Sunday, January 17, 2010

مجلس الأمة , فساد رقابي و إفساد تشريعي - 1

منذ بداية طرح النائب ضيف الله بو رمية لموضوع اسقاط القروض أو فوائدها و أنا أحاول جاهدا تحاشي الكتابة عن هذا الموضوع أو التعرض له بشكل مباشر , و السبب في ذلك يعود لعدة عوامل أولها قناعتي التامة بأن هذا الإقتراح لا يعدو كونه محاولة نائب \ مرشح دغدغة مشاعر ناخبيه و ضمان الحصول على أصواتهم في ظل ضعف إنتاجيته الجدية في البرلمان , أما العامل الثاني لعدم الخوض في غمار هذا الموضوع فهو عدم إنتمائي الشخصي لفئة المتضررين من القروض , و هذا ما جعلني أتردد في الكتابة عنه خشية تحول النقاش الى هجوم و إتهامات خاصة مع الشحن العاطفي و الجماهيري المصاحب له , لكن ما جعلني أغير رأيي اليوم و أبدأ في الكتابة عنه هو اعتقادي بأن مراحل قصة القروض من الألِف الى الياء تلخص أغلب الأمراض التي تعاني منها الكويت , من بداية خلق المشكلة ثم تجاهلها الى ان تتضخم ثم تدخل عوير و زوير في تشخيصها و من ثم طرحهم للحلول الفوضوية لها مع غياب تام لأهل العقل و الرأي الى أن تم التصويت عليها , بإختصار , هذه هي الكويت
.
ربما أكون قد أخطأت في اعتقادي بأن هذا القانون ساقط وراثيا و لن يمرره مجلس الأمة المتخم بالأعضاء الشرفاء و المحنكين تشريعيا , لكن القانون تطور و وصل الى شكله الحالي و نجح في المرور بـ 35 صوتا و هو الآن بإنتظار الكلمة النهائية لسمو الأمير الذي نتوقع منه رد القانون و إعادة العقول الى نصابها
.
قبل الدخول الى نقد القانون علينا التفكير بجذور المشكلة و أسباب تفاقمها مما يعني أننا نحتاج للعودة الى ما قبل القانون و شرح أساسيات القروض كوسيلة تمويل و سلعة تمويلية , لذلك سنبدأ هذه السلسلة بالحديث عن الاقتراض كـ خيار تمويلي , فعلى بركة الله نبدأ
.
الإقتراض
.

يواجه الانسان في حياته الكثير من الأعباء المادية التي قد لا يتمكن من التكفل بها عبر وسائل التمويل الذاتي , و في العادة تتمركز هذه الأعباء عند نقاط محددة في حياته و هي نقطة شراء السيارة , الدراسة في الخارج , شراء أو ترميم منزل , إنشاء مشروع تجاري أو الحاجة الى العلاج المكلف لا سمح الله , و أمام صعوبة تمويل الفرد لهذه الحاجات ذاتيا نجده يبدأ بالبحث عن وسائل التمويل الخارجي و التي يعتبر الإقتراض أكثرها سهولة و شيوعا , فالقرض وسيلة متطورة تضمن للعميل الحصول على مبلغ يسدد به حاجاته الآنية مقابل التزامه في رد هذا المبلغ على دفعات شهرية بالإضافة الى الفائدة المضافة و التي ترتبط بعدة عوامل أهمها حجم القرض و الفترة الزمنية التي يحتاجها العميل لتسديده
.
و مع تطور استيعاب الناس لثقافة الإقتراض تطورت المؤسسات المالية و التجارية لتواكب هذا التطور , فأصبحنا نرصد توسع الأفراد في استخدام آلية الإقتراض و لم يعد هذا الخيار للحصول على ضرورات الحياة بل تحول الى وسيلة للتمتع بالكماليات و وسائل الرفاهية كـ شراء السيارات الفارهة و المجوهرات و الآلات الألكترونية و حتى الرحلات السياحية , بطبيعة الحال ساهمت هذه الثقافة في نشر عدة مفاهيم خاطئة بين أفراد المجتمع كثقافة الاستهلاك و الاهتمام المبالغ به في المظاهر و التنافس في البذخ على الكماليات مع غياب شبه تام لثقافة الإدخار و القناعة بذات اليد و التخطيط للمستقبل مع الاعتماد على النفس
.
و بسبب تشبع غالبية أفراد الشعب الكويتي بثقافة الإستهلاك و تجاهلهم الواضح للإدخار بدأت تظهر على السطح العديد من الأصوات المتذمرة من هذه الأعباء المالية و المنادية بوجوب تدخل الحكومة للمساعدة , هذا ما دفع الحكومة للتدخل السريع في كبح جماح المواطنين نحو الإقتراض من خلال الزام المؤسسات التجارية و المالية بإستخدام نظام الساي نت و تخفيض نسبة السماح للإقتراض من 50 الى 40 بالمئة من الدخل الشهري للعميل , الا أن هذه المحاولات باءت بالفشل أمام مطالبات الناس بالمساعدة الحكومية
.
و في ظل ارتفاع أسعار النفط الى مستويات قياسية خلال السنوات السابقة حققت حكومة الكويت فوائض مالية عملاقة و بدأنا نقرأ اعلانات شبه يومية عن تبرعات بمئات الملايين لمساعدة حكومات صديقة و شقيقة , و قد أثارت هذه الاعلانات حفيظة نسبة كبيرة من المواطنين الذين وجدوها فرصة مناسبة لإحياء المطالبات الشعبية بإسقاط القروض و التخفيف عن كاهلهم , و قد تبرع النائب الفاضل ضيف الله بو رمية مشكورا بقيادة هذه المطالبات التي شهدت مساجلات عديدة بينه و بين وزير الصندوق العربي الوجيه بدر الحميضي
.
و قد ركز الحميضي آن ذاك على أن الكويت لا تعاني من أزمة قروض , فالمتعثرين نسبة قليلة جدا من المقترضين و كل حاجة تمام يا أفندم , أما بو رمية و فريقه فقد ركزوا على نقطة مهمة جدا و هي انعدام الشفافية في عقود الإقتراض و تغير نسبة الفائدة التي لا يعلم عنها العميل , و هذا ما تسبب في احساس العميل بأنه ضحية عملية نصب و احتيال , فقد إقترض مبلغ 20 ألف و سدد حتى الآن 30 ألفا و لا يزال مديون للبنك
.
هذا ما سيجعلنا نضطر لشرح النظام المالي للبنوك بشكل مختصر لكي تتضح الصورة و مواطن الخلل
.
يتبع

