نعم , انها البداية , و السؤال الذي أطرحه على نفسي قبل طرحه عليكم , بداية ماذا ؟
أعتقد شخصيا بأن نتائج انتخابات الأمس تشير و بقوة الى بداية التغيير – الايجابي – في عقلية الناخب الكويتي , قد يحاول البعض أن يقلل من شأن النتائج و يشكك في مدلولاتها من منطلق والله الناس ملّت و تبي تغير وجوه , الا أنني شخصيا لا أبلع هذا المنطق , فالتغيير مقصود و واضح
قبل الدخول في الموضوع أود أن اتوجه بالشكر و الامتنان اتجاه الجهات المنظمة لعملية الاقتراع , سواء كانت وزارة الداخلية أو الصحة و العدل و بالطبع وزارة الاعلام , فأفراد هذه الجهات تستمر في بث روح التفاؤل و الوطنية كلما توجهت الى المدرسة للتصويت , لا اعرف هل لأننا في الكويت افتقرنا الابتسامة العفوية و كلمة يعطيك العافية و آمر أخوي تحتاج مساعدة ؟ اتمنى ان تستمر هذه الروح الأخوية طوال السنة و في كل مرافق الدولة الرسمية
.
نتجه مباشرة لدائرة المفاجآت السعيدة , الأولى
.
أعترف لكم بأني لم أكن أعتد بنتائج التحليلات و التوقعات الانتخابية , خصوصا التي كانت تشير الى فوز الدكتورة معصومة المبارك بمركز متقدم , الا أن ابناء هذه الدائرة و الدكتورة معصومة أثبتوا لي جهلي أو سلبيتي في التعامل مع المعطيات
فالدكتورة تاريخ – معصومة – استطاعت أن تُدهش العالم بتصدرها الدائرة من الصندوق الأول الى الأخير , فهل يُعقل أن تحرز 14000 صوت في أول تجربة انتخابية لها ؟ و المخيف في الأمر أن هذه الانسانة لم تكن مدعومة من قبيلة أو مذهب أو مادة أو بهرجة و بذخ انتخابي , أمرأة كالبلدوزر لا يقف أمامها شيء , اتمنى بالفعل أن يكون أداءها النيابي لامع على عكس ادائها الوزاري المتواضع
المفاجأة الثانية في هذه الدائرة هو فوز المرشح فيصل دويسان بالمركز الخامس , من أين ظهر هذا الحصان الأسود ؟ أيُعقل أن يحقق الدويسان من ثاني تجربة انتخابية ما عجز عنه أباطرة الدائرة الأولى , أنا شخصيا تعجبني ثقافة الرجل و رزانته , إلا أنني لم أتوقع أن يكون هناك 9900 ناخب آخرين يُعجبون بالثقافة و الشخصية الرصينة
.
المفاجأة الثالثة بلا شك هي تقهقر مراكز سادة هذه الدائرة أمثال السيد عدنان و لاري و عبدالواحد العوضي , خاصة و أن زميلهم في قائمة الائتلاف تمكن من الفوز بالمركز الرابع , هل سيفهم هؤلاء هذه الرسالة ؟ أتمنى ذلك
.
أنتقل الآن الى دائرة النفوذ , الثانية
.
لم تكن هناك مفاجآت كبيرة في هذه الدائرة , ففوز مرزوق و الخرافي و علي الراشد و الحربش و دميثير و حبيبي المطير متوقع مسبقا , أما الغير متوقع فهو فوز النائبة الدكتورة سلوى الجسار بالمقعد العاشر لهذه الدائرة , و بالرغم من خجلي من هذه المعلومة , الا أنني أعترف بأني لم أسمع أو انتبه لأي تصريح او ندوة أو حتى مقابلة تلفزيونية لهذه المرشحة , و لكنني بالتأكيد سعيد جدا بفوزها
.
