قبل الدخول في صُلب الموضوع علينا
توضيح الآتي:
1-
لا يهدف هذا المقال بأي شكل من الأشكال إلى الطعن أو
التشكيك بالقضاء الكويتي الشامخ، فنحن أول من يحترم القضاء ويلتزم بأحكامه.
2-
كاتب المقال لم يدرس القانون ورأيه هنا رأي ’’سياسي‘‘ لا
قانوني.
3-
في حال وجود ’’نقد‘‘ في هذا المقال، فهو موجه للجهات
الحكومية العليا، وليس الفريق القضائي ’’التنفيذي‘‘ المكلف بالنظر في القضايا
وإصدار الأحكام فيها.
4-
كاتب المقال لا يبرر أو يسبغ أي نوع من أنواع الشرعية
على أي ممارسة عنيفة أو أعمال تستخدم في الصراعات العنيفة كـ جمع السلاح أو تخزينه
والتدريب عليه، فهذا المقال يشرح ويُحلِّل ولا يبرر.
5-
لا يهدف المقال بأي شكل من الأشكال إلى إثارة النعرات
الطائفية، وأرجو عدم استخدامه لهذا الغرض.
6-
المقال طويل جدا!!
تمهيد:
تخضع دول الخليج العربية لحكم
المشيخات أو العائلات الحاكمة منذ القدم، وتعتمد هذه العائلات في تماسك حكمها على
علاقاتها القبلية والاجتماعية والسياسية والنَسَبية والتحالفية بالقيادات الشعبية
بمختلف أنواعها، أيضا تعتمد هذه المشيخات في تدعيم حكمها على تقديم الخدمات
والرفاهية الاجتماعية والاقتصادية لشعوبها، ومتى ما تقاعست المشيخة عن القيام بهذا
الدور، سيتعرض حكمها للاهتزاز وتدخل البلاد في مراحل عدم الاستقرار.
وبما أن هذه المشيخات ذات طابع
عائلي/خدمي، فهي في العادة ليست بحاجة إلى الاعتماد على الأيدلوجيات الفكرية ذات
الأبعاد الأممية[1]،
وبسبب هذا الفراغ الأيدلوجي في بلاط الحكم، تصبح شعوب هذه البلدان هدفا سهلا لتبني
الأيدلوجيات الخارجية، ويتقَولَب زعماء هذه الأيدلوجيات الخارجية بقوالب يغلب
عليها الطابع البطولي (السوبرماني) لدى أفراد هذه الشعوب، بل أن ’’سوبرمانية‘‘
هؤلاء الزعماء تتجاوز في كثير من الأحيان بطولات الحاكم المحلي للمشيخة، خصوصا إذا
ارتبطت الأيدلوجية الخارجية بأهداف ذات طابع ’’أُممي‘‘ يتجاوز حجم السلطات
المشيخية المحلية، وبطبيعة الحال، تتسبب هذه الحالة في تجاذبات تساهم في زعزعة
استقرار الحاكم المحلي.
والكويت، البلد المفتوح لتناقل
الأفكار والأيدلوجيات الخارجية، تعرضت في العديد من الفترات إلى هذا الصراع
المشيَخي/الأيدلوجي، ففي الثلاثينيات من القرن الماضي، آمن نُخبة من أبناء الشعب بأيدلوجية
’’القومية العربية‘‘ والتحرر من القوى الاستعمارية، ففتحوا قنوات الاتصال بحاكم
العراق ليساعدهم في الضغط على حاكم الكويت أحمد الجابر، وانتهت هذه المواجهة
بتنفيذ حكم الإعدام ببعضهم، وسجن البعض الآخر، وهروب البقية إلى العراق[2].
صورة أنشرها للمرة الأولى وهي وثيقة بريطانية تتعلق بتأييد المرحوم محمد المنيس للعراق ودعوته لإسقاط الحكم في الكويت
وفي الخمسينيات، تكرر المشهد،
فالتهبت أفئدة الجماهير المحلية بعشق ’’سوبرمان‘‘ القومية العربية (جمال عبدالناصر)،
وتسبب الإيمان المطلق بأهداف هذا البطل الخارجي إلى صدامات متعددة مع السلطة أدى
أحدها إلى إغلاق جميع الصحف والمجلات والأندية الثقافية والرياضية المحلية، والزج
بالقيادات القومية في السجون، وترحيل المقيمين منهم[3].
حتى الدكتور أحمد الخطيب لم يسلم من الاتهام بالولاء الخارجي، الكاركتير من جريدة الرأي العام
وبعد النكسة في 1967، ووفاة
عبدالناصر في 1970، تلقت الأيدلوجية القومية ضربة قاصمة لم تتمكن من النهوض بعدها
إلى الأبد، وحلّت محلها الأيدلوجيات الدينية السلفية والإخوانية التي تحالفت (مصلحياً)
مع السلطة المشيخية في البلاد، مع الاحتفاظ بمرجعية ’’سوبرماناتها‘‘ الخارجية.
وفي نهاية السبعينيات، لحق أبناء
الطائفة الشيعية بركب استيراد الأيدلوجية من خلال الإيمان بالسوبرمان الجديد، الولي
الفقيه[4]
’’روح الله الخميني‘‘، قائد الثورة الإيرانية التي أطاحت بالحاكم الإمبراطوري محمد
رضا شاه بهلوي.
ومنذ اللحظة الأولى، نشأت علاقة
ارتياب وتوجس بين ’’روح الله‘‘ وحكام المشايخ الخليجية، كيف لا وهو يرفع شعار
’’نُصرة الشعوب المستضعفة‘‘، والتي فهمها حُكام الجوار (وهُم محقين بذلك) كـ رغبة
جامحة نحو ’’تصدير الثورة‘‘، وهذا ما جعلهم يدعمون الرئيس العراقي (صدام حسين) في
حربه التي شنّها ضد إيران، وأدى هذا الدعم إلى المزيد من العداء والمناكفة بينهم
وبين الخميني.
وبطبيعة الحال، أصبح شيعة الخليج،
وخصوصا المؤمنين بأيدلوجية ’’ولاية الفقيه‘‘ وزعامة روح الله الخميني في مأزق، فهم
يؤمنون من ناحية بالمرجعية الدينية والسوبرمانية السياسية للخميني، وفي الوقت نفسه،
هم يعيشون في ظل حكومات مشيخية تدفع المليارات لضربه، وهذا ما دفع بعضهم للوقوف
علانية ضد حاكمه المشيخي المحلي[5]،
وهذا ما جعل هذا الحاكم والفئات الأخرى من الشعب تنظر إلى هذه الفئة بنظرة ’’تخوينية‘‘،
فأصبحت العلاقة متوترة بين الطرفين إلى هذا اليوم، رغم اضمحلال هذا التوتر مؤقتا
بعد اللحمة الوطنية التي شهدتها مرحلة ما بعد الاحتلال العراقي للكويت.
