تحدثنا في المقالات السابقة عن بحث الأموال حول العالم عن فرص مناسبة للإستثمار و عن ارتباط المُقترض المحلي بما يقرره مدير البنك الفيدرالي الأمريكي و عن الاختلاف ما بين البنوك التقليدية و ما يُطلق عليه اسم الاقتصاد الاسلامي , و الآن سأتحدث عن بعض أساسيات عالم الاقتصاد و التمويل حتى تتضح الصورة للقاريء الكريم
.
يخضع الانسان في العادة للقوانين الطبيعية مثل قانون تعاقب الليل و النهار و قانون النمو و الشيخوخة الذي لا يستطيع كائن من كان نفيها أو نفي وجودها و يعلن عدم ارتباطه بها , كذلك تخضع الأموال لقوانين اقتصادية و تمويلية لا تستطيع الخروج عنها , سأحاول تقديم شرح بسيط لأهم هذه القوانين
.
قانون العرض و الطلب
.
يخضع الانسان في العادة للقوانين الطبيعية مثل قانون تعاقب الليل و النهار و قانون النمو و الشيخوخة الذي لا يستطيع كائن من كان نفيها أو نفي وجودها و يعلن عدم ارتباطه بها , كذلك تخضع الأموال لقوانين اقتصادية و تمويلية لا تستطيع الخروج عنها , سأحاول تقديم شرح بسيط لأهم هذه القوانين
.
قانون العرض و الطلب
Supply & Demand
.
يرتكز هذا القانون على أن سعر أي سلعة أو خدمة يرتبط بـ عاملين رئيسيين هما العرض و الطلب , فلو زاد الطلب على السلعة مع عدم تغير العرض سيزداد سعرها - و ليس قيمتها - تلقائيا , و لا إعتراض على ذلك , أما في حالة نقص الطلب على سلعة مع بقاء العرض على ما هو عليه فسيهبط سعرها تلقائيا أيضا
.
أفضل مثال على زيادة الطلب و بقاء العرض هو أسعار الأغنام قبل أسابيع من حلول عيد الأضحى المبارك , ففي هذه الحالة تتضاعف أسعار الأغنام لأن الطلب أكبر بكثير من العرض , أما الحالة الثانية فهي تنطبق على أسعار تأجير المكاتب التجارية في العاصمة , فأسعار المتر هبطت من 14 دينار الى 7 و أقل بسبب كثرة العرض و قلة الطلب بعد الأزمة المالية الأخيرة , و يركز قانون العرض و الطلب على ديناميكية الأسواق أي أن حالة انخفاض أو ارتفاع السلعة سيستمر الى أن يتغير العامل الآخر لتتحول الأسعار الى الاتجاه المعاكس , و هذا ما يجعل أسعار الأغنام تهبط الى المعدل الطبيعي بعد العيد بأيام قليلة , و هذا ما سيجعل أسعار تأجير المكاتب ترتفع في حالة الازدهار الاقتصادي و دخول المزيد من الشركات الأجنبية للدولة
.
القيمة الوقتية للمال
Time Value of Money
.
يعتمد هذا القانون على تغير القوة الشرائية للمال مع مرور الوقت , و بسبب عامل التضخم يتجه هذا التغير الى السالب في أغلب الأحيان , أي أن المئة دينار اليوم لها قوة شرائية أكبر من نفس المئة دينار بعد خمس سنوات , و المثال المحبب الى قلبي في التدليل على هذا القانون هو ذكريات والدي الذي يقول بأن المئة فلس في أيامه كانت تشتري عصير و بفك و كتكات و باكيت زقاير للي يدخن , أما في وقتي كنت أحتاج الى خمسمئة فلس لشراء نفس السلع , و اليوم أعتقد أن الدينار لن يكفي لشراء هذه السلع , و هذا المثال ينطبق على جميع السلع تقريبا من الأراضي و السيارات و غيرها من الأمور مع الأخذ بالاعتبار قانون العرض و الطلب
.
تكلفة الفرصة البديلة
Opportunity Cost
.
يقوم هذا القانون على افتراض أنك تملك ألف دينار , و أمامك عدة فرص للاستثمار , و لكل فرصة عائد مختلف عن الأخرى , فأنت تستطيع أن تضع الألف في وديعة و تحصل على عائد 3% , و تستطيع أن تشتري بضاعة و تتاجر بها لتحقق 15% , و تستطيع أن تدخل بها البورصة و تحقق عائد 20% , لكن قانون تكلفة الفرصة البديلة يحذرك من أن اختيارك للوديعة سيجعلك تربح 3% و لكنك ستخسر الـ 15 و الـ 20 بالمئة , أي أنك لن تستطيع تحقيق كل العوائد في نفس الوقت , و تحقيقك لأحد الأهداف سيجعلك تخسر الأخرى , و هذا ما يجعل الأموال حول العالم في حالة بحث دائم عن أفضل الفرص للاستثمار , فتحقيقك لربح 5% قد يعتبر خسارة لفرصة أخرى حقق منها غيرك 15% , و تحقيقه للـ 15 قد يعتبر خسارة لفرصة بديلة تحقق عائد أكبر
.