و أختم الحديث عن هذه الدائرة بتوقعاتي الخائبة بعدم نجاح النائب خالد بن سلطان , خصوصا مع حملة الخمور و الخنازير التي قادتها جريدة الرأي عليه , توقعت أن تنهار قواعده الانتخابية و يسقط بدلا من سقوط صاحبه العميري , أيضا لا أنسى أن أشير الى أن فوز عدنان المطوع لم يكن مفاجأة كبيرة كوننا نعلم استعداده الجيد لهذه الانتخابات بعد اقترابه من الفوز في الانتخابات الماضية
.
و هنا أوجه رسالة حب و تقدير الى المخضرم عبدالله النيباري , أعتقد أن الوقت قد حان للقيام بدورك في تبني الشباب و صقل مواهب من ترى فيه الخامة الطيبة للقيادة المستقبلية
.
دائرتي , الدائرة الذهبية , الثالثة
.
أعتقد أن الدائرة الثالثة تستحق و بدون مجاملة لقب دائرة الكويت , فجميع التيارات السياسية و التوجهات الفكرية و اللا فكرية موجودة فيها , دائرة المخضرمين و المبتدئين , دائرة الرسائل الحارقة , فالرسالة الأولى كانت بإكتساح النائبة الانسانة الرائعة الدكتورة أسيل العوضي , هذه الانسانة التي تعرضت لأبشع أنواع الهجوم و التعريض و التشكيك فيها بجميع الوسائل المسموحة و الممنوعة , اشاعات , فتاوى , زلق وايرات , تشكيك بالأخلاق , تشكيك بالدين , تشكيك – للأسف – حتى بقدراتها العلمية , و بالرغم من كل ذلك جاء رد الناخبين واضحا على أن الناخب الكويتي ناخب سيّد نفسه , لا تنطلي عليه ألاعيب رابعة ابتدائي و لا يرضخ أمام الفتاوى المستوردة
.
و بالطبع فإن فوز الدكتورة رولا دشتي كان متوقعا من جانبي , فالدكتورة رولا كفاءة علمية و عملية تعمل و تعمل و تعمل على مدار الساعة , لذلك هي تستحق هذه الثقة و الحمل سيكون أكبر عليها و على الدكتورة معصومة كونهن من أصحاب الخبرة , أيضا لم يكن غريبا على هذه الدائرة فوز روضان الروضان و صالح الملا و الصرعاوي و علي العمير و الزعيم أحمد السعدون , خصوصا بعد أن واكب روح العصر و أعاد تعريف الجيل الجديد بنفسه من خلال الاعلانات التلفزيونية و مقابلة الراي و أيضا لا أنسى هنا مجهود جريدة الجريدة في ابراز دور السعدون خلال دواوين الأثنين
.
أما الرسائل الحارقة في هذه الدائرة فقد تلقاها النائب وليد الطبطبائي و الدكتور فيصل المسلم بمراكزهم المتأخرة و النائب أحمد المليفي بخروجه من التشكيلة , أعتقد أن هؤلاء الثلاثة لم يحسنوا لعبة السياسة و استخدام الاستجوابات في المجلس السابق , فقد شاب أدائهم اضطراب شديد و تبدل في المواقف أثر بشكل كبير على مصداقيتهم و شعبيتهم
.
و بالطبع فإن أقوى رسالة وجهتها الدائرة الثالثة كانت الى حدس كتيار و مرشحين , و الأسباب هنا كثيرة منها مشروع الداو كيميكال و استجواب رئيس الوزراء و الاستهجان العام لتعاملهم مع قضية غزة و استماتتهم على التحالف مع طبطبائي و مسلم , و أخيرا و ليس آخرا تركيزهم السلبي على مهاجمة أسيل العوضي و صالح الملا بدلا من ابراز محاسن مرشحيهم أمام الناس
.
