Thursday, July 19, 2012

طاخ طيخ 7




كتبت في مثل هذا اليوم من العام السابق :
"اليوم وصلت إلى مرحلة لا بأس بها من العمل , و أعتقد بأني سأحتاج إلى 12 شهر أخرى لإتمام العمل بالشكل الذي أطمح إليه , في الحقيقة كنت أحاول جاهداً أن لا أتحدث عن هذا المشروع , و لم أفصح عنه إلا بعد الإطمئنان إلى أن ما بين يدي حاليا يصلح للنشر حتى و إن قررت التوقف"
أعتذر لكم عن عدم الوفاء بالوعد أو التوقع , فلم أنتهي حتى الآن من العمل في الكتاب , لكني أتوقع هذه المرة و بنسبة 85% من عودتي إلى هذا المكان في العام القادم – إن الله أحيانا – للتناقش حول الكتاب و مواضيعه معكم و لتلقي ملاحظاتكم عليه و على ما فيه
كل عام و أنتم و طاخ طيخ بخير


Sunday, July 08, 2012

لا حقوق بلا واجبات

قبل نشر المقال أود الإعتذار للأخوة في تويتر على عدم إكمالي للمقال في التويتر بسبب تجاوزي للعدد اليومي من التغريدات

.

شكرا

.

أثناء رحلتي الأخيرة إلى وارسو تناقشت مع صديقي حول مفهوم الغباء , كان رأيه بأن قياس الغباء يتم عن طريق إختبارات "الآي كيو" أو إختبارات نسبة الذكاء و التي تعتمد في العادة على سرعة البديهة و القدرة على تحليل المعلومات و التنبؤ بها , أما أنا فقد إختلفت معه و قلت بأن الغباء هو عدم قدرة الإنسان على التعلم من تجاربه و تكوين رأي مستقبلي - موضوعي - بناء على مخزونه السابق من الخبرات و المعلومات , يعني مش مهم الشخص يكون عبقري و يعرف 2345 ضرب 386765 يساوي كم بدون إستخدام الآلة الحاسبة , لكن المهم أن يتعامل الشخص مع ما يواجهه من مشاكل و تحديات بطريقة موضوعية و شاملة لا تهمل جانب على حساب آخر

يسعدني دائماً تلقي ردود أفعال القراء على مقالاتي و أحاول دائما تحليلها و التعلم منها , و بعد كتابة مقالي السابق – مرض و علاج – تلقيت الكثير من ردود الفعل التي شعرت من خلالها بأن البعض قد أساء فهم الموضوع و لم ينتبه إلى نقاطه الرئيسية , أعزي ذلك بطبيعة الحال إلى طبيعة كتاباتي التي تعتمد أساساً على ذكاء القاريء و عدم الدخول في تفاصيل لا تسمح بها مساحة تويتر و المدونة , فهناك مواضيع تحتاج إلى كتب و ليس مقالات مقتضبة تميل للإختصار و عدم الإسهاب , المحزن هنا أن سوء الفهم جعل البعض يشطح في خياله و يطلق عليّ تهمة "ملكي أكثر من الملك" بسبب موقفي الرافض للحكومة الشعبية و الذي أوضحت أسبابه في المقال , في العادة أتجاهل هذه الإتهامات و "آخذ الناس على قد عقولهم" لكن ردة فعلي اليوم ستكون مختلفة , فالمطالبة بالحكومة الشعبية أصبحت أكثر من المطالبة بالكوادر و هي مطالبة تتعلق بمصير بلد و مستقبل شعبها مما يجعلني أكتب هذا التوضيح دون التقيد بطول المقالة أو قصرها
في البداية على الجميع فهم إسلوب تحليلي السياسي الذي يعتمد على المعطيات السياسية الشاملة بلا إلتفات إلى الشعارات و المزايدات , أي أن تحليلي لا يعتمد على النصوص فقط أو الأحداث المحلية فقط , لكني أعتمد على الوضع الإقليمي و ما يكتب على السطور بالإضافة إلى المكتوب بالحبر السري بين السطور , لذلك لا ترعبني شعارات الحرية و الدستور و الإسلام و الأخلاق و لا تمنعني من قول رأيي الصريح فيها و في الجاهل الذي يرددها
بهذه المناسبة أود التذكير بأنني من أوائل من كتبوا تحليل مفصل حول نتائج مجلس 2012 في مقال نشرته بعد يومين من الإنتخابات كان عنوانه"رسائل مجلس 2012", و قد ذيَّلت هذا المقال بنصيحتي الشخصية للسلطة و هي تصويت الحكومة للسعدون في الرئاسة ثم عقد صفقة مع المعارضة و إعطاءها 8 وزارات مع وضع خطوط حمراء على عدم الإقتراب من الحريات و رئاسة الوزراء , أي أنني طالبت بمشاركة نواب الأغلبية في الحكومة قبل أن يطالبوا هم المشاركة !!

