بعد إنقطاع طويل عن الكتابة في
الشأن السياسي المحلي و الإقليمي أجد في نفسي اليوم "إشهوة" كتابة عن
رأيي البسيط في الأحداث الأخيرة من تعليق سمو الأمير جلسات مجلس الأمة لمدة شهر
إلى حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية حل مجلس 2009 إلى تحويل الحكومة الدوائر
الخمس للمحكمة الدستورية و ما يصاحبها على الجهة الأخرى من دعاوي المعارضة للإبقاء
على الخمس أولا , و المطالبة بالحكومة الشعبية ثانياً و إتخاذهم للوسيلة الوحيدة
التي يجيدونها و هو النزول للشارع لتحقيق هذه المطالب
لكن قبل الدخول في الموضوع أود
التعليق على سؤال يتكرر علي دائماً هنا و للأسف أستثقل الإجابة عليه و هو لماذا
التركيز على السعدون ؟ لماذا يا محمد تضع لنا صور تصريحات السعدون التي يمتدح فيها
ناصر المحمد !! ألم يكن ذلك في 2009 و منذ ذلك الحين حتى الآن إختلفت الظروف و من
حق السعدون أن يغير مواقفه من المحمد معها ؟
للإجابة على هذا السؤال أقول بأن
معارضة – الأغلبية - تنقسم إلى عدة أقسام منها التابع و منها المتبوع , و الواضح
أمامنا بأن الكتلة السلفية + شباب القبائل بشكل عام هم التابع , أما المتبوع فهم
التكتل الشعبي بالإضافة إلى حدس , و بين هذا و ذاك أجد أن هناك محاولات من الرموز
القبلية للتقدم إلى الأمام و أخذ القيادة كمحاولات السيد فلاح بن جامع من العوازم
و الدكتور عبيد الوسمي من مطير إلا أنهما فشلا في فرض "ستايلهم" على
مجموعة الأغلبية
و عندما نأتي إلى المتبوعين و هم
حدس و الشعبي نجد أن حدس هي المخ و الشعبي هو العضلات , أما الشباب من جميع هذه
الأطراف فهم السلاح الذي يتم الضغط فيه على السلطة لتحقيق بعض المكاسب الشعبية , و
بما أن السعدون هو الزعيم الذي يضفي قداسة على توجهات التكتل الشعبي و يعطيهم بعض
المصداقية فأجد نفسي في حل من تضييع وقتي مع التابع و التركيز على القائد الذي إن
نجحنا في كسر قداسته فسننجح في فهم هذه التحركات و دوافعها
لا أوجه حديثي هنا لأعضاء
الأغلبية و رموزها لأنهم متمصلحون متكسبون من هذا الحراك أياً كانت النتائج , لكني
هنا أوجه حديثي للشباب الصادقين مع أنفسهم و الذين يطمحون بمستقبل أفضل لأنفسهم و
للكويت , هؤلاء الذين خرجوا و سيخرجون إلى ساحة الإرادة لإيصال رسالتين إلى السلطة
, الرسالة الأولى هي لا تعبثوا بالنظام الحالي للإنتخاب , و الرسالة الثانية هي
نريد تغيير النظام للحصول على حكومة شعبية
الواضح هنا أن هناك تناقض صريح
بين الرسالة الأولى و الرسالة الثانية , فإذا كان النظام الحالي جيد و تريدون
الإبقاء عليه كيف تسمحون لأنفسكم بالمطالبة بتغييره للحصول على هدفكم و هو الحكومة
الشعبية ؟ و إذا كان النظام سيء و تريدون تغييره للحصول على الحكومة الشعبية
فلماذا تحتكرون الحق في المطالبة بالتغيير و تفصيلاته و لا تسمحون او تستمعون
لمقترحات الأطراف الأخرى ؟
لماذا تعتقدون بأن ما تفتقت عليه
قريحة قادة تجمعاتكم هو المقترح او تعديلات الأفضل للكويت و لمستقبلها السياسي و
ليس المقترحات التي تفتقت عليها قريحة الحكومة أو نواب "إلا الرئيس" كما تسمونهم ؟
ما هي الخبرات التشريعية السابقة لتحالف أحمد السعدون و وليد الطبطبائي و خالد
الطاحوس و جمعان الحربش و التي أدى "نجاحها" لإعتقادكم بأنهم أفضل
