم الأصلي لن تُتاح لهم الفرصة لاستخدام الكمبيوتر و الابداع في برمجته لعدم توفره , و لو أنهم وُلدوا بعد خمسة سنوات من موعد ميلادهم الأصلي لكانت اختراعاتهم متأخرة جدا في مجال البرمجة و لن تكون لها نفس القيمة و الأثر
.

.
و عند العودة للكويت أجد أن نظرية التوقيت تنطبق على حالة الاحباط العامة التي يعاني منها الكثير من أبناء جيلي و الأجيال السابقة له , فالكويت كما تعلمون عاشت مرحلة النهضة المادية و الثقافية و السياسية و العمرانية بعد الاستقلال في بداية الستينات , و قد استمرت هذه النهضة عشرين سنة حتى نهاية السبعينات عندما بدأت عجلة التنمية تتجه للأسفل مع تعرض البلاد لعدة ضربات اقتصادية و سياسية و ثقافية مما جعلها تنحدر في كل شيء الى أن وصلنا الى ما نحن فيه الآن
.
و نظريتي هنا أن أجيال ما قبل التسعينات تعاني من لعنة الماضي الجميل التي لا يستطيعون التخلص منها أو استيعاب رحيلها بلا عودة , فأجيال مواليد العشرينات الى منتصف الثمانينات شهدوا أو عاصروا من عاش فترة انتقال الكويت من بلد صغير فقير يعيش أهله حياة هادئة صعبة الى الدخول في دائرة الاهتمام العالمي باكتشاف النفط و الاستقلال و من ثم النهضة و الانتعاش الاقتصادي و الثقافي الذي كوّن شخصية ابناء هذا الجيل , و هي شخصية معتزة بنفسها و فخورة بما حققته من انجازات و نقلة سريعة في كافة المجالات , لذلك نجد أبناء هذه الأجيال دائم التحسر على كويت الماضي أمام الواقع الحالي – التعيس – للبلاد
.
.
فجيل العشرينات و الثلاثينات يفتخرون بالكفاح و التعب حتى حققوا الاستقلال و تأسيس الدولة , و جيل الأربعينات و الخمسينات يفتخرون بما حققوه من طفرة اقتصادية و ثقافية من خلال التعليم و الانفتاح على العالم , أما جيل الستينات فهو وجه الخير الذي عاش أبناءه أفضل فترات الكوت من الاستقلال الى الازدهار في كافة المجالات الاقتصادية و الثقافية و الفنية و الرياضية , أما جيل السبعينات و الثمانينات فلا زالوا يفتخرون بذكريات الطفولة المُزينة بأهداف الدخيل و مسرحيات الثنائي عبدالحسين و سعد
.
و السؤال الذي يطرح نفسه هنا , هل لكل ما سبق نصيب في ذاكرة جيل التسعينات و بداية الألفية الثانية ؟ هل لكويت النهضة علاقة بـ جيل ما بعد الغزو ؟ هل سيتحسر هذا الجيل على أهداف الدخيل و الوصول الى كأس العالم الذي لم يعاصروه؟ و هل ستتألم قلوبهم على كويت الانفتاح و هُم من فتحوا أعينهم على مطويات عذاب القبر و الانتقام من الغرب الكافر؟
.
.
أنا شخصيا أعتقد بأن كل جيل ابن لأحداث مرحلته و انعكاساتها , فجيلنا كثير التحسر لأنه لسوء – أو حُسن – الحظ عاصر تبعات ذروة النهضة في الكويت من الستينات الى نهاية السبعينات , أما أجيال ما بعد الغزو فهم أبناء لكويت مختلفة , كويت الفساد و التقهقر , كويت باهته ليس لها لون و لا رائحة , تتغطى بالنقاب خجلا من انكشاف قبحها و فشلها عند مقارنة تخلفها بنهضة دول الجوار , و لحُسن – أو سوء – الحظ فلن يتحسر هذا الجيل على هذه الكويت , فهو وجدها في القاع و أي تقدم بسيط سيكون ايجابي جدا بالنسبة له
.
لذلك فإن نصيحتي لأبناء جيلي بالتخفيف من التحسر و التذمر و مقارنة ما نعيشه الآن بالماضي الجميل فالمسألة كانت مسألة توقيت فقط , و لو تأخر مولدنا عشرين سنة لما وجدنا ما نتحسر عليه غير المركز القبل الأخير في كأس الخليج و مسلسلات نفخ الخدود و الشفايف , الحمدلله على كل حال