Wednesday, August 25, 2010

مقال . . إلى الأرض - 7

إنني لا أخشى إلا الرجل الذي لا شرف له و لا دين
.
الملك عبد العزيز آل سعود , مؤتمر العقير
.

.
بعد وفاة الشيخ مبارك بن صباح في العام 1915 حكَم الكويت ابنه الشيخ جابر – الحاكم الثامن – لمدة سنتين ثم انتقل الى رحمة الله تعالى ليحكم الكويت أخيه الشيخ سالم بن مبارك , و بالرغم من قصر فترة حكم الشيخ سالم بن مبارك – الحاكم التاسع - إلا أنها كانت فترة غنية بالأحداث العالمية و المحلية , فـ على الصعيد الدولي شهدت هذه الفترة نهاية الحرب العالمية الأولى و تأسيس عصبة الأمم
.
و بطبيعة الحال شهدت هذه المرحلة نشاطاً محموماً في تقاسم الدول المنتصرة لـ غنائمها المنزوعة من الفريق المنهزم , و قد كان العرب في إنتظار هذه اللحظة حتى تفي بريطانيا بـ وعودها في تحريرهم من الدولة العثمانية , إلا أن بريطانيا كشّرت عن أنيابها الصفراء بعد الحرب لتستبدل الإحتلال العثماني بالإستعمار الأجنبي , و هذا ما تسبب في خيبة أمل كبيرة بين العرب , فكانت ردة الفعل الحتمية هي إنتشار الحركة القومية بين مثقفيهم
.
أما على المستوى المحلي فقد كان الشيخ سالم متبعاً سنة والده و أخيه في الحكم الإنفرادي , و قد شهدت تلك الفترة تنامي القوة العسكرية لـ حاكم نجد الملك عبدالعزيز بن سعود , و هذا كان معادياً للشيخ سالم لأسباب كثيرة مما جعله يداوم على التحرش بالكويت و قبائلها من خلال مطالبتهم بالزكاة و التشكيك في دينهم و تحريض حلفائه على حربهم و فرض حصار إقتصادي عليهم , و قد ساهمت كل هذه العوامل في معاناة أهل الكويت إقتصادياً و أفول نجمها سياسياً , و في العام 1921 توسط الشيخ خزعل لحل هذه الخلافات إلا أن الموت لم يمهل الشيخ سالم , فقد توفيَ أثناء خوض الشيخ خزعل و الشيخ أحمد بن جابر – الحاكم العاشر - للمفاوضات الثنائية مع ابن سعود , و فور وصول خبر الوفاة قرر الشيخ أحمد العودة الى بلاده
.
في هذه الأثناء , كان أهل الكويت بقيادة الشيخ يوسف القناعي قد عقدوا العزم على عدم قبول الحكم الفردي بعد الآن , و بهذا الطلب واجهوا الشيخ أحمد الذي وافق عليه بلا تردد بعد استشارة الشيخ خزعل , هكذا تم تشكيل المجلس الإستشاري الأول في العام 1921 , و قد تشكل هذا المجلس من إثنا عشر عضوا مُعيناً من دون إنتخاب
.
كان تنظيم بيت الحكم هو أول أعمال هذا المجلس حيث ناقش في الجلسة الأولى مسألة تنافس أبناء الصباح على الحكم , و قد انحصرت المنافسة في الشيخ أحمد بن جابر و الشيخ عبدالله بن سالم و عمهما الشيخ حمد بن مبارك , و بهذا الشأن قرر المجلس الآتي
.
يتفق الثلاثة على حاكم من بينهم , فإن لم يتفقوا يعود المجلس الى المعتمد البريطاني لإختيار الحاكم الأنسب , و إن لم يحصل ذلك يقوم أعضاء المجلس بإنتخاب الحاكم , و قد كانت بريطانيا لا تميل لإختيار الشيخ عبدالله بن سالم خوفاً من إتباعه لسُنة والده بالولاء للأتراك , و هذا ما جعل الآراء تجتمع على الشيخ أحمد بن جابر حاكماً عاشراً على الكويت , و قد أقسم الشيخ أحمد على اتباع نقاط خمسة – مكتوبة – في الحكم و هي

.
أولا , أن تكون جميع الأحكام بين الرعية في المعاملات و الجنايات على حكم الشرع الشريف
.
ثانيا , العودة الى رأي علماء الإسلام في حالة عدم قبول أحد الأطراف المتنازعة لحكم القاضي
.
ثالثا , يستطيع أطراف النزاع الإتفاق على تحكيم أي شخص بينهما
.
رابعا , مشاورة الحاكم للمجلس في الأمور الداخلية و الخارجية التي لها علاقة بالبلد من جلب مصلحة أو دفع مفسدة أو حسن نظام
.
خامسا , كل من عنده رأي فيه صلاح ديني أو دنيوي للوطن و أهله يعرضه على الحاكم و يشاور فيه جماعته فإن رأوه حسناً ينفذ
.
تاريخ الكويت السياسي ج 5 ص 15
.

.
و بالرغم من كل هذه الشروط و الترتيبات إلا أن هذا المجلس لم يستمر طويلاً , فقد دبت الخلافات و السب و الشتم و المشاجرات بين أعضاءه مما جعل بعضهم يتغيب عن حضور الجلسات , بل أن بعضهم أرسل أبناءه لحضور الجلسات بديلاً عنه و هذا ما أدى الى إنفراط عقد هذا المجلس بعد أقل من شهرين على تأسيسه
.
لم يثني هذا الفشل الشيخ أحمد عن الإستمرار في المحاولات الإصلاحية الأخرى , فقد حاول في بداية حكمه التقرب من ابن عمه الشيخ عبدالله السالم الذي تبنى فكرة الإصلاح المالي من خلال فصل مالية الدولة عن مصروفات أفراد عائلة الصباح و تعويضهم عنها برواتب شهرية محددة , و هذا ما أثار الشيوخ عليه و على إقتراحه مما جعله يقرر إعتزال العمل السياسي و قضاء أغلب أوقاته في الهند و في جزيرة فيلكا , أيضا شهد العام الأول من حكم الشيخ أحمد المحاولة الثالثة و الرابعة لإكتشاف النفط في الكويت لكن النجاح لم يحالف أيّ منها
.
على صعيد آخر لم يتوانى الشيخ أحمد عن تحسين علاقاته مع الكيانات المجاورة , ففي العام 1921 هبّ لمساعدة الملك عبدالعزيز بن سعود في حربه على حائل , و في العام 1922 استقبلت الكويت الشيخ الكردي محمود البرزجي المنفي بإرادة الحكومة البريطانية , أيضا كان للشيخ أحمد دور في تطييب خاطر الشيخ خزعل إثر أزمة الفياضانات التي ألمّت ببلاده
.
و بالرغم من حسن النوايا و كل هذه النشاطات الإقليمية كان الشيخ أحمد على موعد أليم مع خيبة الأمل في الأيام القادمة , ففي تلك الفترة إشتدت الخلافات بين ملك نجد عبدالعزيز بن سعود و ملك العراق فيصل , و قد كانت أغلب هذه الخلافات تدور حول موضوع ترسيم الحدود بينهما , و كانت بريطانيا قد قامت بعدة محاولات لتقريب وجهات النظر إلا أن جميعها باءت بالفشل , و هذا ما جعل مندوبها السامي في العراق السير بيرسي كوكس يعقد العزم على إقامة إجتماع أخير للإنتهاء من هذه المسألة , و قد تم له ذلك في مؤتمر العقير عام 1922
.
.
بدأ المؤتمر برئاسة السير بيرسي كوكس ممثلا عن بريطانيا و الوزير العراقي صبيح نشأت ممثلا عن العراق و الملك – السلطان في ذلك الوقت – عبدالعزيز آل سعود ممثلا عن نجد و الميجور مور المعتمد السياسي البريطاني ممثلا عن الكويت , و الإعتقاد السائد هنا بأن الكويت لم تكن ممثلة بالشيخ أحمد أو أحد أفراد أسرته لأنها لم تكن طرفاً قويا في الخلاف , فالنزاع كان يدور حول تبعية قبائل المنطقة للعراق أو نجد , و قد كان كل طرف يدعي تبعية أكبر عدد من القبائل له , حيث أن تبعية القبائل تعني ملكية الأراضي التي تقيم عليها هذه القبائل لهذه الدولة أو تلك , بما في ذلك من آبار مياه و مراعي و حقول بترول في المستقبل , إلا أن سلطة الكويت كانت غائبة عن الصحراء في تلك الفترة
.
استمرت جلسات المؤتمر على مدى ستة أيام متتالية , و قد شهدت هذه الجلسات جميع فنون المساومة و التباحث المعروفة , إلا أن النتيجة الإيجابية كانت غائبة عنها , فكل طرف تمسك برأيه و لم يبدِ أي علامة من علامات اللِين و التضحية , هذا ما جعل السير كوكس يقترح على المؤتمر صيغة يوفر فيها حماية بريطانيا للملك سعود من الإعتداءات العراقية و الأردنية و الحجازية , فكان رد الملك عليه صلباً كعادته حيث قال
.
و من قال للمندوب السامي ان ابن سعود يخاف الشريف و أولاده ؟ لا والله ( حنا ) في غنى عن الحميات اذا كان المعتدي علينا من العرب
.
تاريخ الكويت السياسي ج 5 ص 138
.

