تناولت في المقالة السابقة قصة دخولي عالم القراءة الممتع, و قد كانت بداياتي مع الكتب القصيرة ذات اللغة السهلة , و من أهم مميزات القراءة أنها تجعلك تكتشف مناطق جديدة مع كل كتاب و كل صفحة فعندما بدأت بقراءة كتب الاستثمار كنت أقرأ المباديء العامة , ثم فتحت لي باب الاستثمار في الصناديق و منها تعمقت في صناديق القوائم – اندكس – ثم الى أنواعها المتعددة , و ينطبق هذا المثال على جميع المواضيع كتطوير الذات و الرياضة و العلاقات و الأديان و الفلسفة و التاريخ , فأنت تبدأ بالعام ثم تتخصص تدريجيا
باختصار القراءة بحر ليس له قاع و سماء ليس لها سقف
و للقراءة فوائد لا تعد و لا تحصى منها المعروف و منها المجهول أو الغير ملحوظ لذلك سأحاول في هذه المقالة التركيز على بعض فوائد القراءة التي لا ينتبه اليها القراء في العادة
أول فائدة من فوائد القراءة هي كسب معلومات جديدة و الحصول على ثقافة واسعة تحقق لك التميز بين أقرانك و تجعلك ملم في الكثير من المواضيع المهمة و العامة
ثاني فوائد القراءة هو تطوير القدرة على استخدام الكلمات و تحسين اللغة في الكتابة او المحادثة
ثالث فوائد القراءة هو تدعيم أفكارك بمراجع تعطيك عمق أكبر عند طرح وجهة نظرك في الحوارات و المناقشات , قبل القراءة كنت من هواة اكتشاف النظريات و لكني لم اكن أدعمها بمراجع تجعل النظرية ذات قيمة , و من امتع لحظات حياتي عندما أقرأ كتاب لكاتب كبير و أجده يأتي على ذكر فكرة سبق لي أن فكرت فيها , هذا الاحساس يجعلني أعرف أنني على الطريق الصحيح
الفائدة الرابعة هي تطوير اسلوب الكتابة و طريقة ترتيب الأفكار و تقسيمها بشكل سلس و يسير على القاريء, و أنا أدين للقراءة في تطوير اسلوب كتابتي في هذه المدونة
و الآن سانتقل الى الفوائد الغير معروفة و هي الأهم بالنسبة لي
لن أكون ظالما ان قلت بأننا نعيش اليوم في بيئة قاتلة للابداع و لا تساعد على الحوارات البناءة , فأساليب و نوعية النقاشات التي نجدها في عالمنا هي أقرب الى القتال منها الى النقاش البناء , و لذلك فان أغلب نقاشاتنا تنتهي بمعارك مدمرة عقليا أو نفسيا و هذا سبب رئيسي في تكرر نقاشاتنا العقيمة لعشرات بل مئات السنين
ألا تتفقون معي بأننا عادة لا نعطي الطرف الآخر الفرصة الكاملة – العادلة – لشرح وجهة نظره في النقاش؟ و ان أعطيناه فرصة الحديث فاننا لا نعطي أنفسنا فرصة الانصات و فهم حديثة بشكل مرضي حتى نشكّل مواقفنا اتجاهه
للقراءة الفضل الكبير في تعليمي فن الاستماع و فهم الطرف الآخر بلا اجحاف أو مقاطعة , فعندما تمسك الكتاب و تبدأ بالقراءة تدخل نفسك لا شعوريا الى نقاش من طرف واحد , فالكاتب يتحدث اليك و يناقشك و انت ملزم بأن تستمع اليه و تفهم وجهة نظره كاملة الى أن يقرر هو و ليس أنت متى يتوقف عن الشرح و الكلام , هذا النقاش الممتد الى مئات الصفحات أحيانا يجعل القاريء يبرمج نفسه على لجم حاجته الملحة للمقاطعة و اجبار نفسه على الاستماع من البداية حتى النهاية بدون مقاطعة حتى و ان اختلفت وجهة نظره عن وجهة نظر الكاتب
موضوعي السابق عن زواج المتعة يعتبر مثال واضح على هذه النقطة , فلو كان الحوار بيني و بينكم وجها لوجه لكان الكثير منكم قاطعني منذ البداية ليفسد عليّ حقي في التعبير و شرح وجهة نظري , لكن كتابة الموضوع أعطتني فرصة شرح وجهة نظري بشكل يرضيني و أعطتكم فرصة قراءة المقال كاملا و معرفة رأيي بشكل واضح انعكس على آرائكم القيمة حول الموضوع مما أثرى النقاش و جعل الطرفين سعيدين بنتيجته
أيضا القراءة تفتح لك باب مصادقة العظماء , يسألني الكثير من الأصدقاء سر عزوفي عن ارتياد الديوانيات و الملتقيات الاجتماعية كونهم لا يعلمون بأني أحد رواد أقوى ديوانية في العالم , نعم أنا لا أبالغ ان قلت أنها أفضل ديوانية في العالم, ففي ديوانيتي يجلس جبران خليل جبران عن الشعر و الفلسفة متحدثا و الى جانبه وارن بافيت يخبرنا عن مبادئه الاستثمارية و يستمع اليه ميكافيللي الذي انهى للتو نظرياته السياسية و بجانبه الدكتور غازي القصيبي يعد رواية جديدة من رواياته الممتعة و غيرهم الكثير الكثير من عظماء التاريخ كل يحاول جاهدا تلخيص خبراته و عصارة حياته ليقدمها لي في كتاب ثمين يقربني منه و يقربه مني
الممتع في ذلك هو أنك لن تضطر الى تضييع الوقت بالأحاديث الجانبية و الثرثرة الفارغة مع هؤلاء العظماء , فأنت تكتشف كل منهم في مجاله الذي أبدع به, فأنت تتعرف على فكر بيكاسو في الرسم و فكر بيتهوفن في الموسيقى و فكر بيتر لينش في الاستثمار و فكر سن تزو في الحرب , و هنا نلاحظ أن القراءة توهبك القدرة على احياء الأموات من خلال قراءة كتبهم و معرفة ظروف حياتهم و أفكارهم , فهل تدلوني على ديوانية يزورها الأموات العظام؟
هذه هي فوائد القراءة و هؤلاء هم بعض رواد ديوانيتي الجميلة
الدكتور غازي القصيبي
شاعر و سياسي و أديب و وزير حالي و سفير سابق للمملكة العربية السعودية
جون جراي
أحد أشهر الكتاب في مجال العلاقات بين الجنسين
جبران خليل جبران
فيلسوف و شاعر و أديب ليس له مثيل
باولو كويلو
أديب برازيلي حطم الأرقام القياسية في عدد قراء رواياته
وارن بافيت
صاحب شركة بيركشاير هاثوي و ثاني أغنى رجل في العالم
بيتر لينش
مدير صندوق ماجلان لشكرة فيديلتي و هو من أعظم مدراء الصناديق في العالم
نيكولو ميكافيللي
مستشار سياسي من فلورانس و مؤلف كتاب الأمير
سن تزو
أحد قادة الجيوش الصينية و خبير الاستراتيجيات الحربية صاحب كتاب فن الحرب
كارين أرمسترونج
باحثة تاريخية في علم الأديان و الحضارات و لها العديد من المؤلفات في هذا المجال
جون بوقل
مؤسس شركة فانجارد لادارة الصناديق الاستثمارية و أحد أغنى الرجال في العالم
.
هؤلاء أصدقائي و رواد ديوانيتي , فمن هم رواد ديوانيتكم؟
.
يتبع