Tuesday, March 29, 2011
# ثمانينات
Sunday, March 20, 2011
هبّت هبوب الجنّة وين إنت يا باغيها
حذرني بعض الأصدقاء من كتابة هذه المقالة بسبب الوضع المشحون طائفياً في المنطقة بشكل عام و الكويت بشكل خاص , و لأكون صادقاً معكم فإن التردد تسلل إلى نفسي إلا أنني في نهاية المطاف قررت الكتابة , إتخاذي لهذا القرار جاء أولا بسبب ثقتي في قدرتي على الكتابة الموضوعية , و ثانيا بسبب ثقتي في النضج السياسي لقراء هذه المدونة
.
تتجه أنظار العالم اليوم إلى ليبيا و طبول الحرب تتقارع هناك بسبب القرار الدولي في توجيه ضربة عسكرية لقوات القذافي في حال إقترابها من بنغازي و إعتدائها على الثُوار , أما نحن في الخليج فأنظارنا تتجه إلى البحرين و ما يجري على أرضها من فتنة أكلت الأجساد و النفوس , لن أخوض اليوم بتفاصيل الصراع في البحرين بين المعارضة – الثائرة – و السُلطة الحاكمة , فالتوتر في البحرين مستمر منذ وقت طويل و من الممكن تلخيص أسبابه – المعلنة - في النقاط التالية التي آخذها مباشرة من تقرير الخارجية الأمريكية لحقوق الإنسان لـ سنة 2009
.
مراقبة الإنترنت و المدونات و غرف المحادثة
.
منع الحكومة للتجمعات السياسية و المواضيع السياسية في دور العبادة و الجامعات و المدارس و المؤسسات الحكومية
.
منع قيام الطائفة الشيعية بالمآتم و المناسبات الدينية و السياسية بلا ترخيص من الحكومة
.
التعامل بعنف مع المتظاهرين من خلال رميهم بالرصاص المطاطي و غيره
.
عدم الشفافية العدالة في توزيع الأراضي بين الشيعة و سنة
.
مراقبة الحكومة للشيعة الذين يذهبون إلى إيران للدراسة في الحوزات الدينية
.
التمييز الإجتماعي ضد المواطنين الشيعة
.
تفضيل السنة في الوظائف الحكومية الرفيعة و الوظائف المتعلقة بالأمن , و تشكيل الشيعة لأقل من 1% من القوات المسلحة
.
تلقي الشيعة في القطاع الخاص رواتب منخفضة و إحتلالهم للوظائف الوضيعة
.
تجاوز الحكومة قوانين التجنيس و تسهيلها تجنيس مواطنين سُنة من دول الجوار بغرض التغيير الديموغرافي للتحكم بالإنتخابات – إدعاء للمعارضة
.
تغيير الدوائر الإنتخابية لضمان التحكم بنتيجة الإنتخابات
.
وجود أقلية شيعية في المناصب العليا بالرغم من تشكيلهم للأغلبية السكانية في البحرين , مثال على ذلك وجود 4 وزراء شيعة من مجموع 23 وزيراً
.
تجنيس الحكومة للعرب العاملين في القوة الأمنية بالرغم من عدم وجودهم في البلاد لـ 15 سنة , و ذلك غير متاح للشيعة الذين قضوا أكثر من 15 سنة في البحرين
.
لقراءة التقرير باللغة الإنجليزية
.
لقراءة التقرير باللغة العربية
.
من الواضح أن التحرك الأخير في البحرين مدفوع من عدة عوامل خارجية و داخلية , العامل الداخلي هو وجود أغلبية سكان شيعية تحكمها أقلية سنية و هذا سبب كافي لإحساس هذه الأغلبية بالظلم , أضف إلى ذلك وجود هذا الظلم فعليا على أرض الواقع من خلال التقارير الدولية و مشاهداتنا المباشرة , أما العوامل الخارجية فهي نجاح الثورة التونسية و المصرية في إسقاط الأنظمة الحاكمة هناك مما شجّع المعارضة البحرينية على السير في هذا الطريق , أضِف إلى ذلك عامل خارجي آخر و هو التنافس الإقليمي بين السعودية و إيران على مراكز النفوذ في البحرين
.