لم تأتي مطالبتي هذه بسبب قناعتي بأفضلية و عبقرية نواب الأغلبية في إدارة الوزارات و مرافق الدولة , لكن المعطيات السياسية جعلتني أعتقد بأن وجود 8 نواب منهم في الحكومة سيضمن إستقرار البلد لمدة سنة على الأقل في ظل تصاعد الغليان الإقليمي بسبب الأزمة السورية و بوادر الحرب على إيران , أيضاً إستلام نواب الأغلبية أو من يمون عليهم للوزارات سيكشف إفلاسهم التنفيذي أمام الناس مما سيوفر علينا كتابة المقالات الطويلة التي نشرح من خلالها أسباب وقوفنا ضد مطالباتهم كما نفعل اليوم , لكن قدّر الله و ما شاء فعل , و جاء اليوم الذي نحتاج فيه تبيان أسبابنا و طرحها للقاريء "العاقل" و "الموضوعي" الذي سيكون له الحكم في النهاية
في البداية علينا التعرف على ملامح الوضع الحالي في الكويت و ما تعاني منه من مشاكل , المشكلة الأولى في الكويت هي دستور 1962 , فهذا الدستور وُضِع بأسلوب ترقيعي لم يتبنى من خلاله كامل أركان النظام الرئاسي أو النظام الجمهوري أو النظام الإسلامي – السيء – أو النظام المشيخي , أي أن دستورنا الذي تتفاخرون به هو إبن غير شرعي لكل هذه الأنظمة و ليلحين مو عارفين منهو أبوه , هو ترقيع سيء للدستور المصري الذي كان بدوره ترقيع سيء للدستور الفرنسي !!
أي أن هذا الدستور "الديموقراطي" ليس له علاقة بأي نظام ديموقراطي أو ديكتاتوري !! فهو لم يعطي الشعب حق إختيار الرئيس كما في النظام الجمهوري و لم يعطي الشعب الحق في تشكيل الحكومة كما في النظام الرئاسي و لم يجعل الشريعة المصدر الكلي للتشريع كما في النظام الإسلامي و أعطى للأمير سلطات أبوية كما في النظام المشيخي , النتيجة هي أننا حصلنا على "إنتخابات" لكننا لم نحصل على نظام ديموقراطي لديه القدرة على التطور , قد يكون هذا الرأي مفاجأة للمستجدين من هتيفة ساحة الإرادة لكنه معلوم و مفهوم لكل أصحاب العقول الراجحة بما فيهم رئيس المجلس التأسيسي و لجنة الدستور المرحوم عبداللطيف ثنيان الغانم الذي قال في أحد الجلسات :
"إذا تسمحون لي بكلمة في الموضوع . . . أرجو من الإخوان جميعاً أنه لازم تعرفوا أن دستورنا هذا يختلف عن الدساتير الأخرى , فلا هو برلماني و لا هو رئاسي , و قد رأت اللجنة أن تتحفظ  و تضع موازنات فإذا أعطت الحكومة شيئاً من القوة مثلما الدكتور الخطيب في الجلسة السابقة , كذلك أخذت من الحكومة شيئاً بأن جعلت عليها رقابة شديدة و هي أن تسحب الثقة من الوزير","فأرجو من الإخوان جميعاً أنهم يمشوا ما هو موجود كما هو لأن هذا فيه حكمة"
بل أن عضو لجنة الدستور وزير العدل المرحوم حمود الزيد الخالد حاول التأكد من إحكامية هذا الدستور عندما خاطب الخبراء الدستوريين – المصريين – قائلاً :
"أريد أن ألفت نظر السيد/ الدكتور عثمان خليل لموضوع مهم جدا بالنسبة للمواطنين هنا فى الكويت أو فى جميع البلاد العربية يعتبرونكم أنتم واضعى الدستور ويعتبرونكم ويعتبرون الدولة التى تمثلونها قدوة لهم لأن شعبكم وحكومتكم تمثل القيادة فى البلاد العربية. والذى يحدث أنه عند ظهور دستورنا على يدكم . انهم لن يحاسبونا ، نحن على الثغرات الموجودة فى هذا الدستور وانما سيقولون الدكتور عثمان هو السبب والجمهورية العربية المتحدة هى السبب انتم بمركزكم تتحملون المسئولية الكبرى فى الموضوع"
فرد عليه الخبير الدستوري :"بالنسبة للناحية الفنية فاننا فعلا نتحمل المسئولية الكبرى ونحن نحاول تأدية واجبنا بكل طاقتنا. أما بالنسبة للناحية السياسية هناك أشياء لا نوافق عليها ولكنكم وجدتم أن لا بد منها و الأمر متروك لكم فأنتم الذين تقرورن الموضوع. ونحن نقوم بالصياغة الفنية للموضوع الذى اتفقتم انتم عليه"
