Friday, May 20, 2011

إرتجال مِن مَن لم يعتد الإرتجال

منذ البارحة و أنا أتلقى الأسئلة من بعض الأصدقاء و القراء عبر التويتر و الرسائل الخاصة حول موضوع التجمع المقام حالياً في ساحة الصفاة تحت عنوان "جمعة الدستور" , ما هو رأيك في التجمع ؟ هل ستشارك ؟ لماذا نعم و لم لا ؟




و بالرغم من عدم معرفتي بتفاصيله حيث أنني مبتعد عن الشأن السياسي منذ فترة إلا أن الفكرة العامة للتجمع واضحة بالنسبة لي , إختيار يوم الجمعة و تحديد "جمعة" في عنوان التجمع هو محاولة للربط بين "جُمعتنا" و بقية الـ"جُمعات" التي قام بها الشباب العربي في تونس و مصر و اليمن و البحرين و ليبيا و سوريا , و لأكن صريحاً معكم أقول بأن هذا الربط يجعلني لا أتحمس لمثل هذه التجمعات , فأنا من المؤمنين بمقولة "الحاجة أم الإختراع", و الواضح هنا أن الحاجة غير متوفرة لإختراع "جمعة الدستور" , لكن الإختراع أتى كـ تقليد مستورد من تجارب خارجية ألهبت حماسة الشباب الذي شعر بـ النقص لعدم نجاحه في تحقيق إنجاز كبير بالكويت رغم الحماس و النشاط الملحوظ منذ منتصف 2010




أما العنصر الثاني في عنوان التجمع فهو "الدستور" المغلوب على أمره بلا جرم أو ذنب , فعنصر الدستور - كـ إسم فقط - رأيناه بارزاً في الكثير من المناسبات و التجمعات و التكتلات السابقة كحملة إلا الدستور و تجمع نواب إلا الدستور و قد كتبنا سابقاً بأن هؤلاء النواب و أتباعهم آخر من يحق له المطالبة بتطبيق الدستور كأشخاص و أفعال , فالدستور الذي تتباكون عليه فيه الكثير من المواد الأهم من الإستجواب و مجلس الأمة و قد تم إنتهاكها منكم و من عرّابيكم بدم بارد و لم نرى منكم "هشة" للدفاع عنه , لذلك أعتقد أن إستخدام كلمة الدستور هنا جاءت كـ رشة الملح على الطبق الماصخ لجعله قابلاً للهضم




و من هنا فحكمي على التجمع بأنه نسخة جديدة من حملات قديمة و مستهلكة كحملة إرحل و كافي و السور الخامس و إلا الدستور الخ الخ الخ , مع العلم بأن أكثر هذه الحملات صراحة هي أولها و هي حملة إرحل , ليس لشيء إلا صدقها مع نفسها و جماهيرها في مطالبتها بـ رحيل رئيس الوزراء , أما بقية الحملات فهي مجرد محاولات لـ تلغيم حملة إرحل لجعلها أكثر قدرة على إجتذاب الجماهير , و من خلال طلاتي على التويتر أستطيع أن أقول بأن القائمين على كل هذه الحملات هم نفس المجموعة من الشباب




الملاحظة الأخرى على هذا التجمع هو نوعية العناصر التي ستتسيد الخطاب فيه و المتوقع أن يكونوا خليط من أعضاء مجلس الأمة كالبراك و الطبطبائي و الحربش بالإضافة إلى الناشطين السياسيين كالهيلم و الديين و إحتمال وجود الخنة مما يجعل هذا التجمع فاقد للأفكار الجديدة و الحلول المبتكرة حيث أن مزامير هؤلاء فقدت ألحانها من كثرة التكرار الممل في كل تجمع يحدث في كل بيت بيت , دار دار , زنقة زنقة , ساحة ساحة , فما الجديد الذي سيأتي به مسلم البراك صاحب نظرية الصراخ على قدر الألم ؟ و ما الإبتكار الذي سيأتي به مؤسس التيار التقدمي في الكويت بعد أربعين سنة من قراءة الفاتحة على قبره ؟




الواضح أمامي أن هذه التجمعات يقوم بها أشخاص بلا هدف سياسي حقيقي غير كثرة الظهور و البقاء في وجدان الناخبين حتى إذا حانت لحظة الإقتراع يفتح كل منهم صحيفة أعماله المليئة بالنشاطات الجهادية ضد السلطة فتكون له الأولوية له في إستحقاق الصوت