التغوُّل الإيراني:
شهدت مرحلة ما بعد الاحتلال
الأمريكي للعراق (2003) جولة أخرى من تصاعد التوتر الطائفي، وذلك بسبب بُطء الاستيعاب
السُني للتَغَوُّل الشيعي المتسارع في المنطقة، فـ إيران أصبحت دولة صانعة للسلاح
الصاروخي وأظهرت طموحها الجدي في دخول نادي البلدان النووية، ونفوذها تغلغل في
مفاصل الجمهورية العراقية المدافع السابق عن بوابة السُنة الشرقية.
وأصبح صدى الصوت الإيراني (الشيعي)
يُسمع بوضوح في لبنان وسوريا واليمن والسودان ونيجيريا والصومال وسريلانكا والهند
وباكستان وفلسطين، وأضحت أيدلوجية ’’الولي الفقيه‘‘ المتدثرة برداء دعم الثورات
ونُصرة الشعوب المستضعفة تَتَعَملَق أمام تصاغر طموحات المشيخيات الخليجية الفقيرة
أيدلوجيا، خاصة مع مزاحمة الأوردغانية التركية بـ أيدلوجيتها الإخوانية لهذه
المشيخات في زعامة الجماهير السُنية.
أدى كل ذلك إلى توحد الصوت السياسي
الشيعي تحت لواء ’’الولي الفقيه‘‘، بينما تبعثر الصوت السُني بين مشيخات
بترودولارية، وأنظمة عسكرية، وإرهاب سلفي ممثَل بداعش والقاعدة، وانتهازية إخوانية
بقيادة السلطان أوردغان، ومن هنا بدأت الأصوات السُنية تتعالى بالتحذير والنذير من
’’الهلال الشيعي‘‘ والصفوية الإيرانية المجوسية الرافضية، وعاد الـ لطش التخويني
لملاحقة شيعة الخليج كلما أظهر أحدهم تأييده أو تشجيعه أو حماسته أو تبريره أو
ارتياحه للنهج الإيراني وتوابعه في العراق ولبنان وسوريا واليمن.
وأمام ذهول الشارع السُني من تحرر
الشيعة من عادتهم القديمة في ممارسة ’’التقية السياسية‘‘ ازدادت المشاحنات بين
الطرفين، خاصة بعد ظهور أمثلة راديكالية كـ رجل ’’الدين‘‘ الشيعي ياسر الحبيب،
الذي لم يترك شتيمة أو لعنة إلا وسددها نحو مقدسات السُنة، بالإضافة إلى مساهمة
الانقسامات التي شهدتها ثورات الربيع العربي في تفاقم العدائية الطائفية بين
المذهبين، خصوصا فيما حصل في الحالة البحرينية واليمنية والسورية.
خلية العبدلي:
وسط هذه الميادين المشتعلة، ظهرت
علينا - في الكويت - قضية ’’خلية العبدلي‘‘، والتي اتهم فيها 25 كويتيا شيعيا (وشخص
إيراني شيعي) بالعمالة والتخابر مع ’’الحرس الثوري‘‘ الإيراني، و’’حزب الله‘‘
اللبناني، وجمع السلاح والتدريب على استخدامه، وقد امتنعت عن التعليق على هذا
الموضوع طوال الأشهر الماضية لعدة أسباب، أهمها غياب المعلومات والتفاصيل حول
القضية.
وفي الثاني عشر من يناير الحالي،
أعلنت محكمة الجنايات عن حكمها (أول درجة) في هذه القضية، وقد جاء الحكم على
المتهمين بالآتي:
1-
حسن عبدالهادي علي حاجية، (كويتي) وقد حكم عليه بالإعدام.
2-
عمار حسن غلوم حسين، (كويتي) وقد حكم عليه بـ 15 سنة
سجن.
3-
حسين علي سيد حسين سيد باقر الطبطبائي، (كويتي) وقد حكم
عليه بـ 10 سنوات سجن.
4-
محمد جاسم محمود عبدالكريم المعراج، (كويتي) وقد حكم عليه
بـ 15 سنة سجن.
5-
علي عبدالكريم إسماعيل عبدالرحيم، (كويتي) وقد حكم له
بالبراءة.
6-
جاسم محمد شعبان غضنفري، (كويتي) وقد حكم عليه بالسجن
المؤبد.
7-
محمد حسن عبدالجليل الحسيني، (كويتي) وقد حكم عليه
بالسجن 5 سنوات.
8-
زهير عبدالهادي حجي المحميد، (كويتي) وقد حكم عليه
بالسجن 5 سنوات.
9-
حسن علي حسن جمال، (كويتي) وقد حكم عليه بالسجن 5 سنوات.
10-
حسن مراد
حسين جاسم، (كويتي) وقد حكم عليه بـ 15 سنة سجن.
11-
محمد جعفر
عباس غلوم حاجي، (كويتي) وقد حكم عليه بـ 15 سنة سجن.
12-
عباس عيسى عبدالله باقر الموسوي،
(كويتي) وقد حكم عليه بـ 15 سنة سجن.
13-
حسن أحمد عبدالله العطار، (كويتي)
وقد حكم عليه بـ 15 سنة سجن.
14-
عبدالمحسن جمال حسين عبد علي
الشطي، (كويتي) وقد حكم عليه بـ 15 سنة سجن.
15-
مصطفى عبدالنبي علي بدر علي
خان، (كويتي) وقد حكم عليه بـ 15 سنة سجن.
16-
حسين جمعة محمد الباذر، (كويتي)
وقد حكم عليه بـ 15 سنة سجن.
17-
يوسف حسن شعبان غضنفري، (كويتي)
وقد حكم عليه بـ 15 سنة سجن.
18-
مهدي محمد سيد علي الموسوي،
(كويتي) وقد حكم عليه بـ 15 سنة سجن.
19-
عيسى جابر عبدالله باقر، (كويتي)
وقد حكم عليه بـ 15 سنة سجن.
20-
حسن داود عبدالكريم عبدالله
رمضان، (كويتي) هارب، وقد حكم عليه بـ 15 سنة سجن.
21-
جعفر حيدر حسن حيدر جمال، (كويتي)
وقد حكم عليه بـ 15 سنة سجن.
22-
هاشم حسين رجب حسن علي، (كويتي)
هارب، وقد حكم عليه بـ 15 سنة سجن.
23-
عبدالرضا حيدر دهقاني، (إيراني)
هارب وقد حكم عليه بـالإعدام.
24-
باسل حسين علي دشتي، (كويتي)
وقد حكم له بالبراءة.
25-
عبدالله حسن عبدالجليل الحسيني،
(كويتي) وقد حكم عليه بغرامة 5000 دينار كويتي.