هكذا كان آباء هذا الدستور يعلمون بضعفه و عيوبه النصية , أما عيوبه التطبيقية فقد أصبحت واضحة فور تطبيقه في العام 1963 , حيث شهدت السنة الأولى من تطبيقه العديد من الأزمات أهمها الأزمة الوزارية 1964 , و إستقالة رئيس المجلس إعتراضاً على تصرفات النواب في 1965 , و إستقالة مجموعة القوميين كالدكتور أحمد الخطيب و المرحوم جاسم القطامي بعد وفاة الشيخ عبدالله السالم مباشرة , أي أن الممارسة العملية لهذا الدستور أثبتت عيوبه السياسية منذ البداية , و السؤال الذي يطرح نفسه هنا ما هي عيوب الدستور ؟ و هل سوء الوضع الحالي في الكويت بسبب الشيوخ أو المعارضة أو الشعب أو المد الصفوي ؟
للإجابة على هذا السؤال علينا العودة إلى الدستور , فالدستور و على عِلاته الكثيرة إلا أن أهمها من الناحية التطبيقية تضخيم الدور "الفردي" للنائب , فالنائب الفرد في الدستور له الحق في إستجواب الوزير , ثم له الحق مع 9 من النواب بتقديم طلب طرح الثقة , و من ثم لنصف المجلس + 1 الحق في طرح الثقة بالوزير و إعدامه سياسياً , و لأن غالبية نوابنا منذ 1963 إلى يومنا هذا لا يستجوبون و لا يطرحون الثقة بالوزير إلا لأسباب سياسية مصلحية - يغلفونها بغطاء فني - فالحكومة أصبحت مضطرة لمراضاتهم و كسب ودهم بالمال , و المناقصات , و المعاملات , و التعيينات التي تبدأ برئاسة قسم و تنتهي بالوزارة مما جعل الحكم يعتمد أسلوب "المحاصصة" في تشكيل الحكومة
حكومات المحاصصة هذه أثبتت فشلها سياسياً و فنياً , فمن الناحية السياسية لم تنجح في حماية الحكومة من الإبتزازات الفردية للنواب من خلال تقديم الإستجوابات و التصويت عليها , أيضاً من الناحية الفنية لم تنجح في تلبية حاجات مواطن "الهم الحقيقي" الذي تكلمنا عنه في المقالة السابقة , فخدمات الدولة سيئة , و الواسطة و المحسوبية تنخر في الجسد الحكومي , أضف إليها الحاجة للإفساد و دفع الرشاوى لإنجاز أي شيء و كل شيء , و السؤل الذي يطرح نفسه هو لماذا خدمات الحكومة سيئة ؟
أتكلم هنا عن الخدمات التي يتذمر منها مواطن "الهم الحقيقي" , لماذا هي سيئة ؟ لماذا طيران الحكومة سيء بينما الطيران الخاص جيد بـ عُشر الميزانية ؟ لماذا تعليم الحكومة سيء بينما تعليم المدارس الخاصة محدودية الميزانية جيد ؟ لماذا مستشفيات الحكومة تعاني من الفوضى بينما مستشفيات القطاع الخاص منظمة و مرتبة بـ عُشر الميزانية ؟ أنا هنا لا أقول بأن كل ما يقوم به القطاع الخاص أفضل من الحكومة , لكني أقول أن بعض مؤسسات القطاع الخاص إستطاعت أن تتفوق على الحكومة في نفس المجالات و بميزانيات تكاد لا تذكر في حال مقارنتها بميزانيات المؤسسات الحكومية
السبب في ذلك هو أن الدستور يلزم الحكومة – تطبيقيا – بقبول جميع الطلبة في جامعاتها , و علاج جميع المرضى في مستشفياتها , و توظيف كل المواطنين في مؤسساتها , و هذا ما يجعل المؤسسات الحكومية تعاني من التكدس الوظيفي و البطالة المقنعة و البيروقراطية و ما إلى ذلك من المشاكل التي يشتكي منها مواطن "الهم الحقيقي" , و على من يدعي قدرته على حل هذه المشاكل في حال إستلامه للحكومة أن يثبت لنا قدرته على مواجهة هذه العلة الدستورية , أي أن على نواب مجلس الأمة المنتخبين و المرتبطين – مصيرياً و مصلحياً – بأصوات الناخبين أن ينقلبوا على أنفسهم و يتحولوا بين ليلة و ضحاها إلى وزراء يكافؤون الموظف الجيد و يعاقبون الموظف السيء دون النظر إلى الخلفية المذهبية و العرقية و المناطقية لهذا الموظف , و هذا شبه مستحيل من خلال النظر إلى سلوك هؤلاء النواب و مطالباتهم و تشريعاتهم