و بالعودة الى نظرية الإقتصاد الاسلامي – تسمية تجاوزية – نلاحظ أنها تجاهلت تماما هذه القوانين , فهذه النظرية قائمة على عالم خيالي ليس به تضخم و بالتالي لا تتغير فيه القيمة الشرائية للنقود مع الوقت , فلو قام شخص بإقتراض 1000 دينار مني اليوم و أعادها لي 1000 دينار بعد خمس سنوات سأعتبر نفسي خاسرا و ليس مسلما صالحا , فقد خسرت جزء من القوة الشرائية لأموالي أولا و خسرت فرصة استثمارية بديلة ثانيا , و السؤال الذي يطرح نفسه من سيعوضني عن هذه الخسارة ؟ بل السؤال الأهم ما الذي سيجبرني على الإقراض وفق هذه الشروط ؟
.
لذلك اتخذت المؤسسات المالية الإسلامية طريق التحايل أو الالتفاف على جزئية الربا لكي تمارس أعمالها بشكل ينسجم مع القوانين أعلاه و لا يعرضها لخسارة القيمة الوقتية للمال و الفرص البديلة , و هذا ما يجعلنا نُشكك في سلامة منطق وجود اقتصاد اسلامي من الأساس , فـ حتى لو قررت أحدى الدول الإسلامية فرض هذا النظام على جميع مؤسساتها المالية – كما نصت المادة التاسعة من قانون اسقاط فوائد القروض – حتى لا تتعامل بالربا المحرمة فكيف ستُجبر بقية دول العالم على الأخذ بهذا النظام و نسف عنصر التضخم من اقتصاداتها ؟ و إن لم يقبل الاقتصاد العالمي بتغيير نظامه من أجلنا هل سنتمكن من عزل أنفسنا عنه كي نحافظ على نظافة أموالنا و خلوها من الأرباح الربوية ؟ و سؤالي للمبحرين في أمواج البنوك الاسلامية هل أموال بنوككم بهذا النقاء و الصفاء ؟ ألا تتعاملون مع البنوك الأجنبية و تمتلكون العقارات و محافظ الأسهم في شركات أجنبية تختلط أموالها بالربا و أنواع التجارة المحرمة ؟
.
أكرر سؤالي الأهم في الأعلى و هو ما الذي سيجبر أي شخص أو مؤسسة على الإقراض وفق المفهوم الإسلامي الحقيقي لتحريم الربا ؟ يعني تقرض ألف و تعود لك ألف بعد خمسة أو عشرة سنوات ؟ ألن تفكر حينها بأن الأفضل لك أن تضع هذه الألف في أماكن أكثر ربحا كالودائع و صناديق الاستثمار و المشاريع التجارية ؟ و إن امتنع الجميع عن الإقراض لأنه خسارة أكيدة فمن أين سيقترض الناس لسد حاجاتهم الآنية ؟ من سيتمكن من شراء سيارة ؟ أو منزل ؟ أو تأسيس مشروع تجاري ؟
.
قد يرد علي أحدهم و يقول بأن من سيقوم بهذا العمل هو من يفضل عمل الخير و تحقيق أرباح الآخرة الأهم من أرباح الدنيا و هنا سنقول بأن هذا جيد , لكن البنك ليس مؤسسة خيرية ليقوم بهذا العمل , نعم عمل الخير ممتاز و له مؤسساته المتخصصة كاللجان الخيرية و بيت الزكاة لكن البنوك التقليدية و " الإسلامية " مؤسسات تجارية لها الآلاف من المُلاك الذين سيحاسبون مجلس الإدارة على خسارة الدينار و لن يقبلوا بتحقيق الخسائر الدنيوية , بل أن الأموال التي تقرضها هذه البنوك ليست من حر مال البنك إنما هي أموال أصحاب الودائع و الحسابات التوفيرية الذين لن يقبلوا من البنك عدم دفع أرباحهم
.