عند الحديث عن التنافس الإقليمي علينا توضيح توازنات النظام العالمي بشكل عام و الذي تنفرز فيه الدول إلى ثلاثة كيانات رئيسية و هي
.
الدول العظمى ذات نفوذ عالمي
دول عظمى ذات نفوذ إقليمي
دول صغيرة تتأثر و لا تُؤثر بالخارج
.
أعتقد أن الأحداث العالمية تجعل الجميع يتفق معي في إطلاق صفة الدولة العظمى على الولايات المتحدة و روسيا و الإتحاد الأوربي و الصين , أما الدول العظمى الإقليمية في الشرق الأوسط فهي مصر و تركيا و إيران و السعودية , و من المهم هنا توضيح المسار العام لكل منها
.
مصر
.
دولة عُظمى إقليميا من خلال تأثيرها الثقافي و الفكري على العالم العربي بشكل عام , أيضا مصر هي الدولة الأكبر من حيث عدد السكان و تصدير الأيدي العاملة , و هي حليفة لأمريكا لها موقع متميز تجاور فيه إسرائيل و السودان و السعودية و غيرها من الدول المهمة , و قد لعبت مصر دور محوري كبير في مفاوضات السلام بين العرب و إسرائيل إلا أنها بعد الثورة الأخيرة و إسقاط النظام السياسي هناك ستحتاج إلى سنة كاملة على أقل تقدير للعودة إلى دورها الإقليمي المعتاد
.
.
تركيا
.
دولة عُظمى إقليميا لها طموح كبير لتنظم إلى الدول العظمى عالميا من خلال إستغلال تاريخ الإمبراطورية العثمانية و موقعها الجغرافي المهم كحلقة وصل بين الشرق و الغرب , و هي عضو مؤثر في حلف الناتو و حليف إستراتيجي للولايات المتحدة و إسرائيل مع نزعة إستقلالية واضحة منذ وصول حزب العدالة و السلام – الإسلامي – إلى سدة الحكم , و من المهم هنا الإنتباه إلى تغير الأولويات التركية من الإنضمام إلى الإتحاد الأوربي إلى التراخي في هذا المسار و التركيز بشكل أكبر على لعب دور المدافع عن حقوق المسلمين و العرب للتمكن من لعب دور الجسر بين الشرق و الغرب
.
إيران
.
دولة عُظمى إقليميا لها تاريخ عريق لآلاف السنين و هي تتميز بالثروة النفطية و الغاز الطبيعي و الكثافة السكانية العالية و الموقع الجغرافي الحساس سواء على الخليج في الجنوب أو مجاورتها لعدة دول مهمة مثل روسيا و جمهورياتها المنفصلة و تركيا و باكستان و أفغانستان , أيضا تعتبر إيران نفسها راعية للمذهب الشيعي من خلال تسييسه بمنهج ولاية الفقيه و إمتداد نفوذها في العراق و سوريا مع الدعم المباشر لحزب الله في لبنان و حماس في فلسطين , إيران حليف – غير إستراتيجي - للصين و روسيا و منافس مباشر للنفوذ الأمريكي في المنطقة
.
المملكة العربية السعودية
.
دولة عُظمى إقليميا من خلال إنتاجها الضخم للنفط و قيادتها للعالم الإسلامي – السُني – بوصفها أرض الحرمين مكة و المدينة و تصديرها للفكر السلفي الوهابي إلى الأقطار المحيطة , أيضا المملكة تُعتبر من أهم حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة و هي تلعب العديد من الأدوار من خلال دعم جهات سياسية في الكثير من الدول كـ لبنان و العراق و اليمن و باكستان
.
و لا يخفى على أحد هنا حالة التنافس التي تعيشها هذه الدول الإقليمية لبسط نفوذها على الدول الصغيرة في المنطقة , و مع إستبعاد مصر مؤقتاً ينحصر الصراع في المنطقة بين النفوذ التركي و الإيراني و السعودي , و من الصعب هنا الإتفاق على نقطة بداية هذا الصراع إلا أن إهتمامنا سينصب على السنوات القليلة الماضية , لذلك سأحدد مناطق الصراع بثلاثة محاور رئيسية
.
المحور الأول , الصراع التركي السعودي
.
