و الخلاصة , أن الشيخ عبدالله المبارك لم يكن الشخص الذي يرتاح الانكليز له , لاستقلاله برأية و اعزازه بنفسه , لذلك فقد حرصوا على ابعاده عن السلطة قبل حصول الكويت على الاستقلال
و نلاحظ هنا الاهتمام الكبير الذي توليه القوى العظمى – بريطانيا أمس و أمريكا اليوم – لتفاصيل الأحداث السياسية الكويتية , بل أنها لا تتوانى عن التدخل في حياكة هذه الأحداث بطريقة مباشرة أو غير مباشرة
مع العلم أن الدكتورة سعاد تتكلم هنا عن كويت عام 61 , أي قبل نصف قرن تقريبا , عندما لم يكن هاجس نضوب النفط موجودا , و لم تكن ايران العدوة الأولى للقوى العظمى , و لم تكن هناك حرب على الارهاب , فما بالكم و سعر برميل النفط اليوم كسر حاجز المئة و عشرين دولار و دربه خضر نحو المئتين دولار , اعتقد أن هذا المؤشر وحده كفيل بمضاعفة أهمية الكويت للقوى العظمى – بل العالم أجمع – مئة مرة أو أكثر, و من المهم هنا أن نذكر بأن أهمية الكويت تتضاعف في حين أن قوة الكويت العسكرية و السياسية في تقهقر ملحوظ , و البلد شبه فلتانه
و من هنا نعود الى سؤال المقالة السابقة , ما هي العوامل التي تسيء أو تحسن العلاقة بين الدولة العظمى و الدول الأخرى ؟ و لكي نكون أقرب الى الواقع فنحن نتكلم هنا عن علاقة الكويت بالولايات المتحدة الأمريكية بالتحديد
أعتقد شخصيا بأن على كل كويتي شريف أن يبروّز و يعلق تصريح كونداليزا رايس أعلاه فوق سريره أو على مكتبه بجانب صور أبنائه و زوجته لكي تكون هذه الكلمة أمامه طوال الوقت ليتذكر دائما كيف يقيس الأمور و يعرف مكانه الحقيقي على الخارطة و أين كان و الى أين سيكون
فكلام الاستاذة رايس واضح , عطونا مصلحتنا انتوا فيري أوكيه , ما تعطونا مصلحتنا انتوا فيري مو أكويه , و السؤال هنا مالذي قد يجعل دولة صغيرة ضعيفة تتجرأ على عدم التسليم للقوى العظمى و تبادل المصالح معها ؟
بالعودة الى التاريخ القديم و المعاصر أستطيع أن ألخص الجواب على هذا السؤال في ثلاث عوامل رئيسية
الحكم الآيديولوجي
عندما تسيطر الآيدلوجيات على العقول و يبدأ الناس بالتصرف على حسب معتقداتهم الفكرية – الدينية أو القومية - بغض النظر عن تبعاتها السياسية قد يؤثر ذلك على العلاقة بين الدولة و القوى العظمى , لا أشك للحظة بمدى صدق و ايمان أحمدي نجاد بمعتقادته الدينية , الا أنني لا أستبعد أن تؤثر هذه المعتقدات على وضع ايران الدولي
و قد يرى البعض أن عمق ايران التاريخي و حجمها الجغرافي يسمح لها بتحدي الدول العظمى و التمرد عليها , الا أنني لا أعلم من يظن محمد هايف نفسه ليصرح هذا التصريح
قد تتمرد الدول على القوى العظمى في حالة علمها المسبق باستعداد دول عظمى أخرى للدفاع عنها , و نذكر هنا قصة ملك اسرائيل الذي كان يتمتع بحماية فرعون مصر – دولة عظمى - مما دعاه الى عدم الخضوع لملك بابل – دولة عظمى – و التسليم له, مما أدى الى غزو البابليين لاسرائيل و حرقها عن بكرة أبيها و من ثم هدم معبد سليمان و تهجير أهلها الى بابل , و أعتقد أن هذا هو سبب انتشار الديانة اليهودية في ايران و العراق
تضارب المصالح الصارخ بين الدولتين – أو الحاكمين
أحيانا تكون مصالح القوى العظمى باهظة الثمن الى حد لا يسمح للدولة بالتضحية من أجلها , و من هنا فان الخيار الوحيد أمام الدولة هو المغامرة و مواجهة القوى العظمى و تحمل ما سيأتيها من ويلات , و ربما يكون مثال تحدي صدام حسين لأمريكا أقرب مثال على ذلك
و بالعودة الى العلاقة الكويتية الأمريكية نجد انها تتسم بالتحابب في أغلب الأوقات الا أن الأمريكان لا يتوانون أحيانا عن توجيه الانتقادات اللاذعة للكويت , خصوصا في مجال حقوق الانسان و عشوائية العمل الخيري
و للأسف فان المسؤولين هنا يتصرفون بطريقة الفزعة و دهان السيور و التضبيط مع هذه التصريحات , فالحكومة تفرط بالاهتمام بالشأن المحلي و مصالحها مع أعضاء مجلس الأمة الى درجة تجعلها تنسى نفسها و مصالحها الدولية و الاقليمية
ربما تكون لي تحفظات كثيرة على السياسة الأمريكية الخارجية الحمقاء الا أنني أعلم يقينا بأن مصلحة الكويت و أمنها الدولي يحتم عليها تعزيز علاقتها بالولايات المتحدة و التصرف بجدية اتجاه هذه الملاحظات , مع الحفاظ بالطبع على استقلالية و كرامة الدولة
انتهى
تلخيص للسلسلة
.
مخاطر انهيار العلاقة المصلحية بين الدول و القوى العظمى تتأثر بثلاث عوامل رئيسية