يعتبر كتاب "العادات السبع للأشخاص
الأكثر تأثيراً" من أنجح الكتب في العالم و أكثرها مبيعاً , و من قرأ الكتاب
سيتذكر بأن العادة الثانية من هذه العادات هي "حدد النتيجة التي تريد الوصول
إليها قبل بداية العمل" , و يشرح المؤلف - المرحوم ستيفن كوفي - بأن الشخص
الناجح هو الذي يحدد أهدافه من العمل الذي يقوم به قبل البدء فيه و ليس بعد
البداية أو في منتصف الطريق , فمن يهدف للذهاب إلى المنامة عليه أن يسلك الطريق
الذي سيوصله إلى المنامة , لا أن يركب السيارة و يقودها بلا هدف أو وجهة محددة ثم
يقف بعد 5 ساعات و يتذمر من عدم وصوله للمنامة أو الرياض أو بغداد !!
من خلال هذا المبدأ كتبت اليوم في تويتر :
سؤال يحتاج إلى إجابة صريحة و شجاعة ممن سيشارك في مسيرة اليوم..هل تعتقد بأن سقوط
حكم الصباح في هذه المرحلة لصالح الكويت و تطورها للأفضل ؟ و قد جاءت الإجابات على
هذا السؤال كما توقعت تماماً , فعدد كبير من المشاركين في المسيرة رفضوا أصلاً
الربط بينها و بين حكم الصباح , و منهم من أعلن الولاء للأسرة و قال بأن المسيرة
لإعلان رفض مراسيم الضرورة فقط و ليست لإسقاط الحكم و الحاكم .
لا أشك شخصياً في صدق و صراحة من أجابني على
هذا السؤال لكن أقول للجميع بأنكم عندما تشاركون في هذه المسيرة و غيرها من
الفعاليات القادمة فأنتم تقومون بأنشطة "سياسية" , و الذي يقوم بالأنشطة
السياسية يفترض فيه التمتع بالحس السياسي الواقعي أو "الكومن سنس" الذي
يؤهله – على الأقل – لتحديد الهدف الذي يريد الوصول إليه و الطريقة المثالية
لتحقيق هذا الهدف .
لقد رأينا جميعاً سيناريوهات الربيع العربي
بدءا من تونس ثم مصر ثم ليبيا و البحرين و اليمن و سوريا , و رأينا جميعاً كيف
بدأت الثورات و كيف تطورت ثم إلى أين إنتهت , كلها بدأت بـ"الشعب يريد إصلاح
النظام" لكنها تطورت سريعاً إلى "الشعب يريد إسقاط النظام" , و
السؤال هنا مالذي يحدث في الفترة ما بين شعاري الإصلاح و الإسقاط ؟
الإجابة هي خيار الشعب أو الثوار في النزول
إلى الشارع و "تهيئة المسرح" للتصادم مع قوات الأمن الذين سيواجهون
بدورهم المتظاهرين و ستحصل نتيجة ذلك إصابات و إعتقالات و ربما يسقط القتلى فتتحول
الثورة أو المظاهرة السلمية المطالبة بـ"الإصلاح" إلى مظاهرة عنيفة مطالبة
بـ"إسقاط النظام و محاكمة رموزه" .
أكرر مرة أخرى بأن هذا السيناريو تكرر في 6 دول
عربية خلال الأشهر القليلة الماضية و ليس من المستبعد أن يتكرر هنا في الكويت ,
خصوصاً و أن رموز و قادة هذا الحراك خبراء في عملية "تهيئة المسرح"
للصدام و تهييج الجماهير , و ما عليكم إلا دخول اليوتيوب لمشاهدة هذه الصدامات و
حالة الهستيريا التي يعيشها المتظاهرون .
أنا هنا لا أحاول ثنيكم عن المشاركة في
المسيرة , لكني فقط أوضح كيف يمكن أن تتطور , و إلى أين يمكن أن تصل تبعاتها ,
أقول ذلك حتى لا يأتي أحدكم لاحقاً و يقول بأنني شاركت في المسيرة لكنني أرفض
تصرفات فلان و فلان ممن كانوا يتقدمونها , أو شاركت في المسيرة لكنني أرفض الكلمة
التي قالها مسلم البراك أو وليد الطبطبائي فيها .