نعم , في حالة تطبيق روح الإسلام الذي حرّم استغلال حاجة الناس ستنتقل وظيفة الإقراض من المؤسسات المالية الى لجان الأعمال الخيرية , و أنتم تعلمون بأن 99% من المقترضين لن تنطبق عليهم شروط هذه اللجان , فاللجان الخيرية تسد الحاجات و لكنها ليست مسؤولة عن الكماليات و الرفاهيات التي يطمع فيها أغلب المقترضين , فمن يملك ألفان و يريد شراء سيارة عليه التخلي عن فكرة سيارة بسبعة آلاف و البحث عن سيارة بألفين – و هي متوفرة في السوق - , و على من يملك ثلاثين ألفا و يريد الاقتراض لشراء منزل العدول عن هذه الفكرة و يشتري لنفسه شقة بما يملكه من مال , و ينطبق نفس المبدأ على الغير مقتنع بحالته المادية و يريد الإقتراض لتأسيس مشروع تجاري فالأفضل له أن يقتنع بحالته و لا يعرض نفسه للخطر
.
في ختام هذا المقال أوجه دعوة الى فقهاء الدين لتجديد خطابهم و نقله من معسكر الإنعزال في محاربة البنوك و النظام الاقتصادي العالمي الى معسكر البحث و التحليل في تعريف الحاجة , و تحديد الحاجة التي يقترض من أجلها الإنسان و الحاجة التي لا يحق له الاقتراض من أجلها , أيضا عليهم دراسة و تحديد من الذي له الحق في القيام بعملية الإقراض بطريقة لا ربوية ؟ هل هو بيت مال المسلمين الذي يعادل بيت الزكاة اليوم أم البنوك و المؤسسات المصرفية ؟ أيضا على هؤلاء الفقهاء عدم تحميل دين الإسلام ما لا يحتمل
.
فالإسلام له بعض التعليمات في المجال الاقتصادي و التجاري كمحاربة الربا و الغش التجاري الا أن ذلك لا يرقى الى اطلاق صفة النظام عليه , و الاسلام له بعض الإسهامات في المجال الغذائي كتحريم الخمر و الخنزير الا أن هذا لا يعني وجود نظام اسلامي غذائي , و نفس الحالة تنطبق على تعاليم الإسلام في مجال العناية بالبدن و النظافة و هي نصائح ممتازة الا أن ذلك لا يحولها الى نظام صحي متكامل , و أخيرا و ليس آخرا نحن لا نلوم من يُعجب بطريقة حكم الرسول السياسي للمدينة خلال السنوات العشر الأولى للهجرة الا أن ذلك لا يكفي لتطبيقه تحت عنوان النظام السياسي الإسلامي , أنا لا أقول هذا حقدا على الإسلام إنما خوفا عليه , فالطريقة الوحيدة لتطبيق الأنظمة الإسلامية المذكورة هو في تفريغها من محتواها و تركها عارية أمام عبث الجهلة و العابثين كأعضاء مجلس أمتنا المحترمين , الفاسدين المفسدين , و من هذه النقطة ستنطلق مقالتنا الأخيرة في هذه السلسلة
.
يتبع
.
يرتكز هذا القانون على أن سعر أي سلعة أو خدمة يرتبط بـ عاملين رئيسيين هما العرض و الطلب , فلو زاد الطلب على السلعة مع عدم تغير العرض سيزداد سعرها - و ليس قيمتها - تلقائيا , و لا إعتراض على ذلك , أما في حالة نقص الطلب على سلعة مع بقاء العرض على ما هو عليه فسيهبط سعرها تلقائيا أيضا
.
أفضل مثال على زيادة الطلب و بقاء العرض هو أسعار الأغنام قبل أسابيع من حلول عيد الأضحى المبارك , ففي هذه الحالة تتضاعف أسعار الأغنام لأن الطلب أكبر بكثير من العرض , أما الحالة الثانية فهي تنطبق على أسعار تأجير المكاتب التجارية في العاصمة , فأسعار المتر هبطت من 14 دينار الى 7 و أقل بسبب كثرة العرض و قلة الطلب بعد الأزمة المالية الأخيرة , و يركز قانون العرض و الطلب على ديناميكية الأسواق أي أن حالة انخفاض أو ارتفاع السلعة سيستمر الى أن يتغير العامل الآخر لتتحول الأسعار الى الاتجاه المعاكس , و هذا ما يجعل أسعار الأغنام تهبط الى المعدل الطبيعي بعد العيد بأيام قليلة , و هذا ما سيجعل أسعار تأجير المكاتب ترتفع في حالة الازدهار الاقتصادي و دخول المزيد من الشركات الأجنبية للدولة
.
القيمة الوقتية للمال
Time Value of Money
.
يعتمد هذا القانون على تغير القوة الشرائية للمال مع مرور الوقت , و بسبب عامل التضخم يتجه هذا التغير الى السالب في أغلب الأحيان , أي أن المئة دينار اليوم لها قوة شرائية أكبر من نفس المئة دينار بعد خمس سنوات , و المثال المحبب الى قلبي في التدليل على هذا القانون هو ذكريات والدي الذي يقول بأن المئة فلس في أيامه كانت تشتري عصير و بفك و كتكات و باكيت زقاير للي يدخن , أما في وقتي كنت أحتاج الى خمسمئة فلس لشراء نفس السلع , و اليوم أعتقد أن الدينار لن يكفي لشراء هذه السلع , و هذا المثال ينطبق على جميع السلع تقريبا من الأراضي و السيارات و غيرها من الأمور مع الأخذ بالاعتبار قانون العرض و الطلب
.