26-
هاني عبالهادي
علي حاجية، (كويتي) وقد حكم له بالبراءة.
وبعد قراءة تفاصيل منطوق الحكم
الواقع في 186 صفحة، تكونت لدي بعض الملاحظات ’’السياسية‘‘ حول الحكم والقضية،
خصوصا بعد إقدام نواب مجلس الأمة المنتمين إلى الطائفة الشيعية بمقاطعة جلسات
المجلس، وانتشار شائعات حول نواياهم بالاستقالة احتجاجا على صدور هذا الحكم[6].
ولذلك، ستتناول هذه المقالة ’’قضية
الخلية‘‘، ورد الفعل السياسي عليها كل على حِدة، فأرجو عدم المزج أو الخلط بين
آرائي حول ’’القضية‘‘، وآرائي حول ردة فعل النواب ’’السياسية‘‘.
أطراف القضية:
1-
ضابط المباحث وضابط أمن الدولة المكلفين بالتحريات
وإلقاء القبض على المتهمين والتحقيق معهم، وهم يمثلون جهة إثبات التهم على
المتهمين.
2-
الخبراء الفنيون، كـ خبراء الأسلحة والمتفجرات وأجهزة
التنصت والخرائط والطب الشرعي، ودورهم فني في إثبات أو تفنيد وجهة نظر الطرفين.
3-
فريق الدفاع المكون من المتهمين وفريق المحامين المكلف
بالدفاع عنهم، وهم الجهة التي تسعى لتفنيد اتهامات الطرف الأول.
4-
الشهود، يأتون في العادة لتأييد أو نقض المعلومات التي
أدلى بها الطرفين أمام القاضي.
5-
فريق الحكم، وهو مكون من الهيئة القضائية المكلفة بالاستماع
إلى وجهة نظر الطرفين، ومن ثم إصدار الحكم في القضية بناء على القوانين المرتبطة
بحيثياتها.
ما يهمني في الشرح السابق هو معرفة
أن كل ما تُدلي به هذه الأطراف سيكون ظاهرا بشكل أو بآخر في منطوق الحكم، لذلك يجب
الحذر في قراءة الحكم والتفريق بين ما قالته جهة الإدانة، وجهة الدفاع، وعدم خلطه
مع الحكم النهائي للقاضي.
وسنفترض في هذا المقال بأن كل ما
جاء من تواريخ وأحداث ومضبوطات ذكرها ضابط المباحث وأمن الدولة صحيح، وأن المتهمين
اعترفوا بالجرائم المسندة إليهم دون إكراه أو تعذيب (حسب إفادة تقرير الطب الشرعي).
فترة الاتهام:
من عام 1988م إلى 12-8-2015م.
وهي الفترة الزمنية التي حدثت فيها
الجرائم منذ بدايتها حتى النهاية، أي أن هذه الجريمة امتدت على مدى سبعة وعشرون
عاما.
قائمة التُهم[7]:
1-
جمع وتخزين كميات كبيرة ونوعيات خطرة من المواد المتفجرة
والأسلحة والقنابل وأجهزة التنصت والمراقبة.
2-
التخابر مع دولة أجنبية (جمهورية إيران الإسلامية)
وجماعة ’’حزب الله‘‘ اللبناني التي تعمل لمصلحتها على القيام بأعمال عدائية هي إشاعة
الذعر والفوضى في دولة الكويت.
3-
قبول من دولة أجنبية (جمهورية إيران الإسلامية) وممن يعملون
على مصلحتها (حزب الله اللبناني) أموالاً ومنافع بقصد ارتكاب أعمال تضر بالمصالح القومية
لدولة الكويت.
4-
الانضمام إلى جماعة ’’حزب الله اللبناني‘‘ التي غرضها العمل
على نشر مبادئ ترمي إلى ’’هدم‘‘ النظم الأساسية بطرق غير مشروعة والانتقاض بالقوة على
النظام الاجتماعي والاقتصادي القائم في البلاد وهم يعلمون بالغرض الذي تعمل له.
5-
التدريب والتمرن على حمل الأسلحة والذخائر واستخدام المفرقعات
وهم يعلمون أن من يدربهم ويمرِّنهم يقصد من ذلك الاستعانة بهم في تحقيق أغراض غير مشروعة.
6-
الدعوة للانضمام إلى جماعة ’’حزب الله اللبناني‘‘ التي غرضها
نشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم الأساسية بطرق غير مشروعة والانتقاض بـ’’القوة‘‘ على
النظام الاجتماعي والاقتصادي القائم في البلاد وهم يعلمون بالغرض الذي تعمل له.
7-
الاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة مع أعضاء بـ’’حزب الله
اللبناني‘‘ على التدريب والتمرين باستعمال المفرقعات والأسلحة والذخائر بقصد الاستعانة
بمن يدربونهم ويمرِّنونهم في تحقيق أغراض غير مشروعة.
الخط الزمني وتوزيع الأدوار في
القضية:
أعتقد أنه من المفيد استعراض الخط
الزمني للقضية، كي يستوعب القارئ تفاصيلها بسهولة، وهذا الخط هو اجتهاد مني قد
أكون أخطأت دون قصد في بعض تفاصيله، وأكرر هنا بأنني سأنقل الأحداث كما جاءت في
شهادة فريق المباحث وأمن الدولة، وسأشير إلى اعتراف أو إنكار المتهمين لهذه
الأحداث وأضع تساؤلاتي حولها متى ما رأيت الحاجة لذلك:
1988
-
تبدأ علاقة المتهم الثامن (المحميد) بالسفارة الإيرانية.
1991
-
(المحميد) والمتهم الأول (حاجية) يستحوذان على كميات
كبيرة من الأسلحة من مخلفات الاحتلال العراقي للكويت كل على حدة.
1992
-
(حاجية) يجمع الأسلحة في منزل والده في الرميثية.
1994
-
يذهب (المحميد) إلى لبنان للتدريب تحت إشراف ’’حزب
الله‘‘ اللبناني في مدينة ’’عيتا الشعب‘‘ الحدودية.
1996
-
(المحميد) وهو القائد، يقوم بتجنيد (حاجية).
-
(حاجية) يقوم بتجنيد المتهمين من الثاني إلى السابع وهم (عمار) و(الطبطبائي)
و(المعراج) و(عبدالرحيم) و(غضنفري) و(الحسيني).
1997 – 1998
-
(حاجية) ينقل الأسلحة إلى شقته في منطقة سلوى.
-
(حاجية) و(المحميد) يقومان بشراء شاليه لتخزين الأسلحة.
