Tuesday, October 25, 2016

وقد بَطُلَ العجب... !!



فور صدور المرسوم الأميري بحل مجلس الأمة في السادس عشر من هذا الشهر بسبب مواجهة ’’الظروف الإقليمية الصعبة‘‘ قمت بكتابة مقال عنوانه ’’إذا عُرِفَ السبب.. !!‘‘ ونشرته على هذه المدونة لتوضيح بعض النقاط المحيطة بهذا الحل وأهمها:

1-    تشابه الظروف المحيطة بهذا الحل المفاجئ مع الحل ’’غير الدستوري‘‘ لمجلس 1975.
2-    وجود أسباب خفية لهذا الحل غير الأسباب ’’الظاهرية‘‘ التي أعلنها المرسوم ورئيس مجلس الأمة في لقائه على قناة ’’الراي‘‘.
3-    حل مجلس الأمة يُعتبر ’’تضحية‘‘ للأطراف الثلاثة المعنية (سمو الأمير/ سمو رئيس الوزراء/ رئيس مجلس الأمة)، حيث أنهم يضحون بمجلس ’’مضمون‘‘ و’’مسالم‘‘ وقابل ’’للسيطرة‘‘ في مقابل خوض انتخابات غير معروفة النتائج - من الناحية النظرية على الأقل - قد تنتج مجلسا ’’غير مضمون‘‘ و’’غير مسالم‘‘ وغير قابل ’’للسيطرة‘‘.
4-    السبب الحقيقي للحل ’’مُقنع ووجيه‘‘ لهذه الأطراف الثلاثة إلى درجة أجبرتهم على التضحية بالمجلس الحالي (المضمون) والمخاطرة باحتمالية الحصول على مجلس غير مضمون، وذلك من أجل تحقيق هدف أكبر لم يتضح لدينا من الوهلة الأولى.

توضيحات

وبطبيعة الحال، لم أتسرع بذكر الأسباب ’’غير الظاهرية‘‘ لهذا الحل في المقال السابق خوفاً من الاستعجال والوقوع في فخ الاستنتاجات المتهافتة، إلا أن أحداث الأيام الأخيرة ساهمت بالكشف عن خيوط المشهد السياسي بشكل يمكنني من خلاله رسم ’’لوحة‘‘ مبدئية للعناوين الرئيسية التي دعت إلى هذا الحل المُفاجئ، وقبل الدخول في تفاصيل هذا التحليل أرى أن من واجبي وضع التوضيحات التالية:

1-    هذا المقال يعتمد على ’’التحليل السياسي‘‘ لا ’’المعلومات السياسية‘‘[1].   
2-    في مجال ’’التحليل السياسي‘‘، يمكننا تطبيق مبدأ ’’البَعرة[2] تدل على البعير والأثر يدل على المسير‘‘، أي أننا هنا لا نمتلك المعلومة الكاملة، لكننا نمتلك أنصاف معلومات عند ربط بعضها ببعض يمكننا فهم الخطوط العريضة للصورة الكاملة.
3-    لا نهدف من خلال هذا المقال للإساءة إلى أي شخص أو المساس بأي جهة أو دولة، فالهدف منه هو عرض تحليل للمشهد ’’الجيوسياسي‘‘[3] في الكويت والمنطقة، والذي على أثره اتخذت الأطراف المعنية قراراتها الأخيرة، ونرجو المعذرة - مقدما – ممن قد يعتقد بأن في هذا المقال ما يسيء إليه، وأؤكد له بأن الإساءة تمت عن غير عمد أو قصد من الكاتب.

أهمية المجلس القادم

بالعودة إلى أسباب الحل، نجد بأن مجلس الأمة القادم سيواجه ملفات ساخنة على الساحة الداخلية والخارجية، ففي المشهد الداخلي سيكون على هذا المجلس مواجهة القرارات الحكومية بتخفيض الدعم عن المنتجات والخدمات الاستهلاكية، أيضا سيقع على عاتق هذا المجلس ونوابه تحديد هوية ’’ولي العهد‘‘ القادم في حال تعرض سمو الأمير إلى مكروه (لا سمح الله) أو وافته المنية[4] (أطال الله في عمره).

