Monday, January 30, 2012

بلبل

اليوم الصبح قعدت من النوم و المزاج عجيب , أشوف جدامي عصافير و أشجار و جداول ماء و أثمار , و لأنني لست معتاداً على هذا المزاج الجميل قررت فتح التويتر و إلقاء نظرة على ما يكتبه المغردون , و بالفعل وجدت الكثير من التغريدات الطريفة فبدأت بعمل ريتويت لكل تغريدة تعجبني بغض النظر عن إتفاقي أو إختلافي معها , فجاءت الـ ريتويتات مختلطة , مرة من المهري و مرة عن الخطر الإيراني , مرة عن حمد المطر و مرة عن نبيل الفضل , لكن تغريدة نبيل خطفت الأنظار بطريقة مثيرة و بدأت الإعتراضات تأتيني من كل حدب و صوب


هذه الإعتراضات ذكرتني بالحملة التويترية المكثفة ضد التصويت للجويهل و نبيل الفضل بالثالثة و الإستخدام الواضح للجانب الديني فيها عبر التركيز على ما قاله الفضل عن الخمور سابقا, و هذا ما ذكرني بالحملة "الخسيسة" التي شنها البعض على المرشحة أسيل العوضي قبل ثلاثة سنوات حينما إتهموها بإهانة أمهات المؤمنين لأنها أشارت إليهم بكلمة "هذوله"


و كما أن تلك الحملة الشرسة ضد أسيل إستفزتني للكتابة و الدفاع عنها في موضوع كان عنوانه "لكنه إنتصارا لحرية الإنسان في التعبير و التفكير" فقد إستفزتني الحملة الحالية ضد الفضل فكتبت تغريدة قلت فيها "واضح أن أصحاب حملة "نبيل يبي يبيع خمر في 2012 ما تعلم من درس "أسيل ما تحترم أمهات المؤمنين" في 2009 !! # العلم نور"


الظاهر أن هذه التغريدة إستفزت أو أثارت إستغراب البعض فبدأت التساؤلات تنهمر علي , هل تدعم نبيل الفضل؟ هل تؤيد نبيل الفضل؟ هل ستصوت لنبيل الفضل؟ هل تقبل أن يمثلك هذا البذيء في المجلس؟ هل تريد أن تحرق الكويت؟ هل ستصوت له إنتقاما من السعدون و مسلم البراك؟


كل هذه التساؤلات جعلتني أتشجع لكتابة هذا الموضوع حتى نقشع الغبرة و نوضح رأينا في هذه المسألة , لكن قبل الشرح أود التوضيح بأنني قد أختلف عن الأغلبية التويترية ببعض الأمور , الأمر الأول هو درجة التعمق السياسي و الفكري و المتابعة السياسية اليومية , فغالبية الناس ليس لها إطلاع متعمق على الساحة السياسية


أما الإختلاف الآخر بيني و بين الأغلبية فهو إعتناقي للفكر الليبرالي و تقديس الحريات , لذلك تأتي مسألة الدفاع عن الحريات كـ أولوية عندي على باقي المسائل بينما أرى أغلب المغردين بعيدين عنها , و السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل أدعم نبيل الفضل ؟ الإجابة هي لا , أنا لا أدعمه و لا أدعو الآخرين للتصويت له , لكني أفكر "جديا" و قريب جدا من التصويت له


و السؤال هنا لماذا ؟ من أجل البذاءة و طولة اللسان ؟ بالطبع لا , لكن أسبابي هي طرحه ثلاثة مواضيع حساسة يتهرب منها بقية المرشحين


نبيل الفضل هو الوحيد الذي أثار مسألة تمويل الحملات الإنتخابية , نعم لم تكن إجاباته شافية عن إسلوب تمويل حملته لكنه تكلم بوضوح عن لا معقولية صرف 100 و 200 ألف دينار على حملة إنتخابية من مرشحين يدعي أغلبهم الشرف و الدروشة كالأخ خالد الطاحوس الذي أعلن في بداية 2011 بأنه لا يملك أكثر من 307 دينار في حساباته البنكية ! فمن أين أتى بالمال الذي يمول فيه حملته الإنتخابية و مقره القائم على خط فحيحيل السريع ؟


كلنا يعلم بأن موضوع القبيضة و المال السياسي هو الذي قصم ظهر الحكومة و رئيسها المأسوف على شبابه , فهل من العدالة و الصدق مع النفس أن نسأل من يُمول سكوب و العدالة و نسميها إعلام فاسد بينما نغض الطرف عن من يمول قناة اليوم و الإرادة ؟ هل تجرأ أحدكم على سؤال الوشيحي و داهم و الدعاس من أين لكم هذا ؟ إلى أن تأتي الإجابة الشافية على هذا السؤال أرجو أن تكفوا عن النقر على طبلة القبيضة و المال السياسي

أما الموضوع الثاني الذي تجرأ نبيل الفضل على طرحه و أتفق فيه معه فهو إنتقاد الدستور و قاعدته الهجينة ثم مواده الممسوخة , و هذا ما كان يفعله نبيل الفضل منذ زمن بعيد و ليس الآن فقط , هذا ما يجعله أكثر مصداقية من بقية النواب الذين طنطنوا على شعار إلا الدستور و هم لا يعرفون منه مادة , فمن يقرأ الدستور و مذكرته التفسيرية و محاضر لجنة الدستور و المجلس التأسيسي يعلم حجم الخلل الذي نعاني منه , نعم أنا أعتقد بأن سبب ما نعيشه من فوضى سياسية هو الدستور , بمادته الأولى و الثانية و الرابعة و السادسة

أما الموضوع الثالث و الذي تجرأ عليه نبيل الفضل و لم يتجرأ "ولد أمه" من النواب على الإشارة له فهو موضوع الضرائب , هذا الموضوع الذي لا يجرؤ أي مرشح "غشيم" على طرحه , و هذا ما يجعلني معجب بطرح هذا الرجل , فأنا تحدثت سابقا مع شباب صوت الكويت عن موضوع الضرائب و كيف يشكل غيابها خللا جذريا في علاقة المواطن بالدولة و بالتالي آلية الممارسة الديموقراطية في البلد

