أخذت الامور تسير بشكل متوازي على ثلاث محاور
المحور الأول هو علاقة سعد و سميرة, أخذت العلاقة بالتطور يوم بعد يوم من خلال المكالمات الهاتفية.
طبيعة سعد المسالمة ساهمت بشكل كبير في عدم حصول أي هوشة أو نجرة مع زوجة المستقبل, بينما كشرت سميرة عن أنيابها المعسولة و أظهرت ميولها الشديد للتسلط. و من هنا فقد اتضحت ملامح مستقبل العروسين و أي منهما سيحول نفسه الى خاتم في اصبع الآخر. في هذه الأثناء لاحظ سعد انحراف شديد في درجة اهتمام أمه به, و توجه جل اهتمامها و تركيزها على العرس و ترتيباته.
كان المحور الثاني أشبه بغرفة عمليات استراتيجية للجيش الأمريكي, فقد تشكلت لجنة ادارة العرس بقيادة أم سعد و مساعدة الوزيرة فيروز و روان و اللسته السحرية . لكل من لا يعرف هذه اللسته فمن واجبي شرحها, هي لسته تحتوي على أسماء جميع حريم أصدقاء و أعداء و أقرباء و جيران عائلة المعرس من القرن السادس عشرحتى يومنا هذا. أمام كل اسم في هذه اللسته تجد ملاحظات القائدة أم سعد:
أم هشام, ما عزمتني على عرس أخوها قبل الغزو ماني عازمتها
أم مصعب, اختها ما رضت تتزوج اخوي ماني عازمتها
أم فتحي, عندها ولد بيتخرج هالسنة و يمكن يخطب بنتي أعزمها
أم عبد الصمد, عندها بنية أحلى من بنتي و بنفس العمر أعزم الأم بس ما أعزم بنتها
أم لؤي, ريلها هامور ينرز فيها العرس أعزمها
الم أقل لكم أنها غرفة عمليات استراتيجية!
في المحور الثالث كان الظلام سيدا و كانت الكئابة رفيقته, فقد امتلأ مكتب بو سعد بأطنان الفواتير و الوصولات المتكدسة. جلس الرجل مبتسما يزاور مشاهد و لحظات مقتبسة من شريط ذكرياته الحافل
في هذا المشهد يرى نفسه على الكوشة متربعا بجانب أم سعد و ثوب الحياء يكسيهما بظله, و في مشهد آخر يرى نفسه في حفل زفاف ابن أخيه عمر و كيف كان يتمنى رؤية ابنه سعد بمكانه. و في المشهد الثالث رأى زوجته منهمكة بالحنة على ابنه للزواج و الولد يحاول التهرب منها, ثم انحنت ابتسامته تدريجيا الى الأسفل عندما مر بالمشهد الأخير مراقبا نفسه مدفونا وسط هذه المصاريف التي لم ينزل بها من سلطان,
المهر خمسة آلاف, الدبلة ألف, الشبكة ثمانية آلاف, الصالة و العشاء أربعة آلاف, الكوشة و ملحقاتها خمسة عشر ألفا, أي أن المجموع يعادل ثلاثة و ثلاثين ألفا
انهمك أبو سعد بالتفكير في هذا المبلغ الهائل و من أين سيأتي به؟ و كم سيحتاج من الوقت ليعوضه؟ و اذا كانت هذه مصاريف الأبتايزر فكم سيكلفه الماين كورس؟ كم سيكلفه شهر العسل؟ و كم سيكلفه فرش الشقة؟
هل الزواج مناسبة مكلفة فعلا؟ أم نحن من ألبس هذه المناسبة البسيطة كل هذه التكاليف المبتذلة؟ هل هدر هذه الثروة من حكم الله بالزواج؟ أم أن رغبة الاله هي التيسير و نحن من اجتهدنا في التعسير؟ تعسير الحلال في زمن وفرة الحرام؟
بعد حفلة الزفاف تبادل الحضور بعض التعليقات الايجابية البسيطة, ملحوقة بعشرات التعليقات و الملاحظات السلبية. و لا عزاء لبو سعد
انتهى