قبل الختام أود التوجه بالاعتذار من النائب ناجي العبدالهادي , فقد كنت دائم التساؤل عن سبب اصراره على خوض الانتخابات رغم خساراته المتكررة , كنت دائما أقول ياخي هذا ما يفهم ؟ يبا الناس ما يبونك , و النتيجة بالطبع حصوله على المركز السادس و الذي أعتبره من عجائب الانتخابات السبع
.
الدائرة الرابعة
.
..
.
و ذكرى الرشيدي
.
.
أعتقد أن جريمة الفرعيات في هذه الدائرة حرمتنا من الاحتفال بالبطلة ذكرى عايد الرشيدي , هذه الانسانة الرائعة التي سطرت أمامنا دروس عديدة تبدأ بالثقة بالنفس و لا تنتهي عند الاصرار و العزيمة على تحقيق الهدف , مع احترامي لبقية المرشحات – و النائبات – الا أن ذكرى هي الأشجع في تحدي الظروف البيئية و الاجتماعية في دائرتها , و أقولها هنا بكل صراحة , ان كنا سابقا نمدح النساء بتسميتهم أخت الرجال فإننا اليوم نمدح الرجال ان اسميناهم اخوان ذكرى
.
و السؤال الذي أطرحه على شباب الدائرة الرابعة هو الى متى ستظلون أسرى الانتخابات الفرعية ؟ ألا تشعرون بالغيرة و الغبطة حينما تعلن بقية الدوائر نتائجها الرسمية بطريقة قانونية وطنية ؟ الى متى ستتقوقعون داخل القبيلة ؟ ألم يحن الوقت للخروج الى هواء الوطن الطلق و طرح كفاءاتكم لجميع أبناء الدائرة و التنافس الشريف معهم ؟ ألا تشعرون بالخجل أمام شجاعة ذكرى الرشيدي ؟
.
اتمنى بالفعل أن يبدأ شباب القبائل في الدائرة الرابعة و الخامسة بالتحرك و رفض التمرد على القانون من خلال المشاركة في الانتخابات الفرعية و التطلع الى الانصهار في قالب الكويت بكل أطيافها , و أنا شخصيا أمد يدي للمساعدة , فهل نلقى الاجابة ؟
.
الدائرة الخامسة
.
قانون من مجلس الأمة الكويتي رقم 9 لسنة 1998 يضيف بنداً جديداً - رقم 5 – إلى المادة 45 من القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة الكويتي ، ونص هذا البند الخامس المضاف على معاقبة كل من نظم أو اشترك في تنظيم انتخابات فرعية أو دعي إليها ، وهي التي تتم بصورة غير رسمية قبل الميعاد المحدد للانتخابات لاختيار واحد أو أكثر من بين المنتمين لفئة أو طائفة معينة
.
و الآن سأحاول الاجابة عن بعض التساؤلات و الملاحظات و التعليقات و ردود الأفعال على نتائج الانتخابات
.
السؤال الأول على شنو مستانس ؟ ما الجديد الذي ستقدمه المرأة في البرلمان ؟
.
قبل الاجابة على هذا السؤال التحبيطي أسأل من سأله ما الجديد الذي سيقدمه الرجال في البرلمان ؟ نعم وصول أربعة نائبات لن يجعل الكويت تنافس ناسا في غزو الفضاء و لكني متأكد بأن اداء حريمنا سيفوق أداء رجالنا بمراحل
.
أما عن سبب سعادتي بفوز المرأة فهو لعدة أسباب , السبب الأول هو أن من فاز من النساء لم يكنّ ذوات القدرات المتواضعة , بل أنهن جميعا من حملة شهادة الدكتوراه من أرقى الجامعات العالمية و لكل منهن سجل حافل بالانجازات و المشاركة بالنشاطات السياسية كل على قدره
.
السبب الثاني بالطبع هو أن فوز المرأة يعني بشكل مباشر أن الناخب الكويتي ناخب ديناميكي و غير متحجر , فالناخب الكويتي أثبت أنه يتفاعل و يتطور و يتعمق سياسيا مع التجارب و تغير أحداث الساعة , و هذا بالنسبة لي مؤشر مهم جدا , ليس للمرأة فقط , و لكن لي شخصيا في صراعي الدائم من أجل تحقيق طموحي في نشر الفكر الليبرالي
.