أنا شخصياً أقر بالحق الدستوري لسمو الأمير
في إصدار مرسوم الضرورة القاضي بتقليص عدد الأصوات لكنني أقولها و بالفم المليان
"هذا المرسوم يتعارض مع المباديء الدستورية" لدستور دولة الكويت الذي حذر
مرارا و تكرارا من تأثير السلطة على نتائج إنتخابات مجلس الأمة , نحن لا نجزع من
قول الحق , لكننا أيضا لا نخاف من قوله لجميع الأطراف حتى لا نصبح "شديدين
العقاب" على طرف و "رؤوف رحيم" على الطرف الآخر .
أكرر مرة أخرى بأن من حقك عدم الترشح في هذه
الإنتخابات – و هذا خياري الشخصي – و من حقك عدم المشاركة في الإنتخاب , و من حقك
الكتابة عن رفضك لهذه المراسيم , و من حقك القيام بالإعتصام الميداني و غيره من
الأنشطة لكن ليس من حقك مخالفة القانون , و ليس من حقك التفلت على قوات الأمن و "تهيئة
المسرح" للتصادم معهم .
شارك في المسيرة و جرب متعة التعبير عن الرأي
و الإعتراض على السلطة , لكن عليك أيضاً أن تنتبه إلى أفعال و أقوال قادة هذه
المسيرة و أن تراقب ما يحاولون القيام به على حسابك , ثم عليك أن تسأل نفسك هذا السؤال : هل
يشرفني و يليق بي و بمبادئي و بثقافتي أن أتبع هؤلاء ؟ أليس إعتراضك على السلطة و
سلبياتها هو من أتى بك إلى المسيرة في المقام الأول !؟ فلماذا لا تتخذ نفس الموقف
من سلبيات رموز المسيرة و قادتها ؟ في السياسة ليس هناك سالب و موجب و خير و شر و
ملائكة و شياطين , فالطريق مفتوح دائماً للأفكار الجديدة و الأساليب المبتكرة في
التعبير عن تأييد حمّود أو الإعتراض على عبود !!
أنا شخصياً طبقت ما تعلمته من كتاب "العادات
السبع" و حددت هدفي بوضوح , أنا أعترض على سوء أحوال البلد الذي تسببت فيه السلطة
التنفيذية , و أعترض أيضاً على أسلوب آل الصباح في إدارة الدولة و تأثير صراعاتهم
عليها , لكنني أيضاً لست مغفلاً حتى أستبدل إستبداد الصباح بمن هم أكثر منهم إستبداداً
, و لست أحمقاً حتى أساهم في إسقاط حكم المشيخة الوراثية لأستبدلها بحكم مشيخة
دينية أو قبلية .
من يرفض تهور السلطة عليه أن يبحث عن العقلاء
و لا يتبع من هم أكثر تهوراً , من يرفض قمع السلطة عليه أن يبحث عن المتمسكين بحكم
القانون و لا يتبع خارقيه , من يرفض إنتهاك الدستور عليه أن يبحث عن المؤمنين حقاً
به و لا يتبع مقتطعيه و ممزقيه و منتقصيه .
نحن اليوم أمام مسؤولية تاريخية , و علينا أن
نكون على قدر الحدث , و التاريخ سيذكر وجودكم في المسيرة و سيذكر ما سيقوم به
رموزها من أفعال و أقوال , و لكنه لن يذكر إعتراضكم على وقاحة الرمز فلان أو
الإندفاع الغير مبرر لـ فلنتان , و في النهاية , أتمنى أن لا تصدق توقعاتي بتطور
الأمور إلى الأسوأ من جراء حتمية الصدام الذي تُسَنٌّ له السيوف .
اللهم إحفظ الكويت و شعبها من كل مكروه .