هنا غضب السير كوكس و أخذ تعهدا من بن سعود بقبول الحدود التي يعينها هو له , هكذا بدأ السير بترسيم الحدود بين العراق و نجد و الكويت , إلا أنه جامل العراق على حساب نجد , و جامل نجد على حساب الكويت , فقد أسفر الترسيم النهائي عن إقتطاع ثُلثي مساحة الكويت لصالح بن سعود , هذا بالإضافة الى تحديد مناطق مشتركة بين الدولتين لعلمه بوجود البترول فيها , و بهذا وافق جميع الأطراف على هذا الترسيم و عاد كل منهم الى دياره , و قد مرّ السير كوكس على الكويت في طريق عودته الى العراق ليخبر الشيخ أحمد بنتائج المؤتمر
.
تأثر الشيخ أحمد كثيراً بنتائج المؤتمر و إهتزت ثقته في الإنجليز و مدى مصداقيتهم في الحرص على مصالحه , هذا ما جعله يقبل بالنتائج على مضض حيث أن السير كوكس أوضح له بأن السيف أقوى من القلم , أي أن بن سعود كان سيأخذ ما يريد بالحرب لو لم يأخذ ما يرضيه بالمعاهدة , و هذا ما جعل الشيخ أحمد يأمل بأنه سيصبح قوياً في يوم من الأيام و يتمكن من إسترجاع أرضه المسلوبة
.
.
في تلك الفترة توالت تبعات الحرب العالمية الأولى في المنطقة , فقد بدأت بريطانيا بتنفيذ بنود وعد بلفور لليهود , و في تركيا قام مصطفى كمال أتاتورك بالثورة على دولة الخلافة الإسلامية و تحويلها الى دولة مدنية علمانية , و قد ساهم هذا على إشعال المنافسة على عرش الخلافة الإسلامية بين الشريف حسين بن علي حاكم الحجاز – و مكة - و الملك بن سعود حاكم نجد الذي بادر بإحتلال الحجاز و نفي الشريف حسين منها , أيضا شهدت تلك المرحلة ثورة رضا بهلوي على الشاه أحمد منهياً بذلك تاريخ الدولة الإيرانية القاجارية , و قد قام بعد ذلك بغزو إمارة عربستان و إختطاف حاكمها الشيخ خزعل و حبسه في طهران الى وفاته , و من المؤسف هنا أن نذكر تخاذل حُكام الكويت في نصرة حليفهم القديم و الصديق الصدوق لهم في الضراء قبل السراء , حيث أن الشيخ خزعل كان قد طلب السلاح من الكويت و لكن الشيخ أحمد لم يلبي النداء , أيضا كان للشيخ أحمد و الشيخ عبدالله السالم مواقف سلبية من ورثة خزعل بعد مماته
.
تاريخ الكويت السياسي ج5 ص270
.

في العام 1926 فشلت المحاولة الخامسة لإستكشاف النفط في الكويت , و في العام 1930 إزداد الفقر في البلاد مما جعل الشيخ أحمد يصدر قانون منع إرتداء البشت حتى لا يتحرج المحتاجين من عدم قدرتهم إرتدائه , و في نهاية العام 1934 وقَّعَ الشيخ أحمد إتفاقية التنقيب عن النفط مع شركة نفط الكويت المحدودة , و قد كانت شروط هذه الإتفاقية منحازة لصالح الشركة البريطانية إلا أن الشيخ أحمد كان مضطراً لتوقيعها بسبب سوء الأحوال الإقتصادية للبلاد , خصوصاً بعد اكتشاف اليابان للـ لؤلؤ الصناعي
.
في العام 1937 نجحت آخر محاولات التنقيب في إكتشاف بئر بحرة النفطي , و في نفس العام دخل على المعادلة السياسية في الكويت عنصر جديد و هم الشباب الدارسين في الخارج الذين كانوا يتبنون الأفكار القومية , و قد ساهم هؤلاء و بدعم من وجهاء الكويت في مطالبة الحاكم بعودة المشاركة الشعبية في الحكم عبر الكتاب التالي
.
يا صاحب السمو
.
أن الأساس الذي بايعتك عليه الأمة لدى أول يوم من توليك الحكم هو ( جعل الحكم الذي بينك و بينها على أساس الشورى التي فرضها الإسلام و مشى عليها الخلفاء الراشدون في عصورهم الذهبية )
.
غير أن التساهل الذي حصل من الجانبين أدى الى تناسي هذه القاعدة الأساسية . كما أن تطور الأحوال و الزمان , و اجتياز البلاد ظروفاً دقيقة , دفع المخلصين من رعاياك الى أن يبادروا اليك بالنصيحة , راغبين في التفاهم و إياك على ما يصلح الأمور و يدرأ عنهم و عنك عوادي الأيام و تقلبات الظروف و يصون لنا كيان بلادنا و حفظ استقلالنا , غير قاصدين إلا الى إزالة أسباب الشكوى و إصلاح الأحوال عن طريق التفاهم مع المخلصين من رعاياك , متقدمين اليك بطلب تشكيل مجلس تشريعي , مؤلف من أحرار البلاد , للإشراف على تنظيم أمورها . و قد وكلنا حاملي كتابنا هذا ليفاوضوك على هذا الأساس
.
من هنا بدأت الكويت ص 217
.

.
إستجاب الشيخ أحمد الجابر لهذه المطالب الشعبية بعد إستشارة المعتمد البريطاني الذي نصحه بذلك من أجل إحتواء التجمعات السرية التي تعاونت مع الصحافة العراقية ضد الحكم في الكويت
.
حيث أن الكويتيين الذين يتابعون الصحف العراقية كانوا يلاحظون استمرارها في شن هجمات ضد السلطة في الكويت معلنة أن الأحرار قد صمموا على أن يتقدموا بعرائض للحكومة العراقية لإدماج الكويت و العراق مشيرة إلى سوء إدارة السلطة في الكويت متهمة الشيخ بتشجيع التهريب للبضائع المحظورة
.
المعارضة السياسية في الكويت ص 102
.

هكذا تم تكليف الشيخ عبدالله السالم بمتابعة و ترتيب إجراء الإنتخابات , و بهذا تأسس المجلس التشريعي في 2 يوليو 1938 و قد كلفه الحاكم بالمهام التالية
.
بسم الله الرحمن الرحيم
.
نحن حاكم الكويت
.
بناء على ما قرره مجلس الأمة التشريعي ، صادقنا على هذا القانون في صلاحية المجلس التشريعي و أمرنا بوضعه موضع التنفيذ
.
المادة الأولى , الأمة مصدر السلطات في هيئة نوابها المنتخبين
.
المادة الثانية , على المجلس التشريعي أن يشرع القوانين الآتية
.
واحد , قانون الميزانية , أي تنظيم جميع واردات البلاد ومصروفاتها وتوجيهها بصورة عادلة إلا ما كان من أملاك الصباح الخاصة فليس للمجلس التدخل (فيها)
.
اثنان , قانون القضاء , والمراد به الأحكام الشرعية والعرفية بحيث (هيأ لها نظام يكفل تحقيق العدالة بين الناس(
.
ثلاثة , قانون الأمن العام , والمراد به صيانة الأمن داخل البلاد وخارجها إلى أقصى الحدود
.
أربعة , قانون المعارف , والمراد به سن قانون للمعارف تنهج فيه نهج البلاد الراقية
.
خمسة , قانون الصحة , والمراد به سن قانون صحي يقي البلاد (وأهلها ) أخطار الأمراض والأوبئة أيا كان نوعها
.
سته , قانون العمران , وهو يشمل تعبيد الطرق خارج المدينة وبناء السجون وحفر الآبار وكل ما من شأنه تعمير البلاد (داخل المدينة وخارجها)
.
سبعة , قانون الطوارئ , والمراد به سن قانون في البلاد لحدوث أمر مفاجئ يخول السلطة حق تنفيذ الأحكام المقتضية صيانة الأمن في البلاد
.
ثمانية , كل قانون آخر تقتضي مصلحة البلاد تشريعه
.
المادة الثالثة , مجلس الأمة التشريعي مرجع لجميع المعاهدات والامتيازات الداخلية والخارجية وكل أمر يستجد من هذا القبيل لا يعتبر شرعيا إلا بموافقة المجلس وإشرافه عليه
.
المادة الرابعة , بما أن البلاد ليس فيها محكمة استئناف فإن مهام المحكمة المذكورة بمجلس الأمة التشريعي حتى تشكل هيئة مستقلة لهذا الغرض
.
المادة الخامسة , رئيس مجلس الأمة التشريعي هو الذي يمثل السلطة التنفيذية في البلاد
.
موقع مجلس الأمة
.

و على الفور تم إنتخاب 14 وجيهاً لعضوية هذا المجلس الذي رأَسه الشيخ عبدالله السالم , و قد ساهم المجلس بتشريع الكثير من القوانين الإصلاحية المتعلقة بقانون الجنسية و انتخاب أعضاء غرفة التجارة و محاربة الفساد و إصلاح القضاء ثم توجه المجلس للإصلاح التعليمي في البلاد من خلال توسيع صلاحيات مجلس المعارف و تعليم الفتيات و إرسال الطلبة للخارج , أيضا قام المجلس بالإصلاح الأمني و الجمركي و المالي للدولة , و من هذا الباب بدأ المجلس في مراجعة الإتفاقيات الثنائية بين الكويت و بريطانيا , و قد إعترض أعضاء المجلس على بعض هذه الإتفاقيات التي تجحف حق الكويت مما أدى الى تصادم المجلس مع المصالح البريطانية التي ضغطت على الشيخ أحمد الجابر لـ حل المجلس
.
تردد الشيخ أحمد في البداية من حل المجلس , إلا أن كثرة الخلافات و حدة الطرح جعلته يقدم على هذه الخطوة و أمر بـ حل المجلس التشريعي بعد أقل من ستة أشهر من إنعقاده بالكتاب التالي
.
حضرة رئيس المجلس التشريعي الأخ عبدالله السالم المحترم بعد التحية اعتمدوا بأن قد امرنا بحل المجلس التشريعي الحالي ولا نزال معتمدين تشكيل يقوم مقام المجلس المذكور فاعتمدوا ذلك ودمتم
.
موقع مجلس الأمة
.