أما في الشأن الإقليمي والخارجي، فسيكون أمام أعضاء هذا المجلس استحقاقات مهمة ومصيرية، وهي تحديد موقف الكويت ودورها الإقليمي في مرحلة ’’التسويات‘‘ العسكرية والسلمية المتعلقة بالملف العراقي والسوري في مواجهة ’’داعش‘‘ والتقسيم الطائفي المحتمل لكلا البلدين.

أيضاً سيكون عليه (المجلس) التعامل مع تبعات عملية ’’عاصفة الحزم‘‘ واحتمالياتها على الجانبين اليمني والسعودي، ولا ننسى هنا بأنه سيتعامل مع مرحلة جديدة من الرئاسة الأمريكية والإيرانية، بالإضافة إلى تبعات اضطراب الموقف المصري والعلاقات الثنائية بين مصر ودول الخليج.

تحالفات التأثير الانتخابي

لذلك، وبسبب أهمية هذه الملفات المُعقدة ومصيريتها، فمن المستبعد أن تقف الأطراف المتنفذة على خط الحياد أمام العملية الانتخابية التي ستُنتج لنا التركيبة السياسية للمجلس القادم، ومن الطبيعي أن تشهد هذه الانتخابات تدخلات من قبل جميع الأطراف للتأثير على الناخبين في التصويت لهذا المرشح أو استبعاد الآخر.

وهذا التدخل أصبح واضحا لدينا من خلال عدة مؤشرات أحدها ’’المقاطع الفلمية‘‘ التي تصلنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يتضح بأن عملية إعدادها ونشرها تتم بطريقة احترافية وليست نتاج عمل فردي يقوم به شخص متحمس ضد هذا المرشح أو ذاك[5].

أيضا كشفت لنا هذه المقاطع عن الأطراف القُطبية المتصارعة على مقاعد المجلس القادم، حيث تطمح هذه الأقطاب للسيطرة عليه (المجلس) لضمان مساهمته في تحقيق مصالحها السياسية سواء كانت شخصية أو وطنية[6]، ومن خلال فحص محتوى هذه المقاطع والأطراف التي تهاجمها أو تدافع عنها يمكننا تحديد ملامح التحالفات المتصارعة بالفريقين التاليين:

1-    الفريق الأول هو التحالف الذي يدير البلاد منذ إبطال مجلس ’’الأغلبية‘‘ إلى الآن ويحظى بمباركة سمو الأمير وتأييده الكامل وهو يتكون من[7]:
-        الشيخ ناصر المحمد (مرشح لولاية عهد الشيخ نواف الأحمد).
-        مرزوق الغانم (مرشح لرئاسة مجلس الأمة).
-        الشيخ جابر المبارك (للحفاظ على رئاسة الوزراء)[8].

2-    الفريق الثاني والمتضرر من سيطرة الفريق الأول على البلاد حيث تكبد خسائر كبيرة[9] وتم استبعاده تماما من مراكز اتخاذ القرار وهو تحالف يتكون من:
-        الشيخ أحمد الفهد (طامح لولاية عهد الشيخ نواف الأحمد).
-        الأعضاء السابقين المعارضين للشيخ ناصر المحمد والذين يغلب عليهم الطابع القبلي والإسلامي المتشدد.

أهداف الفريقين

بطبيعة الحال، هناك أهداف واضحة وصريحة ومباشرة لعناصر كلا الفريقين كالحفاظ على منصب ما أو السيطرة على منصب آخر، لكن قراءة المشهد السياسي والاستحقاقات المستقبلية ستكشف أمام المتتبع أهداف أخرى ’’غير مباشرة‘‘ يسعى كل عنصر من الفريقين لتحقيقها.