-
(حاجية) و(غضنفري) يستلمون أسلحة ومتفجرات عن طريق البحر من جهة
إيرانية ويخزنون هذه الشحنة في شاليه تابع لـ (حاجية) و(المحميد)
2004
-
(حاجية) و(الحسيني) ينقلون الأسلحة من الشاليه إلى مزرعة
تابعة لوالدة (حاجية) في منطقة العبدلي والتي تم تسمية الخلية باسمها.
2005
-
(حاجية) يزور طهران ويقابل أحد القيادات الاستخباراتية
الإيرانية الذي أبلغه بوقف نشاط الخلية، بسبب تحسن العلاقات بين الكويت وطهران.
2009
-
انتقال قيادة الخلية من (المحميد) إلى المتهم الرابع
والعشرون (دشتي) والذي يفترض بأنه أكثر تطرفا.
-
أصبحت الإدارة العليا للخلية مكونة من (المحميد)
(الحسيني) (دشتي).
-
أصبحت الخلية تتواصل مع الجهات الإيرانية إلى 2012.
-
(دشتي) يطلب من (حاجية) إرسال الشباب إلى لبنان للتدريب تحت إشراف
’’حزب الله‘‘.
-
(حاجية) يرسل (غضنفري) و(عبدالرحيم) للتدريب في لبنان، ويذكر ضابط
المباحث بأنهما ذهبا من قبل للتدريب في لبنان في 2007.
2014
-
(حاجية) ينقل السلاح والمتفجرات من مزرعة العبدلي إلى
بيته، وذلك بمساعدة (عمار) و(الطبطبائي) و(المعراج).
-
(دشتي) يقوم بتجنيد المتهم الثالث والعشرون (دهقاني) وهو إيراني،
بهدف تجنيد المزيد من الشباب في الخلية.
-
(دهقاني) ينجح في تجنيد المتهمين من العاشر إلى الثاني والعشرون
وهم (جاسم) و(حاجي) و(الموسوي) و(العطار) و(الشطي) و(خان) و(الباذر) و(يوسف)
و(مهدي) و(باقر) و(رمضان) و(جمال) و(علي).
-
(دهقاني) يوزع الشباب في ثلاثة مجموعات، ويرسلهم إلى لبنان
للتدريب.
2015
-
إلقاء القبض على الخلية.
-
وفي التحقيقات يعترف (حاجية) بأنه المصدر الأساسي لكل
الأسلحة الموجودة في حوزة بقية أعضاء الخلية، ويبرر وجود كل هذه الأسلحة لديه بـ
خوفه من انتشار التيارات السلفية التكفيرية في الكويت، والتي من الممكن أن تستهدف
الشيعة وأماكنهم المقدسة من مساجد وحسينيات.
-
وحاول (حاجية) إظهار حسن نواياه بالحديث عن مشاركته في المقاومة
الكويتية ضد الغزو العراقي، واستشهد بالشيخ عذبي فهد الأحمد الصباح كونه أحد قادة
المقاومة ومدير سابق لجهاز أمن الدولة، إلا أن الشيخ عذبي أنكر معرفته بالمتهم في
شهادته.
-
برر المتهم (غضنفري) ما قام به من تدريبات وحيازة سلاح
بـ خوفه من انتشار التيارات السلفية التكفيرية في الكويت، خصوصا بعد ظهور ’’داعش‘‘.
-
أما المتهم (المحميد)، فقد برر احتفاظه بكل هذه الأسلحة
منذ سنة 1990 بسبب خوفه من غزو صدام حسين أولا، ثم خوفه من الجماعات السلفية
التكفيرية ثانياً، خاصة بعد ظهور ’’داعش‘‘ التي تستهدف الشيعة.
-
أنكر أغلب المتهمين تهمة التخابر مع إيران أو غيرها،
لكنهم اعترفوا بالتدريب على القتال واستخدام الأسلحة من باب مواجهة التيارات
التكفيرية التي تستهدف الشيعة، ويمكننا فهم هذا التصور من خلال الاعترافات
التالية:
a.
يقول المتهم (الموسوي) بأن (دهقاني) ’’انفرد به بديوانية
بمنطقة الرميثية، وأخذ يحدثه عن الأوضاع بمنطقة الخليج وخطر تنظيم الدولة الإسلامية
في العراق والشام خاصة على أبناء الطائفة الشيعية مستفسراً منه إن كان يود التدرب على
السلاح ليذود عن نفسه وعن بلده، فوافق على ذلك فوراً‘‘.
b.
يقول المتهم (باقر) بأن (دهقاني) ’’بادره بفكرة التدريب على
حمل السلاح واستخدامه إتقاء خطر الجماعات التكفيرية خاصة تنظيم دولة الإسلام في العراق
والشام والذين سيجزُّون رؤوس الشيعة ويسبون نساءهم، فوافق المتهم – على حد قوله – على
الفور مجيباً هذا الطلب‘‘.
وبالعودة إلى المسار الزمني
للأحداث، يمكننا القول بأن خلية العبدلي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1-
القيادات وهم (المحميد) و(دشتي) و(الحسيني) و(حاجية)،
وهم الذين يتواصلون مع أشخاص في السفارة الإيرانية.
2-
المجموعة التابعة لـ (حاجية) وهي التي أشرفت على نقل
الأسلحة من الشاليه إلى المزرعة، ثم من المزرعة إلى البيت، وذلك في السنوات ما بين
1998 إلى 2014.
3-
المجموعة التابعة لـ (دشتي) و(دهقاني) وهي التي ذهبت للتدريب في لبنان في نهاية العام 2014 وبداية العام 2015.
وبالنظر إلى التفاصيل أعلاه، نجد
أن هناك بعض الملاحظات المثيرة للانتباه في هذه القضية، والتي يمكن تلخيصها
بالآتي:
1-
ينتمي أغلب أعضاء الخلية إلى عائلات كويتية قديمة وتنعم
بالرخاء المادي والاجتماعي، لذلك ليس من المنطقي طرح فكرة انضمامهم للخلية لأهداف
مالية كالمبالغ التي تم ذكرها في الحكم (1300 دولار وغيرها من المبالغ الزهيدة).
2-
ينتمي أغلب أعضاء الخلية إلى مجموعة ’’جمعية الثقافة‘‘،
وهي تتبع مرجعية السيد علي خامنئي، ’’ولي الفقيه‘‘ والمرشد الأعلى للثورة
الإيرانية، ويمثلها في مجلس الأمة الأعضاء سيد عدنان عبدالصمد، وأحمد لاري، وخليل
أبل.
3-
تمتد الفترة الزمنية لنشاط الخلية من 1988 إلى 2015، وهي
فترة طويلة تقارب الـ 27 سنة، إلا أنها لم تقم خلال هذه الفترة بأي عمل تخريبي أو
عدائي سواء داخل الكويت أو خارجها، وهذا يعطينا انطباع بأنها خلية ’’استخباراتية‘‘
وليست خلية تخريبية أو إرهابية، مع وجود إمكانية للقيام بأعمال تخريبية في حال
تطلبت الظروف ذلك.