هنا نذكر أسباب هذا الحل من وجهة نظر أحد أعضاء هذا المجلس و هو الشيخ يوسف بن عيسى القناعي الذي كتب
.
أنه مع الأسف لم يوفق لطريق النجاح , بسبب العجلة و عدم التأني و الرفق في مطالبه الإصلاحية , زد على هذا عدم تدبره في عاقبة الأمر الذي يقدم عليه , كأنه لا يعلم أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح , أو أنه اغتر بقوته و تهاون في أشياء كثيرة بلا التفات إلى العاقبة , فلهذا لم يمكث إلا عشية أو ضحاها حتى حل أو انحل و لسانه حاله يقول
.
أعطيت ملكا و لم أحسن سياسته
.
و كل من لا يسوس الملك يخلعه
.
و يقول أيضا
.
أني منذ جلست على كرسي النيابة و أنا أنذر و أحذر و أصرح لهم أن المجلس لا يستقيم على هذه الطريقة , و عليكم السعي بالإصلاح لتظهر أعمال المجلس , و دعوا بكراً و خالداً , و لكنهم لم يلتفتوا لنصحي و إرشادي , طيلة إقامتي معهم , حتى إنه وقف أحد الأعضاء البارزين و قال لي ما معناه : إنك حجر عثرة في طريقنا فكلما قررنا أمراً نرى فيه الاصلاح وقفت أمامنا مثبطا لعزائمنا
.
الملتقطات ص 192
.

و بعد عدة أيام من حل المجلس التشريعي الأول تمت الإجراءات لإنتخاب مجلس بديل يكمل العمل بنفس مجالات القانون السابق إلا أن عدد الأعضاء زاد هذه المرة إلى عشرين عضواً , و في الثاني من يناير 1939 عقد أعضاء هذا المجلس أول إجتماعاتهم للإتفاق على مسودة الدستور التي سيتم رفعها إلى الأمير , و بالرغم من إظهار جميع الأطراف صفاء النية و نسيان الخلافات السابقة إلا أن الحاكم لم يوافق على هذه المسودة , و هذا ما جعل النواب يصعدون من لغة الخطاب و يطالبون الأمير بعزل مستشاريه – الملا صالح و عزت جعفر – و المطالبة بترحيل المهاجرين الإيرانيين مما جعل الشيخ أحمد يدخل في صدام مباشر معهم , خصوصاً و أنه عَلِمَ بـ نية بعض أعضائه مطالبة الملك غازي بضم الكويت إلى العراق على الفور , و قد كان غازي يهدد بذلك فعلاً مما جعل الشيخ أحمد يثور في وجه الشيخ يوسف القناعي و يقول
.
مبارك الصباح قتل إخوانه عشان الحكم . . فكيف بهؤلاء ؟؟
.
من هنا بدأت الكويت ص 221
.

و هكذا تم حل هذا المجلس بعد شهرين من تشكيله , و قد تسبب ذلك بأحداث عنف واسعة على الصعيد الشعبي , و دخلت السلطة بعدها بصدامات مع القوى الشعبية أدت إلى إعدام المرحوم محمد المنيس و صديقه المرحوم محمد القطامي , أيضا ساهمت هذه المواجهات بـ رحيل بعض الشخصيات عن الكويت و إعتقال مجموعة من أعضاء المجلس و مناصريهم , و قد قام هؤلاء بـ إرسال عدة دعوات للملك عبدالعزيز آل سعود للتوسط من أجل الإفراج عنهم , و تمت الإستجابة لهذه المطالب في العام 1944 بعد قضائهم خمس سنوات في السجون
.
.
و في العام 1946 صدّرت الكويت أول شحنة من البترول لـ تطوي صفحة مليئة بالأحداث المؤلمة و الفقر المادي و تدخل البلاد الى عالم الثروة و الرفاهية , و في العام 1950 توفي الشيخ أحمد الجابر ليتسلم الحكم من بعده ابن عمه الشيخ عبدالله بن سالم الصباح
.
يتبع

Thursday, August 19, 2010

مقال . . إلى الأرض - 6

قُضيَ الأمر , و لا مردّ لما قضاه الله
.
مبارك الصباح , بعد دفن أخويه و تلقي البيعة – المستودع و المستحضر
.

.
في نهاية القرن التاسع عشر بدأت الدول المتقدمة قطف ثمار الثورة الصناعية مع بروز ملحوظ لقوى جديدة تُزاحم القوى العظمى القديمة في تقاسم كعكة المصادر و المصالح حول العالم , و قد كانت الولايات المتحدة الأمريكية أبرز هذه القوى الصناعية الجديدة , و من الطبيعي أن يؤدي هذا التزاحم و التغير في موازين القوى الى اضطرابات سياسية متعددة
.
ففي تلك الأثناء كانت بوادر العجز و المرض تظهر على وجه الدولة العثمانية , و في نفس الوقت برزت قوة التاج البريطاني بأسطوله البحري الفتاك , على الجانب الآخر نجد الإستعدادات التوسعية لـ ألمانيا و روسيا و فرنسا , و كأن كل منها يقوم بعملية إحماء للقادم من الأيام , ففي بداية القرن العشرين كان موعد المواجهة الحاسمة , حرب عالمية أولى ذهب ضحيتها قرابة الأربعين مليون إنسان بين قتيل و جريح و أسير و مفقود , الحرب العالمية الأولى التي أعادت صياغة موازين القوى العالمية و رَقَعَت نقاط الهيمنة الإستعمارية فوق الحروف السياسية
.
أما في الكويت , فقد كانت المدينة على موعد مع مرحلة تاريخية جديدة , مرحلة صراعات و إضطرابات سـ تُنسيها هدوء الأيام السابقة , ففي صباح يوم الثامن من مايو 1896 قام الشيخ مبارك بن صباح – الحاكم السابع – بقتل شقيقيه الشيخ محمد – الحاكم السادس – و الشيخ جراح لـ يستولي على الحكم , و قد إختلفت الروايات في تفسير أسباب هذه الجريمة إلا أن السبب الأكثر شيوعاً هو ما يرويه الشيخ يوسف القناعي حيث يقول
.
لا أرى لها سبباً سوى الدراهم , لأن مباركا حاكم و يريد أن يظهر بمظهر حكام العرب من البذل سواء كان البذل في محله أم لا , و جراح يخالفه في ذلك , و يقتر عليه , لأنه يرى المؤسس الوحيد للمال , و لا يرى ما يراه مبارك من البذل , و محمد عليه الرحمه ينصاع لما يراه جراح
.

و عن الكيفية التي تم فيها الإغتيال يُنقل على لسان جابر بن مبارك الآتي
.
فأمرت خادمي أن يأتي بسلاحي من البيت و لما طلع الفجر خرج صباح بن محمد للمسجد و صار البيت مفتوحاً فحينئذ دخلنا البيت و الكل نيام , فأمرني الوالد ان اتوجه لجراح و توجه الوالد الى جهة محمد و وقف سالم بالباب كيلا يدخل علينا أحد و لما صعدت على سطح البيت و توجهت الى عمي جراح رأيت بابا صغيرا مغلقا بين سطحين فحركته فانفتح و دخلت عليه فاذا هو قاعد على سريره و زوجته واقفة بقربه , فصوبت عليه البندقية فلم تصدق , فتأخرت الى الخلف و امرت الفداوية فصوبوا اليه بنادقهم و هو يقول : عمك . عمك ( أي إتق الله في عمك ) ,
.
صفحات من تاريخ الكويت ص 25 إلى ص 27
.

.
و بغض النظر عن هذه التفاصيل ما يهمنا من هذا الباب هو نجاح الشيخ مبارك في تنصيب نفسه حاكماً على الكويت , لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن , فقد نجح أبناء القتيلين بالهرب من الكويت و التوجه الى قريبهما الثري الوجيه يوسف آل إبراهيم في منطقة الدورة و منها إنتقل الجميع الى البصرة حيث بدؤوا منها العمل المنظم لإسترداد الحكم و الإنتقام من الشيخ مبارك , أما مبارك , فقد كان يسابق الزمن للحصول على إعتراف رسمي من الدولة العثمانية به كـ حاكم للكويت خلفا لأخيه محمد الذي كان يحمل لقب قائمقام على الكويت من الدولة العثمانية
.
و من المهم هنا أن نذكر إعتماد مبارك المباشر على الشعب الكويتي في سحب الإعتراف العثماني به , فقد قامت مجاميع شعبية بالتوقيع على أكثر من رسالة الى السلطان يلحّون عليه بـ سرعة الإعتراف و تعيين الشيخ مبارك حاكما على الكويت , و من الطريف هنا أن هؤلاء كرّروا المرة تلو الأخرى بأن أرض الكويت فيها من قسوة العيش ما لا يُطاق مما يجعلهم غير متمسكين بالعيش فيها , و هذا بعض مما كُتِب
.
لولا انتظار الحكومة العلية لما أخذنا الكويت لنا وطناً و لا مسكناً حيث أنها أراض قفراء لا نخيل و لا مزارع , خالية من المصالح خيرا و أهاليها على الإطلاق بدو و سكان البلد الذين تكون بهذه الصفة ما تتحمل تعيش لأجلها فراق و مصائب من قبل الوالي المعرض المتسلط يعمل بما يشاء و غاية استرحامنا من مراحم الدولة أن تؤمنا في أوطاننا و تزيل وحشتنا بتنصيب رئيسنا الشيخ مبارك الصباح قائمقام بمحل المتوفي و إذا لم نتوفق لذلك فمهّلنا مقدار شهرين حتى نؤكد لنا وطناً آخر و نهاجر من هذه البلدة لغيرها
.
بيان الكويت ص 24
.

إلا أن تأثير يوسف الابراهيم على والي البصرة جعل الدولة العثمانية تتريث في الرد على طلب أهل الكويت , فما قام به مبارك بقتل شقيقه قائمقام الكويت قد يُعتبر تمرداُ على الدولة العلية , و ليس من المستحب هنا مكافأة المتمرد , خصوصا و أن أغلب حُكام المنطقة أدانوا هذا العمل , هكذا لم يبقى لـ مبارك إلا أن يبادر هو بإرسال الكتب للدولة العثمانية يستجدي فيها الإعتراف به من جهة , و يطالب الدولة بـ لجم والي البصرة و يوسف الإبراهيم من التحرش به و إيذائه , إلا أن الدولة العثمانية لم تستجب
.

