Wednesday, January 19, 2011

نيو لوك


.
في البداية أود أن أكرر إعتذاري الشديد لعدم الكتابة في هذه المدونة بشكل منتظم كما كنت أفعل بالسابق , ينتابني شعور غريب بعدم أهمية الكتابة , فكلما بدأت بالكتابة أشعر بعدم أهمية ما أكتب في منتصف المقالة فأتوقف عن إكمالها
.
و عند التفكير بسبب هذا الشعور أحاول إقناع نفسي بأنه شعور طبيعي نتيجة إزدحام الأحداث السياسية على الساحة المحلية و الإقليمية , خصوصاً و أننا نعيش فترة نهاية 2010 و بداية 2011 و ما يصاحبها من إنشغال في العمل , لكن أعتقد أن السبب الرئيسي هو لحاقي بالركب و دخولي عالم التويتر
.
و بصراحة أعترف بأن التويتر أكثر متعة من المدونة و الفيس بوك إلا أن الفائدة الفكرية فيه تكاد ان تكون معدومة , أنا أعتبر التويتر هادم للإبداع الفكري و قاتل للموهبة التي تحتاج إلى مساحة زمنية جيدة لتتمخض و تخرج بشكلها المناسب , فثقافة التويتر تعتمد على الـ جُمَل المقتضبة مما يجعلك تحشر أكبر عدد ممكن من المعاني في أقل عدد من الكلمات , و هذا ما يجعل الفكرة لا تصل بالشكل المطلوب للطرف الآخر
.
قد يكون أفضل - أو أسوأ - ما فعلته مع بداية السنة الجديدة هو تحديث المدونة و تغيير شكلها السابق بشكل لا أعلم إن كان يعجبكم أم لا , قد يرى البعض بأن الألوان الجديدة قاتمة و لكن هذا ذوقي للأسف و ليس له علاقة بالكآبة , الجميل في الأمر هو تحديث قائمة المواقع الجانبية و إضافتي لعدد كبير من المواقع الإخبارية و تحديثي قائمة المدونات لتشمل أكثر من 300 مدونة قديمة و جديدة سيظهر منها أحدث 25 موضوعاً
.
على العموم , قد يطول غيابي هذه المرة حيث أني أعكف على إكمال سلسلة مقال إلى الأرض و هي تحتاج الى تفرغ ذهني تام للتركيز في طريقة الكتابة و صف المعلومات , آمل أن أتمكن من نشر المقال الأول خلال أسابيع قليلة , لن أنقطع تماماً عن هنا فقد أطل عليكم بمقالة عالطاير من حين إلى آخر
.
المجال مفتوح لمن يريد أن يتابعني على التويتر بضغط الوصلة
.
.
أشكركم جميعا على الدعم و المتابعة , نراكم بخير إنشاءالله في القريب العاجل
.
مطقوق

Sunday, January 09, 2011

إلا إزدواجية المعايير

.
في التاسع من إبريل 2010 نشر محمد الجاسم مقالاً في مدونته تحت عنوان " حوار بين فوزي و عبدالله " , و قد تسبب هذا المقال بحبس الكاتب لأكثر من 50 يوم على ذمة التحقيق في القضية المرفوعة ضده من الديوان الأميري بتهمة المساس بالذات الأميرية , حيث كان الإعتقاد بأن التهكم على ذات سمو الأمير هو المقصود بأحد شخصيات هذا المقال
.
و بالرغم من إيماني العميق بحق المتضرر في اللجوء الى القضاء إلا أنني أحمل رتبة عقيد ركن في كتيبة الدفاع عن حرية الرأي و التعبير , لذلك لم أتردد في حضور تجمع " الحرية للجاسم " الذي أقيم في ساحة الإرادة في 18 مايو 2010 , لكن ما لفت نظري هناك شطوح بعض المتحدثين عن القضية الأساسية للتجمع و هي الدفاع عن حرية الرأي و الدخول في صراعات أخرى ليس لها علاقة بالموضوع , هنا تبلورت لدي قناعة – موجودة أصلاً – بأن الدفاع عن المبدأ مشروط بمصداقية المدافع عنه , و على الشخص المحايد عدم الإصطفاف خلف المحامي السيء من أجل كسب قضية عادلة , فإعطاء المصداقية لفاقدها له نتائج أخطر على المدى الطويل من خسارة القضية في المدى القريب
.