13 comments:

مركبنا said...

"تلخص أغلب الأمراض التي تعاني منها الكويت , من بداية خلق المشكلة ثم تجاهلها الى ان تتضخم ثم تدخل عوير و زوير في تشخيصها و من ثم طرحهم للحلول الفوضوية لها مع غياب تام لأهل العقل و الرأي الى أن تم التصويت عليها , بإختصار , هذه هي الكويت"


لخصت بهذه العباره كل ماسينا !
متابعه وبشغف

AyyA said...

تسجيل متابعه
شكرا مطقوق

The Doctor said...

صح لسانك .. (اقرأ مدونتي اليوم)

بانتظار الجزء الثاني

Mohammad Al-Yousifi said...

هلا هلا بالحلوين

ليش ماكو تعليقات ؟

يكن الناس عبالهم البوست طويل؟

هاها

عيل عناد اقول ان هالمقالة أقصر وحدة من خمس مقالات

و عناد زيادة بسويهم ست مقالات دعاية


و خل التعليقات تطيح بجبودهم

عموما

المقالات سوف تتحدث عن المواضيع التالية

1- عن ما هو القرض؟

2- فكرة عن الاقتصاد العالمي و تأثيره علينا

3- الفرق بين البنك التقليدي و الإسلامي

4- قوانين المال الطبيعية

5- نقد تفصيلي لقانون اسقاط الفوائد

و المقالة الأخيرة لم أكتبها حتى الآن

6- بعض الحلول المقترحة

شكرا

مَـــــعْــــمَــــعَـــــه said...

نتفق على عدم اسقاط القروض وحتى الفوائد ولكن على الحكومة التدخل لكبح جماح البنوك خصوصا بمسأله تراكم الفوائد

بانتظار البقية

M said...

في الانتظار !
شكرا مطقوق

الدســتور said...

تبيني أعلق ولا أنطر لما تخلص أحسن
:))

شوف في بداية السالفة أتمنى أنك ماتعمم
ثانيا الكلام المتداول بأن المتعثرين نسبة ضئيلة هذا كلام باطل

راجع تقارير ادارة التنفيذ وسترى العجاب

7asoon said...

سرد موفق للحقائق مطقوق... حبيت المقدمه و التعاريف بعد
ناطرين التالي

Mozart said...

اللي ما عندوش ما يلزموش و اللي ما يقدر يسدد لا يقترض قروض مهولة

شكرا مطقوق

مـغـاتيــــــــــــر said...

المقالة مو طويلة

متابعين بس ننتظر الأجزاء كلها

فريج سعود said...

عقود القروض المبرمة بين العميل والبنك ربما تعتبر عقود اذعان (اكراه) بالقانون وهي قابلة للابطال لان فيها شروط مجحفة وليس للعميل بديل عنها

blacklight said...

ناطر بارت تو
وبحكم أنك اقتصادي محنك يا ليت تبين انه القرض يعتبر عمليه استثماريه وليس سلفه عاديه فقيمة النقود اليوم ليست كقيمتها بعد 5 سنوات مثلا وانتوا أهل الأقتصاد أخبر.

Mohammad Al-Yousifi said...

الساعة 12 انشاءالله تنزل المقالة 2

بالنسبة للأخوة بو دستور و بلاك لايت

حاولت أغطي الموضوع من جميع الجوانب و اتمنى انكم تحكمون عالسلسلة بعد نهاية الحلقة 6

بلاك قانون التايم فاليو اوف موني موجود في الحلقة 4

طول بالك

ودي اكتب عن سالفة العريفي بس اذا كانت حية لي بعد هالسلسلة نكتب عنها

شكرا