دكتور عمار يقترح بث الأذان في المستشفيات ! تنمية

محمد هايف يقترح جعل دور تحفيظ القرآن في كل منطقة حالها حال المخفر و المدرسة

فيصل المسلم يطالب بإعادة تعيين العسكريين المتغيبين عن عملهم ! خوش تنمية

محمد الهطلاني يريد بونص سنوي للماجلة قبل رمضان

محمد هايف يريد تعيين داعية في كل سفارة للكويت لنشر الإسلام

و يطالب أيضا بإنشاء مساجد في محطات الوقود ! و سؤالي هل نعاني من قلة مساجد ؟

أيضا فيصل المسلم يشارك النائب عمار في المطالبة بفتح مايكرفونات المساجد

محمد الدلال يريد إستمرار صرف الدولة لرواتب مسرحين من 2008 من دون السؤال عن سبب عدم حصولهم على عمل من 2008

فيصل المسلم يوزع بعثات دراسية ببلاش لمرافقين الطالبات !

المسلم أيضا يريد تخفيض قرض بنك التسليف دون دراسة إقتصادية

فهؤلاء النواب هم من يطالب بهدر أموال الدولة و دفع رواتب لربات البيوت الغير عاملات , هؤلاء هم من يهدر أموال الدولة بالمطالبة بصرف رواتب المسرحين من 2008 إلى الآن , و هم من يهدر مال الدولة ببناء مساجد في  محطات البنزين بالرغم من أننا لم نسمع مواطن يشتكي من ذلك ! و هم من يطالبون الدولة بإلزام المجمعات التجارية و المستشفيات ببث صوت الأذان مع أننا لم نسمع مواطن يشتكي من ذلك ! و هم من يطالب الدولة بإعادة تعيين الموظفين المتغيبين عن العمل , و هم من يطالب الدولة بصرف بونص سنوي قبل رمضان لتخزين الطعام مع أننا لم نسمع مواطن يشتكي من ذلك ! هم من يطالب الدولة بتعيين داعية إسلامي في كل سفارة كويتية في الخارج من أجل نشر الإسلام ! هم من يطالبون الدولة ببعث مرافق مع كل طالبة ترسلها الدولة للدراسة في الخارج ! هم من يطالب الدولة بخفض قرض بنك التسليف من 200 إلى 100 دينار دون تقديم دراسة إقتصادية حول قدرة البنك على الإستمرار بعد ذلك !
هذه العقول الجبارة لن تتحول إلى أنجلينا ميركل و لي كوان يو بين ليلة و ضحاها عند إستلامهم للحكومة , فهؤلاء سينقلون أمراضهم النيابية إلى الجسد الحكومي المريض أصلاً , بل لا نستبعد تدهور صحة الجسد الحكومي و مصالح مواطن "الهم الحقيقي" بسبب ما سيمارسه هؤلاء من تجاهل لـ"همومه الحقيقية" و الإنصراف نحو إقصاء الآخرين و التضييق على حرياتهم و جر البلد في أتون قضايا خارجية ليس للكويت فيها لا ناقة و لا جمل 
جهات حكومية مختصة بالرقية الشرعية !!