.
و لا أخفي عليكم بأني كنت أعيش في حيرة من أمري حول هذه المسألة , مبدأ حق يدافع عنه أساطين الباطل فكيف أتصرف ؟ أين مصداقيتي إن تركت المبدأ ؟ و كيف أنسجم مع نفسي و أنا أقف جنباً الى جنب مع المتردية و النطيحة ؟ فكان الجواب على هذه الحيرة هي أن الدفاع عن المبدأ فرض , أما إسلوب هذا الدفاع فهو إختيار , و كان إختياري هو أن الدفاع عن المبدأ منفرداً - في هذه المدونة - أفضل – و أشرف – من الدفاع عنه خلف من لا أتفق مع فكره , و نطقه , و أفعاله المعاكسة للمبدأ الذي يدندن على أوتاره , هذا مبدئي و إختياري الذي لن أحيد عنه
.
لم تأت نتائج الإستجواب بمفاجآت , فكما ذكرت سابقاً كانت التوقعات الأولية تتجه الى 21 صوتاً مع عدم التعاون مع الشيخ ناصر , و لم تنفع التحركات المكثفة من ندوات و تجمعات و مكالمات و مسجات و تويترات و فزعات و تِحِذِّف عِقل في كسب أكثر من صوت يتيم ليرتفع الرقم الى 22 نائباً مع عدم التعاون
.
.
هذا لا يعني بشكل من الأشكال قوة الحكومة و إقتناع النواب بها , فالفارق بسيط و على الشيخ ناصر أن يستوعب الدرس , و أول دروس هذه الأزمة هو كبح جماح مناصريه الفاجرين بالخصومة , فمن خلال رصدي للمواقف إتضح لي أن النقطة الأساسية ضد الحكومة هو شعور أبناء القبائل بقبول الحكومة – و شيوخها – بالهجوم المتكرر عليهم في القنوات الفضائية بشكل عام , و قناة السور و سكوب بشكل خاص , و قد تم إستخدام هذه النقطة بشكل ممتاز في الجبهة المعارضة , حيث أنها أكسبتهم 3 أصوات على أقل تقدير في معركة التصويت على عدم التعاون , بطبيعة الحال لا أدعو هنا إلى إغلاق هذه القنوات , لكن على الشيخ ناصر إستخدام " ميانته " في التأثير عليها لتخفيف حدة الطرح , و أنصح هنا تبني إستراتيجية تشخيص النقد و تعميم المدح , أي حصر النقد في شخص الخصم و عدم السماح في خروجه الى محيط العائلة و القبيلة و الطائفة , أما عند المدح فالأفضل إضافة المحيط المباشر للشخص في مدحه
.
.
أما الدرس الثاني فهو الثقة بالنفس و الدفاع عنها عبر التواصل المباشر مع الجمهور , فالحكومة لديها العشرات من المستشارين في كافة المجالات و عليها إستخدامهم في هذه الأزمات , فرغم تحفظاتنا على كذب قيادات الداخلية في المؤتمر الصحفي إلا أنني أرى المؤتمر الصحفي خطوة حميدة يجب أن تتكرر و تستمر (بلا كذب طبعاً) , فـ المصداقية المهنية لقياديي الأجهزة الحكومية أفضل بمراحل من مصداقية سعود الورع و نبيل الفضل , أستشهد هنا بظهور جاسم المنصوري في قضية حريق الجهراء , و ظهور أحمد الصبيح في قضية الأغذية الفاسدة , و ظهور خليل الشمالي في قضية تسبب رجل أمن في وفاة سيدة بريطانية , نعم قد لا يبهرون المشاهد بمهاراتهم الإعلامية إلا أن تقبل الجمهور لهم أفضل من تقبلهم للمدافعين الكلاسيكيين عن الحكومة
.
.
الدرس الثالث هو عدم الإفراط في فتح الجبهات المتعددة , فلو تمكنت الحكومة من إغلاق جبهة واحدة من جبهاتها لدخل الشيخ ناصر الإستجواب قرير العين و الخاطر , و المشكلة أن هذه الجبهات لا تزال مفتوحة , فالرياضة و غرفة التجارة و ملاحقة الكُتاب و المصروفات و الشيكات و خطة التنمية و ما يُسمى بالإعلام الفاسد كلها أبواب ريح في حال هبوبها مجتمعة قد تقتلع أوتاد خيام الحكومة و رئيسها
.