وإذا كانت أهداف ’’الفريق الأول‘‘ واضحة للعيان، وهي الاستمرار في السيطرة على مراكز اتخاذ القرار في الدولة، بالإضافة إلى تحسين فرص الشيخ ناصر المحمد بالوصول إلى ولاية عهد الشيخ نواف الأحمد، فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما هي أهداف ’’الفريق الثاني‘‘

لسنا بحاجة إلى ذكاء خارق للإجابة على هذا السؤال وهو أن الهدف الواضح للفريق الثاني هو تحسين فرص وصول الشيخ أحمد الفهد إلى ولاية عهد الشيخ نواف الأحمد، وبالتالي فعليه إيصال أكبر عدد ممكن من الأعضاء إلى المجلس القادم كي يتمكنوا من الحصول على ’’أغلبية‘‘ تتمكن من ’’رفض‘‘ المرشحين الآخرين لولاية العهد والموافقة على ولاية عهد الشيخ أحمد[10].

وبما أن الشيخ أحمد الفهد قد راهن منذ بداية معركته مع الشيخ ناصر المحمد على رموز المعارضة الذين أصبحوا يُعرفون فيما بعد باسم ’’الأغلبية‘‘[11]، وأصبح هؤلاء يتحركون حسب ’’رؤيته‘‘ سواء بتفجير الفضائح أو مقاطعة الانتخابات أو الاستقالة من المجلس أو العودة للمشاركة بانتخاباته، فيمكننا معرفة ’’الثيمة‘‘[12] الجديدة التي يسعى من خلالها الشيخ أحمد الفهد لإعادة نوابه إلى مقاعد مجلس الأمة من خلال مراقبة هؤلاء النواب ودراسة سلوكياتهم السياسية وتصريحاتهم الإعلامية.


وبطبيعة الحال، لن نجد أفضل من النائب السابق وليد الطبطبائي لدراسة هذه ’’الثيمة‘‘ من خلال تصريحاته وتحركاته الميدانية، حيث عُرِف الطبطبائي بصراحته المباشرة وعدم اتقانه لأسلوب اللف والدوران، وقد تقدم النائب السابق بالترشح لانتخابات مجلس الأمة بعد أربع سنوات من المقاطعة، وقد صرَّح من على منصة الترشيح بالآتي:

’’المواطن لا يشعر بالأمان... وأيضا لا يشعر بالأمان حتى من الوضع الإقليمي... إجراءات الحكومة ليست كما ينبغي في مواجهة الأخطار الخارجية... خاصة ما يتهددنا من خطر إيراني نقل النار إلى المنطقة في اليمن وفي العراق وفي سوريا... الحكومة لا تقوم بالدور المطلوب لمواجهة هذا الخطر‘‘.

’’نحن هنا إن شاء الله سنشارك في المجلس القادم... وسيكون على رأس أولوياتنا موضوع الأمن... وموضوع توثيق العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي وخصوصا السعودية... خاصة مع تفريط المجلس السابق بالعلاقة الاستراتيجية مع المملكة العربية السعودية... وسمح لبعض الأعضاء بشتم السعودية وهو يتمتع بإجازة مدفوعة الأجر من مجلس المناديب!!‘‘.

’’نحن نقول أن السعودية هي خط الدفاع الأول عن الكويت بعد الله عز وجل... ويجب أن نوثق العلاقة مع منظومة مجلس التعاون الخليجي... ويجب أن نكشف الخطر الإيراني... خلية العبدلي التي حصلت هذه ليست من فراغ... وليست هي خلية واحدة... بل هي خلايا داخل الكويت... أسلحة تُخزَّن ليوم موعود... وقد أدانت المحكمة إيران والحكومة سياسيا لم تتخذ أي موقف تجاه إيران‘‘.

’’نرفض تشكيك الناس بولائهم في ظل مواجهة خطر خارجي... إذا نحن أمام مرحلة قادمة عصيبة... مرحلة ليست بالسهلة... ما يجري اليوم بالعراق من قصف وتدمير لمُدُن سُنية مثل الموصل وقبلها الفلوجة بحجة ضرب داعش... لكن هذا ليس مبرر لإبادة وتشريد الشعب هناك في العراق... لذلك نحن أمام خطر إقليمي كبير على أعتاب وحدود الكويت‘‘.

’’المجلس القادم يجب أن يواجه... ويجب أن يتكاتف مع منظومة دول مجلس التعاون... وأن يكون هناك اتحاد خليجي ووحدة خليجية أكبر ويكون مركزها الرياض... ويكون في تعاون كبير بين دول مجلس التعاون لمواجهة الخطر الإيراني‘‘.