هذه الثلاثة مواضيع هي ما يرفع أسهم نبيل الفضل عندي بغض النظر عن إسلوبه البذيء أو تحالفه مع جويل و غيرها من العوامل الأخرى , أقول ذلك بعد أن سألت أغلب أصدقائي الـ "نص ليبراليين" عن أصواتهم في الثالثة فقالوا أسيل , الملا , بوشهري , السعدون , و منهم من إستبعد أحد هؤلاء و أضاف فيصل المسلم أو وليد الطبطبائي !! و سؤالي لهؤلاء ألا يتساوى من يردد كلمة عاهر داعر بمن يقول سرسرية و قواويد؟ ألا تعتبر سقطة السعدون عن علي الراشد و وصفه ظلما "بالخبل" بذاءة من رجل في مركزه و تاريخه ؟

و مع كل ذلك فأنا لم أستذبح على من سيصوت للطبطبائي و مسلم قائلا ترى بتحرقون الكويت هذيل يدغدغون مشاعر القبائل و السنة !! فلماذا أجد الهجوم على من سيصوت للفضل و تسطيح فكره بالطائفي و المساهم في حرق الكويت ؟ فهذا مشاري العدواني يذكر خياراته من مرشحين , و برغم إعتقادي الشخصي بأنهم سيئين إلا أنني أتقبل هذا الإختلاف و لم أقل له إنت ناوي تحرق الكويت , مع أن بعض هؤلاء كان قاب قوسين أو أدنى من القيام بذلك فعلياً

تبقى في نهاية الأمر مشكلة واحدة بيني و بين التصويت لنبيل الفضل , و هي موقفه من دخول نصر حامد أبو زيد للكويت , ففي ذلك الموقف خقها نبيل الفضل كما خقها بقية الليبراليين خوفا من الطعن في الأخلاق و رغبة في التهدأة , مع أن هذا لن يتوقف و لا ذاك سيتحقق , لذلك أكرر هنا بأنني لا أدعم نبيل , و لا تطربني بذاءاته , لكن و لـ إيماني العميق ببعض أفكاره فأنا أفكر جدياً بالتصويت له



Wednesday, January 25, 2012

بو جيج




منذ بداية دخول الأنترنت إلى الكويت في الأعوام 94 95 و غرف الدردشة أو الثرثرة أو مواقع التعارف تلعب دورا كبيرا في سرعة إنتشار و تموضع الأنترنت في حياة الكثير منا , أتذكر جيدا شعبية موقع الـ آي آر سي حيث كنا نقضي ساعات و ليالي في اللهو البريء و الغير بريء أحيانا , نتعرف على فلان و علان , نكشف للآخرين عن أسرارنا و قصص حياتنا , كثير منها يخضع إلى خلطة من بهارات المبالغة و تتبيلات البطولة و هو ما يدخلها غالبا تحت مظلة الكذب الأبيض أو العلم الذي لا ينفع و الجهل الذي لا يضر



بطبيعة الحال ساهم دخول أغلب المشاركين في غرف الدردشة تحت أسماء مضحكة و مستعارة في رواج هذه القصص الخيالية , فقد أتاحت الأسماء المستعارة لـ سبيكة الداثرة لتعيش حياة صبا الفتاة اللعوب , و أتاحت أيضا لـ علي موظف الأرشيف بسرد الأساطير عن مغامراته السندبادية في روما و ميلان , أنا شخصيا كنت من ضمن هؤلاء المتنكرين و تعرفت على الكثيرين منهم , كانت الصدمة هي العامل المشترك في أغلب هذه العلاقات حيث إكتشفت أن "دلوعة" عبارة عن عيمي مشوعر و "فراري 445" يسوق متسوبيشي



المثير هنا هو أن برامج او مواقع الدردشة بدأت في التطور و النضوج مع تطور الأنترنت , هذا ما ساهم أيضا في نضوج مرتاديها , و مع بروز المدونات في 2003 بدأ المُدردشون بالإنتقال تدريجيا إلى عالم المدونات , إلا أن البروز في عالم المدونات لم يعد مقرونا بالأسماء المستعارة المغرية كـ دلوعة و فراولة ! بل هو يعتمد بشكل أساسي على القدرة الفكرية و الأسلوب التعبيري للمدون , و من هنا بدأ المدونون بالكشف عن هوياتهم الحقيقية تدريجيا , خصوصا و أن عروض الظهور على القنوات الفضائية و الندوات السياسية بدأت تنهال عليهم , فكيف يظهرعلى الشاشة أو الندوة بهويته المجهولة



أيضا ساهمت شعبية موقع فيس بوك بتغيير ثقافة الهويات المجهولة , و تحولت الموضة إلى الهويات المعلنة , بل الهويات المُفرطة بالعلانية سواء من ناحية العلاقات و غيرها , فبدأنا نرى فلان حاط بوسة لفلانة و فلانة حاطة صورتها المشخلعة بالمكان الفلاني , الغريب هنا أن أصحاب الهويات المجهولة فقدوا سحرهم في الـ فيس بوك و أصبح يُنظر لهم كـ "هيلق" بالمعنى المحلي للكلمة , بالرغم من ذلك , حافظ بعض المتميزين على هوياتهم المجهولة , ربما يكون أبرزهم في تويتر أوباما العربي و بو جيج , أقول أن هؤلاء تمكنوا من تحقيق النجاح بالرغم من حاجز الهوية المجهولة



المشكلة هنا أن علاقتي بهذين جيدة جدا على المستوى "التويتري" , و بسبب هويتي المعلنة و المعروفة للجميع تأتيني الكثير من الأسئلة سواء في التويتر أو الجلسات العائلية عن هوياتهم , هذا يريد أن يعرف سِنهم و ذاك يريد أن يعرف مذهبهم و عائلاتهم و غيرها من المعلومات التي أجد صعوبة في التملص منها , فالأريحية التي نتحدث بها في تويتر توحي بأننا على علاقة شخصية وطيدة خارجه , لكن هذا غير صحيح , فأنا لا أعرف هوية أوباما العربي و بو جيج الحقيقية