.
لم يستسلم مبارك أمام هذا التجاهل , فقد استمر في المراسلة لـ يُذكر الدولة العثمانية بخدماته السابقة لها في نجد و حصوله على الوسام المجيدي من الدرجة الخامسة , أيضا لم يتوانى مبارك عن توقيع إسمه مسبوقا بكلمة عبدكم في رسائله , و في نفس الوقت أظهر ولائه القطعي للدولة العثمانية من خلال رفضه لتوقيع معاهدة حماية مع الإنجليز , إلا أن الدولة العثمانية كانت تعيد دراسة خياراتها في التعامل مع الكويت , فمن جهة هي لا تريد مكافأة مبارك على فعلته حتى لا يتشجع الآخرين على التمرد , و من جهة أخرى هي تُثمّن ولاء مبارك لها و عدم إستسلامه للمغريات الإنجليزية , أما الخيار الثالث و الأهم فهو الإستجابة لنداء وُلاة العراق و وضع الكويت تحت الحكم المباشر , خصوصا و أن حالة إستقلال الكويت تعتبر حالة إستثنائية , هذا ما يقوله قائد الجيش العثماني في بغداد
.
فإن الكويت مكان مهم يتوسط مركز ولاية البصرة و لواء نجد . و هي ميناء ذو أهمية كبيرة على خليج فارس . و لأمر ما , فإنها لم توضع تحت الإدارة على النحو المطلوب و بقيت في حالة إستثنائية , حتى إنه لم تكن فيها ما يشير و يؤكد حقوق السيادة و يحافظ عليها , مثل وجود موظف يتقاضى راتباً أو دائرة رسمية
.
بيان الكويت ص 53
.

و بهذا فقد أحس الشيخ مبارك بالخطر يحدق به و بأملاكه في الفاو و البصرة العثمانية , هذا ما جعله يُعجل بالإستجابة لنصيحة صديقه الشيخ عيسى – حاكم البحرين - بالتواصل مع الإنجليز و توقيع معاهدة الحماية معهم , و قد تم توقيع هذه المعاهدة في 22 يناير 1899 , حيث أنها كانت نسخة شبيهة بالإتفاقية الموقعة مع مسقط في العام 1891 , و من أهم شروط هذه الإتفاقية هو الآتي :
.
سرية الإتفاقية و عدم إعلان الطرفين عنها
.
عدم تنازل أو بيع أو رهن مبارك لأي جزء من إقليمه من دون موافقة حكومة صاحبة الجلالة
.
عدم إستقبال ممثلين من القوى الأخرى
.
إلتزام بريطانيا بالدفاع عن الكويت و مساندتها في الأزمات
.
وعد شفوي من المسؤولين البريطانيين بمتابعة موضوع أملاك الشيخ مبارك في البصرة
.
بيان الكويت ص 83
.

و بهذا تمكنت بريطانيا من قطع الطريق أمام الألمان و الروس و الفرنسيين و العثمانيين من الإستفادة من الكويت و موقعها الإستراتيجي لتنفيذ مشاريعهم الحيوية , و هكذا توالت الأحداث التي أشعرت أجهزة الدولة العثمانية بعدم الإرتياح إتجاه تصرفات الشيخ مبارك , خصوصا بعد رفضه تعيين مسؤول تركي لإدارة ميناء الكويت , لذلك , قررت الدولة العلية قمع تمرد الشيخ مبارك و تأديبه بـ خطوتين , الخطوة الأولى هي إفهامه بأن ما يقوم به يعتبر خيانة للإسلام بشكل عام , و الخلافة السنية بشكل خاص , يظهر ذلك من محضر المجلس المخصوص لرئيس الوزراء حيث يقول
.
أنه بإرسال واحد من المشار إليهما الى مبارك الصباح و إفهامه بلغة مناسبة أن الحيلولة دون تحقيق الأطماع الأجنبية في الكويت , و ما تورثه هذه الأطماع من الأضرار الكبيرة على مصالح الدولة و مصالح المسلمين , يتوقف على وحدة أهل الإسلام الذين يشعرون بالرابطة الدينية القوية تجاه مقام الخلافة العظمى فيما يتعلق بأمور الدين و الدولة , و إبراز الحمية الدينية الإسلامية
.
بيان الكويت ص 102
.

أما الخطوة الثانية فهي إعطاء الضوء الأخضر لأعداء الشيخ مبارك – بن رشيد , الإبراهيم , آل ثاني - في الهجوم على الكويت , و هذا ما سـ يفسح المجال أمام السلطات العثمانية للتدخل لفض النزاع و السيطرة الكاملة على الكويت
.
بيان الكويت ص 88 و 92
.

.
هكذا بدأت أنباء هذا التحالف بإزعاج الشيخ مبارك الذي بادر بجمع أكبر عدد ممكن من الحلفاء إستعدادا لهذه المواجهة , و قد تكوّن فريق الشيخ مبارك من عبدالرحمن آل سعود , قبيلة مطير , قبيلة العوازم , قبيلة الرشايدة , قبيلة العجمان , قبيلة بنو هاجر , قبيلة بنو خالد , و الشيخ سعدون المنتفق – و آخرين حسب بعض المصادر - حتى أنهم وصلوا الى 59 ألف مقاتل , و قد بدأ الشيخ مبارك بتقسيم الجيش الى وحدات أرسل كل منها الى جهة , فعبدالعزيز آل سعود الى الرياض و آخرين الى نجد و القصيم , و بالرغم من أن الأمور سارت لمصلحة جيش مبارك في البداية إلا أن بقاء الحال من المحال , ففي صباح يوم 17 مارس 1901 تواجه الجيشان في منطقة الصريف بالقرب من بريدة , و قد إنتهت المعركة بهزيمة نكراء لمعسكر الشيخ مبارك , و قد قُتِل فيها أخيه الشيخ حمود بن صباح و ابن أخيه الشيخ خليفة بن عبدالله , و في وصف أحداث هذه الفجيعة يذكر لنا يوسف القناعي التالي
.
أما جند مبارك فإنهم , لما بدت لهم طلائع خيل ابن رشيد استبشروا بها لأنهم يعتقدون أن النصر لا محالة لهم لكثرتهم , فأخذوا يركضون لملاقاة العدو بلا نظام و لا تدبير . و لما التقى الجمعان غارت الخيل من جند مبارك من بدو و حضر , فردت على أعقابها , ثم جاءت أخرى من الجناح الآخر فكسرت , أما الحضر من أهل الكويت فإنهم لما ساق ابن رشيد عليهم المسيوق ردوه خاسراً . فأخذ الأمير ابن رشيد مع عمدة قومه يردون المسيوق الى الحضر الكويتي , و لما تبين لابن رشيد أن بدو مبارك انهزموا جميعهم و لم يبق إلا الحضر أمر خيله أن تحيط بهم , فصار حضر الكويت بالوسط يرمون من الأمام و من الخلف . و انهزم مبارك مع المنهزمين و ترك الحضر يجاهدون حتى قُضيَ عليهم بالإنكسار و التشتت
.
صفحات من تاريخ الكويت ص32
.

و في الوقت الذي شهدت فيه القوى المحلية تنافس و حروب متفرقة كان هناك تنافس آخر يدور بين القوى العظمى في المنطقة , فقد كان الإنجليز يتابعون الأحداث المحلية عن كثب و يعيدون تقييم توازنات القوى المحلية و إمكانية جذب ابن رشيد للتعاقد معهم , و مدى تأثير إتفاق من هذا النوع على علاقتهم بـ مبارك , أما الأتراك , فقد كانوا يشعرون بالإختناق من هذه التحركات البريطانية , هذا ما دفعهم للتفكير جدياً في غزو الكويت و فرض الوصاية القسرية عليها , إلا أنهم حاولوا جس نبض الإنجليز أولا بإرسال سفينة حربية الى شواطيء الكويت لتتم المواجهة الأولى مع قبطان البارجة الإنجليزية , و هذا ما يقوله قائد بحرية البصرة عن هذه المواجهة
.
لدى وصول السفينة زحاف الى الكويت جاء على الفور قبطان البارجة الإنجليزية بحجة الزيارة و أدلى بالتصريح التالي : لقد وضعت دولة إنجلترا الشيخ مبارك في حمايتها , و قام قنصل بو شهر بإعطاء معلومات لحكومتكم . إذا حاولتم إنزال العساكر و المهمات و غيرها إلى البر أو انزلتم العساكر من السفينة إلى السنابيك فسأحارب , إننا مدينون لمبارك بالحماية . ليس هدفنا هو رفع الراية في الكويت , بل الحماية , إنها أوامر و تعليمات تلقيناها . أنا هنا بصفة مأمور , فإذا حدث أي شيء فإنني سأحارب , و إذا ظهر أي شيء يخالف الأوامر و التعليمات فسأحارب. لدي أمر بالقتال إذا أنزلتم السلاح أو الذخائر أو البنادق الى البر
.
بيان الكويت ص 154
.

لم تتقبل السلطات العثمانية هذه الصفعة من مبارك , فكان ردها على الإنجليز شرسا حيث أوضحت لهم بأن الكويت جزء لا يتجزأ من الدولة العلية , و أن معاهدتهم مع مبارك باطلة حيث أن مبارك قائمقام تابع لهم , و لو أرادوا أن يلتزموا بمعاهدتهم معه فهي تعني حماية شخص الشيخ مبارك فقط , أما أرض الكويت فهي تابعة للدولة العلية , و أمام هذا الإصرار العثماني قرر الإنجليز تهدأة الوضع و قرروا عقد إتفاق مع العثمانيين يهدف الى إبقاء الوضع على ما هو عليه و عدم إقدام أي من الدولتين على التدخل في الشؤون الخاصة للكويت و فرض السيطرة عليها
.
بالطبع لم تصدق نوايا الطرفين في هذا الإتفاق , فلكل منها مصالح خاصة لا تحتمل الإنتظار , فالدولة العثمانية قلقة من إنتقال عدوى مبارك و إتفاقيته الثنائية الى بقية حكام الخليج , لذلك كان قادتها المحليين يتعطشون للإنتقام من مبارك , و نخص منهم الفريق مصطفى نوري باشا , الذي وضع خطة متكاملة لغزو الكويت نذكر منها هذه الفقرة
.
إمكانية تخليص بلدة الكويت من يد الدساس مبارك الصباح بسوق العساكر السلطانية , و عدم وجود أي احتمال بمقابلة الأهالي و القبائل العساكر السلطانية بالسلاح , و حتى لو كان احتمال حملهم السلاح لا يزيد عن خمسة في المائة , فإن المأمول من خمسة و تسعين منهم ان يقبلوا بالطاعة و يستسلموا فوراً . و مع ذلك فمن الممكن أن يبدي أهالي الكويت بعض الدعم لمبارك الصباح خوفاً منه , فسيكون دفاعا لا أمل منه , كما أن الأهالي في الأصل يكرهون مبارك الصباح لظلمه و حقده كما يكرهون أن يسلم وطنهم للأجنبي دون سبب
.
بيان الكويت ص 184
.
.
و هكذا قررت حكومة الدولة العلية وضع مبارك أمام الأمر الواقع فطلبت من والي البصرة فعل الآتي
.
بأمر السلطان , أبلغ نقيب البصرة كي يحاول إقناع الشيخ مبارك بأن يتصرف كما يتصرف سادة و حكام تلك المناطق , و على الشيخ مبارك إما الحضور الى القسطنطينية للانضمام إلى بلاط و ديوان الحكومة أو الموافقة على الاستقرار في موقع بالقرب منا حيث نضمن له الأمن و العيش الكريم
.
بيان الكويت 186
.