4-
نجد أن (عبدالرحيم) و(غضنفري) تم تجنيدهم للمرة الأولى
في 1996، ولكنهما لم يقوما بأي تدريبات قتالية إلا في العام 2007، أي بعد 11 سنة
من التجنيد، وهذه فترة طويلة نسبيا !! خاصة عند المقارنة بمجموعة (دهقاني)، التي
تم تجنيدها في 2014 وأرسلت فورا للتدريب في لبنان.
وتجدر
الإشارة إلى أن (عبدالرحيم) قد حصل على حكم البراءة، رغم أقدميته في هذه الخلية.
5-
بالعودة إلى التصوير المنشور لزيارة معالي وزير الداخلية
لبيت (حاجية) وعملية استخراج الأسلحة والمتفجرات من حفرة التخزين، نجد بأن هذه
الحفرة كانت مغلقة بشكل محكم لا يوحي بالرغبة في استخدام هذه الأسلحة في أي وقت
قريب، حيث اضطر رجال الأمن إلى استخدام الـ Drill لتكسير
الأرضيات والوصول إلى المخزن، ويصف خبير المتفجرات في وزارة الداخلية هذه الحفرة
بـ’’صبَّ الحفرتين بالخرسانة بتلك الصورة يجعل من شبه المستحيل اكتشافها بواسطة أجهزة
المسح أو كلاب الأثر‘‘.
6-
تعتمد رواية المباحث وأمن الدولة بشكل كبير على المتهم
(دشتي)، الذي يصفونه بـ’’شخص يمثل الجناح الراديكالي المتشدد‘‘ وهو الذي قام
بتجنيد (دهقاني) الذي حصل على حكم الإعدام، ومع ذلك فـ (دشتي) حصل على البراءة!!
علما
بأن (دشتي) هو عنصر الربط بين مجموعة جمع وتخزين السلاح (حاجية)، ومجموعة التدريب
في لبنان بقيادة (دهقاني)، ففي حال براءته، هل يمكننا القول بأننا أمام خليتين
منفصلتين وليست خلية واحدة!؟
7-
وتتكرر نفس الملاحظة مع المتهم (المحميد)، حيث أنه حصل
على حكم 5 سنوات سجن، رغم أن رواية المباحث ترتكز على أنه أول من أنشأ هذه الخلية
وقام بقيادتها من العام 1996 إلى العام 2009، وهو من جَنَّدَ (حاجية) الذي حصل على
حكم الإعدام !!
8-
هناك كثافة في كمية الاتهامات ’’الظنية‘‘ التي وجهتها
المباحث وأمن الدولة للمتهمين، مما يثير الشك في وجود تحامل ومبالغات مقصودة لتشديد
الحكم ضدهم، وقد اضطرت المحكمة في كثير من الأحيان إلى رد هذه الاتهامات وعدم
الأخذ بها، وهنا أضع بعض الفقرات التي اضطرت فيها المحكمة للقيام بذلك:
a.
’’أن المتهم الرابع والعشرين هو من يدير رأس الخلية ويتولى تنسيق أمور
التجنيد والتدرُّب مع المتهم الأول وأتى ذلك من ضابط جهاز أمن الدولة بمجرد حديث مرسل
منه وظنون لم تؤيدها الأوراق‘‘.
b.
’’أنه لم يثبت بالأوراق سفر المتهم الثامن إلى أيٍ من جمهورية إيران
أو لبنان ولم تتعد علاقته بالسفارة الإيرانية – حسب ما قرَّر به ودلَّلت عليه الأوراق
– حدود دوره ونشاطه السياسي والثقافي كأمين عام حركة التوافق الوطني الإسلامية‘‘.
c.
’’كما وتطرح المحكمة تحريات ضابط جهاز أمن الدولة وأقواله في صدد المتهمين
ماري الذكر بشأن تخابرهم مع جمهورية إيران وتنظيم حزب الله التابع لها في لبنان بحسبانها
محضَّ آراء وأخبار ذكرها قوامها الظن والتخمين، فاحتملت لذلك جانب الصدق أو نقيضه،
ومن ثم فإن المحكمة لا تطمئن أو تقنع بأقوال الضابط في حدود ما أدلى به بشأن هؤلاء
المتهمين في مقام إدانتهم عن تهمة التخابر إذ أنها لا تأخذ بالتكهُّن والظنَّة حتى
ترى الدليل‘‘.
d.
’’خلت الأوراق مما يفيد بمظنة اشتراك هؤلاء المتهمين في جماعة حزب الله
المحظورة وانضمامهم في صفوفه سيما وأن سفر جانب منهم إلى جمهورية لبنان لم يثبت قطعاً
بالأوراق، كما ولم تُفصح التحقيقات عن تدرُّبهم ومرانهم في معسكرات تلك الجماعة أو
بولائهم حقاً لها – وهو ما يختلف ويتغاير مع مجرد تأييد الفكر والصلة الدينية والاجتماعية
به – هذا ولم يضع أي من المتهمين نفسه تحت إمرة تلك الجماعة، خاصة المتهم الخامس الذي
لم يورد هذا القول على لسانه بتحقيقات النيابة العامة، بل قرَّر بتدرَّبه على السلاح
لدى شخص يُكنَّى الحاج في مزرعة في جمهورية لبنان، نافياً صلة المدرِّب أو اتصال المزرعة
بجماعة حزب الله اللبناني وأجهزتها‘‘.
e.
’’كانت صورة الواقعة على نحو ما حصلته المحكمة عند استعراض وقائع الدعوى
قد خلت من استظهار مباشرة أياً من المتهمين الركن المادي للجريمة التي عناها الشارع
بالمادة الأولى سالفة البيان، إذ أن هذه الجريمة من الجرائم العمدية، فيلزم أن يتخذ
فاعلها سلوكاً رامي إلى هدف من الأهداف السالف ذكرها بشكل واضح وصريح، وأن يتوافر لديه
قصد تحقيق واحد منها.
ولا يغني
من الأمر شيئا من أن تكون من أهداف التنظيم المحظور – حزب الله – الذي ينتمي إليه بعض
هؤلاء المتهمين هو إقامة الجمهورية الإسلامية الكبرى، وإزالة الحدود بين كافة الأقطار
العربية، وإسقاط نظام الحكم في البلاد طالما لم يثبت قيام أيا من هؤلاء المتهمين بالدعوة
علانية لتحقيق هذه الغاية – وحدها – وهو إسقاط نظام الحكم في الكويت بشكل جلي وواضح
لا لبس ولا غموض فيه، ودون أن يتداخل هذا بمطالب أخرى ذلك لأن هذه الجريمة من الجرائم
العمدية، فيلزم أن يتخذ فاعلها سلوكاً رامي إلى هدف من الأهداف السالف ذكرها بشكل واضح
وصريح‘‘.
f.