.
بالنسبة لمرحلة ما بعد الإستجواب فالعبء الأكبر سيكون على محافظة كل معسكر على تماسكه أولاً , و تفكيك تحالفات الخصم ثانياً , و بالمقارنة بين الفريقين نجد أن فريق الحكومة تجاوز مرحلة عنق الزجاجة و من الصعب تفكيكه في المستقبل القريب , فالصمود أمام قضية الشيكات و مشاهد ضرب عبيد الوسمي يجعلني أعجز عن إيجاد سبب مقنع يفصل الحكومة عن حلفاءها , أما معسكر إلا الدستور فهو الأقرب إلى الخرق و التفكك حيث أن الإختلافات الجذرية بين مجاميعه أكبر من أن تنتهي بين يوم و ليلة , و لتوضيح هذه النقطة علينا تحليل هذا المعسكر بشكل تفصيلي
.
.
يتكون معسكر إلا الدستور من ثلاثة مجاميع أساسية , هي التكتل الشعبي , كتلة التنمية و الإصلاح , كتلة العمل الوطني , بالإضافة إلى مجموعة فرعية من نواب القبائل , و لا يخفى على أحد بُعد المسافة و إختلاف الأجندات السياسية بين هذه التجمعات
.
فالتكتل الشعبي يقتات على تصيُّد أخطاء الحكومة و تحويلها إلى أزمات سياسية كُبرى من خلال التصعيد و تقديم الإستجوابات الركيكة للحكومة و رئيسها , أقول ركيكة لأنها تعتمد على الإثارة و الصوت العالي كـ عقاب للوزراء أكثر من إعتمادها على إيجاد حلول حقيقية للمشكلة , بل أن الحلول المطروحة أقرب إلى النكته في أغلب الأحيان كـ مطالبات الطاحوس بإزالة منطقة الشعيبة الصناعية خلال شهر و إصرار مسلم البراك على تمطيط مسلسل الندوات الجماهيرية بعد فشل إستجوابه الأخير لرئيس الوزراء , أنا شخصياً لا أفهم أهداف و إستراتيجية العمل في التكتل الشعبي , فكل ما نراه من هذا التكتل هو شعار "إلا" الدستور مع تبادل أدوار المخ و العضلات بين مسلم البراك و أحمد السعدون , هذا التكتل شعبي بالفعل , فهو يتألق بين الجماهير في الندوات و "الشارع" لكنه ضعيف في تحقيق الأهداف الفعلية داخل البرلمان
.
.
أما كتلة التنمية و الإصلاح فهي قريبة جدا للتكتل الشعبي مع إضافة النكهة الدينية , هذه الكتلة أيضا لا تملك أهداف تنموية حقيقية غير إصطياد أخطاء الحكومة و تحويلها إلى إستجوابات شعبية بالإضافة إلى عملها المكثف في لجنة الظواهر السلبية , و هي تمارس دور شرطي الآداب في المجتمع عبر إقتراح قوانين و إقتراحات سطحية تدور أغلبها حول جسد المرأة و حريتها الشخصية , و جميع أعضاء هذه الكتلة نجوم شباك في المواجهة مع الحكومة , و هم يمتلكون مصداقية كبيرة لدى جماهيرهم الوفية , فهم صادقين مع أنفسهم , و صادقين مع جماهيرهم , لكنهم بعيدين عن الشعارات المرفوعة حاليا كـ الدستور و الحرية و غيرها من مفاهيم كرامة الإنسان و حقوقه
.
.
و المجموعة الثالثة في إلا الدستور كتلة العمل الوطني هي صاحبة الأداء الأكثر عقلانية من الكتل الأخرى , و تركيزها الأكبر في الإتجاه المعاكس لكتلة التنمية و الإصلاح فهي تؤيد الإنفتاح و تحرير المرأة , أيضا تنشط هذه الكتلة في القضايا الإقتصادية كقوانين الخصخصة و البي أو تي مما يجعلها تتصادم بسهولة مع الجانب القبلي من التكتل الشعبي , خصوصا و أن المزاج العام لجماهير هذه الكتلة تتلذذ بالإنجازات التنموية أكثر من إستطعامها في جلد الحكومة عبر الإستجوابات و طرح الثقة , فالخلاف الرئيسي بين هذه الكتلة و الحكومة يرتكز على قضية تطبيق القوانين الرياضية التي أصبحت مملة للجماهير بعد دخولها السنة الرابعة و ظهور أحكام قضائية لصالح أندية التكتل و تذويب الحكومة للجنة الشباب و الرياضة , أما الخلاف الثاني فهو القانون الجديد لغرفة التجارة و الذي يسبب ضغط شديد على أعضاء الكتلة بشكل عام و النائب مرزوق الغانم بشكل خاص
.