حاول الشيخ مبارك المماطلة في الرد على هذا الأمر من خلال طلب مهلة ثلاثة أيام للتفكير و التشاور مع شعبه , و في نفس الوقت قام بمراسلة الإنجليز طالباً منهم الحماية من كيد الأتراك أو اضطراره لمصالحة الدولة العثمانية و النزول على أمر السلطان , فرد الإنجليز عليه و نصحوه بعدم الرد على طلب الدولة العلية و قاموا هم بالرد على الأتراك بإعتبار هذا الأمر مخالف لإتفاقيتهم السابقة بإبقاء الأمر على ما هو عليه , و من هنا بدأت المباحثات الأنجلو عثمانية حول الكويت من جديد , و من خلال هذه المباحثات طغت مصالح الدول العظمى على مصلحة الشيخ مبارك , فقد طرح الإنجليز فكرة الإعتراف بأحقية الدولة العثمانية بالكويت مقابل الحصول على حصة من المشاريع المُزمع إقامتها في المنطقة
.
لاحظ الشيخ مبارك هذا البرود و عدم الإكتراث من الجانب الإنجليزي و قد عاتبهم على ذلك في كثير من المراسلات , و هذا ما جعله يتبنى سياسة جديدة و هي التلاعب على موازين القوى العالمية من خلال إثارة حفيظة كل دولة على الأخرى , فعند الحاجة الى الإنجليز كان يتعمد إظهار الود إتجاه الأتراك ليسارع الإنجليز في تلبية مطالبه حتى يعود الى جانبهم من جديد , و هكذا كان يفعل مع الأتراك من خلال التقرب الى الإنجليز , بل أنه في بعض الأحيان أثار حفيظة الدولتين برفع شعار الدولة الفارسية على قصره , و هذا ما جعل الإنجليز يطالبونه برفع علمهم أيضا , إستمر الشيخ مبارك في هذه الألاعيب السياسية حتى تمكن من حل الجزء الأكبر من مشاكله , ففي العام 1903 تمت تسوية الخلافات المالية و السياسية بينه و بين أبناء شقيقيه محمد و جراح , و في 1905 ساهم في الإتفاق بين آل سعود و الدولة العثمانية , و في العام 1907 إنتهت آخر مشاكل الشيخ مبارك بوفاة الأمير بن رشيد , و هكذا عاش الشيخ مبارك بهدوء نِسبي حتى وفاته في العام 1915 و انتقل الحكم الى ابنه الأكبر الشيخ جابر بن مبارك
.
بيان الكويت ص 325 و 326
.
و بهذا فارقت الكويت ذلك الرجل القوي الصاخب , إلا أن الأحداث الصاخبة لم تفارقها من بعده
.
يتبع

Saturday, August 14, 2010

مقال . . إلى الأرض - 5

نظافة الأزقة تجعل المرء لا يندهش عندما يعرف أنه لا توجد ملاريا هنا , و حتى الأمراض الأخرى فهي نادرة أيضا
.
المبشر آرثر بينت , القوافل ص 70
.

.
إنتهينا في المقال السابق من شرح مختصر للنظام العالمي القديم الجديد , أما الآن فأعتقد أنه قد حان موعد تسليط المجهر على أرضنا المقدسة , الكويت , و للحديث بـ إقتدار عن مستقبل الكويت علينا العودة الى ماضيها أولا , ففي العودة الى الماضي و تأمل أحداثه فائدة قُصوى للمتطلع الى المستقبل , كيف لا و قد قيل قديما , التاريخ يُعيد نفسه , فـ بإسم رب التاريخ نبدأ
.
ليس من المعروف تفصيلا الوضعية العامة لأرض الكويت فيما قبل القرن السابع عشر , و لكن المعروف لدينا هو تواجد حصن لـ أمير الإحساء بن عريعر في هذه المنطقة , و كان هناك مجاميع من السكان تعيش بالقرب من هذا الحصن في تلك الأثناء , و قد كان بني خالد من أهم القبائل المتواجدة في هذه المنطقة
.
و مع بداية القرن الثامن عشر – 1701 – دبّت النزاعات بين قبائل العتوب و الخليفات و طائفة الهولة في المنطقة القريبة من شط العرب , و نتيجة لهذا النزاع نزحت قبائل العتوب الى البصرة الواقعة تحت سيطرة الدولة العثمانية و خاطبوا الوالي قائلين
.
إننا جميعا من أهل الإسلام , و قد تركنا ديار الروافض , و نحن داخلين عليكم و أنتم أعلم بحالنا
.
بيان الكويت ص 13
.

بعد عدة أيام جاء رد والي البصرة على طلب إقامة العتوب بالرفض خوفا من تأثير نزاعاتهم مع الهولة سلباً على حركة التجارة في البصرة , لكنه سمح لهم بالإنتقال الى منطقة أم قصر و منها الى الكويت , و في الكويت عاش العتوب بتفاهم تام مع بني خالد , فقد ضمن الخوالد للعتوب حكماً ذاتياً مستقلاً مما جعل العتوب يردون التحية بأحسن منها من خلال الفزعة و المساندة للخوالد في حروبهم مع الدولة السعودية
.

.
و ليس من المعروف لدينا من كان يحكم العتوب المشتغلين في التجارة و النقل البحري في تلك الأثناء , إلا أنهم في العام 1743 – 1756 في مصادر أخرى - انتخبوا صباح العتبي – صباح الأول – حاكما عليهم , و قد كان السبب الرئيسي في إختيار الشيخ صباح هو وجوده الدائم في الكويت و تفرغه لأمور الحكم حيث أنه لم يشغل نفسه بالتجارة و الترحال
.
و لم تطل المدة حتى تمكنت قوات الدولة السعودية الأولى من هزيمة بني خالد , و بذلك بسط آل الصباح حكمهم على أرض الكويت و القبائل التابعة لها , و من المهم هنا معرفة الوضع الإقليمي في المنطقة بشكل عام , كانت الدولة الفارسية مستقلة كما هي اليوم , و كان الإنجليز يسيطرون على عُمان و البحرين , أما الدولة العثمانية فقد كانت تسيطر على العراق و مصر , و من مصر إستطاعت السيطرة على شبه الجزيرة العربية بعد هزيمة آل سعود في العام 1818 , و بسبب كل هذه التفاعلات الإقليمية تمكن حُكام آل صباح , و بالتشاور مع تجار و وجهاء الكويت من الوصول الى تحقيق المعادلة الصعبة لتحويل الكويت الى المركز التجاري الأمثل في المنطقة , نجد ملامح هذه الصورة في الخطاب الموجه من القنصل البريطاني في حلب الى المستر لاتوش في البصرة عام 1776 حيث يقول
.
علمت أن السفينتين القادمتين من تلك الجهات قد وصلتا الى بو شهر , اذا كان بالإمكان بقاء القرين ( الكويت ) محايدة فإنه يمكن للقوافل أن تسافر اليها و ان تحمل البضائع منها الى هذا المكان و حسب . ذلك أنه ما دامت الحرب في البصرة و ستطول فإنه لا بد للتجار من أن يهاجروا إلا إذا استطاعوا أن يجدوا مكانا قريبا منها يستطيعون ان يمارسوا نشاطهم فيه , يبدو أن القرين ذات موقع جيد يمكّنها من أن تكون خلفا للزبير غير أن هذا لن يأتي دون بقائها مستقلة لأنها إذا ما وقعت في حوزة الفُرس فإن التجار سوف يتعرضون للمخاطر لو أرادوا نقل البضائع منها , ذلك لان الباب العالي لن يسمح بمثل ذلك
.
و لذا فإن من مصلحة التجار الذين يعملون معكم أن تبقى القرين ( الكويت ) تحت سلطان حكامها الحاليين آل صباح
.
الاقتصاد الكويتي القديم ص 146
.

.
و من أهم أسباب هذا الإزدهار التجاري في الكويت هو موقعها الإستراتيجي كـ ميناء مثالي للبصرة و ما خلفها , و للمناطق الشرقية من الجزيرة العربية كـ نجد و حائل و الإحساء , أيضا ساهمت سياسة حكام الكويت في عدم جباية الضرائب و فرض رسوم جمركية مخفضة في جعل الكويت منطقة تجارية حرة يستفيد منها التاجر المحلي و الأجنبي
.
و قد عمل سكان الكويت في مختلف المهن المُكملة لهذا النشاط التجاري و منها النقل البحري , النقل البري , صيد اللؤلؤ , صيد الأسماك , صناعة السفن , الرعي , و غيرها من الأنشطة التي تظهر بشكل واضح على ألقاب العوائل الكويتية من أصحاب الحِرف المتوارثة كـ النجار , القلاف , الأستاذ , البناي , القطان , الكندري , الجرخي , الطواش , الوزان , الصايغ , العتال , المطوع , الحداد , الخياط , الخباز ... الخ , الخ
.
بطبيعة الحال ساهم هذا الإزدهار الإقتصادي في تحويل الكويت الى أرض ميعاد لكل الطامحين في الهجرة من المناطق المحيطة , هكذا بدأت حركة الهجرات في التفاعل حتى تصاعد عدد سكان الكويت من 10000 نسمة في العام 1765 الى 160000 نسمة في العام 1925 قبل التجنيس المنظم لاحقاً, العبد المغني ص 15 , و اللافت للنظر هنا أن أهل الكويت – المهاجرين أساساً – لم يُظهروا الإمتعاض من حركة الهجرة في الحقبة المبكرة حيث أنهم خير من يعرف أهمية العنصر البشري الجديد في العمل السِلمي و الحربي معا , خصوصاً و أن سماءهم لا تمطر لبناً و أرضهم لا تنبع عسلاً ليطمع فيها الغريب المهاجر
.