’’نحن أمام مسألة حياة أو موت... الوضع خطير جدا في المنطقة... فلذلك يجب أن يكون هناك سياسة خارجية حكيمة غير السياسة المهادنة التي موجودة الآن‘‘.



خُبث أم سذاجة!؟

أنهى المرشح وليد الطبطبائي رسالته الانتخابية بهذه التصريحات النارية، ولو كان المرشح يخوض الانتخابات بشكل فردي لقلنا بأن كلامه لا يمثل فيه سوى نفسه، لكنه حضر إلى مقر الترشيح بصحبة أربعة مرشحون آخرون يمثلون نفس التوجهات السياسية والفكرية، ولذلك يمكننا اعتبار ما صرَّح به ’’أفكار مشتركة‘‘ بين أعضاء الفريق الثاني، خاصة وأنها ليست المرة الأولى التي يتهم فيها هؤلاء السياسة الكويتية بالتخاذل عن نصرة المملكة العربية السعودية.



والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، من أين جاء وليد الطبطبائي بـ’’ثيمة‘‘ انزعاج المملكة العربية السعودية من مواقف الكويت المتخاذلة في نُصرتها!؟ خاصة وأن مجلس الأمة السابق تفانى في الدفاع عن المملكة داخليا وخارجيا، فرئيس المجلس مرزوق الغانم دافع عن المملكة أمام هجوم رئيس مجلس الشورى الإيراني (علي لاريجاني) في بغداد، وخصص جلسة كاملة للدفاع عن المملكة أمام اتهامات النائب السابق عبدالحميد دشتي!!

وقد ثمنَّت القيادة السياسية السعودية هذه الجهود أفضل تثمين، حيث قام الملك سلمان بن عبدالعزيز شخصيا بالاتصال برئيس المجلس ليشكره على مواقفه البطولية في الدفاع عن المملكة.

وموقف مرزوق الغانم في هذا الشأن ليس استثناءً شاذا عن مواقف سمو الأمير ووزارة الخارجية، فالكويت تقف دائما إلى جانب شقيقاتها الخليجيات سواء كانوا على حق أو باطل.





ولذلك، علينا هنا البحث عن الأسباب التي تدفع وليد الطبطبائي وفريقه إلى ’’اختلاق‘‘ فكرة وجود استياء سعودي من الكويت وقيادتها السياسية الحالية، ووجود خلافات بين الكويت ومنظومة مجلس التعاون الخليجي.

وبالتالي وضع هذه الفكرة ’’المختلقة‘‘ كـ أولوية انتخابية يدندنون على نغماتها في الندوات والمنصات الإعلامية!! خاصة وأن عضو مجلس الأمة ليس له دور حقيقي في المقترحات ’’السيادية‘‘ التي يطرحها السيد وليد الطبطبائي ورهطه!!

فما هو دور عضو مجلس الأمة الكويتي في تشكيل ’’اتحاد خليجي‘‘ وتحديد مركزه سواء كان في الرياض أو المنامة أو الدوحة!؟ من أين يأتي ’’حِتَّة‘‘ مرشح في انتخابات مجلس الأمة الكويتي بجرأة الحديث عن شَن حروب وقطع علاقات وإنشاء تحالفات دولية بالنيابة عن القيادات السياسية للدول الأخرى!؟ فهل تباحث الوليد الطبطبائي مع القيادات العسكرية والسياسية السعودية والخليجية في هذه المسائل ’’السيادية‘‘ وأخذ موافقاتهم عليها قبل أن يطرح علينا هُراءاته!؟



الاختناق المحلي

يمكن للبعض أن يتعامل مع هذه التصريحات الطبطبائية بشيء من الاستخفاف والسذاجة، إلا أن معرفة طبيعة التحالفات بين هؤلاء المرشحين والشيخ أحمد الفهد من جهة، ومعرفة طموح وذكاء الشيخ أحمد من جهة أخرى، يجعلنا نستبعد أن تكون هذه التصريحات نابعة من عفوية وليد الطبطبائي الساذجة!!