لا أنكر هنا قيامي ببعض المحاولات البسيطة لمعرفة هوية هذا أو ذاك , لكني في نهاية الأمر وصلت إلى قناعة , الإنسان في نهاية الأمر كائن كيميائي , أي أنه يتفاعل بطريقة كيميائية مع ظروف حياته , تجده مبتسما حينا و بعد سماع خبر سيء ينقلب مزاجه و يصبح عصبيا أو يرى أمامه موقف حزين فيدخل في نوبة لا نهائية من البكاء



لكل منا فلسفته الخاصة في الوجه أو الحالة الكيميائية التي يريد أن يتعرف عليه الناس من خلالها , و من حق كل إنسان إختيار وجهه المُعلن أمام الآخرين و إخفاء وجوهه الأخرى التي لا يريد أن يعرفونها , ربما يكون ذلك من صالحهم رغماً عن بلاغة الشف و اللقافة , فمن منا يريد رؤية الوجه المظلم للقمر ؟ من منا يريد رؤية المريض في قمة آلامه ؟ أو التعامل مع الكوميديان في أوج غضبه ؟




لذلك , أعتقد أن من الحكمة ترك الآخرين و شأنهم , و إعطاءهم مساحة كافية لممارسة حقهم في إختيار الوجه الذي يريدوننا أن نراه منهم , و إخفاء ما لا يريدون لنا معرفته من شخصياتهم , و هذا ما يجعلني أعتذر رسميا للأخ بو جيج عن الصورة التي نشرتها في الأمس و إدعيت من خلالها – مازحاً – انها صورته , فالصورة كانت لي و لأحد الأصدقاء الذي إنتهت علاقته مع الأنترنت قبل سقوط صدام , يعني لا يعرف مدونات و لا فيس بوك و لا تويتر

Thursday, January 19, 2012

الجويهل و الفضل

ها قد جاء موسم الإنتخابات من جديد , و جاء معه ما يسميه البعض عرس ديموقراطي و ما أسميه انا سترب تيز اخلاقي , فقد تسببت الإنتخابات بفقدي لكثير ممن أحب , نجلس على طاولة الطعام فيعلن كل منا عن من سيصوت له , هذا يقول السعدون و ذاك يقول الجويهل و الآخر يقول أسيل فيبدأ هذا بطعن مرشح ذاك و ذاك يسخر من مرشح هذا الى أن تنتهي الوجبة و كل منا ناقم على الآخر و في قلبه او بطنه قرقعة كلمة " آبوك آبو إلي علمكم الديموقراطية "


هكذا نحن و هذه هي مشاعرنا الصادقة النبيلة , و لي الفخر هنا بالإنتماء إلى الدائرة الثالثة , دائرة الاكشن , أو كما يسميها البعض الكويت المصغرة , ناخبين من كل أطياف المجتمع الرباعية , شيعة و سنة و حضر و بدو , هذه التقسيمة الرباعية الكريهة , فهي في نهاية الأمر قوالب وضعناها لأنفسنا حتى نبرر عنصريتنا الباطنية و نقول أنا أفعل كذا لأنني حضري ! أنا أسب فلان لأنني شيعي ! أنا أقف مع القضية الفلانية لأنني قبلي


أتكلم اليوم بصفتي ناخب كويتي أصنف نفسي كـ مُتأنسن ينتمي إلى طائفة الليبرالية و يعتنق المذهب العلماني سياسياً , لكن ظروف الزمان و المكان تصنفني أيضا كـ حضري ينتمي إلى الطائفة الشيعية و لا بأس في ذلك , فأنت لا تختار من تكون و تُفرض عليك الكثير من الصفات البعيدة عن جوهرك و كيانك



مع بداية هذه الإنتخابات شعرت بآلام تعتصر بطني بسبب حيرتي الدائمة في كيفية إختيار المرشح الذي سيستحق صوتي يوم الإقتراع , و مصيري و مصير بلدي في حال وصوله إلى مجلس الأمة , في العادة تكون العملية أسهل قليلا كوني ليبرالي و ستذهب أصواتي أوتوماتيكيا إلى بني ليبرال , لكن أداء بني ليبرال في المجلس السابق لم تكن فيه أي ملامح ليبرالية , فتركيزهم كان على قضية الرياضة و تسديد ضربة ركنية للشيخ أحمد الفهد تقذفه خارج الملعب , و قد نجحوا في ذلك , لكن ما علاقة الليبرالية بما فيها من دفاع عن حريات و إنفتاح على العالم بهذه المعارك الورقية ؟




أيضا ما فائدة الـ بودي الليبرالي مع بقاء المكينة المتطرفة , فهذا عبدالرحمن العنجري يقدم إقتراحا بمشاركة محمد هايف و وليد الطبطبائي لتقييد حرية الإنسان في إجراء عمليات التجميل !! و هناك على الراشد و غيره ممن ينتفض أمام كلمة ليبرالي و يقول " لا لا لا إحنا محافظين و نصلي و نصوم " , لذلك فكرت جديا بالتصويت لـ فيصل المسلم و وليد الطبطبائي في إشارة مباشرة لبني ليبرال بأن لا فرق بينكم و بين هؤلاء إن لم تدافعوا عن قيم حقوق الإنسان و الحريات بشجاعة


لكني ترددت أيضا في التصويت للملتحين من سلف و إخوان و ما بينهما , فهم الأعلى صراخا للدفاع عن الحريات لكن مفهوم الحريات لديهم مختلف ! فبغض النظر عن موقفهم الـ خسيس و الـ مشين من الشعب البحريني أجد أنهم يطالبون بالحقوق و الحريات و هم لا يفهمون المعنى الحقيقي لما يطالبون به , مثال على ذلك المرشح البشوش عادل الدمخي و هو أكثرهم صدقا و ألطفهم طينة , لكن الدكتور عادل العامل في مجال حقوق الإنسان يصرح اليوم ضد مؤسسة "هيومان رايتس واتش" و يرفض تدخلها في خصوصيتنا !! يا رجل أنت تتدخل في شؤون و خصوصيات الآخرين و ترفض تدخلهم في خصوصياتك ؟ ما هذا التناقض ؟







أما الجريمة التي إرتكبتها هيومان رايتس واتش و تدخلت فيها في خصوصية المرشح الدمخي فكانت الدفاع عن المتحولات جنسيا اللاتي يتعرضن للتعذيب و الإهانة في مخافر الدولة , أي أن القضية هنا مشابهة تماما لقضية المرحوم محمد الميموني , و بدلاً من ان يفزع الليبراليون لهم من باب الحريات الشخصية و حقوق الإنسان لم نسمع لهم صوتا , و بدلا أن يفزع لهم الملتحون ممن أزعجتنا مطالباتهم بالحرية و حقوق الشعب و الدستور نجدهم يدينون هيومان رايتس لتسليطها الضوء على قضيتهم



نعم يا سادة يا كرام , نحن نعيش في بلد الفوضى الخلاقة و إزدواجية المعايير النتنة , الكل يتكلم بكل شيء لكنهم وقت الصجية يذوبون من أمامك خلف حساباتهم الإنتخابية و مصالحهم الشخصية , وسط هذا الفراغ ظهرت أمامنا فئة ثالثة من المرشحين المثيرين "للجدل" على أقل تقدير , و نخص منهم محمد الجويهل و نبيل الفضل , الجويهل يمثل عصارة عنصرية الحواضر الرافضة للإجتياح القبلي , نعم هو يقول بأن القبائل على راسنا من فوق لكنه يضرب بالمليان المزدوجين و الذين ينتمي أكثرهم إلى القبائل , أما نبيل الفضل فهو صاحب أحد أكثر الأقلام قذارة و الالسنة بذاءة , لكنه في نفس الوقت ليبرالي معتق و مدافع شرس عن الحريات



في هذه الغفلة من الزمن , نجد ان حظوظ العنصري و البذيء تتصاعد في الوصول إلى قبة البرلمان , و الفضل في ذلك يعود إلى شعبيتهم المفاجأة بين ابناء الطائفة الشيعية التي تمتلك 8000 صوت في دائرة يحتاج الفائز فيها إلى 6000 صوت تقريبا , و الكل يتساءل أو يتهم الشيعة هنا بأنهم ينحدرون بالكويت إلى الأسفل بتصويتهم للجويهل و الفضل , لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا يصوت الشيعة لهؤلاء مع وجود مرشحين معتدلين من السنة و الشيعة في الدائرة ؟



سيرد عليك عباسوه الشيعي ببساطة و يقول أين هؤلاء المعتدلين من ليبراليين و غيرهم في الدفاع عن الشيعة في الأوقات الحاسمة ؟ أين وقفتهم الشجاعة في قضية الفالي و طرده من الكويت قبل صدور الحكم في قضيته ؟ نعم الفالي لا يمثل كل الشيعة و يكرهه الكثيرين منهم لكن القضية أخذت قالب التجاذب الشيعي السني ! أين شراسة بني ليبرال التي رأيناها ضد أحمد الفهد في قضية تعديل مناهج التربية التي تهمز و تلمز إلى الشيعة و معتقداتهم ؟ نعم قد يكون لبني ليبرال مواقف "معتدلة" من هذه القضايا إلا ان الإعتدال و توزيع الإبتسامات لا تشفي غليل عباسوه و ربعه


بل ان عباسوه كفر بمرشحي الشيعة قبل السنة , حتى جمال العمر و خدماته لم تعد تشفي غليل الـ عِبس , فالـ عِبس يريد من يقف أمام هايف و يقول له بالفم المليان "طابوقة حسينية معرفي أقدم منك بالكويت" , الـ عِبس حاله في ذلك حال الكثير من أبناء القبائل الكرام , يشعر بالظلم , يشعر بإمتهان كرامته و كرامة مذهبه الذي قد نختلف معه فيه , يشعر بأن هناك من يستهدفه و ينكأ جراح مظلوميته التاريخية , لذلك هو اليوم يتشبث بالجويهل بِف باف الطراثيث و الفضل نتّاف ريش الملتحين



هذا هو الـ عِبس , الذي كان يفاخر يوما بالتصويت لسامي المنيس , يجد نفسه اليوم أمام نواب غائبه المنتظر , الجويهل و الفضل في الثالثة , و حميد دشتي و خالد الشطي و الدويسان في الأولى , و ربما المتشيع حديثا محمد المطيري في الثانية , أما أنا , فلا زلت أعاني من آلام البطن , أقف محتاراً أمام نفسي , و ورقة الإقتراع أمامي , و مستقبل الكويت – إن وُجد – خلف ظهري