.
ساهم هذا الجو التجاري في تشكيل ملامح المجتمع الكويتي الذي إنقسم الى ثلاثة فئات رئيسية و هم عامة الشعب , التجار , الشيوخ , و من المهم هنا تسليط الضوء على تفاعل العلاقة بين هذه الفئات
.
عامة الشعب
.
عاشت الطبقة الكادحة من الكويتيين ظروف صعبة لا يُحسدوا عليها , فقد عمل الكويتيون – تحت إمرة التُجار - في مختلف المجالات الحِرفية و عاش بعضهم ظروفاً صعبة في الصراع مع البحر و تعريض النفس للخطر و العمل في تهريب الذهب و السلاح و السفر لفترات طويلة جدا , و قد نشأت ثقافة موسمية ذات نكهة بحرية خاصة في هذا المجتمع , فقد ارتبطت حركة الهجرة بمواسم الرحلات البحرية و ارتبطت أيضا سعادة الناس و تعاستهم في مواعيد رحيل و قدوم السفن البحرية , و لـ نقل صورة أوضح عن هذه المرحلة نذكر هنا المادة التاسعة عشرة و المادة الثانية و الثلاثون من قانون الغواصين في الكويت الصادر عام 1940 في عهد الشيخ أحمد الجابر
.
المادة 19
.
اذا مات البحار و هو لا يملك غير بيت سكناه و له أولاد صغار و ثبت أن البيت داخل عليه من دراهم الغوص فعلى النواخذا أن يصبر حتى يبلغ الأولاد رشدهم و حينئذ يُخيرون بين دفع الطلب للنواخذا أو يركبون الغوص بدين والدهم أو يباع البيت و تدفع قيمته لنواخذا الغوص
.
المادة 32
.
يجب على كل بحار مستخدم عند الحكومة أو شركة الزيت أن يدفع الى مأمور الغواصين خمسة عشر بالمائة من راتبه شهريا
.
الاقتصاد الكويتي القديم ص 228 و 230
.


.
التجار
.

كون الكويت بلد تجاري أعطى حظوة و أولوية خاصة للتجار , فالتجار كانوا يتمتعون بهيبة و إحترام تفوق في بعض الأحيان هيبة الشيوخ , و يذكر يوسف القناعي في صفحات من تاريخ الكويت أن
.
أدنى تاجر من أهل الكويت هذه الأيام يملك أكثر مما يملك الأمراء في ذلك الوقت , و الدليل على ذلك أن مباركاً لما قتل أخويه و تولى على المالية لم يجد فيها سوى 700 ريال نقدا و 73500 روبية أمانة في بيت ابن ابراهيم في بومبي
.
ص 24
.

أيضا كان للتجار دور أساسي في تحديد سياسات الكويت الداخلية و الخارجية , و قد امتدت تجارة الكويتيين الى الهند و زنجبار و الصومال و العراق و ايران و في بعض الأحيان تصل الى بلاد الشام , لهذا تمتع تجار الكويت بعلاقات إقليمية وثيقة مع القيادات السياسية في المنطقة
.
.
الشيوخ
.

يكون منهم حاكم الكويت و يتقلدون في العادة المناصب الرسمية في الدولة , بالرغم من ذلك لم يتمتعوا بالرخاء المادي حيث أنهم لم يعملوا بالتجارة , لكن إعتمادهم الأكبر كان على الرسوم الجمركية و استقطاعات التجار , إستمر هذا الحال الى عهد الشيخ جابر بن عبدالله – الحاكم الثالث - الذي امتلك بعض الأراضي الزراعية في العراق و من ثم توسع الشيوخ في تملك هذه الاراضي لتتحسن حالتهم المادية شيئا فـ شيئا
.
و بالرغم من حرص حُكام الكويت على التمسك بالشورى إلا أن علاقتهم بالتجار شابتها شيئا من النِديّة و التوتر في بعض الأحيان , و قد كانت أغلب هذه الخلافات تدور حول موضوع الرسوم الجمركية حيث أن أول مواجهة حدثت بين الشيوخ و التجار كانت في عهد الشيخ صباح بن جابر – الحاكم الرابع - في العام 1860 حين رفض التجار دفع الجمرك كونه يضر بالمصلحة التجارية , لكنهم أبدوا إستعدادهم للمساهمة في وقت الحاجة حيث قالوا
.
إن كنت في حاجة إلى الأموال فما عندنا شيء يعز عليك
.
صفحات من تاريخ الكويت ص 22
.

أيضا حدثت في عهد الشيخ صباح مواجهة ثانية معروفة بإسم حادثة عنبر حينما وضع التجار الشيخ صباح أمام خيارين , أما نفي عبده عنبر – الذي ضرب أحدهم – و أما أن يقوموا هم بمغادرة الكويت , هنا قام الشيخ محمد بن صباح بقتل العبد عنبر لإنهاء الخلاف , أما المواجهة الثالثة و الأكثر شهرة فقد وقعت في عهد الشيخ مبارك – الحاكم السابع - حينما غادر الكويت ثلاثة من كبار التجار و هم هلال المطيري و إبراهيم المضف و شملان بن علي , و قد قام الشيخ مبارك بـ اللحاق بهم و إسترضاءهم شخصيا للعودة الى الكويت
.
و الملاحظ هنا بأن التُجار خرجوا منتصرين في كافة هذه المواجهات مع الشيوخ , و هذا بالتأكيد ترك أثراً كبيرا في النفوس , إلا أن الواقع يفرض نفسه , خصوصا في تلك الظروف القاسية , و الجدير بالذكر هنا أن بعض تجار الكويت كانوا يرفعون العلم العثماني على سفنهم لتأمين الحماية , أيضا كان حُكام الكويت يظهرون بعض مظاهر الولاء الديني للدولة العثمانية من باب كونها دولة الخلافة الإسلامية السُنية , هذا بالطبع مع التشديد و الحفاظ على إستقلالهم السياسي و الإداري عنها
.
و مع بداية القرن التاسع عشر بدأت الكيانات السياسية العظمى بالإهتمام جدياً بالكويت , و كانت لهذه الدول محاولات للسيطرة على الكويت تحت عناوين مختلفة , منها مد خط سكة حديد أو إنشاء مكتب بريدي أو إقامة مركز حجر صحي أو إنشاء مركز وقود فحمي أو تحويل الكويت الى قائمقامية تابعة لقضاء البصرة التابع للإمبراطورية العثمانية , و هذا ما نجح في تحقيقه الأتراك في العام 1870 حينما نصّبوا الشيخ عبدالله بن صباح – الحاكم الخامس – قائمقام على الكويت - أثناء سفره و من دون إذنه - مع إعطائه حق الإستقلال الإداري مقابل منحة سنوية من التمر و إعفاء ضريبي في البصرة , و بهذا رُفِع العلم العثماني على مقر الحاكم و تم قبول موافقة الدولة العثمانية على متقلدي المناصب المهمة في الدولة كالقضاة و أئمة المساجد
.
و في صيف العام 1892 توفي الشيخ عبدالله بن صباح , و لأول مرة ينتقل حكم آل صباح أفقيا من الأخ الى الأخ ليتم تقليد الشيخ محمد بن صباح مقام الإمارة , و لهذا الحديث وقت آخر
.
يتبع

Tuesday, August 10, 2010

مقال . . إلى الأرض - 4

أيقنت أن الناس الى اليوم على حد قول الهندي , سمك كبار يأكل سمكا صغاراً . فـ ويل للضعيف
.
صفحات من تاريخ الكويت , ص 35
.
الإمبراطورية الفارسية
.

.
إمبراطورية الاسكندر المقدوني
.
.

الإمبراطورية الرومانية

. .

الدولة الأموية الإسلامية

.