يعود التنافس التركي "العثماني" السعودي على قيادة العالم الإسلامي السني إلى الأيام الأخيرة من عمر الخلافة العثمانية , و قد كان سقوط دولة الخلافة العثمانية و تحول تركيا إلى العلمانية سبب رئيسي في فتح المجال أمام قائد جديد للعالم الإسلامي السني , و قد كان التنافس على هذه القيادة بين إبن سعود في نجد و الشريف حسين بن علي في الحجاز , و قد إنتصر إبن سعود على الشريف ليُنصب نفسه قائداً للإسلام السني في العالم مع مساهمة البترودولار في إنتشار مذهبه الوهابي بين السنة
.
منذ وصول حزب العدالة و السلام – الإسلامي – لسدة الحكم في تركيا و هو يحاول إعادة تأسيس نفسه كقائد للعالم الإسلامي السني , فحزب العدالة و السلام يطرح نفسه كبديل حضاري ديموقراطي أمام الوهابية السعودية ذات الفكر المتحجر , و قد نجح أوردغان بتحقيق هذا الهدف من خلال مواقفه المشرفة "شعبياً" في مؤتمر دافوس و أسطول الحرية حتى أنه أصبح اليوم بطل قومي للمسلمين بشكل عام و السُنة بشكل خاص , أما القيادة السعودية فقد إبتعدت عن نبض الشارع و إقتصر نفوذها على ضخ الأموال هنا و هناك
.
المحور الثاني , الصراع التركي الإيراني
.
التنافس التركي الإيراني أقدم بكثير من التنافس التركي السعودي كون تركيا و إيران دول عظمى يمتد تاريخها لآلاف السنين , و قد إحتدم هذا التنافس بين الدولة العثمانية السُنية و الدولة الصفوية الشيعية , ثم تحسنت العلاقات عندما تحولت تركيا إلى العلمانية و لحق بها رضا شاه إيران في هذا المجال , ثم عادت العلاقة إلى الفتور بعد الثورة الإسلامية – الشيعية – و إنشغال إيران بالحرب العراقية الإيرانية
.
و قد شكل إنهيار الإتحاد السوفييتي فرصة جديدة للعب كل من إيران و تركيا لدور أكثر نشاطا في إقليم بحر قزوين , و قد تميزت علاقة البلدين بالودية و التعاون منذ وصول حزب العدالة و السلام إلى الحكم , فتركيا تطمح لتكون مركز تجمع الغاز في المنطقة و إيران تمتلك ثاني أكبر إحتياطي للغاز في العالم , أيضا تركيا تساهم في الوساطة بين إسرائيل و سوريا حليفة إيران الدائمة , و نجد هنا أن البلدين يشعران بالراحة في تقاسم الجماهير السنية و الشيعية في العالم
.
المحور الثالث , الصراع الإيراني السعودي
.
نستطيع أن نتعامل مع الصراع الإيراني السعودي بمنظور آخر و هو صراع الفرس و العرب , أو صراع السنة و الشيعة , فالتنافس بين دفتي الخليج لا نستطيع حصرها في هذه المقالة , إلا أن الثابت هو إشتعال هذا الصراع بعد الثورة الإيرانية التي شكلت خطرا على السعودية لسببين , السبب الأول هو ثورة الشعب على الأسرة الحاكمة مما يهدد كيانات الأُسر الحاكمة في الخليج بشكل عام , السبب الثاني هو شيعية هذه الثورة مما يجعلها خصم مباشر لـ سُنية السعودية و دول الخليج , لهذا بدأت المعركة مبكراً بين الدولتين من خلا الأحداث الآتية
.
دعم السعودية للعراق في حربه مع إيران
.
.
دعم السعودية لأياد علاوي و دعم إيران للمالكي في العراق
.
دعم السعودية للحريري و دعم إيران لحزب الله في لبنان
.
دعم السعودية لفتح و دعم إيران لحماس في فلسطين
.
محاولة السعودية و الإمارات التأثير على علاقة الصين بإيران من خلال إغرائها بالنفط و التجارة
.
دعم السعودية حكومة البحرين من خلال إرسال قوات درع الجزيرة و دعم إيران للمعارضة من خلال قناة العالم و تصريحات القيادة الإيرانية و أمين عام حزب الله
.
و السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو أين الكويت من كل ذلك ؟
.