.
أما المجموعة الأخيرة في هذه الكتلة تتكون من بعض نواب القبائل المعتمدين أساسا على الإنتخابات الفرعية المخالفة للدستور , و ترتبط أجندة كل نائب من هذه الكتلة بالمصالح المباشرة لناخبيه , و هذا ما يسهل على الحكومة تغيير مواقفهم من خلال التحكم بـ حنفية المعاملات الوزارية , و أعتقد شخصياً بأن السبب الرئيسي في معارضتهم الشرسة للحكومة الآن تكمن في إحساس جماهيرهم بالإهانة نتيجة إستخدام الحكومة للقوة و إقتحام الفرعيات و أحداث ديوان الحربش بالإضافة إلى همز و لمز الجويهل الدائم لخارج السور و الإزدواجية في الجنسية
.

.
و السؤال الذي يطرح نفسه هو إش جاب الشامي عـ المغربي ؟ كيف إتحدت كل هذه الآيدلوجيات المتنافرة على هدف واحد و هو إسقاط الحكومة ؟ الجواب هو غباء الحكومة أولاً , و الجماهير الشبابية ثانياً , فالشباب هم الأكثر صدقاً و إندفاعاً و حماساً و الأقل تمصلحاً و الأقدر على إستخدام التكنلوجيا و الأنترنت و الأسرع تلبيةً للتجمعات في أي وقت و مكان , لهذا كانوا هم الصمغ اللاصق لكل هذه التكتلات المشتته , أما الدافع الرئيسي لإشتعال الشباب و توحدهم لإسقاط الحكومة فهو لقطة ضرب القوات الخاصة للدكتور عبيد الوسمي و التي إختزلت الآلاف من الكلمات تحت عنوان رئيسي واحد هو الـ الكرامة
.
لذلك , سيحتاج التكتل الشعبي للبحث عن الحطب الكافي لتغذية نيران حماس الشباب و عدم تركها للبرود و الفتور , خصوصاً و أن التكتل يهدد بإستمرار التصعيد و إستئناف النزول الى الشارع في الفترة المقبلة , و هذا ما سيدفعه لإختلاق الأزمات بشكل مستمر مع رئيس الوزراء و الحكومة , و التركيز الأكبر سيكون على قضايا الكرامة و الحرية المتعلقة بالدكتور عبيد و فيصل المسلم و محمد الجاسم و الفضالة , بل لا أستبعد أن يستدرج الحكومة لمواجهات تتهيأ فيها نفس ظروف ديوان الحربش حتى يتكرر مشهد الضرب و يصبح لدينا 20 عبيد بدل الواحد , و لا أشك هنا في مساندة كتلة التنمية و الإصلاح لهذا التوجه
.
.
و السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل تمتلك كتلة العمل الوطني اللياقة التأزيمية الكافية للإستمرار مع كتلة إلا الدستور ؟ أشك في ذلك , فكما أشرنا سابقاً هناك إختلاف جذري في القاعدة الجماهيرية لهذه الكتلة عن القواعد الجماهيرية لزميلاتها , و هذا ما سيفتح مجالاً واسعاً أمام الحكومة لإختراق إلا الدستور و فصل كتلة العمل الوطني عنها , فتفجير أي قضية صغيرة تتعلق بالحريات الشخصية و الدينية كفيل بخلق مواجهة بين كتلتي التنمية و الإصلاح و العمل الوطني , و قد تكون قضية منشور الحجاب بذرة جيدة لذلك , أما الأخطر فهو تفجير قضية " بدو و حضر " بين الكُتل و هذه ستكون لها نتائج وخيمة أبعد من مجرد التفكيك , الخُلاصة هي أن الوقت لا يسير بصالح كُتلة إلا الدستور حيث أنها قابلة للتآكل كلما طال الوقت و إنعدم تحقيق الإنتصارات , خصوصاً مع وجود قيادات متهورة كـ مسلم البراك و الطبطبائي الذين لن يتعب معسكر الحكومة في تصيد زلاّت ألسنتهم و حماقة أفعالهم
.
