Saturday, January 05, 2013

إلى العصفور مع التحية



لست من هواة الأفلام الهندية , فأسوأ ما فيها أن البطل ما يِنطق !! و هذا بالطبع يخالف القاعدة التي بنيت عليها شخصيتي التدوينية و هي "كله مطقوق", لذلك أعطي للطرف الآخر الحق في ضربي كما أعطي لنفسي الحق في ضربه , و أحيانا أستمتع بـ استمتاعه في ضربي أكثر من استمتاعه هو بذلك !! و هذا ما يجعلني أفضل في كثير من الأحيان الانسحاب بهدوء من النقاشات الغير مثمرة حتى و إن كانت النتيجة 6-1 للطرف الآخر , فأنا زاهد بالانتصارات الوهمية .

يعلم متابعيني أني أنشر في كثير من الأحيان أخبار و صور من الصحف تهدف إلى كشف تناقضات سياسينا  و خصوصا المنتمين إلى المعارضة و التيار الديني , و تثير هذه العادة تساؤل الكثيرين من عدة نواحي سأحاول الإجابة عنها كل على حدة .

التساؤل الأول هو لماذا التركيز على المعارضة و التيار الديني دون بقية التيارات ؟ أو بالأصح لماذا لا نراك تنتقد نواب الشيعة و الحكومة ؟

الإجابة ببساطة لأن هؤلاء لم يتشدقوا على أحد و يزايدوا عليه بالوطنية و الحرية و الكرامة و المطالبات بالدولة المدنية التي تتناقض مع أفكارهم الحقيقية , يعني دميثير و عسكر و عدنان المطوع و القلاف و زلزلة لم يدعوا أو يزايدوا علينا بالوطنية و الحرية و الكرامة و الدولة المدنية حتى أتصيد عليهم تناقضاتهم , هم فاضحين نفسهم بنفسهم و مصلعين أمام الجميع بأنهم يوالون الحكومة أو الشيخ فلان و علنتان , فأين المتعة في كشف موالاة حسين القلاف و عسكر العنزي للشيخ ناصر المحمد ؟ لكنكم تتفقون معي بمتعة كشف تبعية من يدعي الكرامة و الحرية للشيخ أحمد الفهد أو مجموعة سالم العلي .

التساؤل الثاني هو لماذا لا تنتقد الحكومة و تركز فقط على انتقاد المعارضة , هل الحكومة بلا أخطاء و هل تقبل بأفعالها ؟

الإجابة هي لا , الحكومة أسوأ من السيء , و إدارة الشيوخ للدولة أسوأ من السيء , هذا كلام خالصين منه من أيام مبارك الصباح و لم يعد الحديث فيه "يغريني" , أي أن هالـ إعظمة عجعجت فيها لين قلت بس و تركتها اليوم لمنتخب الهواة و القادمين الجدد إلى الساحة السياسية يطقطقون فيها و عليهم بألف عافية .

لكن الوضع يختلف مع المعارضة بجميع أطيافها و خلطاتها الفاسدة , هم يطالبون بتغيير الحكومة من أجل "الأفضل", إذا من الطبيعي لكل انسان أن يقف مع من يطالب بالأفضل , لكن خبرتي السياسية تقول بأن "أفضل" المعارضة سيكون أتعس من خيبة الحكومة و الشيوخ , و ذلك على جميع المستويات السياسية و التنموية و الحقوقية , و للأسف تعاسة الحكومة سهلت على المعارضة جذب بعض المحبطين اليائسين الجائعين في الإنضمام لها و قاعدين يلعبون اليوم لعبة الأرقام و لذلك أجد أن من واجبي كشف عورات أفكارهم للناس حتى نتمكن من إنقاذ ما يمكن إنقاذه .

ثانياً , أنا أعتبر نفسي شخص صاحب – مشروع - رؤية مستقبلية إصلاحية للكويت – لم أكشف عنها بعد – و أنتظر بفارغ الصبر الوقت المناسب لطرح رؤيتي التي أعتقد بأنها أكثر إنتاجية و تطوراً من الرؤية الـ سعدو طبطبائية المخلوطة بالبهارات الهايفية و الموالح الحدسية , و هذا ما يجعلني بطبيعة الحال أحارب هؤلاء كي أفسح المجال لطرح رؤية جديدة و اسلوب جديد في المعارضة و أنا لست مستعجلاً على ذلك .

التساؤل الثالث هو التعليق الساذج بأن ليس من حقك انتقاد المعارضة فيكفيها و يكفي شبابها شرفاً أنهم قاموا بـ"فعل شيء" مو مثلك قاعد بالبيت حاط ريل على ريل و تنتقد !!

الإجابة على هذا التساؤل هي أنني جربت اسلوب "فعل" أي شيء بدلاً من الجلوس في البيت و للأسف كانت النتائج كارثية كما هي نتائج ممارسات المعارضة و شبابها اليوم , و لم يعد يليق بي و بالنفق المظلم الذي أرى الكويت تدخل فيه أن أكذب على نفسي و عليكم و أقوم بأي "فعل" دون أي إحساس بالمسؤولية , سهل جداً أن أكون أحد قادة المعارضة و أدبج المقالات التي تفضح سرقات الشيوخ و فسادهم , سهل جداً أن أدعو للمسيرات و الاعتصامات و أحقن عقول الشباب بشعارات "الأمة مصدر السلطات جميعا" و "الحقوق تبي حلوق" , سهل جداً أن أحرق بلدي بحجة حسرتي عليه و لكن من قال بأني أريد الـ"سهل" ؟

من قال بأني أريد الظهور لمجرد الظهور و وضع بصمة لمجرد الإحساس "بالوجود"!! أنا من أتباع مدرسة فلتقل خيراً أو تصمت و لذلك أتقبل حبس أفكاري لسنوات إلى أن تنضج و تصبح ذات فائدة بدلاً من طرحها نص ناضية لتذهب أدراج الرياح حالها حال الكثير من الأفكار , و تأكدوا جيداً بأنني لن أُسوق أفكاري بالصراخ و المظاهرات و المسيرات و تهيئة المسرح لتلقي الضربات و بناء البطولات الوهمية , لن أفعل ذلك , فالفكرة الجيدة تفرض نفسها دون إجبار و لا إلحاح , و هذا ما يعيب الأفكار التي تطرحها المعارضة بشقيها الشبابي و السعدو طبطبائي .

