Wednesday, June 27, 2012

البعرة و البعير


من لندن , أتابع ما يحدث في الكويت عن بعد , لا أدعي هنا بأني مجابل أخبار الكويت توينتي فور سفن , لكني أقتل أوقات تنقلاتي بالمترو في إلقاء النظر على إبداعات المغردين في تويتر , و للأمانة أرى أن نسبة التشنج مرتفعة بين من يؤيد ما يسمى بكتلة الأغلبية و بين الفريق الآخر المعادي لهم , لذلك , و من باب حشر مع الناس عيد..قررت إني أدلي بدلوي و التعليق على ما يدور من أحداث
بطبيعة الحال خبر الساعة هو حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية حل مجلس 2009 و بالتالي بطلان إنتخابات مجلس 2012 , نعم , أنا هنا مستاء حالي من حالكم من هذا التخبط التشريعي و ضياع صقلة الدستور بين مستشاري الحكومة , لكن هذا بالطبع لا يجعلني أشكك و لو للحظة بأحكام المحكمة الدستورية , فهذه المحكمة أثبتت أو ثبتّت في كثير من الأحيان قرارات معاكسة لتوجهات السلطة كالحكم برفض طعن جاسم الخرافي بإنتخابات رئاسة مجلس 96 و تثبيت رئاسة السعدون التي شابتها شبهة دستورية , أيضا لهذه المحكمة حكم آخر و في توقيت قاتل و هو الحكم بعدم دستورية قانون التجمعات في يوم 1-5-2006 و الذي على ضوءه إستطاع شباب نبيها خمسة إقامة تجمعهم الأول في 5-5-2006 و من بعدها تم تدشين ساحة الإرادة التي يجتمع فيها اليوم أنصار الأغلبية

أيضا لا ننسى هنا حكم الدستورية بقضية حجاب النائبات و الذي وتّر العلاقة بين الدستورية ونواب السلف , لكن الحكم الحقيقي الذي حوّل المحكمة الدستورية من نبراس للحرية و الدستور إلى درع واقي للحكومة و الحكم – في نظر المعارضة - هو حكمها التاريخي في عدم دستورية إستجواب الثنائي السعدون و العنجري لرئيس الوزراء السابق ناصر المحمد , و الذي على أثره صوت نواب الحكومة بشطب هذا الإستجواب من جدول الأعمال لتثور ثائرة ثيران المعارضة و يتبجح مراهقيهم بأن رأي المحكمة الدستورية "إستشاري و غير ملزم"

هنا سآخذ هؤلاء على قد عقولهم و أقول أن في حالة إنقسام النواب بين من يعتقد بدستورية توجيه إستجواب "صفقة زين" إلى رئيس الوزراء أو عدم دستوريته , أليس من المنطق أن يلجأ هؤلاء لرأي من هو أخبر منهم في هذه المسألة - المحكمة الدستورية - لتحسم الأمر ؟ و هنا يتحول رأي المحكمة من رأي إستشاري إلى رأي ترجيحي يرجح كفة من يعتقد بعدم الدستورية و يثقل ميزانه بالمقارنة مع الرأي الآخر , لكن عندما يتعنتر الآخر و يُسفه الرأي الترجيحي للمحكمة الدستورية فلا نستكثر على الطرف الآخر أن يصوت على شطب الإستجواب "الساقط دستورياً" , المشكلة هنا ليست في إسلوب الحكومة بالتعامل مع إستجوابات نواب الأغلبية , المشكلة في قفلة نواب الأغلبية و جماهيرهم الذين كانوا يريدون إسقاط ناصر المحمد بالجاوية و اللاوية سواء عن طريق إستجوابات قص و لزق أو تجمعات مبتذلة في ساحة الإرادة

و الآن نعود إلى موضوعنا الرئيسي و هو حكم المحكمة الأخير بعدم دستورية حل مجلس 2009 – لاحظ – و ليس حل مجلس 2012 كما يحاول نواب الأغلبية الترويج له , نعم الحل لم يكن دستورياً , و نعم الحل معيب في حق مستشاري الحكومة إلا أن علينا العودة إلى الظروف التي صدر فيها الحل , ألم يكن ذلك في شهر 12 الماضي؟ ألم تقتحموا المجلس قبلها بشهر ؟ ألم تحشدوا السذج للمبيت أمام قصر العدل للمطالبة بإطلاق سراح المقتحمين طوال ذلك الشهر ؟ ألم تجمعوا 100 ألف مواطن في ساحة الإرادة التي لا تكفي لعشرين ألف للمطالبة بحل المجلس و إقالة ناصر المحمد بالغصب ؟