’’ومما لا مرية فيه، أن إقامة دولة ذات صبغة دينية طائفية
موحدة تحت راية الولي الفقيه تعد من الأهداف المأمولة لحزب الله... بيد إنها لازالت
في أعماق نفوس المتهمين المنضمين لهذا الحزب، ولم تثبت الاستدلالات أو التحقيقات عن
كشف أيا من هؤلاء هذه الرغبة كما تطلبتها مادة العقاب، إذ لاتزال وأن تكون صفحة في
نفوسهم لم تعلن أرادتهم عنها إلى الغير بطريقة أو بأخرى، وهي لا تعدو بهذا المعنى وأن
تكون في المراحل التحضيرية السابقة على هذه الجريمة، ولا يمكن مؤاخذتهم عنها رغم إيمانهم
العميق بها.
لذا فإن
يد القانون لا تمتد إليهم بالعقاب إلى حين أن يترجموا بجلاء عما عزموا عليه في نفوسهم،
ولما كانت الأوراق قد خلت من استظهار أياً من عناصر الجريمة التي عناها الشارع في المادة
مثار الاتهام مما يتعين القضاء ببراءة المتهمين‘‘.
g.
’’ولما كان الثابت للمحكمة حسبما جاء بشهادة عبدالله الخبيزي
- ضابط في الجيش الكويتي إدارة الحرب الإلكترونية - من أن الأجهزة المضبوطة مع جميع
المتهمين هي عبارة عن أجهزة لاسلكية - لا ينطبق عليهم النموذج القانوني للتجريم -،
عدا جهازين أحدهما كان مع المتهم الأول وهو ممن يتم وضع شريحة هاتف به لتفعيل خاصية
التنصت، والآخر ضبط مع المتهم الحادي عشر نوع - جيميني - هو جهاز تنصت وتجسس.
وبذلك
فإن المحكمة ترى عدم صحة ما اسند لباقي المتهمين‘‘.
9-
الغريب في الأمر، أنه وبالرغم من فشل ضابط أمن الدولة في
إثبات هذا الكم الكبير من التُهم على المتهمين (رغم أن هذه المهمة من صميم عمله،
وهي مهمة ’’فنية‘‘ لها معايير تامة الوضوح، فهو من قام بالتحريات وإلقاء القبض على
المتهمين والتحقيق معهم)، إلا أن هيئة المحكمة لم تجد غضاضة في الاطمئنان والوثوق
بالفكر السياسي والفلسفي والأيدلوجي لهذا الضابط، رغم أن هذه الجوانب لا تقع ضمن
اختصاصاته، خصوصا فيما يتعلق بالتحليلات والتوقعات والتنظيرات السياسية
المستقبلية، حيث يذكر منطوق الحكم:
-
’’يتضح استخلاصا مما أطمأنت إليه المحكمة من أقوال ضابط جهاز أمن الدولة
أمامها وفي تحقيقات النيابة العامة أن ما يسمى بـ’’حزب الله‘‘ ما هو إلا تنظيم سياسي
شيعي مسلح استهدف في تشكيله تحقيق مصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ومن بين
هذه المصالح التي يسعى ’’حزب الله‘‘ لتحقيقها تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية إلى
دول العالم الإسلامي ودول الخليج العربي بصفة خاصة وبناء إمبراطورية إسلامية ترتكز
على أيديولوجية سياسية ذات مذهبية شيعية.
هذه الثورة
التي قامت في الجمهورية الإسلامية الإيرانية في غضون عام 1979 على يد الإمام الخميني
الراحل، وقد ارتكزت على معتقدات دينية وسياسية إصلاحية بيد إنها انحرفت عن مسارها وأهدافها
الداخلية إلى السعي نحو إقامة دولة دينية عقائدية موحدة تتخذ شكل جمهورية إسلامية تضم
تحت لوائها كافة أقطار العالم الإسلامي، وأن يكون الولي الفقيه وهو المرشد الأعلى للثورة
الإسلامية الإيرانية قائداً للجمهورية الكبرى.
ومن بين
سبل حزب الله لتحقيق أهدافه المأمولة القيام بأعمال تخريبية داخل الدول وشرعنتها لزعزعة
الأمن فيها ليفقد من ليس له ولاء أو انتماء إلى وطنه من شعوب تلك الدول الثقة في أنظمة
الحكم القائمة، ومن ثم البحث عن بديل أخر لتحقيق الأمن، مما يهيئ ظهور ’’حزب الله‘‘
لبسط هيمنته على تلك الدول بذريعة تحقيق أمن هذه الشعوب، ومن ثم السعي للنيل من استقلال
تلك الدول وإتباعها للجمهورية الإسلامية الإيرانية توطئة لضم كافة الدول – مستقبلاً
– تحت راية الجمهورية الإسلامية الكبرى بعد إزالة الحدود بين كافة تلك الأقطار.
وقد أخذ
حزب الله بالامتداد داخل بعض دول الخليج والتي سعت لمناهضة أفكاره وأن هناك بعضاً من
تلك الدول اعتبرت الجناح العسكري لحزب الله جماعة إرهابية‘‘.
-
’’وقد ثبت أن أفكار هذا الحزب ونشاطه قد زحفت نحو البلاد وأطل منتسبيه
عليها باعتناقهم فكر هذا الحزب الساعي نحو دعم أيدلوجية ’’ولاية الفقيه‘‘ وإقامة الجمهورية
الإسلامية الكبرى والتي تتعارض مع نظام الحكم القائم في البلاد من أن الكويت دولة مستقلة
تتبع نظام الحكم الوراثي المحصور في ذرية مبارك الكبير والعمل على نشر مبادئ هذا الحزب
المناهضة للدولة بطريق العنف كما سبق لبعض من تابعي هذا الحزب وإن قاموا ببعض الأعمال
التخريبية التي وقعت في البلاد إبان ثمانينيات القرن الماضي فضلا عما إنتواه من أعمال
من شأنها المساس بأمن واستقرار البلاد – مطروحة في وقائع الدعوى الراهنة -، وهو ما
يعني العمل بطريق غير مشروع على هدم النظم السياسية والاجتماعية في البلاد بنقضها وإسقاطها
من أساسه، بما في ذلك النظام الأميري الذي ارتضاه الكويتيون منذ أمد بعيد ونص عليه
الدستور في المادة الرابعة منه، وكذلك النظام الديمقراطي الذي اتخذه الكويتيون سبيلاً
لبناء وطنهم وخلق في نفوسهم ثقافة قبول واحترام الرأي والرأي الآخر ونص عليه الدستور
في المادة السادسة منه.