.
الدولة العثمانية الإسلامية
.
.
الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس
.
.
الإمبراطورية الروسية
.
.
الولايات المتحدة الأمريكية
.
إمبراطورية العصر الحديث
.
.
قبل تسليط المايكروسكوب على الأرض المقدسة علينا استخدام عين الواقع المجردة في فحص النظام العالمي القد ـيد – أو القديم الجديد - الذي يحكم حركة الكيانات السياسية من فوق خارطة العالم , هذا النظام الذي إحترفت الدول العظمى اللعب حسب قوانينه و شروطه , نظام لا يفقه لغة الصداقة و العواطف , فاللغة المفهومة لديه هي لغة واحدة لا غير , إسمها لغة المصالح , و السؤال هنا ما هي هذه المصالح ؟
.
منذ نشأة المجتمعات و الكيانات السياسية على بكرة التاريخ و هي تنقسم الى قسمين , القسم الأول هي الكيانات السياسية العُظمى , أو الكبرى , أما القسم الثاني فهو مخصص للكيانات السياسية الصُغرى , و عند السؤال عن القصد بالكيان السياسي و السبب في تكبيره أو تصغيره , فـ علينا توضيحه كالآتي
.
بدأ الإنسان حياته على وجه الأرض بالحياة الفردية و من ثم انتقل الى تكوين المجموعات الصغيرة ثم تنبه الى الفائدة الكامنة في تكثيف هذه المجموعات حتى تصبح مجاميع أكبر و أكبر الى أن كَوَّن العوائل و القُرى و الأقاليم و من ثم الدُول
.
و بطبيعة الحال فإن هذه المجتمعات بدأت أوتوماتيكيا بتقسيم الوظائف و المهمات على أفرادها كل حسب الحاجة و القدرة , فهذا أصبح جُندي , و ذاك إمتهن الفلاحة , و الآخر تمكن من أن يكون حاكما عليهم , و هكذا بدأ أفراد هذه المجتمعات بملاحظة الحاجة الدائمة الى زيادة مصادر العيش كالحقول للثمار , و الأنهار للمياه , و الماشية للتنقل و الغذاء , و هذا ما دفع هذه المجتمعات المبكرة للبحث في محيطها عن هذه المصادر
.
و من طبيعة الحياة أن يصل الإنسان الى منطقة تكون فيها المصادر المتاحة تحت سيطرة – مُلكية – مجاميع أخرى سبقته في الإستحواذ عليها , و في هذه الحالة فالخيارات المتاحة للمجموعة الجديدة هو إما الإنسحاب و التقهقر , أو الدخول في صراع على المصادر , و بهذا تكون خيارات الطرف الآخر منحصرة ما بين الدفاع عن مُمتلكاتها و مصادرها , أو الهروب عن الأرض و البحث عن مصادر أخرى , هكذا بدأ الإنسان في إكتشاف الحرب , و الحاجة الضرورية اليها في الصراع على المصادر
.
هكذا بدأت المجتمعات القديمة - المحاربة - بمعرفة أهمية الجيوش و قوة تأثيرها ,
فالحرب تحتاج الى جيش , و الجيش يحتاج الى عتاد , و العتاد يحتاج الى المال , و المال يأتي من المصادر الربحية , و المصادر الربحية تأتي من الأرض , و الأرض عند الآخرين , و لأخذ الأرض من الآخرين نحتاج الى الجيش , و بهذا تتصل حلقة الحاجة الى الجيش و الحرب
.
بطبيعة الحال تفوقت المهارة الحربية لبعض المجتمعات على أخرى , فكانت لها الغلبة العسكرية التي سحبت ورائها الغلبة الإقتصادية و السياسية , و كلما زادت حصيلة الدولة على المصادر تقدمت خطوة للأمام نحو الحصول على لقب دولة عُظمى , كُبرى , امبراطورية
.
و يحكي لنا التاريخ عشرات القصص و الحكايات عن هذه الدول العظمى , تبدأ متواضعة , فـ تعزز قوتها العسكرية , لتبدأ مشوار السيطرة على جيرانها الأضعف , ثم الإنتقال الى دوائر أوسع , و أوسع , حتى تصطدم بحائط دولة عظمى أخرى , لـ تبدأ شرارة الحروب العالمية , و يسيطر الغالب منهم على العالم , هكذا استطاع الإسكندر الوصول الى الهند بعد هزيمة الفرس , و هكذا فعل قيصر و نابليون و هتلر و بريطانيا العظمى , و السؤال الآن , كيف يعمل هذا النظام ؟
.
يستمريء كُتاب التاريخ في العادة نقل الأحداث من وجهة نظر أُحادية الأبعاد , فنجد أن الكثير من الروايات التاريخية تُهدي لـ طرف دور البطولة و تعطي للطرف الآخر صِفة الشر , لكن الباحث المٌتعمق في التاريخ يجد أن التوسع الجغرافي و التسلط السياسي هما قَدَر محتوم على الدولة القوية , فالدولة القوية تعيش في حاجة دائمة للمزيد من المصادر , لهذا هي تضطر دائما للإهتمام بـ ترسانتها العسكرية , و هذا ما يجعلها تستثمر كل طاقاتها السياسية و الدينية و الإقتصادية في بناء قدراتها الحربية , فالملك هو قائد القوات المسلحة , و الرب هو رب الجنود , و الجنود هم مجاهدين في سبيل الرب , و من يخسر منهم حياته فهو يعيش في جنات الفردوس مع الأنبياء و الصِديقين , أما من يُحقق النصر منهم , فـ أمامه قائمة طويلة من غنائم الحرب كالأرض و المنصب و المال و البهائم و العبيد و النساء , فمن يستطيع مقاومة هذه الإغراءات ؟
.
أما الدُول الصغيرة و الضعيفة فإن قَدَرها هو الدفاع عن مكتسباتها , و السبيل الوحيد للدفاع هنا هو الخضوع لـ نفوذ إحدى الكيانات الكُبرى لحمايتها من الذوبان في كيانات كبرى أخرى , و هذا يتم بعدة طُرُق معروفة , أشهرها الإرتباط بـ عقود حماية مقابل بعض المصادر و الفوائد الإستراتيجية , و بهذا فإن النظام يعمل كالآتي
.
صاحب البستان في الدولة الصُغرى يعمل و يكسب قوت يومه , ثم يدفع جزء منه لـ حاكمه المحلي , يقوم الحاكم المحلي بتجميع المبالغ المُحصلة و يرسل جزء منها للحاكم الإقليمي , ثم يقوم حاكم الأقاليم بِجمع أموال الأقاليم و يرسل جزء منها للقيادة المركزية في الإمبراطورية العُظمى , و السؤال هنا , ما المكاسب التي يحصل عليها كِلا الطرفان من جرّاء هذه العملية ؟
.

الدول العُظمى
.
المكاسب
.
إتساع رقعة الأرض الواقعة تحت سيطرتها بشكل مباشر أو غير مباشر
زيادة في المصادر المالية و النفوذ السياسي
إستخدام هذه الأموال في بناء المُدُن و مدّ الطُرُق و تسليح الجيوش
قدرات عسكرية أكبر تؤهلها للإنتصار في حروب أكثر و بالتالي الحصول على مصادر مالية و نفوذ سياسي أكثر
.
الخسائر
.
صعوبة تطبيق نظام حُكم موحّد على شعوب و مناطق مختلفة في ثقافتها و دياناتها
الحاجة الدائمة لمراقبة الأوضاع الداخلية في كافة الأقاليم بالتزامن مع الحذر الدائم من الغزوات الخارجية
الإستعداد الدائم للحروب الخارجية و مواجهة – قمع – الثورات الداخلية
.
الدول الصغرى
.
المكاسب
.
الحماية من الإعتداءات الخارجية
الإنتماء الى كيان أكبر من خلال تطبيق النظام المُوحد للدولة العظمى
سهولة التنقل بأمان
عدم الحاجة للإنشغال بالتسليح و التفرغ للإزدهار الإقتصادي
.
الخسائر
.
فقدان السيطرة الكاملة على مصير الدولة السياسي و مصادرها المالية
الإضطرار للتضحية بالمصالح الخاصة في حالة تعارضها مع مصالح الدولة العظمى
الإضطرابات الدائمة و التعرض للإضطهاد الثقافي و الديني و الإقتصادي نتيجة الخضوع لحكم الأجنبي
.

و بهذا يستطيع القاريء إسقاط هذا النظام العالمي القديم الجديد على أي حقبة تاريخية سابقة , أو أحداث معاصرة , ليجد أن هذا النظام لم يتغير كثيرا , نعم تختلف الأسماء و العناوين و الأحجام و وسائل السيطرة إلا أن حكم المصالح واحد لا يتغير , و النتيجة الواقعية هي عدم ثبات خارطة الحدود السياسية العالمية لـ عشر سنوات متصلة , فالعالم يتغير بإستمرار , دُول تتوحد و دويلات تنفصل , حروب مدمرة و معاهدات مُوقّعة , هنا قد يتساءل البعض عن دور الأمم المتحدة في هذه اللعبة ؟ الجواب هو أن الأمم المتحدة تم إيجادها أساساً لتهذيب هذا النظام بعد الحرب العالمية الثانية , و من خلال المتابعة نقول أن دورها يغلب عليه طابع ردود الأفعال أو التحرك بعد وقوع الحدث , أيضا تلعب دور لا بأس به في توفير بيئة مناسبة لتفاهم الدول العظمى حول مصير الدول الأخرى , لكنها بالتأكيد لم تُخلص العالم من نظامنا القديـ يد
.
سؤالنا الأخير هنا , ما علاقة أرض الكويت المقدسة بهذا النظام القد ـيد ؟ هذا ما سنجيب عنه في المقالة القادمة
.
يتبع

Saturday, August 07, 2010

مقال . . إلى الأرض - 3

بسم الله الرحمن الرحيم
.
فـ اخلع نعليك إنك بالوادِ المقدس طُوى
.
سورة طه

.
تتشارك الكثير من الأديان في إطلاق صفة القدسية على بُقعة معينة من الأرض , و عند بحثي عن سبب قدسية هذه البُقع على وجه الخصوص وجدت أنها تعود الى خصوبة هذه الأرض و جُود باطنها في إحتضان مسببات العيش الكريم لمن يسكن عليها , و بطبيعة معطيات الحياة القديمة كانت الصلاحية الزراعية هي السبب الأصيل لـ قدسية الأرض , أما أرض الكويت , فهي مقدسة لسبب آخر , و هو إحتضان باطنها لـلنفط , أهم سلعة في المئة سنة الأخيرة على سطح كوكب الأرض , لذلك , أرجو أن يسمح لي القاريء بـ إطلاق صفة القدسية على أرضي و مخاطبتها بـ إسم أرضي المقدسة
.
الى أرضي المقدسة , أرض الكويت
.
تقبلي مني التحية و الإجلال , أعلم يا عزيزتي بأنك تتسائلين عن سبب مخاطبتي إياك في هذا المقال , و الحقيقة هي أني لم أجد من هو أقرب منك إلَيّ , فأنت تفهمينني و تُعينينني على فهمك , يا أرضي الجميلة أنتِ الشاهدة الصادقة على هذا العصر , فأنتِ خير من يعلم ما جرى على سطحك , و كم تم إستنزاف باطنك , و لا يخفى عليك أن أحشاءِك قد تكون في طريقها نحو الجفاف , فالنفط لن يدوم الى الأبد , و الحاجة اليه لن تستمر الى الألفية الثالثة , هذا هو حال الزمن , فـ لكل زمان دولة , و لكل دولة رجال , و لكل رجال رزقهم , و نحن عاجزون عن تجديد مصادر أرزاقنا
.
أيتها الأرض المقدسة
.
نحن نحمدك و نشكر أفضالك , فقد أوفَيتي و أكفَيتي , و كل ما يُقلقني هنا هو مصيري و مصيرك , هل ستتمسك ذُريّتي بك كما تمسك الأجداد بـ تُرابك ؟ هل سـ تُقاومين قوانين الطبيعة و تُخرجين من باطنك ثروة أخرى تُجبرهُم على التعلق بأغصان سِدرتِك ؟ أم أن جفاف باطنك سـ يجُر المصائب و الويلات على من يقطُنك , و بهذا سـ يُعلنون – أو يَلعنون – موعد الرحيل منك الى غيرك , لا تحزني و لا تأسفي يا عزيزتي , فهذه سنة الحياة , و لكل حكاية نهاية , كما كان لها بداية
.
فمن أين تبدأ الرواية ؟
.
يتبع