ففي السنوات الأخيرة اتخذت القيادة السياسية في الكويت خطوات جادة نحو قَصقَصَة أجنحة الشيخ أحمد الفهد في الساحة المحلية، فقد سحبت تراخيص الصحف الموالية له، وأغلقت قنواته الفضائية، وتم تجريد المقربين منه من مناصبهم الرياضية والشعبوية، بالإضافة إلى تسليط سيف ’’سحب الجنسية‘‘ على رقاب حلفائه مما جعلهم يفكرون مرتين قبل تكرار خطأ الانخراط في مخططاته، وقد تم كل ذلك في الوقت الذي فتحت فيه ’’السُلطة‘‘ أبواب المكاسب السياسية والمالية لخصومه مما زاد من صعوبة وضعه السياسي صعوبةً.



هذه الخطوات بلا شك، ساهمت في ’’خنق‘‘ الشيخ أحمد الفهد محلياً، وبالتالي أصبح عليه البحث عن ’’حليف خارجي‘‘ يساعده في العودة إلى الملعب السياسي للتغلب على خصومه الأقوياء محليا، ولذلك أصبح من الطبيعي له أن يلجأ إلى كسب وِد القيادات السياسية الخليجية بشكل عام، والقيادة السعودية بشكل خاص، وذلك من خلال الرسائل التي يبثها ويحاول ترسيخها وليد الطبطبائي ومجموعة المرشحين المتشاركين معه.

ويمكننا هنا تلخيص هذه الرسالة التي يرسلها ’’الفريق الثاني‘‘ إلى القيادات الخليجية بالآتي:

’’يا حكام الخليج والسعودية أنتم في خطر وأمامكم تحديات مستقبلية... وستكونون بحاجة إلى ’’فزعة‘‘ الكويت معكم في المرحلة القادمة... خاصة بعد التغوُّل الإيراني وتصدع علاقاتكم بحليفكم الأمريكي والمصري... والقيادة السياسية الحالية في الكويت تتلكأ في ’’الفزعة‘‘ من أجلكم... وفي حال وصول فريق الشيخ ناصر المحمد إلى السلطة فإنه سيكون أقرب إلى إيران منكم... ولذلك عليكم أن تدعموا فريقنا للوصول إلى سدة القرار حتى تضمنوا وقوف الكويت إلى جانبكم‘‘.


وبطبيعة الحال، وفي ظل الصراع المحموم بين السعودية وإيران في المنطقة، وفي ظل مَيَلان كفة الميزان نحو إيران التي تسجل في المرمى السعودي الهدف تلو الآخر[13]، يراهن فريق الشيخ أحمد على استجابة القيادة السعودية والقيادات الخليجية لهذه الرسائل، وهذا ما يجعلنا نتوقع أن يمارس مرشحو ’’الفريق الثاني‘‘ المزيد من التصعيد عبر إطلاق تصريحات وتلميحات تستهدف الطعن في ’’خليجية‘‘ سمو الأمير ومدى تضامنه مع أشقائه الخليجيين، وإلا فما المقصود بـ’’يجب أن يكون هناك سياسة خارجية حكيمة غير السياسة المهادنة التي موجودة الآن‘‘[14].

وبالتالي فإننا نعتقد بأن التضحية بمجلس الأمة السابق (المضمون) جاءت كخطوة استباقية مباغتة لقطع طريق ’’اكتمال‘‘ مشروع ’’الفريق الثاني‘‘ في الحصول على الدعم الخليجي للعودة إلى المشهد السياسي وضمان استمرار ’’الفريق الأول‘‘ في السيطرة ’’النسبية‘‘ على زمام الأمور لأربع سنوات قادمة.



وأكرر في نهاية المقال بأن ما ذكرته هنا مجرد ’’تحليل‘‘ مبني على أنصاف معلومات وشواهد قد تثبت الأيام صحتها أو العكس.