التساؤل الأخير و المطروح من الأخ العزيز سعود العصفور و هو هل يتساوى الإستدعاء للتحقيق بالمشاركة في نشاط سياسي ؟

الإجابة يا سعود هي الآتي , سأتهرب متعمداً من التعمق في مناقشة البنية الفكرية و المشروع المستقبلي للمعارضة و التي يتم التسويق لها من خلال الإقتتات على أخطاء الحكومة و الشيوخ لإظهار فشلهم في إدارة الدولة و بالتالي منطقية مطالبتهم بالتخلي عن الإدارة , و بطبيعة الحال تطرح المعارضة نفسها أو جماهيرها أو "الشعب" كجهة مسؤولة يحق لها إختيار الإدارة الأفضل للبلد , و لأن الشيوخ معجعجين بالحكم و الإدارة فلم يعد أمام أنصار المشروع الـ"معارضي" سوى الخروج في الساحات و استخدام المنابر الميدانية و الألكترونية لإيصال سخطهم على حقران السلطة لهم .

أكرر بأني سأتعمد عدم التعمق و التفلسف في هذه البنية الفكرية و منطقيتها و سأناقش فقط الفكرة التي طرحتها أنا في تغريدتي و الإجابة على سؤالك الذي أيده و إستحسنه بعض الأصدقاء .

تغريدتي كانت تعليقاً على تخصيص "الإناث" في إعتراض الصواغ و الحربش على الإستدعاء للتحقيق بصفتهن "إناث" لا مواطنات , و هذا – بالنسبة لي على الأقل – يتناقض مع دعوة هؤلاء للـ"إناث" للمشاركة في الكفاح الميداني ضد السلطة سواء في حضور ساحة الإرادة أو المواجهة مع قوات الأمن أو المبيت في مجلس الأمة أو ساحة البنوك , ففي حال إيمانك بأن المواطنة تتساوى مع المواطن في الحقوق و الواجبات و عليها أن تمارس دورها كاملاً في التعبير عن رأيها فالأجدى بك أن تؤمن أيضاً بأن على هذه المواطنة تحمل تبعات ما تقوم به من أفعال و تطرحه من آراء بنفس الدرجة التي يتحملها المواطن الرجل .

أنا ليبرالي و اتعامل مع الموضوع من مبدأ الحرية الشخصية فلكل انسان الحق في فعل ما يشاء في إطار القانون "الجيد" , لذلك لا أعترض على حضور النساء للمسيرات و غيرها من الأنشطة , لكني أدين الصواغ و الحربش من مبدأ "من فمك أدينك .

هذا المثال ينطبق أيضا على بيع الخمر و شربه , كوني أؤمن بالحريات فأنا لا أعطي لنفسي الحق في منع الآخرين من شرب الخمر أو بيعه , لكن عندما يقوم السلفي خالد السلطان ببيع الخمر في محلاته و هو من يطالب بتطبيق الشريعة و تغيير المادة الثانية و المادة 79 من الدستور فمن حقي أن أدينه أو على الأقل كشف تناقضاته .

و للإجابة على سؤالك بـ هل تتساوى الدعوى للمشاركة في مسيرة مع الإستدعاء للتحقيق فنقول لا , لا يتساوى الأمران على المفعول به و هو "بنات الكويت" في هذه الحالة , لكن هل الإستدعاء إلى التحقيق من إهانة لـ"بنات الكويت" ؟ الإجابة أيضاً لا , خصوصاً و أن بعض رموز "بنات الكويت" المعارضات دخلن في لعبة رفع القضايا على من يعتقدون بأنه أهانهم و هذا بدوره أيضاً سيتم استدعائه للتحقيق , لذلك لا أجد في الأمر مشكلة , النيابة إدارة حكومية تقوم بعملها و عملها هو استدعاء المتهمين و الشهود للتحقيق في حال الشكوى ضدهم , و ربما في الغد يرفع علي بعض من ذكرت أسماءهم في هذا المقال شكوى و سأخضع أنا أيضا للتحقيق , و لا بأس في ذلك بغض النظر عن إعتقادي بكيدية التهم .

أعلم جيدا بأن السؤال كان أبسط من الإجابة الطويلة لكن زلقة بطيحة قلت دام إني بجاوب خل أجاوب على أكثر التساؤلات المطروحة .

شكرا مرة أخرى للأخ سعود و الأخ أحمد الظفيري على طرح السؤال و التعليق و أتمنى أن يسمح لي الوقت بالدخول في نقاشات أكثر في الأيام القادمة .

4 comments:

Anonymous said...

كل مرة أقرأ بوست في مدونتك
ازداد قناعة بموضوعيتك

AyyA said...

عجيب

Unknown said...

الله يعينك على الأسئلة ما دامت قانونية ...

Unknown said...

تقديري لفكر يبحث عن الحقيقة

/ الزّمن الجميل فضاء للإستراحة من عناءات السّفر في الأيام تدعوك لتصفّح ورقاتها و ترك بصماتك ، شكرا لجميل التفاعل
http://zaman-jamil.blogspot.com/