مسابقات ماعز و أغنام مع الحكومة الشعبية

مراقبة المايوهات

مراقبة المقاهي

إنشاء إدارة لفحص الجنس الثالث و منعه من دخول الكويت

دشتي يريد تسليح المقاومة الفلسطينية نكاية بطلب الأغلبية لتسليح المعارضة السورية


بطبيعة الحال نحن لسنا من طلاب مدرسة "الله لا يغير علينا" و "الله يعز شيوخنا" , لكن منطق العقل السليم يقول بأن من يطالب بالتغيير عليه أن يثبت للآخرين بأن التغيير الذي يطالب فيه سيجعلهم في وضع أفضل , فليس من الحكمة أن يطالب الناس بالتغيير إلى الأسوأ أو إلى المجهول , و ليس من الحكمة أن يكون الخلل في الدائري الرابع و يطلب الناس إصلاح الدائري السابع دون إثبات علاقة هذا الإصلاح بذاك الخلل

و الخلل الواضح كما أراه في ميزان العلاقة بين الفرد و الدولة من حيث الحقوق و الواجبات الدستورية , فالدستور الكويتي – النص – يوازن بين كفتي الميزان إلا أن تطبيقه الذي ساهم فيه مجلس الأمة و الحكومة قلب الموازين و حوّل المواطن الكويتي إلى هارون الرشيد من حيث الحقوق و شحفان القطو في الواجبات

فتطبيقنا للدستور يعطي المواطن كل شيء دون مطالبته بأي واجب إتجاه الدولة , و على من يأتي اليوم للمطالبة بزيادة هذه الحقوق عبر إعطاء المواطن الحق في تشكيل الحكومة أن يطالب أيضا بزيادة واجبات هذا المواطن , فإذا كنت تريد أن تتساوى مع المواطن الأمريكي و البريطاني و الفرنسي بالحقوق , عليك أيضاً أن تتساوى معهم في الواجبات المتناسبة مع هذه الحقوق , أما ما دون ذلك من بغبغة لشعار الحكومة الشعبية فهو هراء محض لن تنتفع منه الدولة و مواطن "الهم الحقيقي"

أنتم لستم أذكياء , و نحن لسنا أغبياء لننجرف خلف مطالباتكم و شعاراتكم الرنانة بلا تساؤل أو سؤال عن شكل و جوهر المستقبل الذي تريدون أن تأخذوننا إليه , فإذا كنتم مُصرين على الإستمرار بهذه المطالبات فالواجب أن تقدموا لنا مشروع متكامل لشكل الدولة التي تنشدون , كيف ستتطور الخدمات التي يعاني من سوءها مواطن "الهم الحقيقي" ؟ كيف سيكون شكل الإقتصاد العام للدولة و كيف ستقلل من إعتمادها على النفط ؟ كيف ستضمن هذه الحكومة الشعبية حقوق المواطنين و حرياتهم الدينية و اللا دينية , أكرر كلمة "حريات" التي قد لا تفهمون منها سوى إهانة الشيوخ و الهياط عليهم , كيف ستحمون كيان الدولة خارجياً و تحمونها من الزوابع الإقليمية و تحافظون على علاقاتها بـ"جميع" دول الجوار؟