هذا ولاسيما
وأن الإيمان العميق بمبادئ الثورة الإيرانية التوسعية ذات التوجه الطائفي الإقصائي
ومبدأ ’’ولاية الفقيه‘‘ وهي من دعائم تنظيم ’’حزب الله‘‘ والذي يسعى لنشرها عبر البوابة
المذهبية تتعارض مع أصل حرية الاعتقاد المكفولة بنص المادة 35 من الدستور الأمر الذي
يُعتبر ’’حزب الله‘‘ في نظر القانون جماعة محظورة بما يستتبع إسباغ الحظر القانوني
على هذا الحزب‘‘.
-
’’ولما كان ’’الحرس الثوري‘‘ الإيراني يضمر نوايا عدوانية
تجاه البلاد ويسعى للقيام بأعمال تخريبية بداخلها بهدف إسقاط نظام الحكم فيها في قبضة
الثورة الإيرانية‘‘.
والسؤال
الذي يطرح نفسه هنا، هل هذا التحليل السياسي العقائدي التاريخي المستقبلي الفضائي يستحق
أن تلتفت إليه هيئة المحكمة الموقرة وتعتمد عليه في أحكامها!؟ ألا يتسم هذا
التحليل بنفس سمات التحليلات التي يقوم بها المراهقون حول ’’الماسونية‘‘
و’’بروتوكولات حكماء صهيون‘‘!؟
هل
يمكن أن يعتمد حكم قضائي يصدر باسم صاحب السمو أمير البلاد على هذه الغثاءات
الفكرية التي لا تختلف كثيراً عن الهراء المتداول في قنوات ’’صفا‘‘ و’’وصال‘‘!؟
هل
هو الجهل أم الجهالة أو التجاهل الذي يجعل صاحب هذا التحليل يقول بكل غباوة بأن ’’ما
يسمى بـ’’حزب الله‘‘ ما هو إلا تنظيم سياسي شيعي مسلح استهدف في تشكيله تحقيق مصالح
الجمهورية الإسلامية الإيرانية‘‘!!
هكذا
بجرة قلم نُلغى الحرب الأهلية اللبنانية و الاحتلال الإسرائيلي لـ لبنان ومقاومة الاحتلال
منذ العام 1982 إلى العام 2000!؟
هل
هناك أي دليل ملموس على أن ’’حزب الله‘‘ صدّر الثورة الإسلامية!؟ وإذا كان قادراً
أساسا على تصدير الثورة، أليس الأولى به تصديرها إلى لبنان أولا!؟ وإذا كان ’’حزب
الله‘‘ غير قادر على فرض العماد ميشيل عون رئيساً للبنان لأكثر من سنة، فهل هو
قادر على تصدير الثورات وقلب أنظمة الحكم العربية والخليجية!؟
في
أي كتاب أو قناة فضائية (باستثناء ’’صفا‘‘ و’’وصال‘‘) قرأ أو شاهد صاحب هذا التحليل
عن الجمهورية الإسلامية ’’الكبرى‘‘ وتوسعات الثورة الإيرانية؟
نعم
هناك توسع للـ’’نفوذ‘‘ الإيراني في الكثير من الجغرافيات المجاورة نتيجة التحالفات
والدعم لفريق ضد آخر كما يحصل في اليمن وسوريا، لكن هذا توسع مشروع تمارسه جميع
الدول وعلى رأسها دول الخليج كالمملكة العربية السعودية وقطر، وهو ليس بشكل من
الأشكال تصدير للثورة أو نظام ’’ولاية الفقيه‘‘.
ومن هنا
تتضح سطحية وهزالة صاحب التحليل الذي لا يُفرق بين امتداد النفوذ والاحتلال وانتقال
الأيدلوجيات، وهذا لا يعيب رجل الأمن أو الشخص العادي، لكنه يعيب حكم قضائي تفترض
فيه الجدية والموضوعية وعدم إطلاق العنان للكلام المرسل.
ففكرة
’’ولاية الفقيه‘‘ هي أيدلوجية ’’سيودينية‘‘ فاشلة[8]،
حالها في ذلك حال أيدلوجية ’’الإخوان المسلمين‘‘ أو ’’القومية العربية‘‘، وهي
تنتقل بالإقناع دون الحاجة للأسلحة والخلايا الإرهابية.
ومن
أسباب خطورة وجود هذا التحليل في نص الحكم هو الإشارة إلى الأعمال التخريبية التي
قامت بها مجموعة من الشباب الشيعة اعتراضا على مساندة الكويت للعراق في حربه ضد
إيران في الثمانينيات، فالاستناد إلى هذه النقطة والتدليل عليها يفتح الباب أمام
المتضررين من سياسة حكومة دولة الكويت في الثمانينيات إلى القيام بالمثل، فهل
تتحمل القيادة السياسية بالكويت محاسبتها على أخطاء فترة الثمانينيات ودعمها
للجرائم التي قام بها صدام حسين في تلك الفترة؟
أنا هنا لا أدافع عن ’’خلية العبدلي‘‘
أو إيران أو ’’حزب الله‘‘، فهؤلاء يدافعون عن أنفسهم ويتحملون نتائج أعمالهم،
لكنني أدافع عن نقاوة وصفاء السُلطة القضائية التي نحرص كل الحرص على إبعادها عن الطعن أو
التشكيك بحياديتها ومهنيتها.
فليس من المعقول، أن ينجح ضابط أمن
الدولة في إقناع المحكمة بموضوعية ومنطقية التصدي للمخاطر القادمة من ’’الجمهورية
الإسلامية الكبرى‘‘ التي ليس لها وجود سوى في مخيلته، بينما تستنكر نفس المحكمة
تمكن المتهم (دهقاني) من إقناع شباب ’’خلية العبدلي‘‘ بضرورة الاستعداد للتصدي لمخاطر
التكفيريين و’’داعش‘‘، فكيف ستقنع المحكمة هؤلاء الشباب بقدرة الدولة على حمايتهم
وحماية مقدساتهم، وهم يراقبون هيبة الدولة تتساقط أمامهم في الاعتداءات التي
شهدتها قناتي ’’سكوب‘‘ و’’الوطن‘‘ وحرق مقر الجويهل واقتحام مجلس الأمة والسفارة
السورية والمطالبة بإصدار فتوى تهدر دم السفير!؟
كيف ستقنع المحكمة شباب ’’خلية
العبدلي‘‘بعدم المشاركة في الميليشيات المسلحة، وأعضاء مجلس الأمة هم أول من يشارك
فيها ويمولها جهاراً نهاراً!؟
كيف ستقنع المحكمة شباب ’’خلية
العبدلي‘‘ بالاهتمام بالشأن المحلي وعدم الانجرار خلف القضايا الإقليمية الكبرى
وهم يرون الصحف المحلية تقدم تغطيات تمجيدية وتطلق صفات الشهادة والألقاب المضخمة
على كل من يقاتل مع التيارات السلفية في الخارج!؟
كيف ستقنع المحكمة شباب ’’خلية
العبدلي‘‘ بعدم الخوف من وصول ’’داعش‘‘ للكويت ووزارة الداخلية الكويتية تعُج
بالدواعش الذين تتعامل معهم الوزارة بـ’’التسريح‘‘ فقط!؟
كيف ستقنع المحكمة شباب ’’خلية
العبدلي‘‘ بعدم البحث عن أيدلوجيات خارجية كـ’’ولاية الفقيه‘‘ وغيرها، وهم يرون
الأيدلوجيا التكفيرية تنتشر بين أعضاء الهيئة التدريسية في جامعة الكويت، دون أن
يحرك الوزير ساكنا!؟
نعم، نحن لا نطالب هنا بالتجاوز عن
الجرائم (الثابتة) في حق أعضاء ’’خلية العبدلي‘‘، ولا نبرر لهم ما قاموا به تحت أي
عذر أو ذريعة، لكننا في الوقت نفسه نقول بأن ميوعة السُلطة في التعامل بحزم مع
مختلف الشرائح والفئات التي مارست أعمال لا تقل خطورة مما مارسه أعضاء الخلية هو
أحد أسباب استمراء هؤلاء الشباب الدخول في هذا الطريق المظلم.
