في الحقيقة لم أكن أود الكتابة عن موضوع الإقتصاد الاسلامي كوني لا أدعي الخبرة و التبحر في هذا المجال , إلا أن المادة التاسعة من قانون اسقاط فوائد القروض تقول " يحظر على البنوك وشركات الاستثمار الخاضعة لرقابة البنك المركزي منح القروض للمواطنين بفوائد مع جواز تمويل احتياجات المواطنين وفقاً لنظام المعاملات الإسلامية " , و بما أن القانون حشر الشريعة الإسلامية في قضية اقتصادية أجد أن من واجبي توضيح الرأي الاقتصادي بما يُطلق عليه تجاوزا نظام إقتصاد إسلامي
.
قبل الدخول في قلب الموضوع أود التأكيد على أني أرفض رفضا قاطعا استخدام تسمية الاقتصاد الاسلامي على ما تمارسه المؤسسات المالية "الاسلامية" لكني مضطر لاستخدام هذا الأسم المتعارف عليه تسهيلا للقاريء , و لو حاولت افتراض حسن النية فإن التسمية الأنسب لهذه المعاملات هي المعاملات الغير مخالفة للشريعة الإسلامية , فإسم الاقتصاد الاسلامي أو المعاملات الاسلامية توحي بأنها صاحبة أهداف دينية نبيلة و تسبغ عليها الشرعية الدينية بغض النظر عن الشق الاقتصادي الذي لا يختلف كثيرا عن ما تقوم به المؤسسات المالية التقليدية , أما تسميتي فهي أدق في الوصف حيث أن هذه التعاملات تبريء ذمتها من شبهة مخالفة الشريعة الإسلامية مع عدم التأكيد على قبول الدين لها و ارتباط أهدافه النبيلة بأهدافها التجارية البحته
.
بدأت فكرة الإقتصاد الإسلامي في منتصف القرن الماضي عندما استهجن علماء المسلمين تعامل الشعوب الاسلامية بالفوائد البنكية و التي يعتبرونها من الربا الذي قال عنه القرءان الكريم " يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار اثيم " و من هذا المنطلق بدأ هؤلاء المفكرين بالبحث عن أبرز ما جاء في القرآن و السنة من نصائح و أحكام ذات انعكاسات اقتصادية ليتم البناء عليها من بعد ذلك , و قد كانت نتيجة هذا البحث مثمرة جدا لهؤلاء المفكرين حيث أنهم وجدوا كم لا بأس من القواعد التي يستطيعون البناء عليها و أهمها تحريم الربا و تحريم الاتجار بالنقد
.
الربا حسب التفسير الإسلامي هو أن يطلب الدائن من المدين مبلغا إضافيا على الدين كربح او فائدة , و هو بذلك يطابق ما تمارسه البنوك التقليدية , أما الاتجار بالنقد فهو استخدام النقود – الكاش – في الربح من دون مرور النقود في دورة تجارية كاملة كالبيع و الشراء كقوله تعالى " واحل الله البيع وحرم الربا " , و الإسلام حرّم الربا لأن فيها استغلال بشع لعازة الناس و حاجتهم , أما تحريم النقد فجاء بحجة أن النقد وسيلة و ليس سلعة تُباع و تُشترى , لذلك علينا استخدامها بشكل صحيح و هو بيع و شراء السلع لتنشيط الاقتصاد و تحقيق الاستفادة القصوى
.
و بهذا جاءت البنوك الإسلامية لتضرب عصفورين بحجر , العصفور الأول هو تحقيق نفس الأرباح التي تحققها البنوك التقليدية , أما العصفور الثاني فهو تحقيق هذه الأرباح بطريقة لا تخالف الشرع و خصوصا في بند الربا و الاتجار بالنقد , و لتبسيط الأمور سأضرب المثال التالي
.
أحمد مهندس حديث التخرج و يعمل في مؤسسة البترول الوطنية براتب 1200 دينار و هو يريد شراء سيارة لكسز سعرها 15 ألف دينار كويتي في الوكالة , هو لا يملك المبلغ كاملا لكن راتبه يؤهله للإقتراض و الخيارات المتاحة أمامه كالآتي
.
..