[1] Political Analysis not Political Information.
[2] خراج البعير.
[3] Geopolitical.
[4] بطبيعة الحال لا أفضل الحديث عن هذا الموضوع الحساس إلا أن واجبنا الوطني يحتم علينا الكتابة بتجرد بعيدا عن عواطفنا وأمانينا.
[5] التدخلات تتم بطرق كثيرة كشراء الأصوات وتحريك المجاميع إلا أننا نتحدث هنا عن الظاهر منها فقط.
[6] بطبيعة الحال كل مرشح لانتخابات مجلس الأمة يصارع للوصول إلى الكرسي الأخضر، لكننا نتحدث هنا عن التشكيلات والتحالفات المؤثرة وليس المرشح المستقل البعيد عن الأجندة السياسية المحورية.
[7] هذا التحالف لم يتشكل بسبب وحدة الأهداف، لكنه تشكل بسبب مواجهة الخصم المشترك وهو الشيخ أحمد الفهد وفريقه.
[8] أعتقد أن الشيخ جابر المبارك قد يطمح لولاية عهد الشيخ نواف الأحمد أو ولاية عهد الشيخ ناصر المحمد بالتحالف مع محمد الصقر كمرشح لرئاسة مجلس الأمة، إلا أن هذا التحالف يفضل عدم الدخول بشراسة في الصراع مع البقاء في المشهد السياسي حتى ينتصر أحد الفريقين المتصارعين.
[9] إغلاق جريدة وقناة ’’عالم اليوم‘‘ و’’الوطن‘‘ وإسقاط الجناسي وحل اتحاد الكرة وكسب قضايا تعويضية وتجريد تام من المناصب القيادية المؤثرة.
[10] تنص المادة الرابعة من دستور دولة الكويت على:
’’يعين ولي العهد خلال سنة على الأكثر من توليه الأمير، ويكون تعيينه بأمر أميري بناء على تزكية الأمير ومبايعة من مجلس الأمة تتم في جلسة خاصة بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس.
وفي حالة عدم التعين على النحو السابق يزكي الأمير لولاية العهد ثلاثة على الأقل من الذرية المذكورة فيبايع المجلس أحدهم وليا للعهد.
[11] بدأت المعركة في العام 2011 وشهدت العديد من المراحل منها استجواب ’’إيران‘‘ وكشف فضيحة الإيداعات والتحويلات والشريط وبلاغ الكويت وضرب القضاة... إلخ إلخ.
[12] Theme.
[13] قد يكون آخرها موافقة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري (زعيم المحور السعودي في لبنان) على التصويت للعماد ميشيل عون (مرشح حزب الله) للرئاسة اللبنانية.
[14] بطبيعة الحال نحن نتفق مع ’’الفريق الثاني‘‘ في ضرورة وقوف الكويت إلى جانب المنظومة الخليجية والمملكة العربية السعودية الشقيقة في مواجهة تحدياتها القادمة، لكننا نختلف معهم في ’’درجة‘‘ و’’أسلوب‘‘ هذا الوقوف والمساعدة.
فبينما يرى الطبطبائي ورفاقه بأن دعم الكويت للمملكة لا يتم إلا من خلال تسليم ’’لجام‘‘ الأمور في الكويت إلى الرياض، نرى بأن في هذه الخطوة تنازل خطير عن ’’السيادة‘‘ الوطنية، خاصة وأن الوضع الجيوسياسي للمملكة أصبح مضطربا على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري، وبالتالي تكون المساعدة بحمايتها من الغرق بدلاً من الغرق معها!!
ولذلك أعتقد بأن دور الكويت بالمرحلة القادمة – بالتعاون مع سلطنة عُمان – هو مساعدة السعودية على الخروج من المستنقع اليمني الذي يستهلك ميزانياتها المالية بلا أُفق أو أهداف جيوسياسية ملموسة.
أيضا على الكويت وعُمان اليوم التحرك لتلطيف العلاقات السعودية مع المحور الإيراني (إيران + العراق + سوريا)، ويكون ذلك عبر سياسية تجزئة الملفات وعدم إلغاء مناطق الاتفاق بسبب مناطق الاختلاف.
ولا مانع هنا من نشاط كويتي لإعادة المياه إلى مجاريها بين المملكة والجمهورية العربية المصرية، وذلك لقطع الطريق أمام التقارب المصري الروسي الذي سيؤدي إلى تقارب مصر – إيراني سيُشكل كابوسا مزعجا لدول الخليج والمملكة العربية السعودية.

No comments: