Sunday, October 21, 2012

لا كرامة بلا عقل


يعتبر كتاب "العادات السبع للأشخاص الأكثر تأثيراً" من أنجح الكتب في العالم و أكثرها مبيعاً , و من قرأ الكتاب سيتذكر بأن العادة الثانية من هذه العادات هي "حدد النتيجة التي تريد الوصول إليها قبل بداية العمل" , و يشرح المؤلف - المرحوم ستيفن كوفي - بأن الشخص الناجح هو الذي يحدد أهدافه من العمل الذي يقوم به قبل البدء فيه و ليس بعد البداية أو في منتصف الطريق , فمن يهدف للذهاب إلى المنامة عليه أن يسلك الطريق الذي سيوصله إلى المنامة , لا أن يركب السيارة و يقودها بلا هدف أو وجهة محددة ثم يقف بعد 5 ساعات و يتذمر من عدم وصوله للمنامة أو الرياض أو بغداد !!

من خلال هذا المبدأ كتبت اليوم في تويتر : سؤال يحتاج إلى إجابة صريحة و شجاعة ممن سيشارك في مسيرة اليوم..هل تعتقد بأن سقوط حكم الصباح في هذه المرحلة لصالح الكويت و تطورها للأفضل ؟ و قد جاءت الإجابات على هذا السؤال كما توقعت تماماً , فعدد كبير من المشاركين في المسيرة رفضوا أصلاً الربط بينها و بين حكم الصباح , و منهم من أعلن الولاء للأسرة و قال بأن المسيرة لإعلان رفض مراسيم الضرورة فقط و ليست لإسقاط الحكم و الحاكم .
 
 

لا أشك شخصياً في صدق و صراحة من أجابني على هذا السؤال لكن أقول للجميع بأنكم عندما تشاركون في هذه المسيرة و غيرها من الفعاليات القادمة فأنتم تقومون بأنشطة "سياسية" , و الذي يقوم بالأنشطة السياسية يفترض فيه التمتع بالحس السياسي الواقعي أو "الكومن سنس" الذي يؤهله – على الأقل – لتحديد الهدف الذي يريد الوصول إليه و الطريقة المثالية لتحقيق هذا الهدف .

لقد رأينا جميعاً سيناريوهات الربيع العربي بدءا من تونس ثم مصر ثم ليبيا و البحرين و اليمن و سوريا , و رأينا جميعاً كيف بدأت الثورات و كيف تطورت ثم إلى أين إنتهت , كلها بدأت بـ"الشعب يريد إصلاح النظام" لكنها تطورت سريعاً إلى "الشعب يريد إسقاط النظام" , و السؤال هنا مالذي يحدث في الفترة ما بين شعاري الإصلاح و الإسقاط ؟

الإجابة هي خيار الشعب أو الثوار في النزول إلى الشارع و "تهيئة المسرح" للتصادم مع قوات الأمن الذين سيواجهون بدورهم المتظاهرين و ستحصل نتيجة ذلك إصابات و إعتقالات و ربما يسقط القتلى فتتحول الثورة أو المظاهرة السلمية المطالبة بـ"الإصلاح" إلى مظاهرة عنيفة مطالبة بـ"إسقاط النظام و محاكمة رموزه" .
أكرر مرة أخرى بأن هذا السيناريو تكرر في 6 دول عربية خلال الأشهر القليلة الماضية و ليس من المستبعد أن يتكرر هنا في الكويت , خصوصاً و أن رموز و قادة هذا الحراك خبراء في عملية "تهيئة المسرح" للصدام و تهييج الجماهير , و ما عليكم إلا دخول اليوتيوب لمشاهدة هذه الصدامات و حالة الهستيريا التي يعيشها المتظاهرون .
 
 

أنا هنا لا أحاول ثنيكم عن المشاركة في المسيرة , لكني فقط أوضح كيف يمكن أن تتطور , و إلى أين يمكن أن تصل تبعاتها , أقول ذلك حتى لا يأتي أحدكم لاحقاً و يقول بأنني شاركت في المسيرة لكنني أرفض تصرفات فلان و فلان ممن كانوا يتقدمونها , أو شاركت في المسيرة لكنني أرفض الكلمة التي قالها مسلم البراك أو وليد الطبطبائي فيها .

أنا شخصياً أقر بالحق الدستوري لسمو الأمير في إصدار مرسوم الضرورة القاضي بتقليص عدد الأصوات لكنني أقولها و بالفم المليان "هذا المرسوم يتعارض مع المباديء الدستورية" لدستور دولة الكويت الذي حذر مرارا و تكرارا من تأثير السلطة على نتائج إنتخابات مجلس الأمة , نحن لا نجزع من قول الحق , لكننا أيضا لا نخاف من قوله لجميع الأطراف حتى لا نصبح "شديدين العقاب" على طرف و "رؤوف رحيم" على الطرف الآخر .

أكرر مرة أخرى بأن من حقك عدم الترشح في هذه الإنتخابات – و هذا خياري الشخصي – و من حقك عدم المشاركة في الإنتخاب , و من حقك الكتابة عن رفضك لهذه المراسيم , و من حقك القيام بالإعتصام الميداني و غيره من الأنشطة لكن ليس من حقك مخالفة القانون , و ليس من حقك التفلت على قوات الأمن و "تهيئة المسرح" للتصادم معهم .

شارك في المسيرة و جرب متعة التعبير عن الرأي و الإعتراض على السلطة , لكن عليك أيضاً أن تنتبه إلى أفعال و أقوال قادة هذه المسيرة و أن تراقب ما يحاولون القيام به على حسابك , ثم عليك أن تسأل نفسك هذا السؤال : هل يشرفني و يليق بي و بمبادئي و بثقافتي أن أتبع هؤلاء ؟ أليس إعتراضك على السلطة و سلبياتها هو من أتى بك إلى المسيرة في المقام الأول !؟ فلماذا لا تتخذ نفس الموقف من سلبيات رموز المسيرة و قادتها ؟ في السياسة ليس هناك سالب و موجب و خير و شر و ملائكة و شياطين , فالطريق مفتوح دائماً للأفكار الجديدة و الأساليب المبتكرة في التعبير عن تأييد حمّود أو الإعتراض على عبود !!

أنا شخصياً طبقت ما تعلمته من كتاب "العادات السبع" و حددت هدفي بوضوح , أنا أعترض على سوء أحوال البلد الذي تسببت فيه السلطة التنفيذية , و أعترض أيضاً على أسلوب آل الصباح في إدارة الدولة و تأثير صراعاتهم عليها , لكنني أيضاً لست مغفلاً حتى أستبدل إستبداد الصباح بمن هم أكثر منهم إستبداداً , و لست أحمقاً حتى أساهم في إسقاط حكم المشيخة الوراثية لأستبدلها بحكم مشيخة دينية أو قبلية .

من يرفض تهور السلطة عليه أن يبحث عن العقلاء و لا يتبع من هم أكثر تهوراً , من يرفض قمع السلطة عليه أن يبحث عن المتمسكين بحكم القانون و لا يتبع خارقيه , من يرفض إنتهاك الدستور عليه أن يبحث عن المؤمنين حقاً به و لا يتبع مقتطعيه و ممزقيه و منتقصيه .

نحن اليوم أمام مسؤولية تاريخية , و علينا أن نكون على قدر الحدث , و التاريخ سيذكر وجودكم في المسيرة و سيذكر ما سيقوم به رموزها من أفعال و أقوال , و لكنه لن يذكر إعتراضكم على وقاحة الرمز فلان أو الإندفاع الغير مبرر لـ فلنتان , و في النهاية , أتمنى أن لا تصدق توقعاتي بتطور الأمور إلى الأسوأ من جراء حتمية الصدام الذي تُسَنٌّ له السيوف .

اللهم إحفظ الكويت و شعبها من كل مكروه .

9 comments:

SHOOSH said...

Lovely

Unknown said...

يعطيك العافيه كلامك يبرد الجبد. محتاجين ناس اكثر من امثالك عشان صوتك و صوتنا يوصل. مشكور

AyyA said...

شكرا مطقوق
كتاب العادات السبعة للأشخاص الأكثر تأثيرا كتاب قيم للغاية.أعطيته كدورات تدريبية لموظفيني في وزارة الأشغال قبل أن أتقاعد و شخصيا إستفدت منه الكثير و أنصح بقراءته أو على الأقل الإستماع له على السي دي حيث يباع في أمازون
أما ما يخص الأوضاع الراهنة فأتفق معك فيما ذهبت إليه ما عدا هذه الجملة "هذا المرسوم يتعارض مع المباديء الدستورية" لدستور دولة الكويت "حيث أنها نقطة خلافية بين الدستوريين أنفسهم.
و دمتم

AyyA said...

شكرا مطقوق
كتاب العادات السبعة للأشخاص الأكثر تأثيرا كتاب قيم للغاية.قدمته في دورات إدارية لموظفيني قبل أن أتقاعد من وزارة الأشغال و شخصيا إستفدت منه الكثير.أنصح بقراءته أو حتى الإستماع للسي دي الذي يباع في أمازون.
أما ما يخص الأوضاع الراهنة فأتفق معك تماما لكن هذه الجملة لفتت إنتباهي "هذا المرسوم يتعارض مع المباديء الدستورية" لدستور دولة الكويت "" فياليت توضح بصورة أكبر لأن الخبراء الدستوريين أنفسهم لهم آراء متعارضة بهذا الخصوص.
و دمتم

moayad said...

ستيفن كوفي؟ العادات السبع؟

أنا أعرف شباب مو بس قارين حق ستيفن كوفي وربعه.. بل يقدمون دورات تدريبية يعلمون فيها الناس التخطيط والتفكير الاستراتيجي والإيجابية وتطوير الذات وكل العدة... ومع ذلك يقولون الشعب مل والشعب غاضب ويعيني الشعب بيعيط :)

الضجة الحاصلة ليست أمرا طبيعيا على الإطلاق، أنا ما أقدر ألوم الناس العادية على طريقة تفكيرها السلبي، والظاهر بأنه بسبب عظم المد السلبي اللي قاعد يعصف بالناس العادية صار في نوع من التشويه أثر حتى على عقول الناس اللي المفروض إنها واعية

ما ننسى كذلك تيار ثاني من الناس أعترف أنا شخصيا بالتقصير بتحليله والكلام عنه، وهو التيار المضاد للتيار "الغوغائي" إن صح التعبير، وكلامي هنا هو عن تيار "سمعا وطاعة"! تيار "إنت عايش بخير ونعمة فإحمد ربك واقعد ببيتكم وشوف غيرك شنو صاير فيه" ، وجود هالتيار ربما دفع الناس اللي المفروض إنهم عقال لاتخاذ مواقف متطرفة مضادة

من ملاحظات للكتاب والمغردين والسياسيين أرى بأن الناس الوسطية العاقلة بتناقص، دور هالناس الوسطية خلال الفترة القادمة سيكون بغاية الأهمية، يايتنا سنين سودة.. أكاد أراها بعينيني الاثنتين، لست متفائلا بالمرة.. على الأقل ليسبالسنوات القليلة القادمة، لكني مؤمن بأن التجارب والتي سيعيشها الشعب والضربات التي سيتلقاها ستلقنه درسا قاسيا لن ينساه، وبالنهاية سيتعلم. التغيير الإيجابي قادم، ببطء وصعوبة، لكنه قادم بإذن الله، المهم أن أصحاب الفكر الوسطي (أمثالك) لا يتوقفون عن العمل ولا يستسلمون لليأس

وبالله نستعين

noura_alotaibi_ said...

شكرا على طرحك المنهجي .. بس عندي سؤال ..يعني الحين يفترض ان نعبر عن اعتراضنا بطريقه سلبيه فقط !عدم المشاركه بالانتخابات عدم خوض المسيره ! فقط لان بعض الناس لا نتفق معهم كليا متفقين معنا الان في المسيره ؟ ..و لو افترضنا والله لا يقوله تحولت لاسقاط النظام هل انت متوقع ان راح نستمر ؟ و تغيير مطالبنا ؟ ترا مو لهدرجه تفكيرنا محدود اكيد راح نحيد عن هالشي و ما ننزل مع الي يطالبون فيه .. واخيرا عندي اقتراح ليش ما تمسك التنظيم انت واحنا نمشي معاك بما ان عندك خبره "نبيها خمسه " و عندك معلومات عن التاريخ السياسي طبعا بتفيدنا ؟

Anonymous said...