أما بالنسبة للـ"كارثة" الدستورية التي تستحق أن يكون لها جمعة دستور و هي تصويت النواب على تأجيل إستجواب رئيس الوزراء فالقصة لا تعدو كونها حلقة جديدة من حلقات المسلسل الكرتوني توم و جيري بين ناصر المحمد - و بكشته - و مجموعة نواب الإنتخابات المبكرة على الطرف الآخر , جيري يريد البقاء بالمنصب و الهروب من توم و توم يريد تخريب طموحات جيري المستقبلية عبر مواصلة إنهاكه حتى تخور قواه ساعة الصفر




للأسف أرى الكويت تمر بأسوأ مراحلها و أنا دارس و قاريء لتاريخ الكويت , و أعرف جيدا تاريخنا السياسي قبل النفط و بعده , قبل الغزو و بعده , في الـ 38 و الـ 67 و الـ 76 و الـ 86 , أقولها بمرارة ما بعدها مرارة , هذه أسوأ مرحلة في تاريخ الكويت , ليس بسبب قلة المصادر و لا بسبب تردي الخدمات و عدم تطبيق الدستور , لكن بسبب الجهل و الجهالة التي تتمرغ بها نسبة كبيرة من أبناء هذا الوطن بكل فئاته و مستوى أهميته , عوائل و حكام , نواب و وزراء , ناشطين و خاملين




لم يعرفوا و لم يستفيدوا من الثورات العربية غير إستخدام يوم الجمعة ليجعلوه جمعة الدستور يتخربشون به مع "جيري" , أليس بينكم من يفكر بما يحصل حول العالم من إنهيارات مالية و أنظمة سياسية ؟ ألم تتابعوا في الأمس خطاب أوباما و تستوعبوا حجم التغيرات الضخمة القادمة إلى المنطقة ؟ ألم تتأكدوا بعد من ضحالة فكر هايفكم و حربشكم و قلافكم و مطوعكم و طبطبائيكم ؟




يجرُّونكم خلفهم كالقطيع في تفاهاتهم بلا وعي أو فهم حول المخاطر المحيطة بهذا الوطن من داخل البلاد و خارجها , يختلفون في كل شيء و أي شيء و لا يتفقون إلا في التصويت على الزيادات و الكوادر كدّر الله أيامهم , مشاكل المواطن الكويتي ليست في وجود السفير السوري و إستقبال وزير إيراني , مشاكل المواطن الكويتي في البيروقراطية الحكومية و سوء التعليم و الرعاية الصحية , مشاكلنا في الخلل الأمني و الفجوات التشريعية , مشكلتنا في أزمة مياه و غذاء قادمة و تنويع فاشل للدخل , مشكلتنا في علاقة سيئة مع الجيران و إعتماد كلي على ترسانة دفاع خارجية , مشكلتنا أكبر من دستورية إستجواب و دستورية تحويله لمحكمة الدستور , مشكلتنا فيك أيها الإنسان الكويتي الجاهل بجهلك , النائم بصحوتك , الفوضوي بنظامك , البائس بسعادتك , المزدوج بكل معاييرك




إن كنت من أنصار دستور 62 و الواهمين المطالبين بتطبيقه فتجمع "جمعة الدستور" ليس مكانك , أما إن كنت من المطالبين بإقصاء ناصر المحمد و حل المجلس من أجل إنتخابات مبكرة فساحة الصفاة مكانك , إذهب إلى هناك و إستمع إلى صرخات بقدر الألم , إلا أنك لن تسمع صرخات الأرض التي تقف عليها و هي تشمئز من الأقدار التي جعلت شاكلتنا من سكانها




إصرخوا كما تريدون , أما أنا فليس لي إلا الصمت

Saturday, May 14, 2011

84-9

الإستهتار و الدِّعة


.


من الأمراض المزمنة التي أصابت القيادة السياسية في الكويت بالثمانينات


.


و المشكلة الأكبر عندما تقترن هذه الأمراض بمرض أخطر منها


.


و هو كثرة الكلام و علو الصوت الغير مقرون


.


بالعمل و القدرة عليه


.


و قد إنكشفت ورقة التوت في 2 - 8 - 90


.


عندما إتضح حجم الفقاعة التي كنا نعيش فيها


.