أما بالنسبة للموقف السياسي لأعضاء
مجلس الأمة ’’الشيعة‘‘ ومقاطعتهم لجلسات المجلس اعتراضاً على الحكم، فنقول وبالفم
المليان بأن هذا الموقف وفي هذا التوقيت الحرج في غاية السوء والتهور والاستهتار
بمصلحة البلد، بل أن ضرره على أعضاء الخلية أكثر من نفعه.
فالحكم الصادر اليوم هو حكم أول
درجة، ولا زال هناك متسع لتصحيح الحكم في الاستئناف والتمييز، وفي حال استمرار هذه
الضغوط السياسية، سـ يتهم البعض القضاء بالخضوع للضغوط السياسية في حال صدور أحكام
مخففة في المحاكمات القادمة، وهذا ما لا نريده ولا نقبله على قضاءنا الشامخ.
لذلك أتمنى أن يسود التعقل
والحكمة، وأن لا تُجر البلاد إلى فتنة طائفية لا تقل خطورة عن التهم الموجهة
لأعضاء الخلية، فالوضع الإقليمي سيشهد أمواجاً تصعيدية عاتية، والوضع الاقتصادي في
أسوأ حالاته مع توقعات بوصول سعر برميل البترول إلى ما دون الـ20 دولاراً، والكويت
لا تتحمل الزج بها في هذه الصراعات التكسيرية.
اللهم احفظ الكويت وشعبها من كل
مكروه في ظل القيادة الحكيمة لسيدي حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد
الصباح وولي عهده الأمين الشيخ نواف الأحمد.
[1] باستثناء المملكة العربية السعودية التي
تتبنى الأيدلوجية السلفية الوهابية، وهي تتعامل بتشنج مع أي محاولة اختراق أيدلوجي
للبلاد كما حصل مع الإخوان المسلمين.
[3] طالب أبطال هذا التحرك بالوحدة العربية أي
بضم الكويت إلى الدولة العربية العظمى بقيادة جمال عبدالناصر.
[4] يؤمن الشيعة بمبدأ توارث الإمامة أو القيادة
الدينية/السياسية منذ عهد الرسول محمد إلى يومنا هذا، لذلك يعتقدون بأن القيادة
انتقلت بعد وفاة الرسول إلى صهره الإمام علي بن أبي طالب، ومنه إلى الأئمة
المتحدرين من نسله، حتى الوصول إلى الإمام محمد العسكري الملقب بالمهدي المنتظر.
ولأن هذا الإمام قرر الاختباء أو الغياب عن
الحياة العامة، انتقلت إمامة الأمة أو قيادتها إلى نوابه، والولي الفقيه هو أحد
هؤلاء النواب، وهو المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، صاحب السُلطة العليا في إيران.
[5] شهدت هذه المواجهات مراحل سلمية ولا سلمية،
كالقيام بأعمال إرهابية وتفجيرات تخريبية في فترة الثمانينات من القرن الماضي.
8 comments:
اشتقنا لصوت العقل بالمدونات مع ضجيج تويتر ..
مقال جميل , لم أشعر بطوله حقيقة .. وإضاءات مفيدة لمن لم يقرأ الحكم كاملا ..
اتمني ان يقرا الجميع هذا الكلام ويحكموا عقولهم ويضعوا مصلحه الوطن فوق اي اعتبار
مقالة جميلة و تحليل يستند للعقل و المنطق ، أتمنى من الكاتب مقال تحليلي لكيفية وصول الفكر الداعشي الى الكويت ، شكرًا
الله يعطيك العافية مقال رائع ويستحق القراءة, ولكن عندي تعليق على نقطة:
" 3- تمتد الفترة الزمنية لنشاط الخلية من 1988 إلى 2015، وهي فترة طويلة تقارب الـ 27 سنة، إلا أنها لم تقم خلال هذه الفترة بأي عمل تخريبي أو عدائي سواء داخل الكويت أو خارجها، وهذا يعطينا (انطباع) بأنها خلية ’’استخباراتية‘‘ وليست خلية تخريبية أو إرهابية، مع وجود إمكانية للقيام بأعمال تخريبية في حال تطلبت الظروف ذلك. "
الحجة أو البرهان في هذي النقطة أعتقد إنها ضعيفة أو منطقية, تحديدًا في جملة "في حال تطلبت الظروف ذلك" إذا كان في ظروف حقيقية إستوجبت عمل تخريبي يجدر ذكرها لتبرئة الخلية وإذا ما حصل من الأساس ظروف تستوجب الأمر إذا لم يحصل أمر نقدر نحكم عليها إذا هي إستخباراتية أم تخريبية, بمعنى إنّ الأمر يحتاج إسقاطه على الواقع للحكم بشكل دقيق بعيدًا عن الإنطباعات.
هذا تعليقي ولك جزيل الشكر على طرحك الموضوعي.
مقال رائع ومفيد
فعلا اشتقنا لصوت العقل
هل من عاقل يقرا هذا المقال ؟ ... هل من مجيب ؟ ... لا حياة لمن تنادي .. للاسف
قواك الله ويحفظكم ربي وانشرها في كل وسيله
Very well articulated and reasoned. I lived in Kuwait for a couple of years and met some very rational and reasonable individuals. I wish I had met Mr. Yousifi.
With people such as him, Kuwait has a voice urging it not to fall into the dangers of sectarian divide.
Wishing you all the best.
Sam Mokbel
Post a Comment