الكويت , و بسبب تكوينها السكاني 30% مواطنين 70% وافدين و تكوينها الطائفي 30% شيعة و 70% سنة و موقعها الجغرافي المجاور لإيران الشيعية و العراق ذو الأغلبية الشيعية و السعودية السنية يجعلها لا تتمتع بـ حيِّز كبير من الحرية في إتخاذ مواقفها الإقليمية , فالكويت جرّبت نيران الصراعات الإقليمية من تفجيرات و خطف طائرات بسبب موقفها الداعم للعراق في حربه مع إيران , السياسة الكويتية بشكل عام تتبع السياسة السعودية في القضايا الخارجية إلا أن قضية البحرين تختلف , فالواضح أمامنا اليوم هو ضعف القدرات السياسية – و ليست المالية – للسعودية في قيادة المنطقة
.
.
فقد خسرت السعودية معركتها ضد إيران في الإنتخابات العراقية بنجاح المالكي على علاوي , و خسرت السعودية معركتها في لبنان بخروج الحريري من الحكومة , بل أن السعودية إتخذت قرارات معاكسة للتيار العالمي في إستقبالها للرئيس التونسي السابق بن علي و هو المطلوب للعدالة في بلاده , و لا ننسى هنا موقف السعودية الداعم للرئيس المصري حسني مبارك و عرضها للدعم المالي المضاعف في حال توقف الولايات المتحدة عن دعمه , يتم كل ذلك في الوقت الذي تخصص إيران و مرشدها الأعلى علي خامنئي خطبة الجمعة و باللغة العربية لدعم ثوار ميدان التحرير
.
.
كل هذه المؤشرات تجعل الكويت تتحفظ و لا تغامر في الزج بنفسها في أتون الصراع الإقليمي , خصوصا و هي تحتفل بمرور 50 عام على الإستقلال و يتمتع أميرها الحالي بالإحترام الدولي و الإقليمي الذي رأينا ثماره في الوساطة بين أبو ظبي و مسقط , و الواضح أن سموه يفضل القيام بدور تصالحي سلمي بين اطراف الصراع في البحرين , فقد أرسل سموه وفداً شعبياً – شيعياً – للإلتقاء بالمعارضة البحرينية و ولي عهد البحرين , أيضا أعلن سمو الأمير عدم مساهمة الكويت بقوات درع الجزيرة العسكرية و تفضيله المساهمة السلمية من خلال إرسال وفد طبي عملاق للبحرين
.
.
ليس من المستغرب - بالنسبة لي - إثارة مواقف الكويت المستقلة إمتعاض بعض الأطراف الخارجية كـ إيران أو السعودية , لكن المثير في الأمر أن تُزعج مواقف سمو الأمير الحكيمة أطراف داخلية كـ تجمع ثوابت الأمة و نوابه الذين أعلنوا تقديم إستجواب لرئيس مجلس الوزراء بسبب عدم مشاركة الكويت في قوة درع الجزيرة , و المفارقة هنا أن المعارضة الكويتية التي طابلت قبل أيام بإسقاط الحكومة الكويتية تقف اليوم ضد المعارضة البحرينية التي تطالب هي أيضا بإسقاط الحكومة البحرينية
.
و السؤال هنا حسب أي معيار يعطي وليد الطبطائي لنفسه الشرعية في "التعافر" مع رجال القوات الخاصة في الصليبخات و لا يعطي نفس الحق لزميله المعارض البحريني في دوار اللؤلؤة ؟ و إن كان دكتور وليد يطالب المعارضة البحرينية بالإمتثال لأوامر ولي أمرهم الملك حمد آل خليفة لماذا لا يُطبق نفس المبدأ على نفسه و يمتثل لأوامر ولي أمره سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد ؟ ما هذا التناقض و الإزدواجية التي يتمرغ فيها الطبطبائي و رهطه ؟ أم أنهم صادقين في ما يدعون إليه من طاعة ولي الأمر , إلا أن لهم ولي أمر آخر غير سمو الأمير؟ ولي أمر يعدهم بالجنة و يصيح فيهم
.
إبراهيم يا عمود الدين , محمد يا رسول الله , هبّت هبوب الجنّة , وين أنت يا باغيها*
.
____________________________
*صيحة الإخوان في حرب الجهراء على الكويت