.
على الطرف الآخر أعتقد أن هذا الإستجواب كان الفرصة القبل الأخيرة لبقاء الشيخ ناصر و تحقيق طموحه في الحكم , و في حال إستمرار سيناريو الأزمات السياسية و الإستجوابات الإستنزافية لن يتمكن من البقاء لفترة أطول حتى و إن واصل تحقيق إنتصاراته فيها , فالأسرة لن تغامر بإختيار شخص يعاديه نسبة كبيرة من الشعب للإمارة , خصوصاً مع هذا الكم الهائل من التجريح و التقريع الذي يتعرض له ليل نهار على شاشات الفضائيات و الصحف , لذلك أعتقد بأن عليه الإنسحاب طوعاً بعد إنتصاره في الأزمة " القادمة " و بطريقة تحفظ ماء وجهه و وجه الأسرة بحيث يظهر كالمنتصر الذي يزهد بالمنصب و ليس الخاسر المجبور على الرحيل
.
.
عندما يسألني البعض عن رأيي بالشيخ ناصر المحمد أقول أننا لم نخسر حكومة بوجوده , فالأداء الحكومي السيء و إنتشار الفساد موجود منذ عشرات السنين و سيبقى موجوداً حتى لو ترأست حكومتنا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل , الخسارة الأكبر لوجود الشيخ ناصر هي خسارتنا للمعارضة الموضوعية التي كنا نفخر بها في السابق , فالشيخ ناصر هو أول رئيس وزراء يتجرأ على ضرب معارضيه بنفس الأسلوب القذر الذي يضربونه به , و هذا ما أخرج المعارضين عن جادة الصواب و أفقدهم توازنهم , فالصراخ تعدى قدر الألم , و التناقضات أوضح من غض البصر , و الألفاظ أقذع من تجاهل الأُذن , و الصبيانية طاغية في السلوك , و سطحية بالتفكير , و ضحالة بالفكر , و الضحية الأكبر لهذه الفوضى هم الشباب , فالشباب يسعى للتغيير , و يتعطش للإصلاح , و لا يرى أمامه غير حكومة تعيسة , و معارضة أتعس , فكان خياره الوحيد الإصطفاف وراء الأتعس للتخلص من التعيس
.
.
و المشكلة هنا أن التابع يضطر لتبرير تبعيته لـ متبوعه , و هذا ما أوقع الشباب في مأزق الدفاع عن نواب إلا الدستور بـ الهجوم على الحكومة و مؤيديها , فـ إتفق الجميع على الرؤية بالعين اليمنى و تغطية اليسرى , هكذا أصبحت التصرفات السخيفة لنواب الحكومة مادة للتندر بينما نفس التصرفات للمعارضة لا يعيبها شيئاً , فالقلاف و الجسار مهرجين , أما "أًطرُدوهم" و "ندوسكم واحد واحد" فهم أبطال , و الكويت دولة مدنية لا قبلية عندما يدعم شيوخ القبائل الحكومة , لكن إستثارة النزعة القبلية محمودة عند تكريم القبيلة للحربش و مناداة الديين للعجمان , و الفرعيات مُجرّمة على الخنفور و العدوة , لكنها تُفرِّخ الأبطال عند المويزري و الصيفي , و فتاوى العمير إقحام للدين في السياسة , أما هايف فـ فتاويه فتاوي الأحرار و الكرام , هكذا أصبحت إزدواجية المعايير هي العُرف السائد بين الشباب , بل حتى كبار الكتاب وقع في فخ إزدواجية المعايير
.
.
فهذا مقال للأستاذ عبداللطيف الدعيج يوضح فيه نقاط ضعف معسكر الحكومة , و لو لبس بو راكان نظارته و فتح عينه اليُسرى لرأى بوضوح أن نفس هذه العيوب تنطبق تماما على نواب معسكر إلا الدستور , و الحقيقة هي أن تعوُّد الشباب على إستخدام سلاح إزدواجية المعايير في القضايا السياسية هو أكثر ما يُشعرني بالقلق
.
فالحكومة السيئة لها حل
.
و المعارضة السيئة لها حل
.
أمّا تعمد رؤية عيوب الخصم و تجاهل عيوب النفس فليس لها حل
.
فكيف يحل الإنسان مشكلة هو لا يراها أصلاً ؟