Tuesday, January 17, 2012

القضاء



بعد قيام بعض النواب و أتباعهم من شباب المعارضة بإقتحام المجلس بدأت النيابة العامة بإستدعاء هؤلاء الشباب للتحقيق في التهم الموجهة لهم من مجلس الامة , و بطبيعة حال معارضتنا المطفوقة قام مؤيدي الشباب بالتجمع يوميا في الساحة المقابلة لقصر العدل مطالبين بالإفراج عن المتهمين بالإقتحام , و قد كتبت رأيي في الموضوع و كان بإختصار على الشباب أن لا يجتمعوا في هذا المكان و العودة إلى ساحة الإرادة إن أرادوا ذلك , أما المتهمين فعليهم الذهاب بصحبة محاميهم فقط و عدم إرباك السلطات بالتجمعات الجماهيرية , و قد إتصل بي أحد الأصدقاء طالبا مني عقد مناظرة مع أحد مؤيدي المعارضة للتحدث حول موضوع إقتحام المجلس و ما تلاه من أحداث
وافقت على الفور على هذه المناظرة لكن بعد السؤال عن مكان عقدها إقترح الصديق أن تكون في ساحة قصر العدل كون الجماهير متواجدة أصلا في هذا المكان , هنا إعتذرت عن المناظرة بسبب رفضي التام للتجمع في هذا المكان بالذات كونه "قد" يُعتبر محاولة للتأثير على القضاء و السلطات , و بهذا لم تنعقد المناظرة
قبل أيام قليلة قامت وزارة الداخلية المسؤولة عن تنظيم الإنتخابات بشطب 14 مرشحا و في اليوم التالي صدر حكم ضد المرشح فيصل المسلم في قضيته مع بنك برقان و من ثم قَدَّرت لجنة الإنتخابات بإخلال هذا الحكم لشرط الشرف و الأمانة للمرشح , فتم شطبه ايضا , و بطبيعة الحال لجأ بعض المرشحين المشطوبين للإعتراض على قرار الشطب و تم تحويل هذا الإعتراض للمحكمة الإدارية المستعجلة , إلى هنا و كل شيء طبيعي و ماشي حسب الأصول
لكن الغير طبيعي و المؤسف هو أن شباب المعارضة و رموزهم كرروا نفس الخطأ الغبي بعقد الإجتماعات أمام قصر العدل إعتراضا على شطب – وزارة الداخلية – للمرشح فيصل المسلم , بل أن الكثير منهم فتح فاهه بتصريحات و تهديدات تحذيرية للدولة و الشعب و القضاء و الداخلية و كنتاكي بأنهم لن يقفوا صامتين أمام شطب فيصل المسلم , لكن أنصاف العقلاء منهم – و من ضمنهم المرشح المشطوب – قرروا تأجيل التصعيد إلى ما بعد صدور حكم المحكمة الإدارية الفاصل في قرار الشطب , و التي أعلنت اليوم عن قرارها الحاسم بقبول إعتراض المرشح على شطبه و عودته مباشرة للتنافس في إنتخابات مجلس الأمة
بطبيعة الحال عم الفرح و السرور و إمتلأ فضاء التويتر بالزغاريط و البالونات المباركة بعودة المسلم إلى قيود المرشحين و المهللة للقضاء الشريف على هذا الحكم النزيه ! لكن لنتوقف هنا لبرهة ! هل فعلا قضاءنا شريف و نزيه ؟
كيف أطمئن أنا كمواطن كويتي بأن القضاء شريف و قد رأيت العشرات من الشباب يقفون عند بابه إحتجاجا على ما قد يصدره من أحكام ؟ و أتساءل هنا هل حكم القضاء بعودة المسلم للإنتخابات تم على أسس قانونية أم أسس سياسية خوفا من ردة فعل المعارضة ؟ هل علينا مستقبلا كـ متهمين أن نسلك نفس سلوك المعارضة و نفترش ساحة قصر العدل لإنتزاع احكام قضائية لصالحنا ؟ أم أن القضاء فعلا لم يتأثروا بهذه التجمعات و التهديدات ؟
حقيقة ليس لدي جواب واضح على هذه الأسئلة , فـ غباء المعارضة و إستباقها المتكرر للأحداث خلط الأحداث و حرق علينا فرصة حقيقية لإختبار حيادية القضاء و نزاهته , نعم اوصلتم صوتكم للسلطة , و نعم كسب المرشح المسلم عودته إلى المنافسة , لكن الكويت خسرت ثقتها في عدالة القضاء و نزاهته , لقد خسرنا أهم عواميد الدولة

Wednesday, January 11, 2012

شطب



قامت وزارة الداخلية بالأمس بـ شطب أسماء 14 مرشحا من قوائم مرشحي إنتخابات مجلس الأمة , و اليوم صدر حكم محكمة الإستئناف بـ تغريم النائب السابق ومرشح الدائرة الثالثة د. فيصل المسلم 200 دينار بتهمة "إفشاء أسرار بنك برقان" وإلزامة بتعويض البنك 5001 دينار , و فور ظهور هذا الحكم للعلن بدأت التكهنات في ما ستقوم به وزارة الداخلية المنوطة بتنظيم الإنتخابات حيال هذا الحكم , و هل ستشطب المرشح فيصل المسلم من القوائم الإنتخابية أم لا ؟


أيضا تستعد جموع من الشباب المتحمس للنزول إلى الشارع إعتراضا على قرار وزارة الداخلية في حال قيامها بشطب إسم النائب , و بما أن الأحداث تتسارع من أمامنا فقد قررنا الكتابة حول هذا الموضوع


أعتقد أن السؤال الأساسي هو أين الدستور و القوانين من كل ما يجري ؟ من الذي يحدد صلاحية هذا المرشح أم ذاك ؟ هل هي مزاجية وزير الداخلية ؟ للإجابة على هذا السؤال علينا الإطلاع على المادة 82 من الدستور و التي تحدد شروط عضو مجلس الأمة بالآتي


أن يكون كويتي الجنسية بصفة أصلية , أن لا تقل سنه يوم الإنتخاب عن ثلاثين سنة , أن يجيد قراءة اللغة العربية و كتابتها , و الشرط الدستوري الأخير هو أن تتوافر فيه شروط الناخب وفقا لقانون الإنتخاب


و السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما هي شروط الناخب في قانون الإنتخاب ؟ تنص المادة الثانية من هذا القانون على الآتي : يحرم من الانتخاب المحكوم عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو بالأمانة إلى أن يرد إليه اعتباره



هنا ندخل في تفاصيل أخرى و هي هل الحكم الصادر ضد المرشح فيصل المسلم تنطبق عليه صفة جريمة مخلة بالشرف او الأمانة ؟ و السؤال الأهم هو أين الحصانة النيابية التي كان من المفترض أن تحمي المرشح عندما كان عضوا بالبرلمان ؟


يعتقد الكثيرين أو يحاول البعض تصوير قضية الدكتور فيصل المسلم على أنها إنتقام سياسي من الشيخ ناصر المحمد ضده بسبب إستجواب الشيكات و كشفه عن الشيك المقدم من ناصر المحمد للنائب السابق و المغرد الحالي ناصر الدويلة , لكن الحقيقة المرة هي أن قضية شيك ناصر الدويلة ماتت قانونيا بعد الإستجواب مباشرة , فناصر الدويلة برر سبب حصوله على هذا الشيك و الشيخ ناصر حصل على تعاون النواب و لم يقوم برفع قضية ضد فيصل المسلم بالمحاكم , لكن من قام برفع الدعوى على النائب هو بنك برقان و الذي ظهر شيكه في الجلسة