تشريعاً من غيرهم من المسؤولين و الكتاب و الناشطين السياسيين و المغردين ؟
أنا شخصياً أجد أن هذه الأسماء
هي الأسوأ تشريعاً و قد حاولت إثبات ذلك في مواضيع سابقة , فهذا التحالف و بزعامة
السعدون صوّت على الكثير من القوانين الغير دستورية , و عندما أقول غير دستورية
فأنا لا أقصد بأنها لا تنسجم مع روح الدستور , لا , فهي غير دستورية بطريقة تتناقض
و تتخالف و تتعاكس مع روح الدستور و نصّه , أكرر نصِّه الصريح , بل نصِّه الذي
صدرت فيه أحكام تاريخية من المحكمة الدستورية
ما جعلني أو دفعني لكتابة هذا الموضوع
هو تغريدة قرأتها للسيد السعدون قال فيها :"فتجارب الشعوب قاطبة على مر
التاريخ لم تسجل أبداً أن إرادتها قد قهرت مهما كانت القوى المعادية لها , و شعب
الكويت ليس إستثناء و ستنتصر بإذن الله إرادته"
ما إستفزني في هذه التغريدة هو
أن السعدون يفترض واهماً أو متعمداً أن إرادة "شعب الكويت" كلها أو
أغلبها في أحسن الأحوال معه و مع مطالباته ! و السؤال هنا إن كان زعيم التكتل
الشعبي الذي كما أسلفت هو أحد الأطراف المتبوعة في هذا الحراك لا يعلم – أو لا
يهتم – بحجم المعارضة الشعبية لأهداف تكتله و إسلوبهم في تحقيقه فكيف يطمح لـ حكومة شعبية تخدم طموحات و توجهات
هذا الشعب ؟
يعني إذا كان السعدون و أغلبيته
تعيب على السلطة بأنها "تتفرد" في القرار و تسلب الآخرين حقهم أو نصيبهم من المشاركة
في صنعه و تحديد مصير الشعب و مستقبل البلد فهو أيضاً يعاني من نفس العيب !! بل أن
الحكومة يُعيِّنها شخص واحد و هو الأمير و من الطبيعي أن تنعكس "فردانيته" عليها , أما
أنتم فالمفروض أن كل واحد منكم يمثل الشعب لكن ما تقومون به من أفعال و أقوال
تجعلنا نتيقن بأنكم لا تعرفون جميع فئات هذا الشعب أولاً , و حتى لو كنتم
تعرفونها فهي لا تهمكم ثانياً , بل أنكم أحياناً تتقصدون إستبعادها ثالثاً , فعلى
أي أساس تكتب عن "الشعب" و "إرادته" و الـ"قوى
المعادية" له و أنت تتزعم أحد أهم هذه القوى !
أكرر مرة أخرى بأني لا أوجه هذا
الموضوع لقادة الحراك , لكني أوجهه لك أنت أيها الشاب الذي ستذهب إلى الساحة
للتعبير كما قلنا عن رسالتين , رسالة "رفضك لتفرد" السلطة في تغيير
النظام الحالي , و "موافقتك على تفرد" السعدون و جماعته في تغيير هذا
النظام و وضع أسس النظام المستقبلي الجديد (حكومة شعبية) , و سؤالي لك هو لماذا
ترفض تفرد و تقبل بآخر ؟ و ما الذي يجعلك أنت و أنت و أنت تعتقدون بأن من حق
الطبطبائي و الحربش تحديد رؤيتهم لمستقبل الكويت بالحكومة الشعبية و عدم إعتقادكم
بأنكم أنتم لو فكرتم و تحاورتم بواقعية قد تصلون إلى رؤية و خارطة طريق أفضل مما
ستأتي به السلطة و المعارضة مجتمعين !!
و لماذا لا يبدأ كل منكم في
التفكير في مستقبل الكويت و وضع أفكاره و مقترحاته بالطريقة التي تعكس شخصيته
بعيدأ عن تجمعات ساحة الإرادة و "ستايل" الهياط الذي تفرضه عليكم رموز المعارضة
و كهنوتها ؟ ما الذي ينقصك أنت عن حمد العليان و خالد الفضالة و فيصل اليحيا و
طارق المطيري؟ هذه دعوى مني للجميع للتفكير و الكتابة حول مستقبل الكويت السياسي و
النظام الأفضل و الأكثر توازناً له , فإن كنا فشلنا في كسر تفرد السلطة فعلينا أن
لا نفشل في كسر تفرد المعارضة