أخيراً و ليس آخراً عليكم أن تكونوا واضحين مع الناس و تقوموا بتوعية جماهيركم و كوادركم الذين أتعبونا بعدم فهمهم لـ ألِف باء السياسة , اتركوا ساحة الإرادة و الخطب النارية قليلاً و ناقِشوا الناس في تفاصيل مشروعكم , علِّموا جماهيركم كيف يتمكنون من محاسبتكم بدلاً من أن يكونوا هتيفة و فداوية لكم كما نراهم الآن , ففداويتكم ليسوا أفضل حالاً من فداوية الشيوخ إلى تحذرونا من تسلطهم , علموهم ما هي المعايير الحقيقية للحكم على الحكومة المنتخبة كما يكون في الدول المتقدمة و كيفية حساب الناتج المحلي و دخل الفرد و معدلات البطالة و الجريمة




تصويت نواب الأقلية قبل الأغلبية مع قوانين محمد هايف 

نحن يا سادة مواطنون , أصحاب "هم حقيقي" و نريد أن نسمع إجابات حقيقية لا شعارات , أن نرى مشروع حقيقي لا أوهام و أحلام , نريد حريات حقيقية نفتخر فيها أمام الآخرين لا سب شيوخ و بذاءات , نحن لا نعاني من عُقدة "الشيوخ يدوسون على راسك" و لا نعاني من أنيميا المرجلة و الثورة حتى نردد خلفكم "لله درك" و "كفو كفو" , خاطبونا بالعقل نرد عليكم بالعقل , أما الشعارات و الأحلام فلدينا منها الكثير , و هي لم تنفعنا سابقاً و لن تنفع الكويت و تنفعكم مستقبلاً

قبل النهاية أود التوضيح بأن سبب تركيزي على مقترحات و قوانين كتلة الأغلبية – إن صحت التسمية – هو أن ليس للأغلبية بشكل عام و الشيعة منهم بشكل خاص كم حقيقي من المقترحات , أما سبب تركيزي على النائب هايف و المناور دون غيرهم فهو بسبب نجاح هذين الإثنين في فرض أجندتهم على نواب الأغلبية و الأقلية بينما يفشل الآخرين في ذلك