فالمعروف دوليا هو أن العمل البنكي يعتمد أساسا على عنصر سرية المعلومات و قدرة البنك على الحفاظ عليها , فبنوك سويسرا هي الأفضل عالميا لأن قوانينها تحافظ على السرية التامة للعملاء , و البنك الوطني يضع 3 أنواع باس وورد على موقعه الألكتروني حتى يستحيل دخول المتطفلين على حسابات العملاء , لذلك هناك علاقة مباشرة ما بين قوة البنك في الحفاظ على سرية العملاء و بين سمعته , و بالتأكيد ساهمت عملية كشف النائب المسلم عن شيك ناصر المحمد في تشويه سمعة بنك برقان , خصوصا و أن رئيس الوزراء يعتبر من الشخصيات المهمة بالبنك و يفترض أن لا يطلع على حسابه إلا المدراء الكبار , و السؤال هنا هل بعد ظهور الشيك للعامة فقد عدد من عملاء البنك ثقتهم فيه و قاموا بسحب أموالهم منه و الإنتقال إلى بنوك أخرى منافسة ؟ هل أثرت هذه العملية على مهنية البنك و إستخدامه لصلاحياته في أمور سياسية كون المساهم الاكبر في البنك هو سمو الأمير من خلال شركة كبكو ؟ و هل أثرت هذه العملية على سعر سهم البنك الذي يملكه العديد من المواطنين الكويتيين ؟


لذلك كلف البنك المحامي علي البغلي لتحريك دعوى قضائية ضد النائب المسلم استنادا للمادة 85 من قانون البنك المركزي، وفي الوقت ذاته اوقف البنك 3 من موظفيه عن العمل على ذمة التحقيق في تسريب صورة من الشيك للنائب المسلم , علما بأن المادة 85 من قانون البنك المركزي تنص على الآتي


"على أي عضو مجلس إدارة في بنك، أو أي مدير أو موظف أو مستخدم في البنك، أن لا يفشي أى معلومات - أثناء عمله وبعد تركه للعمل - تتعلق بشئون البنك أو العملاء أو بشئون البنوك الأخرى، تكون قد وصلت إليه بسبب أعمال وظيفته، وذلك فيما عدا الأحوال التي يصرح فيها القانون بذلك

ومع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يعاقب من يخالف الحظر الوارد في الفقرة السابقة بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائتين وخمسة وعشرين دينارا, أو بإحدى هاتين العقوبتين، مع الحكم على الجاني بالعزل في جميع الأحوال"


هنا علينا الفصل تماما – أكرر تماما – بين هدف النائب النبيل في كشف جريمة الرشوة بين رئيس الوزراء و نائب آخر و التي قام بها تحت قبة عبدالله السالم , و بين الأسلوب الذي تحصل فيه على صورة الشيك و التي تمت خارج قبة المجلس , فالبنك رفع قضيته على ما حدث ما قام به النائب داخل المجلس و خارجه , و بالطبع وجهت النيابة طلبا للمجلس بالتصويت على رفع حصانة النائب كي يذهب للمحاكمة , حيث أن المادة 110 من الدستور تنص على الآتي : عضو مجلس الأمة حر فيما يبديه من الآراء والأفكار بالمجلس أو لجانه ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال


أما عن كيفية رفع الحصانة فتنص المادة 20 اللائحة الداخلية على : لا يجوز أثناء دور الانعقاد في غير حالة الجرم المشهود أن تتخذ نحو العضو إجراءات التحقيق أو التفتيش أو القبض أو الحبس أو أي إجراء جزائي آخر إلا بإذن المجلس ... وفي جميع الأحوال إذا لم يصدر المجلس قراره في طلب الإذن خلال شهر من تاريخ وصوله إليه اعتبر ذلك بمثابة إذن


و بهذا , فقد فضل معسكر الحكومة من النواب أن لا يعرضوا أنفسهم للضغوط و الحرج في التصويت على رفع الحصانة , بل عدم الحضور للجلسات و إفقادها النصاب لمدة شهر كامل حتى تسقط الحصانة أتوماتيكيا من النائب , و هذا ما تم بالفعل , فجاءت ردة الفعل بندوة ديوان السعدون التي ضُرب فيها الجويهل و من ثم ندوة الحربش التي ضُرب فيها دكتور عبيد الوسمي و الباقي تعرفونه


ما يهمني هنا هو أن تضرر بنك برقان من فعل النائب المسلم ضرر حقيقي و ليس مفتعل , و أن قضية البنك ضد النائب قضية موضوعية و ليست كيدية , و أن من واجبنا أن ننصر البنك و ملاك أسهمه في ممارسة حقهم القانوني باللجوء الى القضاء كما مارسنا حقنا في الدفاع عن هدف فيصل المسلم النبيل بإظهار الشيك


أما من يقول بأن في ذلك إنتهاك للدستور و تقييد للنواب في ممارسة حقهم بالرقابة فهذا كلام مردود عليه , فرفع الحصانة لا يعني الإدانة المباشرة للنائب , بل هي خطوة أولى تدفعه للمثول أمام القضاء , و هناك من حقه الرد على التهم الموجهة له و من حقه توكيل المحامين و من حقه الإعتراض على قاضي القضية إن لم يلتمس فيه الحياد و من حقه الإستئناف إن لم يعجبه حكم أول درجة , لذلك لا أعتقد أن رفع الحصانة فيه ظلم للنائب , أيضا لا أعتقد بأن هذه القضية بالذات خضعت للتأثيرات السياسية , فالحكومة و تلاعبات محاميينها ليسوا طرفا فيها , أما القضاة فلو كان عليهم شبهة كان الأولى أن يوضحها المتهم و هذا ما لم يفعله


أخيرا و ليس آخرا , هل سيتم شطب إسم المرشح المسلم من سجلات المرشحين ؟ الإجابة هي لا أعلم و لكن على وزارة الداخلية أن تستند الى معايير موضوعية مقنعة للرأي العام في هذا الشطب و باقي المشطوبين في الأمس أو الغد , هذه فكرة أولية عن الموضوع و ستتضح تفاصيل حكم القضاء بعد قراءة حيثياته في الصحف

Tuesday, January 10, 2012

إنردها



سألني بعض الأخوة عن سبب إنتقادي المتكرر لشعار الحملة الإنتخابية لمرشحي الجمعية الثقافية سيد عدنان عبدالصمد و أحمد لاري و هو " إنردها " , و الغريب في الأمر أنني لم أجد من يشرح و يدافع عن هذا الشعار و مدى إنسجامه مع المرشحين و ما يحتاجه الناخب في 2012