أما السبب الثالث و الأخير فهو حصول الديموقراطية الكويتية على احترام و اعجاب العالم المتقدم و تصدر الكويت للصفحة الأولى في أهم وسائل الاعلام العالمية , خصوصا و أن أغلب أخبار الشرق الأوسط تتسم بالسلبية و التخلف .
.
.
.
.
.
السؤال الثاني هل أنت سعيد بإرتفاع عدد النواب الشيعة من خمسة الى تسعة ؟
.
قد أكون راضيا عن العدد السابق للنواب الشيعة , و لكن ما يسعدني حقا هو نوعية هؤلاء النواب , فمنذ مجلس 92 لم نرى أي نائب شيعي لا ينتمي الى حزب سياسي ديني , فمن بعد النائب السابق علي البغلي لم ينجح من الشيعة الا نواب المرجعيات الدينية , الخارجية منها و الداخلية , أما شيعة 2009 فهم أكثر تنوعا و أكثر تعددية فكرية , و بالطبع يسعدني خروج الناخب الشيعي من عباءة التصويت من أجل نصرة المذهب و دخوله في عباءة التصويت من أجل نصرة الكويت
.
أما بالنسبة للعدد فلا أنكر أنه مؤشر ايجابي نوعياً , الا أنه مؤلم و محزن ان كان تحقيقه سيتم من خلال هذه العقلية المذهبية التعيسة . اقرأ
.
السؤال الثالث ما هي أسباب انحسار التيارات الدينية ؟
.
الأسباب في الحقيقة كثيرة و متوقعة منذ وقت طويل , الا أن أهمها – من وجهة نظري – مبالغة ممثلين هذه التيارات في
تصنع الاهتمام بالقضايا الخارجية , فمبالغة حدس في استثمار قضية غزة و اندفاع جماعة الجمعية الثقافية في استثمار قضايا حزب الله جعلت الناخب الكويتي المعتدل
ينفر منهم , فالناخب الكويتي يرفض المزايدات و يميز بسهولة بين الأفعال الطبيعية و الافعال المتصنعة و المفتعلة
.
أيضا سخافة التيارات الدينية في
اقحام الدين و استهلاك الرموز الدينية في كل قضية و أي قضية جعل الصورة المبتذلة واضحة أمام الناخبين و أعتقد أنها ستتوضح بشكل أكبر في المستقبل
.
السؤال الرابع لماذا لم يفز العبدالجادر و النيباري ؟
.
لم يفز العبدالجادر و النيباري لأنهما لم يتعرضا
للمؤامرات و الهجمات كما تعرضت أسيل العوضي و صالح الملا و علي الراشد , أعتقد أن كل مرشح سيفكر جديا بتجهيز مؤامرة مفتعلة
ضد نفسه في الانتخابات القادمة
.
السؤال الخامس هل سيستمر هذا المجلس؟
.
أعتقد ان الاجابة على هذا السؤال ستكون بعد معرفة رئيس الوزراء القادم , و توقعاتي الشخصية هي عودة الشيخ
ناصر المحمد لترئُس الحكومة , و السؤال هنا هو في مدى اقتناع الشيخ ناصر بتغيير اسلوب اختياره للوزراء , و لأكن صريحا معكم أنا لا زلت
أناقش نفسي في خيار تعيين أكثر من نائب حالي كوزير في الحكومة القادمة , خصوصا و أن الكثير من النواب يمتلكون هذه الكفاءة كـ حسين الحريتي و يوسف الزلزلة و رولا دشتي و حسن جوهر و معصومة المبارك و علي الراشد
.
أتمنى أن لا يقع سمو رئيس الوزراء القادم في
فخ المحاصصة.
أكرر , إنها البداية