Wednesday, August 04, 2010

مقال . . إلى الأرض -2

يا أبعادي , يا ضميري , يا سندي , يا مصدر الهامي , يا مطافيقي , يا نبض هذا البلد
.
يا معدن الصدق , يا أهل الكويت
.
أيها الزملاء المدونون النائون المبتعدون المعتزلون أين أنتم ؟؟؟
.
تركتوها مخضرة لسقط القوم
.
مدونة بالكويتي الفصيح
28-3-2010

.
بهذه الكلمات المُعبِّرة , وجه الزميل عاجل ندائه الى المدونين الغائبين بشكل عام , و كُتاب الشأن السياسي بشكل خاص , يحثهم فيها على إزالة الغَمّص من العين و النهوض للعمل و الكتابة من جديد , بعد فترة خمول جماعي لم يسلم منها إلا من رحم ربي
.
و بالرغم من أن الزميل لم يحدد إسما معيناً في ندائه , إلا أنني أعتبرته نداءً خاصا موجه لي شخصيا , و من هنا جاء القرار بفتح الملفات القديمة , و إعادة إحياء فكرة كادت أن تموت لـ سلسلة مقالات كنت أنوي كتابتها في بداية العام 2009 , إلا أن شبح الإحباط و التردد – و الخوف – جعلني أتريث في الكتابة و النشر
.


.
أما سبب إختياري لهذا الموضوع بالذات من بين مقالات ملف الآي سي يو – غرفة الإنعاش – فهو قيام العديد من الكُتاب و المفكرين الكويتيين بالحديث عنه مؤخرا , سواء تم ذلك من خلال عقد الندوات كما فعل الدكتور عبدالله النفيسي , أم كان ذلك من خلال كتابة المقالات المغتضبة كما فعل النائب السابق مشاري العنجري , أو من خلال طباعة الكتب كما فعل الدكتور محمد الرميحي , إذا , هذا الموضوع يحوم في الأجواء , و أرى اليوم أن من واجبي المشاركة في طرح وجهة نظري المتواضعة – حقا و ليس مجاملة – في شأن مستقبل الأرض , الوطن , الكويت
.
قبل عدة أشهر كنت مدعوا على الغداء مع مجموعة من الشباب الكويتي الناشط سياسياً و إجتماعياً , و قد شاركنا الطاولة أحد أعضاء السلك الدوبلوماسي الأجانب , و هنا وجّه هذا الدوبلوماسي سؤال للمجموعة فقال , بما أنكم نخبة من شباب الكويت النشطاء , هل لكم أن تخبروني عن رؤيتكم لمستقبل الكويت ؟ ما هي طموحاتكم ؟ همومكم ؟ أحلامكم ؟
.
فبدأ الحاضرين بالإجابة على هذا السؤال من اليمين الى اليسار حسب ترتيب الجلوس , و عندما وصلني الدور في الحديث تناولت حبّة صغيرة من الأرز و وضعتها أمامي و قلت
.
هذه هي الكويت

.


.
ثم أخذت ثلاثة قطع كبيرة من الخبز و أحطتها بالحبّة و قلت
.




.
هذه إيران
.
و هذه العراق
.
و هذه المملكة العربية السعودية
.
ما يجعلني لا أنام الليل هو التفكير في مصير حبّة الأرز هذه بعد جفاف حنفية النفط , هل سـ تستطيع الصمود في معركة الحفاظ على الاستقلال و هي تعيش بين قطع الخبز العملاقة ؟ و ما هي الحالة التي ستكون عليها ؟ و على ماذا سيبقى استقلالها ؟ هذا هو سؤالي , و أنا لا أملك الإجابة عليه , خصوصا و أن دراستي للتاريخ لا تعطيني مؤشرات مشجعة
.
و المشكلة الأكبر هي أنني عندما أقرأ عناوين صحفنا اليومية و أرصد إهتمامات رعاة هذه الأرض أجد أنهم غارقون في وحل معاركهم الورقية , فـ زيد يتهم عبيد , و عبيد يشتم فهيد , و فهيد يستجوب نويّف و هلم جر , خلافات و معارك تُجعجِع بلا خميرة أو طحين , و ليس منهم من هو مستعد لـ أن يُسعفنا بعشرة دقائق من وقته الثمين للتفكير بالمستقبل , مستقبل الأرض , الوطن , الكويت
.
هذا المقال هو محاولة بسيطة جدا للحديث عن مصير الأرض , عن مستقبل الوطن , عن الكويت بـ كل ما تعانيه من هموم و مشاكل , و لكن قبل البداية أنا بـ حاجة لتوضيح بعض النقاط الهامة للأخذ في الإعتبار
.
النقطة الاولى
.
سـ أُفعّل خاصية مراجعة التعليقات قبل النشر , و ليس من الضروري أن أنشر جميع التعليقات لعدة أسباب , منها عدم الرغبة في حرق الحلقات و الحذر الشديد من إيجاد مستمسك قانوني ضد المدونة
.
النقطة الثانية
.
ستتعرض هذه المقالة للكثير من الأحداث الحساسة و الشخصيات المُرمّزَة , أحداث تاريخية جدلية و أسماء شيوخ و أمراء سابقين و معاصرين فـ أرجو عدم الخلط بين النقد و التهجم , و بين النقد الموضوعي و العدائية الشخصية , أنا هنا أتعامل مع شخصيات عامة لأفكارها و أفعالها انعكاسات مباشرة على الأرض , الوطن , الكويت , لذلك , فمن حقي – كـ مواطن كويتي – أن أطرح مساهمات هذه الشخصيات على طاولة النقاش , ضمن الأُطُر الدستورية و القانونية بطبيعة الحال
.
النقطة الثالثة
.
الموضوع متشعب و معقد جدا , و أنا لا أدعي العلم و الإحاطة بكل جوانبه , لذلك سـ أشكر و أتقبل النقد و التصحيح بصدر رحب , أيضا أنا لا أنسب لنفسي القدرة على حل مشاكل العالم الثالث و الإحتباس الحراري , فالهدف من هذا المقال هو – فقط – فتح باب النقاش في موضوع مستقبل الأرض , الوطن , الكويت بعد إنتهاء النفط و إضمحلال المصدر الرئيسي للثروة , آملا بذلك أن يتشجع الزملاء في تناول الموضوع كل من وجهة نظره , و أعتقد شخصيا بأن كل الآراء ستُساهم في إثراء هذا النقاش
.
لتصحيح المعلومات أرجو التعليق على الموضوع هنا أو مراسلتي على
Kila_ma6goog@hotmail.com
.

النقطة الرابعة
.
جميع الإقتباسات الواردة في هذه السلسلة تعرضت لبعض التعديل من جانب الكاتب , فقد إضطررت للإختصار بعض النقاط و تكييف البعض الآخر لتتناسب مع طريقة العرض في المدونة , إلا أنني لم أخل بالمحتوى
.
النقطة الخامسة
.
بالرغم من أني وجهت المقال للأرض , إلا أني أود إهداء هذا الجهد لكل مَن علّمَني حرفا مِن تاريخ هذه الأرض و أخص منهم الكُتاب الذين أستخدمت أعمالهم كـ مصادر لهذه السلسلة و هم
.
الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي , حاكم إمارة الشارقة و مؤلف كتاب بيان الكويت
.
الدكتور محمد الرميحي مؤلف كتاب الخليج 2025
.
حسين الشيخ خزعل مؤلف كتاب تاريخ الكويت السياسي
.
خلف بن صغير الشمري , مؤلف كتاب المستودع و المستحضر في أسباب النزاع بين مبارك الصباح و يوسف الإبراهيم
.
يوسف بن عيسى القناعي , مؤلف كتاب صفحات من تاريخ الكويت و كتاب الملتقطات
.
الدكتور أحمد الخطيب , مؤلف كتاب الكويت , من الإمارة إلى الدولة و كتاب الكويت , من الدولة إلى الإمارة
.
أ. د. نجاة عبدالقادر الجاسم , مؤلفة كتاب القضايا العربية في مجلس الأمة الكويتي
.
الدكتور عبدالله النفيسي , مؤلف كتاب إيران و الخليج
.
الدكتور عبدالمحسن جمال , مؤلف كتاب المعارضة السياسية في الكويت
..
الدكتور أحمد البغدادي , مؤلف كتاب الشيخ عبدالله السالم إنساناً . . و رجل دولة
.
الدكتور عادل اليوسفي , مؤلف كتاب البراهين
..
الدكتور غانم النجار , صاحب سلسلة مقالات في زمن عبدالله السالم
.
محمد عبدالقادر الجاسم , مؤلف كتاب روح الدستور
.
عبدالله الحاتم مؤلف كتاب من هنا بدأت الكويت
.
عادل العبد المغني مؤلف كتاب الاقتصاد الكويتي القديم
.
الدكتور محمد العيدروس مؤلف كتاب تاريخ الكويت الحديث و المعاصر
.
خالد البسام مترجم كتاب القوافل
.
صاحب النداء الشجي ,
الزميل عاجل , مدونة بالكويتي الفصيح
.
الصديقة العزيزة آيا
.
و كل من يثري النقاش في هذا المقال , الموجه للأرض
.
يتبع