على العموم أنا خير من يعلم بأن نسبة الحساسية تزداد في موسم الإنتخابات لدى المرشحين و محبيهم و يجنح الكثير منهم لتفسير كل إنتقاد أو نصيحة على أنه حرب إنتخابية أو محاولة لتقليل فرص نجاحهم فيها , لذلك , و لأن من سألني عن سبب إنتقاد هذا الشعار هم من أقارب المرشحين كما أرى من خلال الأسماء , أجد أن من المناسب تقديم شرح بسيط حول سبب إنتقادي للشعار

السبب الأول هو أن كلمة إنردها بوضع إ خطأ , فإذا كان المقصود كلمة نردها فهي تُكتب من دون الـ إ , و وجود الـ إ تجعلها قريبة من كلمة نريدها أو إنريدها باللهجة العراقية المحببة , و هذا بالنسبة لي آخر ما يحتاج إليه أي مرشح في فترة الإنتخابات , خصوصا سيد عدنان و لاري

السبب الثاني هو أن الشعار تقليد واضح لشعار مرزوق الغانم في 2006 و هو "لنعيدها كما كانت" , لكن الفرق هو أن مرزوق وضع صورة توقيع عبدالله السالم على الدستور مقرونة بالشعار , و مع تحفظي العام على هذا الشعار إلا أنه مناسب للناخب الذي سيقرن شعار لنعيدها بالعصر الذهبي للكويت أيام الآباء المؤسسين للدستور عبدالله السالم و عبداللطيف ثنيان – عم مرزوق – و حمود الزيد الخالد

لكن شعار إنردها لم يكن مقرونا بشيء يستحق أن نردها إليه !؟ و على العموم أنا أجد شعار إنردها أو لنعيدها كما كانت شعارات تلعب على الوتر النوستلجي عند الناخبين , النوستلجيا هي الحنين الى الماضي و الإعتقاد بأنه كان أفضل من الحاضر , و هذا شعور مزيف على العموم , فعن أي ماضي افضل يريدون أن يرجعونا ؟

هل هي فترة الستينيات ؟ ألا يعلمون بأن المجلس الأول كان في 63 و بعده بسنة حصلت الأزمة الوزارية التي كشفت عورة المجلس و الديموقراطية و جعلت رئيس المجلس يستقيل كفرا منه بالمجلس و نوابه الذي لم يكونوا أكثر من شخشيخة بيد هذا الشيخ او ذاك ؟ ألم يسمعوا عن تزوير الإنتخابات في 67 ؟ إنردها حق شنو ؟

هل هي فترة السبعينيات و التي شهدت أول حل غير دستوري ؟ أم فترة الثمانينيات التي شهدت الحدث نفسه ؟ أو التسعينيات التي شهدن دواوين الأثنين و من ثم الغزو ؟ عن أي ماضي جميل يتكلمون و يريدون أن يردونا إليه ؟

أما السبب الثالث فهو يتعلق بالمرشحين أنفسهم , شعار إنردها أو بنئدر على التغيير أو إلى مستقبل أفضل يتناسب في العادة مع المرشحين الجدد و لا يتناسب مع النائب المعتق سيد عدنان الذي يجلس على الكرسي الأخضر منذ 31 سنة , الشعار الأنسب للسيد عدنان هو الإعتماد على الخبرة و صلابة الموقف و التمسك بالنهج القديم الذي يمثله سيد عدنان و ناخبيه

على المرشح القديم أن يستخدم شعار مشابه لشعارات البنك الوطني , بنك – أو مرشح – تعرفه و تثق به , و يبتعد عن شعارات الهبّات و الكول لأنها لا تتناسب مع سنه و أداءه

هذه هي أسباب إنتقادي للشعار و سأنتقده كمان و كمان كلما قفز أمامي من على صفحات الجرايد , و على العموم هذه ليست حرب إنتخابية فأنا لو كنت من ناخبي الدائرة الأولى سأفكر جديا بالتصويت لللاري و عدنان حيث أنهما على الأقل لم يشاركا في الحروب بين الشيوخ او كما وصفها عدنان بـ حكومة تستجوب حكومة , ايضا لم يشارك في الفتنة الطائفية و هذه بحد ذاتها ميزة نفتقدها بين نواب الدائرة الأولى




أتمنى حظا سعيدا للجميع و شكرا على المتابعة و المشاركة في الرأي

Saturday, January 07, 2012

زوال الكويت

لا يختلف إثنان على أن تجربة الغزو العراقي الغاشم و زوال الكويت من الخريطة في عام 1990 جعل الكويتيين اسرى هاجس زوال الدولة


و هذا ليس عيبا فمن الطبيعي أن يتعلم الإنسان من تجاربه و يستفيد منها بدلا من التعامل معها بإستهتار , لكن المثير في الأمر هو تردد نغمة زوال الدولة بين الحين و الآخر من قبل الخبراء السياسيين و الإقتصاديين


قبل سنتين تقريبا كنت مدعوا على غداء في السفارة الأمريكية و أثرت هذه النقطة التي ظهرت لاحقا في وثائق الويكي ليكس , حيث قلت بأن السؤال هو ليس نوعية مستقبل الكويت ؟ لكن السؤال الأهم هو هل سيكون هناك مستقبل للكويت أم لا ؟


و منذ ذلك الحين و هذا السؤال يشغلني حتى أصبحت أسيرا له من كثرة التفكير فيه و إختبار سيناريوهاته


اليوم و بعد أن أثير موضوع الكونفدرالية و إشارة الأستاذ جاسم السعدون لنضوب النفط في محاضرته الأخيرة أجد أن من واجبي الحديث عن هذا الموضوع و شرح وجهة نظري فيه بإختصار


أعتقد أن موضوع "زوال الكويت" ينقسم الى قسمين

القسم الأول هو زوال "إستقلالية" الكويت , أي أن الكويت تصبح رسميا جزئيا أو كليا فاقدة للسيطرة الكاملة على قراراتها
أما القسم الثاني من الموضوع فهو زوال الكويت "كدولة" و الذي يلمح له الكثيرين