شكرا مطقوق
ما قريت الكتاب لكن شكلك شجعتني أقراه

انا صراحة محتار. اقرى معاي هذا أول شي :
https://dl.dropbox.com/u/595061/whoopThereItIs.png

اللي فهمته انه حتى اذا مشت سالفة تعديل آلية التصويت لي صوت واحد و صارت إنتخابات لازم مرسوم الضرورة اللي غيّر الآلية للتصويت يقدمونه للمجلس عشان يوافقون عليه

الحجج ضد هالشي انه الصوت الواحد عملية تنقيح للمرشحين. فراح يفوزون نواب حكوميين. أو،ان اللي استلم الكرسي على الآليةالجديدة ما راح يخرّب على نفسه و يرد الصوت لأربعة

هذي فرضيات يمكن تكون صح أو غلط. المستقبل يحددها
لكن الدستور واضح و يأكد انه مراسيم الضرورة تعطل الديموقراطية
بإختصار: يحقله يغير لأنه بالنهاية لازم يوافقون عليه

المسيرة بالنسبة لي كانت حركة صحية من الشعب.بغض النظر على بعض رؤوسها من إسلاميين و متأسلمين و معارضة بذيئة. أنا أفهمها بشرح سهل: ما في أحد قاعد يغيّر آلية تولي الحكم لكن الحاكم قاعد يغيّر آلية تمثيل الشعب. العملية غير أخلاقية و غير منصفة
بإختصار: مو من حقه يغيّر آلية التصويت

الحين انا صاير فيني نفس اللي سئل صدام: شنهو الفَرُق بين الحرب و الغزو . أريدك تنّورني هههه

Mohammad Al-Yousifi said...

مؤيد

شكرا دكتور

نورة العتيبي

شكرا على السؤال و الإجابة هي أنني لا أدعو الى السلبية , لكن الي يبي يطلع بمظاهرة مثل الجندي الي بيتطوع بالجيش , لازم يتأكد من القائد الي بيحارب تحت لواءه

يعني انا لمن ابي أختار قائد أمحص عدل , مو أي واحد القاه بدربي للمسجد أقوم أمشي وراه و اقول لن نسمح لك

الواضح أمامي بأن قادة المسيرات أو من يحرك "مزاج" جماهيرها هم النواب الي داسوا على الدستور لمن قالوا بس و بالأدلة , فهل المطلوب مني أحترمهم ؟ و أحترم من يمشي وراهم عمياني ؟

الله عطاك عقل فكر فيه و لا تصير امعة مع الكثرة بلا مبدأ

بالنسبة لي انا فإنشاءالله في المستقبل ممكن اكون احد قادة التغيير الحقيقي و التطور الحقيقي للنظام الديموقراطي بالبلد , مو سوالف الأغلبية و خرابيطهم

كويتي ثق

سوري بس انت قاري الدستور ؟

كما كتبت في المقال , مرسوم الضرورة حق "دستوري" للأمير لا منازعة فيه

لكن استخدامه في تغيير النظام الإنتخابي يخالف "مبدأ" الدستور

و عند الحديث عن "مبدأ" الدستور فأطمنك يا صديقي بأن عدد كبير من قوانينا و كل أعضاء مجلس أمتنا صورتوا على عشرات القوانين التي تتعارض مع "مبدأ" الدستور

ممكن أكتب في هالمجال في المستقبل بشكل تفصيلي

Unknown said...

من إيجابيات المعارضة أنها تطرح مواضيع تصب في مصلحة تنمية الشعب -على كيفهم-ومن سلبياتها العناد ...،وفي الجانب الآخر من إيجابيات الحكومة هو العيش الكريم -الحمد الله على كل حال- ومن سلبياتها العناد... فا العناد *العناد راح يساوي = تنافر بين الطرفين من المنطق ... و المنطق يقول أنها حالة سلبية بين الطرفين مما لا شك فيه راح يصير تصادم الحل
شفافية من الحكومة و أغلبية تسمع لازم تسمع الحچي ... الشيخ صباح الأول للكويت كان من يتحكم فس إدارة الشعب و كذلك الآن المطلوب أمرني على حسب الطلب ... والنهي عن الطلب عند تعارض المضمون مع كافة شروطه ...