كل ما سبق يجعلني أتسامح قليلاً مع الخطأ الدستوري في حل مجلس 2009 , خصوصاً و أن الخبراء أشاروا للخلل في حينه إلا أن نوابكم و على رأسهم أحمد السعدون الذي يعلق صورة مضخمة للدستور في ديوانه صرحوا بدستورية الحل و ماكو مشكلة !! و السؤال هنا , محكمة "دستورية" تنتصر "للدستور" و تحكم بعدم "دستورية" حل مجلس 2009 , ألا يعتبر هذا إنتصاراً للدستور ؟ ألا يعتبر هذا تقدم في صلاحيات السلطة القضائية ؟ فما هي مشكلتكم ؟

مشكلتكم يا سادة يا كرام أنكم تصفون الآخرين بالـ"كاسكو" و "الخبل" و أنتم تتفوقون عليهم بالصفتين و بجدارة تحسدون عليها , فالكاسكو طائر محترم يردد ما يسمعه من الآخرين دون فهم لما يقوله , و هذه صفة متجذرة في 90% منكم , فالإخوان المسلمين هم أول من إستبدل شعار "الإسلام هو الحل" بـ"الحكومة الشعبية هي الحل" , و قد أصبحتم تكررون ذلك بلا فهم كـ حبيبكم الكاسكو
أما صفة الخبال فهي عندما تقدمون هذا الشعار كـ علاج سحري لكل مشاكلنا مما يثبت عدم فهمكم للمرض و العلاج في نفس الوقت , فكيف ستحل ما تسمونه الحكومة الشعبية مشاكل البلد ؟ كيف ستحل الحكومة الشعبية مشكلة قوانين الستينات ؟ و كيف ستحل مشاكل الدورة المستندية و البيروقراطية ؟ و كيف ستحل الهدر في الميزانية ؟ و كيف ستحل مشكلة الواسطة ؟ و كيف ستحل مشكلة البدون ؟ و كيف ستحل سوء إدارة المرافق الخدمية الحكومية ؟ و كيف ستحل مشكلة أسعار الأراضي الفلكية ؟ و كيف ستحل مشاكل القطاع الخاص الذي أسميتموه بالحيتان ؟ و كيف ستحل مشكلة المواطنين الشيعة الذين يعتقدون بأنهم محرومون من إقامة العدد الكافي من دور العبادة ؟ و كيف ستحل مشكلتهم الأخرى مع مناهج وزارة التربية ؟ و إذا كان للحكومة الشعبية التي تطالبون بها حلول لهذه المشاكل فلماذا لم تقدموا لنا مثال حي عليها و تقدموها كأعضاء "شعبيين" بصفة إقتراحات بقوانين ؟
يقول المثل العربي "البعرة تدل على البعير , و الأثر يدل على المسير"
و بعرة قوانينكم كأعضاء تدل على بعيركم كوزراء في الحكومة الشعبية التي تزعمون بأنها ستحل مشاكل الحكومات السابقة , و سؤالي لكم فرداً فرداً , ما هي القوانين التي قدمتموها و ساهمت في حل مشكلة من مشاكل البلد الحقيقية و تعتقدون أنكم تستحقون المكافأة عليها بالتحكم بالسلطة التنفيذية و التشريعية معاً ؟ لم نرى منكم سوى قوانين إقصائية متخلفة و نفس إستعدائي قميء , تتكاسلون في حل مشاكل البلد و حلها في يدكم بينما تتسابقون في حشر أنوفكم و أنوفنا من بعدكم في مشاكل خارجية لا ناقة و لا جمل لنا بها ! تسمون أنفسكم أحرار و أنتم من يخطط للتنازل عن سيادة الكويت و حريتها للسعودية - التي نكن لها كل إحترام - تحت مسمى الوحدة الخليجية و كونفدرالية ! فمن رأى بعرتكم عاف البعير ! و من خَبِر أثركم توقف عن المسير