قبل الدخول في قلب الموضوع أود التأكيد على أني أرفض رفضا قاطعا استخدام تسمية الاقتصاد الاسلامي على ما تمارسه المؤسسات المالية "الاسلامية" لكني مضطر لاستخدام هذا الأسم المتعارف عليه تسهيلا للقاريء , و لو حاولت افتراض حسن النية فإن التسمية الأنسب لهذه المعاملات هي المعاملات الغير مخالفة للشريعة الإسلامية , فإسم الاقتصاد الاسلامي أو المعاملات الاسلامية توحي بأنها صاحبة أهداف دينية نبيلة و تسبغ عليها الشرعية الدينية بغض النظر عن الشق الاقتصادي الذي لا يختلف كثيرا عن ما تقوم به المؤسسات المالية التقليدية , أما تسميتي فهي أدق في الوصف حيث أن هذه التعاملات تبريء ذمتها من شبهة مخالفة الشريعة الإسلامية مع عدم التأكيد على قبول الدين لها و ارتباط أهدافه النبيلة بأهدافها التجارية البحته
.
بدأت فكرة الإقتصاد الإسلامي في منتصف القرن الماضي عندما استهجن علماء المسلمين تعامل الشعوب الاسلامية بالفوائد البنكية و التي يعتبرونها من الربا الذي قال عنه القرءان الكريم " يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار اثيم " و من هذا المنطلق بدأ هؤلاء المفكرين بالبحث عن أبرز ما جاء في القرآن و السنة من نصائح و أحكام ذات انعكاسات اقتصادية ليتم البناء عليها من بعد ذلك , و قد كانت نتيجة هذا البحث مثمرة جدا لهؤلاء المفكرين حيث أنهم وجدوا كم لا بأس من القواعد التي يستطيعون البناء عليها و أهمها تحريم الربا و تحريم الاتجار بالنقد
.
الربا حسب التفسير الإسلامي هو أن يطلب الدائن من المدين مبلغا إضافيا على الدين كربح او فائدة , و هو بذلك يطابق ما تمارسه البنوك التقليدية , أما الاتجار بالنقد فهو استخدام النقود – الكاش – في الربح من دون مرور النقود في دورة تجارية كاملة كالبيع و الشراء كقوله تعالى " واحل الله البيع وحرم الربا " , و الإسلام حرّم الربا لأن فيها استغلال بشع لعازة الناس و حاجتهم , أما تحريم النقد فجاء بحجة أن النقد وسيلة و ليس سلعة تُباع و تُشترى , لذلك علينا استخدامها بشكل صحيح و هو بيع و شراء السلع لتنشيط الاقتصاد و تحقيق الاستفادة القصوى
.
و بهذا جاءت البنوك الإسلامية لتضرب عصفورين بحجر , العصفور الأول هو تحقيق نفس الأرباح التي تحققها البنوك التقليدية , أما العصفور الثاني فهو تحقيق هذه الأرباح بطريقة لا تخالف الشرع و خصوصا في بند الربا و الاتجار بالنقد , و لتبسيط الأمور سأضرب المثال التالي
.
أحمد مهندس حديث التخرج و يعمل في مؤسسة البترول الوطنية براتب 1200 دينار و هو يريد شراء سيارة لكسز سعرها 15 ألف دينار كويتي في الوكالة , هو لا يملك المبلغ كاملا لكن راتبه يؤهله للإقتراض و الخيارات المتاحة أمامه كالآتي
.
أقتراض مبلغ 15 ألف من بنك تقليدي سيفرض عليه فائدة متغيرة 6 بالمئة و يسدد قرضه على ستين دفعة , أي خمسة سنوات , و كامل المبلغ الذي سيسدده للبنك 17 ألفا و 400 دينار كويتي
.
أما الخيار الثاني فهو الذهاب الى بنك إسلامي ليقترض 15 ألف دينار, في هذه الحالة سيقوم البنك الإسلامي بحساب فائدة أكبر من الـ 6 بالمئة إلا أنها ثابته و من ثم سيقوم أحمد بتسديد 18 ألفا و مئة و ثمانين دينارا في نفس المدة
.
يتضح هنا الإختلاف بين آلية عمل البنك التقليدي عن البنك الإسلامي على طرف الدائن – البنك – و هو أن البنك التقليدي أقرض مبلغ و سيفرض عليه فائدة – ربا بالمفهوم الاسلامي – و هي متغيرة مع تغير سعر الخصم المحدد من قِبل البنك المركزي , أما البنك الاسلامي فهو لم يقع في فخ الربا حيث أنه قام بعملية مرابحة يعوض فيها بالربح - التجاري - عن الفائدة , و الربح في هذه الحالة يضع في الحسبان تأرجح الفائدة لذلك نجد البنك الإسلامي يحتاط مقدما بوضع نسبة أعلى بقليل على أرباحه من فائدة البنك التقليدي , و بذلك يتمكن البنك الإسلامي من تثبيت ربحه ليستقر البنك و العميل في آن واحد
.