بالنسبة لـ إستقلالية الكويت أو إستقلاليتها في إتخاذ القرار فأعتقد انه ينبع أساسا من رغبة الإنسان نفسه , فالإنسان الذي يعتاد على الإنقياد خلف الآخرين لن يستطيع الإستقلال عنهم حتى لو ملك هذه المقومات , و العكس صحيح مع الإنسان الذي يعيش كـ مستقل بالرغم من إعتقاد الآخرين عدم إمتلاكه لمقومات الإستقلال , و هذا الشيء ينطبق على الدول كذلك


الدولة التي يتصرف حكامها و شعبها كأتباع ستكون تابعة حتى و إن امتلكت مقومات الإستقلالية و العكس صحيح , أما الكويت فقد قرر حكامها منذ القدم أن يعيشوا بأكبر قدر من الإستقلال الذاتي عن الآخرين , و لم نجدهم يتنازلون عن جزء من إستقلال "القرار" إلا لحماية إستقلال "كيان الدولة" , فمبارك تنازل عن جزء من إستقلال قراره للبريطانيين مقابل أن تكون الكويت مستقلة عن الدولة العثمانية , و عبدالله السالم قبل بذلك مقابل أن تكون الكويت مستقلة عن عراق عبدالكريم قاسم , و في العصر الحديث قبلنا التنازل أيضا لتحرير الكويت من إحتلال صدام , لكن النزعة الأساسية لحكام الكويت تظل نزعة إستقلالية متى ما تمكنوا من ذلك


لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا , هل يستطيع الحاكم أن يعيش مستقلا في حال لم يرغب شعبه بذلك ؟ الإجابة على هذا السؤال نقرأها في أحداث مجلس 38 عندما كانت فئة من الشعب تدفع الحاكم للتبعية للعراق لكنه فضل محاربتهم و الفتك بهم على ذلك كما فعل أحمد الجابر مع المتمردين من انصار المجلس و الذين سُجن بعضهم و هرب الآخر للعراق


أما عبدالله السالم فكان أكثر مسالمة لأهواء أبناء شعبه القومية و سايرهم – لمصلحة أكبر – في تبني الأجندة القومية و التي جعلت الكويت بشكل أو بآخر تسير في التيار الناصري القومي


اليوم و بعد تجربة الغزو أصبحت إستقلالية القرار الكويتي مهددة و بشكل أوضح بعد أن تأكدنا من عدم قدرتنا الذاتية على حماية إستقلال الدولة , فأصبحنا في بعض الأمور نتنازل عن إستقلالية القرار للولايات المتحدة الأمريكية , و في قرارات أخرى للمملكة العربية السعودية و أنا كشخص سياسي لا أرى عيبا في ذلك إن كانت هذه هي الطريقة الأفضل للحفاظ على كيان الدولة حسب ما يراه الحاكم


لكن الخطورة تأتي عندما يرغب الحاكم بالإستقلال و لكن فئات من الشعب تدفعه دفعا نحو التبعية , و هذا المثال كان واضحا في قضية إرسال قوات للبحرين حيث أن الحاكم المحلي و لحسابات معينة فضّل الإستقلال عن القرار السعودي , لكنه واجه رغبة جامحة من فئات مؤثرة في الشعب للتنازل عن هذا الإستقلال و الخضوع لتبعية القرار السعودي , بل أن هؤلاء قدموا إستجوابا لرئيس الوزراء و بمساندة شعبية للتأكيد على جدية الرغبة في التبعية حيث صرح الطبطبائي علنا برغبته في التنازل عن شؤون الدفاع و الخارجية للمملكة


قد يكون هاجس هذه الفئات هو أن التبعية – أو نار – المملكة العربية السعودية أرحم بكثير من التبعية للولايات المتحدة أو إيران او العراق , فالمملكة تظل الشقيقة الكبرى و العمق الإستراتيجي و الديموغرافي لفئات كبيرة من أبناء الشعب الكويتي و لا بأس من ذلك


أنا شخصيا أتبع المدرسة التي تفضل أن تظل مسألة إستقلالية القرار في يد الحاكم و إبتعاد الشعب عن التأثير عليها كونهم لا يعلمون ما يدور خلف الكواليس من تنازلات قد تضرهم أكثر مما تنفع , فالحاكم لديه الأفضلية في إختيار نوع و درجة إستقلالية القرار التي يستطيع أن يتعايش معها بدون التنازل عن إستقلالية الكيان


أما القسم الثاني من الموضوع و الذي يتعلق بـ زوال الدولة بعد نضوب النفط أو إنعدام قيمته فالسيناريو المتوقع هو الآتي , الكويت لن تزول أوتوماتيكيا , لكن فقدان النفط لقيمته سيغير شكل الدولة و آليات إتخاذ القرار فيها من الداخل , نحن لا زلنا بعيدين عن هذه النقطة – أوتوماتيكيا – حيث أن الدولة تعيش في وفرة مالية بدون إستخدام أي آلية تمويل ذاتي من الشعب , أي أننا بعد فقدان النفط ستقوم الدولة طبيعيا بالبحث عن مصدر آخر للتمويل و سيكون أهم هذه المصادر هو فرض ضرائب على الشعب , و في حال رفض الشعب ذلك او عدم رضاهم عن أداء الحكم بعد إقتطاع الضرائب سيكون هناك محاولات جادة لتغيير نظام الدولة , قد يكون هناك إنقلاب مباشر على أسرة الصباح و نتحول إلى جمهورية أو إجبار الأسرة على تبني فكرة الملكية الدستورية أو غيرها من السيناريوهات المطروحة


لكن النقطة الأساسية هي أن الدولة لن تزول أوتوماتيكيا , و عندما أقول أوتوماتيكيا أقصد أنها لن تزول فقط لأنها أصبحت فقيرة ! فالأمثلة حولنا كثيرة على دول أفقر من الفقر نفسه لكنها موجودة و يعيش فيها شعب و يحكمها حاكم , أكرر فقر الدولة لا يعني زوالها بالضرورة , لكن التناحر و الحروب الأهلية بين فئات الشعب قد تكون سبب رئيسي في زوال الدولة و إنقسامها إلى دويلات تحارب كل منها الأخرى


شكرا جزيلا على المتابعة و آسف على الإطالة فهذه هي تجربتي الأولى مع هذا الموقع