تكلفة الفرصة البديلة
Opportunity Cost
.
يقوم هذا القانون على افتراض أنك تملك ألف دينار , و أمامك عدة فرص للاستثمار , و لكل فرصة عائد مختلف عن الأخرى , فأنت تستطيع أن تضع الألف في وديعة و تحصل على عائد 3% , و تستطيع أن تشتري بضاعة و تتاجر بها لتحقق 15% , و تستطيع أن تدخل بها البورصة و تحقق عائد 20% , لكن قانون تكلفة الفرصة البديلة يحذرك من أن اختيارك للوديعة سيجعلك تربح 3% و لكنك ستخسر الـ 15 و الـ 20 بالمئة , أي أنك لن تستطيع تحقيق كل العوائد في نفس الوقت , و تحقيقك لأحد الأهداف سيجعلك تخسر الأخرى , و هذا ما يجعل الأموال حول العالم في حالة بحث دائم عن أفضل الفرص للاستثمار , فتحقيقك لربح 5% قد يعتبر خسارة لفرصة أخرى حقق منها غيرك 15% , و تحقيقه للـ 15 قد يعتبر خسارة لفرصة بديلة تحقق عائد أكبر
.
و بالعودة الى نظرية الإقتصاد الاسلامي – تسمية تجاوزية – نلاحظ أنها تجاهلت تماما هذه القوانين , فهذه النظرية قائمة على عالم خيالي ليس به تضخم و بالتالي لا تتغير فيه القيمة الشرائية للنقود مع الوقت , فلو قام شخص بإقتراض 1000 دينار مني اليوم و أعادها لي 1000 دينار بعد خمس سنوات سأعتبر نفسي خاسرا و ليس مسلما صالحا , فقد خسرت جزء من القوة الشرائية لأموالي أولا و خسرت فرصة استثمارية بديلة ثانيا , و السؤال الذي يطرح نفسه من سيعوضني عن هذه الخسارة ؟ بل السؤال الأهم ما الذي سيجبرني على الإقراض وفق هذه الشروط ؟
.
لذلك اتخذت المؤسسات المالية الإسلامية طريق التحايل أو الالتفاف على جزئية الربا لكي تمارس أعمالها بشكل ينسجم مع القوانين أعلاه و لا يعرضها لخسارة القيمة الوقتية للمال و الفرص البديلة , و هذا ما يجعلنا نُشكك في سلامة منطق وجود اقتصاد اسلامي من الأساس , فـ حتى لو قررت أحدى الدول الإسلامية فرض هذا النظام على جميع مؤسساتها المالية – كما نصت المادة التاسعة من قانون اسقاط فوائد القروض – حتى لا تتعامل بالربا المحرمة فكيف ستُجبر بقية دول العالم على الأخذ بهذا النظام و نسف عنصر التضخم من اقتصاداتها ؟ و إن لم يقبل الاقتصاد العالمي بتغيير نظامه من أجلنا هل سنتمكن من عزل أنفسنا عنه كي نحافظ على نظافة أموالنا و خلوها من الأرباح الربوية ؟ و سؤالي للمبحرين في أمواج البنوك الاسلامية هل أموال بنوككم بهذا النقاء و الصفاء ؟ ألا تتعاملون مع البنوك الأجنبية و تمتلكون العقارات و محافظ الأسهم في شركات أجنبية تختلط أموالها بالربا و أنواع التجارة المحرمة ؟
.
أكرر سؤالي الأهم في الأعلى و هو ما الذي سيجبر أي شخص أو مؤسسة على الإقراض وفق المفهوم الإسلامي الحقيقي لتحريم الربا ؟ يعني تقرض ألف و تعود لك ألف بعد خمسة أو عشرة سنوات ؟ ألن تفكر حينها بأن الأفضل لك أن تضع هذه الألف في أماكن أكثر ربحا كالودائع و صناديق الاستثمار و المشاريع التجارية ؟ و إن امتنع الجميع عن الإقراض لأنه خسارة أكيدة فمن أين سيقترض الناس لسد حاجاتهم الآنية ؟ من سيتمكن من شراء سيارة ؟ أو منزل ؟ أو تأسيس مشروع تجاري ؟
.
قد يرد علي أحدهم و يقول بأن من سيقوم بهذا العمل هو من يفضل عمل الخير و تحقيق أرباح الآخرة الأهم من أرباح الدنيا و هنا سنقول بأن هذا جيد , لكن البنك ليس مؤسسة خيرية ليقوم بهذا العمل , نعم عمل الخير ممتاز و له مؤسساته المتخصصة كاللجان الخيرية و بيت الزكاة لكن البنوك التقليدية و " الإسلامية " مؤسسات تجارية لها الآلاف من المُلاك الذين سيحاسبون مجلس الإدارة على خسارة الدينار و لن يقبلوا بتحقيق الخسائر الدنيوية , بل أن الأموال التي تقرضها هذه البنوك ليست من حر مال البنك إنما هي أموال أصحاب الودائع و الحسابات التوفيرية الذين لن يقبلوا من البنك عدم دفع أرباحهم
.
نعم , في حالة تطبيق روح الإسلام الذي حرّم استغلال حاجة الناس ستنتقل وظيفة الإقراض من المؤسسات المالية الى لجان الأعمال الخيرية , و أنتم تعلمون بأن 99% من المقترضين لن تنطبق عليهم شروط هذه اللجان , فاللجان الخيرية تسد الحاجات و لكنها ليست مسؤولة عن الكماليات و الرفاهيات التي يطمع فيها أغلب المقترضين , فمن يملك ألفان و يريد شراء سيارة عليه التخلي عن فكرة سيارة بسبعة آلاف و البحث عن سيارة بألفين – و هي متوفرة في السوق - , و على من يملك ثلاثين ألفا و يريد الاقتراض لشراء منزل العدول عن هذه الفكرة و يشتري لنفسه شقة بما يملكه من مال , و ينطبق نفس المبدأ على الغير مقتنع بحالته المادية و يريد الإقتراض لتأسيس مشروع تجاري فالأفضل له أن يقتنع بحالته و لا يعرض نفسه للخطر
.
في ختام هذا المقال أوجه دعوة الى فقهاء الدين لتجديد خطابهم و نقله من معسكر الإنعزال في محاربة البنوك و النظام الاقتصادي العالمي الى معسكر البحث و التحليل في تعريف الحاجة , و تحديد الحاجة التي يقترض من أجلها الإنسان و الحاجة التي لا يحق له الاقتراض من أجلها , أيضا عليهم دراسة و تحديد من الذي له الحق في القيام بعملية الإقراض بطريقة لا ربوية ؟ هل هو بيت مال المسلمين الذي يعادل بيت الزكاة اليوم أم البنوك و المؤسسات المصرفية ؟ أيضا على هؤلاء الفقهاء عدم تحميل دين الإسلام ما لا يحتمل
.
فالإسلام له بعض التعليمات في المجال الاقتصادي و التجاري كمحاربة الربا و الغش التجاري الا أن ذلك لا يرقى الى اطلاق صفة النظام عليه , و الاسلام له بعض الإسهامات في المجال الغذائي كتحريم الخمر و الخنزير الا أن هذا لا يعني وجود نظام اسلامي غذائي , و نفس الحالة تنطبق على تعاليم الإسلام في مجال العناية بالبدن و النظافة و هي نصائح ممتازة الا أن ذلك لا يحولها الى نظام صحي متكامل , و أخيرا و ليس آخرا نحن لا نلوم من يُعجب بطريقة حكم الرسول السياسي للمدينة خلال السنوات العشر الأولى للهجرة الا أن ذلك لا يكفي لتطبيقه تحت عنوان النظام السياسي الإسلامي , أنا لا أقول هذا حقدا على الإسلام إنما خوفا عليه , فالطريقة الوحيدة لتطبيق الأنظمة الإسلامية المذكورة هو في تفريغها من محتواها و تركها عارية أمام عبث الجهلة و العابثين كأعضاء مجلس أمتنا المحترمين , الفاسدين المفسدين , و من هذه النقطة ستنطلق مقالتنا الأخيرة في هذه السلسلة
.
يتبع
16 comments:
حكيـــــــم
:)
كلام سليم
كلام طويل :)
سلسلتك هذي حيييل دسمة وانا حدي مثقّل :(
لازم نقراها مرة ثانية على رواء واحنا يواعة
كفو والله. بس تتوقع عقب عالمقالات وهالشرح الوافي المبسط والمفصل, رح نستغني عن الاقتراض ؟
انا شخصيا اشوف ان المقالة زودت القارئ بوعي وشمول تام عن موضوع الاقتراض وما ينتج عنه من شبهات شرعية وغيرا, بس هل هالشي رح تمنع الناس من فكرة الاقتراض ؟
و شكرا على هالجهد والمنفعة
و سؤالي للمبحرين في أمواج البنوك الاسلامية هل أموال بنوككم بهذا النقاء و الصفاء ؟ ألا تتعاملون مع البنوك الأجنبية و تمتلكون العقارات و محافظ الأسهم في شركات أجنبية تختلط أموالها بالربا و أنواع التجارة المحرمة ؟
This is a very crucial statement...no body can deny that or even reply back
well said :) قوية
هذه أهم مقاله بالسلسله أحسنت
أتمنى أن ياتي إسلامي ويعارضك بمنطق لا ان يستعرض لك الاحكام الشرعيه للزكاة وبيع الآجل أو يتفلسف عليك بتآلف وتكاتف الأمه الذي نسمع عنه ولا نشوفه .بكل مكان بالعالم ستظل هناك طبقية غني وفقير شئنا ام أم أبينا سواء كان ذاك العالم إسلامي أم لا.
انتقادك للاقتصاد الاسلامي بالجزئية الخاصة بنظام المرابحة ما يمنع الاعتراف ان المقترضين من البنوك الاسلامية اهمه الأقل تضرر من لخبطة القروض اللي حاصلة الحين.
نعرف ان المرابحة مختلف عليها بين العلماء وخاصة في نقطة ملكية البنك من عدمها للسلعة وكيفية تصرف البنك في حالة رجوع المشتري -المقترض- عن شراء هذي السلعة.ولكن آنا كمواطنة بسيطة لو أبي أقترض-الله لا يقوله- وبعيد عن أي آراء فقهية أو اقتصادية ما راح يكون أرتب لي وأوضح لي لما أحتفظ بركورد يوضح الانستولمنتس المطلوبة مني على مدى مدة القرض بسبب ثبات الفائدة الحاصل في نظام المرابحة؟ فما أظن انه راح يحصل عندي أي اشكال ما دام مصدر المال-الي أهو الراتب- موجود ومستمر طول مدة تسديد القرض.
مشكور وايد على توضيح المصطلحات الاقتصادية والطريقة السمحة اللي عرضتها فيها مع اني في البداية شكيت في معرفتك الاقتصادية بسبب استقبالك للشيكات والكريدت كاردز اللي يسهل تعقب تحركها وللا شفيها يا مطقوق خياش الأنواط وجناط السمسونايت
:)
مشكور مرة ثانية على الطريقة السمحة الغير مستفزة لتوجهاتنا.
بحث اقتصادي مشوق تشكر عليه
كما أدعوك لقراءة كتاب اقتصادنا للشهيد محمد باقر الصدر كنموذج للفكر الأقتصادي عند المسلمين
هناك الكثير من الروابط لهذا الكتاب على النت
الا شخبار بنك وربة الإسلامي؟ يبدو ان الموضوع تحول الى اقبض من دبش و حسنا فعلت الحكومة.
اعتقد ان الكويت كانت ستدخل موسوعة جينيس بلقب اول مجلس تشريعي يفرض على الحكومة تأسيس بنك تجاري توزع اسهمه على المواطنين ببلاش و يتم تمويله من خزائن السماء.
مجلس مهمته التشريع و الرقابة يؤسس شركات مالية خاصة! سمعنا ان الحكومة تملك حصص في شركات قائمة او تحت التأسيس. لكن تأسيس شركات و توزيع اسهمها على العامة؟ هذه ظاهرة جديدة يجب ان تضاف الى قاموس الإقتصاد الإسلامي
.
وهذا خبر ظريف مرتبط بالموضوع..
الأخ زعلان لأن الحكومة طولت بالموضوع و طيرت عليه تكلفة الفرصة. فقط في الكويت.
http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=566316&date=11012010
قوانيين الاقتصاد المالي ليس لها مكان عند مايسمى بالاقتصاد الاسلامي .
بانتظار باقي السلسلة
سلسلة مفيدة تشكر عليها. أنا لست من العارفين بالإقتصاد، ولكن لدي ثلاث ملاحظات.
أولا، أعتقد أن رأي الإقتصاد الإسلامي في ما يخص مشكلة القروض هو منع القروض الإستهلاكية.
والإجابة على سؤالك: لا أحد سيفرض عليك الإقراض، لأن الإقراض في المجتمع الإسلامي هو وسيلة للمساعدة وعمل الخير، كما هو حال الإقراض بين الأهل، وليس وسيلة للربح. وسيكون الربح في التجارة، وفي كل ما ينفع الناس من دون إستغلال. ولا مشكلة في القروض الحسنة والقروض الإستثمارية للمشاريع التجارية بشرط أن يدخل البنك كشريك فيها.
أما عن كيف نشتري بيت، فهناك رأي يقول بأن القروض الإستهلاكية هي أحد أسباب إرتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء. وعدم توفر القروض سيقلل من الأسعار بحكم قلة الطلب في مبدأ العرض والطلب. وإن صح هذا الرأي سيكون ضرر القروض أكثر من فائدتها في مثل هذه الحالات. ويمكن حل جوانب أخرى من هذه المشكلة بالحلول المباشرة، كمنع المضاربة على الأراضي السكنية مثلا، دون الحاجة للقروض.
ثانيا، من الأفضل عدم الخلط بين مصطلحي "الإقتصاد الإسلامي" و "البنوك الإسلامية". فهناك إختلاف بينهما. وأنت محق تماما بإعتقادك أن ظاهرة البنوك الإسلامية هي ظاهرة دعائية، وتمارس "الربا" ولكن بأسماء وأشكال أخرى. وطبعا هذا يعتبر تشويه لنظرية الإقتصاد الإسلامي وليس تطبيق لها. ولا يجب تعميم ممارسة مشوهة على النظرية ذاتها.
لكن من السابق لأوانه إطلاق أحكام نهائية على نظرية الإقتصاد الإسلامي، أو رفضها أو الخوض في تفاصيلها، فذلك يتطلب وجود محاولة جادة لتطبيقها وتفصيلها أولا. ومثل هذه المحاولة لم تحدث في العصر الحديث لسببين: أولا، عدم توفر الخبرة والممارسة الكافية بسبب الإستعمار، وجميع دول المسلمين هي حديثة الإستقلال نسبيا. ثانيا، ارتباط مصالح علية القوم بالغرب واستبدادهم بالقرار السياسي. فالشعوب، أو المختصون منهم، لا يملكون قرار تطبيق أو تفصيل تجربة جديدة كتجربة الإقتصاد الإسلامي أو غيرها، ولكن هذا الحال لن يدوم إلى الأبد، وسيتلاشى السببان تدريجيا في المستقبل.
وأنا لا أعتقد بأن القوانين المالية هي "قوانين طبيعية" كالليل والنهار، بل هي نتيجة لقرارات وسياسات دول قامت بفرضها بالقوة في فترات سابقة.
ثالثا، عنوانك ينتقد المجلس بالرغم من أن الكثير من القرارات الريعية المدمرة لإحترام المال العام والمصلحة العامة قد ساهمت فيها الحكومة. فتوزيع المنح، وزيادة معاشات شعب قليل الإنتاج، وإسقاط المديونيات، وتفشي الإحتكار والفساد، وعدم تجريم الواسطة، وضعف التعليم، وغيرها من مشاكل وسياسات صنعتها الحكومة بإمتياز، وما يحدث في المجلس هو نتيجة لها.
والسلام...
الاستاذ الدكاترة سعد
شكرا على الرد التفصيلي و بصراحة اتفق معاك في الكثير من ما ذكرته لكن لنرد على بعض النقاط
اقتبس من تعليقك التالي
لكن من السابق لأوانه إطلاق أحكام نهائية على نظرية الإقتصاد الإسلامي، أو رفضها أو الخوض في تفاصيلها، فذلك يتطلب وجود محاولة جادة لتطبيقها وتفصيلها أولا. ومثل هذه المحاولة لم تحدث في العصر الحديث
أعتقد ان الجملة السابقة خصبة بأسباب مشاكلنا الكثيرة مع اصحاب شعار الاسلام هو الحل
فأنا اتفق معك بأن من السابق لأوانه الحكم على " نظرية " الاقتصاد الإسلامي لأنها لم تُطبق أساسا!! , و السؤال الذي يطرح نفسه لماذا أبدل النظام الموجود عندي حاليا بـ نظرية لم تطبق أساسا و سندخل معها في المجهول؟
و المخيف في الأمر أن هذه النظرية الإقتصادية تتخذ لنفسها اسم " دين الإسلام " و هذا ما سيخرجها من حيز النقد و الحكم التخصصي و يجعلها مادة يتداولها الفقهاء و هذا ما حصل في كل المجالات الأخرى التي سُلبت من أهل الاختصاص و أصبحت من اختصاص الفقهاء
تقول أيضا
لا أعتقد بأن القوانين المالية هي "قوانين طبيعية" كالليل والنهار، بل هي نتيجة لقرارات وسياسات دول قامت بفرضها بالقوة في فترات سابقة
مع احترامي للدكتوراه التي تحملها و لكن اعتقادك بأن هذه النظريات أو القوانين مفروضة بالقوة و ليس بالممارسة الواقعية تحتاج الى دليل علمي ؟
فما هو اعتراضك على واقعية قانون العرض و الطلب؟
و ما هو اعتراضك على قانون القيمة الوقتية للمال؟
و ما هو اعتراضك على قانون تكلفة الفرصة البديلة ؟
أو بالأصح ما هو البديل عن هذه القوانين و الذي سنأتي به بعد التخلص من آثار الاستعمار؟
و السؤال الأهم من نحن ؟ و ما هو حجم اقتصادنا لنتمكن من خلاله تغيير النظام العالمي ؟ يا صديقي علينا الكلام بواقعية بعيدا عن الشعارات و الأمنيات و الطموحات
بالنسبة لعنوان السلسلة فأتفق معك بأني حتى هذه اللحظة لم اوضح سبب عنونتها بالمجلس مع ان الحكومة شريك اساسي بالجريمة
أرجو ان تتابع مقالة الليلة الساعة 12 و قد يكون فيها الجواب على هذا التساؤل
أشكرك مرة اخرى و اشكر جميع المشاركين , حقيقة انا مصدوم من ضعف حجم الردود , توقعت اعتراضات قوية على هذه المقالة بالذات
شكرا جزيلا مرة اخرى
اولا اخوي مطقوق شكرا لك على القوانين اللي كنت اسمع فيها ولكن لا اعرف شرحها او كيفية تطبيقها على الواقع وانني انا لست لمناقشة مشروعية الفؤائد الربوية لانني مؤمن بانها لا تجوز لان الاسلام نص على ذلك وانا مؤمن اخذ كل ما ينص عليه الاسلام فانا صدقت وامنت بالاكبر من المعاملات المالية انه الله هو الخالق الواحد الاحد غيبا
ثانيا بخصوص سؤالك عن ماذا يجبر البنك ان يقرض الاشخاص بدون اي فائدة مالية بعد مرور فترة (اي ان البنك خسر فوائد استثمار اخرى وقيمة المال الشرائية نزلت )ـ
انا ارى ان الاجابة بوجه نظري البسيطة تكمن في المعاملات الثانية للاشخاص مع البنك غير السلفه الاسلامية (لانها بدون فائدة ) من مثل
1
ان معاش الاشخاص يكون في نفس البنك وانا اللي اعرفه ان البنوك تشتغل في اموال الناس لحسابها الخاص والدليل اللي اللي لدي ان الدولة تنزل المعاشات بفتره ثم البنوك تنزلها بحساب الاشخاص بعد مرور جزء من الزمن
وفيه شريحه كبيره من الناس هؤلاء في الكويت
2
انه فيه قطاع كبير من التجار لن يفتح حساب في البنك اساسا اذا لم يكن اسلامي اي يقوم باعطاء سلف للناس وان كان
هالشخص ما ياخذ سلف بحكم امواله اللي يملكها
فاعتقد ان اللي يجبر البنك هم التجار اللي لا يتعاملون إلا بالمعاملات الشرعية
واخيرا بس بخصوص انك شرحك ان الاسلام لا يرقى ان يكون نظام كامل مثلا في الاقتصاد اللي اهو موضوع البوست وامثله جانبية اخرى
انا اؤمن ان الاسلام هو النظام لكل شيء لانه دين حياة في كل جانب
ووضع الاصول والاساسات
ولكن هذا لا يمنع ان يكون هنالك استعانه بالعلم الجديد لاضفاء المزيد من الربح سواء للبنوك او الاشخاص
بس اذا اتى العلم الجديد بشغله عكس اساسات التي شرعها الاسلام مثل الربا او الفائدة المالية
وان كنت لا اعلم الجواب لسؤالك الذي طرحته من الجانب الاقتصادي الاسلامي لكنني سأبحث وان وجدت
ومره ثانية اشكرك لانك اثريت محصلتي الاقتصادية باسلوب سلس بسيط
اسف على التعليق مره ولكن توني قريت الرد من الاخ الدكاتره سعد وردك عليه
وكلام الدكاتره سعد اقنعني
وحبيت ارد على سؤالك شنو اللي يخلينا نغير من واقعنا ونجرب الاقتصاد الاسلامي
المجهول بالنسبة للواقع ؟
الجواب
لان الاقتصاد الاسلامي فيه الفائدة لكل المجتمع سواء من افراد ذوي الدخل المحدود او الفقراء او الاغنياء او اغنياء الاغنياء
بينما واقعنا الاقتصادي فقد نتيجته البسيطة اثراء الاثرياء وافقار الفقراء
اذا رأيت النتائج بدون تحيز لاي فئة من الفئات في المجتمع
الأخ العزيز كويتاوي قديم
تقول
ان معاش الاشخاص يكون في نفس البنك وانا اللي اعرفه ان البنوك تشتغل في اموال الناس لحسابها الخاص
أنصحك بإلقاء نظرة على البيانات المالية لأي بنك و ستعرف ما هو المجال الذي تشتغل فيه البنوك لحسابها الخاص
ببساطة هذا المجال هو اعادة اقراض هذه الأموال لأفراد آخرين
البنوك 3\4 أرباحها من الاقراض , فإذا كان الاقراض بلا فائدة ما عندها شي تسويه
العملية اعقد من الكلام البسيط
شكرا
Post a Comment