أما على طرف المدين فالأمر لم يتغير كثيرا , فهو يدفع مبلغ إضافي ليتمكن من شراء السيارة التي يريدها , و الفرق الوحيد هو انه مع البنك الإسلامي يدفع 780 دينار أكثر من البنك التقليدي مع العلم بأن الفائدة ستكون ثابته
.
قد يكون المثال السابق بسيط و مفصل على مقاس هدفي من المقال و المجال هنا لا يتسع لمزيد من الأمثلة , لكن السؤال المهم هو أين أهداف الإسلام النبيلة من هذه المعاملة ؟ فالمحصلة النهائية هي أن المدين دفع مبلغ إضافي للحصول على السلعة + خدمة التقسيط , قد لا يكون لي الحق في اطلاق صفة الربا على هذه المعاملة إلا أنها بالتأكيد لا تتماشى مع روح الاسلام الذي حرم الربا لأن فيه استغلال بشع لحاجات الناس
.
و بطبيعة الحال أنا لا أُدين المؤسسات المالية الإسلامية على القيام بهذه المعاملات , فنحن خير من يعلم عن حاجتها للربح و التنافس التجاري حالها في ذلك حال بقية البنوك التقليدية , لكن الإدانة هنا في حشر الدين من دون إذنه في هذه التعاملات التجارية , بل أن المُطلع على منتجات هذه المؤسسات يجزم بأنها لا تألوا جهدا في تطويع الفتاوى الدينية لتغريب الدين من الدين و تقريبه لأحدث ما توصلت اليه عقول خبراء التمويل في البنوك العالمية
.
و السؤال الذي يطرح نفسه , لماذا لا ألوم البنوك الإسلامية على الشق الربحي من تعاملاتها مع تحفظي الشديد على الشق الشرعي منه ؟ هذا ما سنجيب عليه في المقالة القادمة
.
يتبع
13 comments:
مطقوق
عند اخذ اي قرض يتم استقطاع قيمه تصل اللى 1000 او 2000 دينار كتأمين في حالة الوفاة لاسمح الله
في البنوك الاسلاميه فيمكن اعتبار ال 780 دينار .. هي ضمانك دخول الجنه .. حجز .. مقدم .. دفعه اولى .. بس هم ماخذينا منك غصب لأنها اسلاميه :P
معظم اللي يتكلمون عن البنوك الإسلامية يخلط بين الفكرة و آلية العمل الحقيقية و ما بين تعامل البنوك الإسلامية نفسها .. معظم الناس تخلط هذا و للأسف أنت كنت أحدهم
شكرا مطقوق
سؤال: ألا تتعامل البنوك الإسلامية مع البنك المركزي، و البنك المركزي يتعامل مع البنوك العالمية الربوية؟
فكيف إذا تكون إسلامية تحرم الربا و هي لم تنفصل عن هذه الشرباكة الربويه؟
تحياتي
المثال اللي ضربته خلاني أتذكر الجملة:
إذا كان الشيء يمشي كالبطة ويتكلم كالبطة فيجب أن يكون بطة
فإذا كان الشيء شكله ربا فلابد أن يكون ربا
القرض الوحيد الذي أعتبره غير ربوي هو القرض الحسن اللي لو تموت ماحد يعطيكياه
بصراحة كلام منطقي ومشكور على هالمقالة الي فعلا ممكن الاستفادة منها. السؤول الحين, الهيئات المعتمدة باقراض الناس سواء كانت بنوك او شركات استثمارية او غيرا, لما يعطونك قرض بمبالغ كبيرة او صغيرة, وانت تاخذ القرض وتتفق معاهم بتسديدة بمدة معينة, الحين اهم شنو بيستفيدون, هل بيعطون العميل قرض بهالمبالغ حبتا فيه, لا بد يكون في فايدة, بعدين اذا مارح يطلعلهم فايدة بهالفلوس, من وين بطلعون رواتب موظفيهم وكصاريفهم وغيرا. يعني هل طبيعة البزنس كلها غلط بغلط من الناحية الشرعية.
اسمحولي شباب ما ارد على الأسئلة
لأن المقالة الجاية فيها تفاصيل اكثر عن الموضوع و راح تبلور الصورة بشكل أفضل
شكرا
صدقت فالبنوك الاسلاميه دائما تحط فائده اعلى من السوق مما يزيد من قيمة القرض علي المقترض
متاابع
أخي العزيز البنوك الإسلامية تلعب على فطرة الكثير من الناس بالرغبة في الحلال والابتعاد عن الحرام ..
كنت مثل غيري كثيرين أحث على التوجه لأن فائدتها أقل والنتيجة واحدة وكله - من وجهة نظري المتواضعة - ربا لأنه كما تفضلت في الحالتين يدفع المدين فوق ما يستدين .. كما انه لا يعاين البضاعة التي تباع وتشترى بعينه أو يتاجر فيها بوضع طبيعي وبأسعار السوق وبالتالي فالاستغلال موجود في جميع الأحوال .. ولكن يوما ما قال لي أحدهم " أحمد أنا دفعت زيادة لأن عندهم فتاوى .. إذا حرام خلاص بذمتهم مو بذمتي " .. هنا فقط عرفت أن الذنب إن وجد كما أظن فهو برقبة المفتي قبل أي شخص آخر ..
عموما لست عالم دين حتى أخوض في الفتاوى .. ولكن عقلي لازال غير متقبل لفكرة شيء اسمه بنوك اسلامية !
تحياتي ..
الله يعطيك العافية على الشرح البسيط المفيد
كلنا ندري ان البنوك الاسلامية تاخذ فايده اكثر او مثل ما يسمونها مرابحه ولكن يظل مبلغ القسط ثابت وتعرف مقدما المبلغ المطلوب عليك دفعه على عكس البنوك التقليدية اللي تعيز وانت تدفع الفايده وما دخلت بأصل الدين
بانتظار البقية
((أما الخيار الثاني فهو الذهاب الى بنك إسلامي ليقترض 15 ألف دينار, في هذه الحالة سيقوم البنك الإسلامي بحساب فائدة أكبر من الـ 6 بالمئة إلا أنها ثابته و من ثم سيقوم أحمد بتسديد 18 ألفا و مئة و ثمانين دينارا في نفس المدة
))
اخي الكريم
يبدو ان لديك سوء فهم بآلية البنوك الاسلامية
لذلك ..اذا تسمح ..سأصحح لك
البنوك الاسلامية لا تمنح قروض بشكل مباشر
و انما ..((تشتري)) البضاعة التي برغب الزبون بشرائها
ثم تعيد ..((بيعها)) على الزبون بنظام الاقساط ،بربح ((معلوم و محدد)) لكلا الطرفين
أما في النظام البنوك التقليدية الفائدة غير ثابته
أي ان المبلغ الذي سياخذه البنك من الزبون غير محدد
وهنا لب مشكلة القروض
أعتقد أن البنك الاسلامى بكل الحالات أفضل
أو بعباره أخرى أفضل الاسوأ ليس فقط على مستوى القروض , حتى الودائع والتعامل مع الشركات الاخرى
وتقبل مرورى الاول
ترى تنبط جبدي لمن أحد يقولي الصورة عندك غير واضحة
أخ ايكاروس
انا معاك , البنك الاسلامي - تعاقديا - يشتري السيارة او قطعة بلاتين او ارض و يبيعك اياها
انا اتكلم هني عن سبب تحريم الاسلام للربا؟ مو لأن فيه استغلال بشع لحاجة الناس؟
طيب البنك الاسلامي و اللي يشتريلك السيارة بـ 15 و يبيعك اياها بنفس اللحظة بـ 18 هذا مو مستغل حاجتك للسيارة بإسلوب بشع؟
لو كنت مو محتاج فالأفضل لك ان تشتري السيارة كاش بـ 15 و توفر على عمرك ثلاثة آلاف
انا عموما أكرر بأني مو ضد الشق الاقتصادي و التجاري من هذا التعامل , لكني ضد اطلاق صفة - الإسلام - عليه و تصويره كأنه أحد الممارسات اللي جاءت من دين الإسلام
اليوم بالليل انشاءالله المقالة الرابعة تنزل و فيها شرح اوفى للموضوع
شكريات
Post a Comment