Thursday, July 05, 2012

مرض و علاج


في البداية أود الإعتراف بأني أكتب هذا المقال بعد مكالمة عاصفة مع أحد الأصدقاء كادت أن تنتهي بالضرب لولا ستر الله و بعد المسافة , لذلك أعتذر مقدما للقراء عن طشار الغضب الذي سـ يطيش من كلماتها , و بما أنني أسير في نفق الإعترافات فلا مانع من تقديم إعتراف آخر و هو أنني تعبت , و طولة بالي لم تعد كما كانت عليه في السابق , فكثرة الحديث و التكرار و إقناع الآخرين أتعبتني , لذلك أرجو المعذرة على عدم قدرتي على مناقشة ما جاء في المقال بعد نشره مباشرة
عند الحديث عن السياسة ينقسم الناس إلى نوعين , النوع الأول هو مواطن "الهم الحقيقي" الذي تنحصر همومه في شؤون حياته اليومية بداية في الحصول على الأمن و الرعاية الصحية و التعليم الجيد الذي يؤهله للحصول على العمل المناسب و من ثم القدرة على الزواج و تكوين أسرة صغيرة لا يسعدها و يضمن إستقرارها إلا الحصول على الرعاية السكنية المناسبة و من ثم إكمال مشوار الحياة إلى سن التقاعد و طلب الرعاية الإجتماعية , يريد أن يحصل على كل ذلك بالقدر المعقول من تأدية الواجبات مع ضمان مساحة معتدلة من الحرية التي يمارس فيها ما تبقى له ميول و معتقدات و آراء , ضمان سعادة هذا المواطن تكون بطبيعة الحال بضمان و توفير الدولة لكل ما سبق
أما النوع الثاني من المواطنين فهو مواطن "الهم السياسي" الذي يتشارك مع المواطن الأول في كل همومه السابقة بالإضافة إلى إنتمائه لأحد المدارس الفكرية السياسية التي يحرص على تطبيق نظرياتها و تحقيق أهدافها , هذا ما يجعل رضا و سعادة هذا المواطن مرتبطة مباشرة في نجاح تياره السياسي في الدولة سواء بعدد المناصب القيادية أو عدد الوزراء في الحكومة و عدد أعضاء البرلمان , هذا ما سيحقق له القدرة على نشر – أو فرض – أفكاره في المجتمع و بالتالي وضع القوانين التي تناسبه فكرياً و سلوكياً
المشكلة أو الإشكالية هنا هي أن الدولة في العادة لا تنجح في تلبية كل حاجات و طلبات مواطن "الهم الحقيقي" , فإن نجحت في توفير الأمن فهي تُقصر في الرعاية الصحية , و إن نجحت في توفير الرعاية الصحية تُقصِّر في توفير السكن و هكذا , هذه متلازمة طبيعية و تكاد تتكرر في جميع الدول و المجتمعات , فمن النادر أن تجد مواطن صاحب "هم حقيقي" راضي كل الرضا عن أداء دولته أو الحكومة التي تدير شؤونها
هنا يأتي دور مواطن "الهم السياسي" الذي يستغل حالة عدم الرضا التي يعاني منها مواطن "الهم الحقيقي" فـ يوهمه بأن السبب الحقيقي لعدم حصوله على طلباته هو فساد الدولة الحالية أو الحكومة التي تدير شؤونها و أنه في حال الثورة على هذه الحكومة و إستبدالها بحكومة أخرى – ينتمي إليها مواطن "الهم السياسي" – فسيتمكن من الحصول على جميع طلباته و إراحة جميع "همومه الحقيقية"
بطبيعة الحال ستشعل هذه الإغراءات حماسة مواطن "الهم الحقيقي" فينضم إلى مواطن "الهم السياسي" و يتعاون الإثنان على إسقاط الحكومة – سلمياً في حالة الإنتخابات – و تعيين حكومة مواطن "الهم السياسي" مكانها لينكشف المستور , و المستور هو أن الحكومة الجديدة لن تنجح في تلبية جميع طلبات مواطن "الهم الحقيقي" الذي سيستمر في التذمر بينما تمرر حكومة مواطن "الهم السياسي" مصالحها و قوانينها كما تشاء إلى أن يتكرر السيناريو السابق مرة أخرى
هذا المثال المبسط لم يأتي من فراغ , فهو سيناريو واقعي يتكرر في كل الديموقراطيات العريقة في العالم و بشكل شبه يومي , فالمواطن الأمريكي صاحب "الهم الحقيقي" لم تتحقق كل أحلامه و طلباته بوصول المواطن أوباما صاحب "الهم السياسي" للسلطة , و تذمر المواطن البريطاني صاحب "الهم الحقيقي" لم تتوقف بعد وصول المواطن كامرون صاحب "الهم السياسي" للسلطة , هذه طبيعة الحياة و العلاقة بين مواطن "الهم الحقيقي" و الدولة
لا شك في أن النظام الديموقراطي المتكامل و إكتمال آلية تداول السلطة تضمن للدولة و مواطن "الهم الحقيقي" بعضا من الإستقرار و تلبية الحاجات إلا أنها ليست الضمانة الوحيدة , فقبل أسابيع إجتمعت بأحد مسؤولي الحكومة البريطانية الذي أثار معي قضايا الربيع العربي و الحكومة الشعبية فقلت له بأني اليوم لا أشعر بالأسى من أجل المواطن المصري و الليبي , بل أشعر بالأسى من أجل المواطن البريطاني صاحب "الهم الحقيقي" , المواطن البريطاني الذي يعتقد أنه يعيش في ظل حكم ديموقراطي و حكومة شعبية قادها المواطن توني بلير صاحب "الهم السياسي" و الذي ضلل شعبه و أدخله في حربين لا ناقة له و لا جمل فيها , و المصيبة هي أن هذا المواطن البريطاني صاحب "الهم الحقيقي" لا يزال يدفع و يعاني من تبعات هذه الحروب المتهورة من خلال زيادة الضرائب و تعرض بلاده للأزمات الإقتصادية الخانقة
اليوم في الكويت برزت لنا مجاميع من مواطنين "الهم السياسي" لتُسوِّق لنا فكرة الحكومة الشعبية و النظام الديموقراطي المتكامل الذي من خلاله سينعم مواطن "الهم الحقيقي" بكل ما يطمح إليه من حاجات كالصحة و الأمان و التعليم و السكن , خصوصاً و أن كل ذلك يأتي في ظل فشل الدولة – نسبياً – في تلبية هذه الهموم و الحاجات , و المشكلة هنا و بسبب رداءة الطرفين نجد أن مواطن "الهم السياسي" لم يتعب نفسه في شرح الكيفية التي سيلبي فيها حاجات مواطن "الهم الحقيقي" الذي لم يتعب نفسه أصلاً بالسؤال , هكذا أدخلنا الإثنان في حالة من الفوضى السياسية و الفكرية التي لم نعد نعرف كوعنا من بوعنا في دهاليزها
يعتقد البعض للأسف بأن الديموقراطية أو إختيار الشعب لمن يدير شؤونه هي الحالة الفطرية في الدولة , لكن الحقيقة هي أن النظام الديموقراطي جاء كـ علاج لمرض مزمن كان يعاني منه مواطن "الهم الحقيقي" سابقاً و هو أن هذا المواطن يؤدي واجبه للدولة من خلال دفع الضريبة , فيقوم الحاكم أو الحكومة بأخذ هذه الأموال و يقوم بصرفها في مصالحه و مصالح من حوله و يهمل "الهموم الحقيقية" للمواطن , هكذا جاءت فكرة الديموقراطية كأفضل العلاجات التي تخول مواطن "الهم الحقيقي" دافع الضرائب لإختيار و مراقبة من يدير أمواله , و في حال فشل من إختارهم في المرة السابقة فتداول السلطة يتيح له إختيار فريق آخر في المرة القادمة
المشكلة في الكويت أن المرض مختلف , و بالتالي فإن العلاج يجب أن يكون مختلف أيضاً , فالمواطن لا يدفع ضريبة للدولة و لا يؤدي أي واجب فعلي إتجاهها , لذلك و من خلال القياس على تجربة التصويت لمجلس الأمة نجد أن هذا المواطن الكويتي صاحب "الهم الحقيقي" سهل الإنقياد لمواطن "الهم السياسي" و هو يتساهل أيضاً في التفريط بأصواته التي لا يخضعها للمعايير الموضوعية لـ"همومه الحقيقية" , و هذا ما يجعلنا متيقنين من أن عدم إنضباطية هذا المواطن في التصويت لمجلس الأمة ستنتقل أوتوماتيكياً إلى تصويته للحكومة الشعبية مما لا يبشر بأي تطور حقيقي في قدرة الدولة على تلبية حاجات و هموم مواطن "الهم الحقيقي"
نكرر مرة أخرى بأن المرض الذي تعاني منه الكويت يختلف جذرياً عن المرض الذي تعاني منه الدول الأخرى , لذلك فعلاج الحكومة المنتخبة لن يداوي الكويت و يلبي مطالب مواطنيها , بل على العكس من ذلك , فالحكومة المنتخبة التي يرتبط أعضاءها إرتباطاً مباشراً بناخبيهم – الغير منضبطين – ديموقراطياً بالدولة سيحول هذه الحكومة إلى حكومة فئوية تعامل المواطنين بعقلية نائب المعاملات و تمارس الإقصاء الذي يمارسه المواطنين بينهم و بين بعضهم في حياتهم اليومية , بل أنها قد تساهم في هدر ما تبقى من مدخرات الدولة بعد أن أهدرت الحكومات السابقة بعضها إرضاء لأهواء ناخبيها , و لا نستبعد أن تدمر هذه الحكومة الشعبية علاقات الكويت الخارجية كما يفعل نوابنا المطافيق حالياً كلما برزت أزمة هنا أو هناك
نعم الكويت تعاني من الأمراض , و نعم النظام الحالي سيء بكل ما فيه بداية بنصوص الدستور و إنتهاءً بتطبيقه , إلا أننا لن نغامر بعلاج هذه الأمراض بطريقة عشوائية و عاطفية من خلال دغدغة مشاعر مواطن "الهم الحقيقي" بشعار الحكومة المنتخبة , فعلاج السرطان يختلف عن علاج السكر , و علاج السكر يختلف عن علاج التجلطات الشريانية , فإن كنتم حريصون بالفعل على المريض عليكم البحث بحرص عن الطبيب