بورصة 103 و الأخيرة- الرجاء القراءة

بعد السرد الممل في المقالتين السابقتين, أحاول هنا أن أكتب مقالة شاملة لمعظم الأفكار المتعلقة بموضوع الاستثمار و قد طعمت المقال ببعض الأمثلة مستعينا بالأخ بو راشد من شركة كامكو و الي أعتقد انهم فنشوه عقب طيحة السوق الأخيرة. حاولت في هذه المقالة تبسيط الأفكار و تدعيمها ببعض الصور و الأمثلة فأرجو أن تحوز على رضا و فائدة القارىء الكريم

السؤال الأول: بو راشد, شنو أسباب صعود و هبوط البورصة؟

صعود و هبوط البورصة بشكل عام هو نتيجة عدة عوامل نفسية و اقتصادية في نفس الوقت فكما يعلم الجميع أن رأس المال جبان و هو يبحث دائما عن المردود الأفضل و المخاطر الأقل

أول هذه الأسباب هو الاستقرار الأمني, و قد أثر هذا السبب مباشرة بصعود بورصة الكويت بعد سقوط النظام العراقي البائد. فعندما كان صدام يحكم العراق تحفظ المستثمرون على الاستثمار في الكويت خوفا من ان يتكرر سيناريو الغزو او أن تشتعل حرب جديدة بين الكويت و العراق. لذلك فالاستثمار في بلد مثل العراق غير محبذ لانه في حالة حرب شبه دائمة


ثاني هذه الأسباب هو الاستقرار السياسي, فالقرارات السياسية و التشريعية لها أثر مباشر على القوانين التجارية, و عندما تكون الحكومة غير مستقرة فالقوانين التجارية أيضا لا تكون مستقرة مما يؤثر في أداء الشركات و أعمالها. و قد رأينا تأثير الاستقرار السياسي في بورصة الكويت بعد وفاة الأمير الشيخ جابر رحمة الله عليه و كيف ان أحوال البورصة تدهورت منذ أزمة الحكم و المبايعة الى يومنا هذا مع ان الأمور شبه مستقرة


ثالث هذه الأسباب هو ارتفاع أو انخفاض سعر الفائدة المحدد من قبل البنك المركزي. عندما يرفع البنك المركزي الفائدة على البنوك ترفع هذه البنوك تلقائيا أسعار فوائدها على الودائع, مما يجعل هذه الودائع مرغوبة بشكل أكبر للمستثمرين الذين يحولون جزء من استثماراتهم من البورصة الى الودائع لأنها أقل خطرا مع عوائد مجزية بعد ارتفاع الفائدة و لتلك الهجرة انعكاس سلبي مباشر على مؤشر البورصة

رابع هذه الأسباب هو ارتفاع الدخل القومي للدولة. فعندما يرتفع دخل الدولة ستجني الحكومة فوائض مالية كبيرة مما يجعلها توجه هذه الفوائض لبناء و تطوير البلد مما يعني انتعاش اقتصادي في الدولة و مشاريع و أرباح أكبر للشركات المحلية. و هذا بالضبط هو ما حصل لنا في الكويت مع ارتفاع أسعار النفط مما جعل الحكومة تبدأ في مشاريع كبيرة كانشاء مناطق سكنية جديدة و توسعة الشوارع و هلم جر


خامس هذه الأسباب هو وجود البيئة الصحية للاستثمار مثل التشريعات المساعدة على الشفافية و وجود القوانين الحماية للمستثمرين و وجود أرباح فوق المتوقعة للشركات المدرجة و أسباب كثيرة أخرى تسير في نفس الفلك

السؤال الثاني: بو راشد, مضاربة و الا استثمار؟

طبعا الاستثمار هو الأفضل, فالمستفيد الوحيد من المضاربة هي شركات الوساطة التي تجني أرباحها من خلال فائدة بسيطة تحصلها مقابل كل عملية بيع أو شراء, لذلك نجد أن أغلب الدلالين أو الوسطاء يروجون الاشاعات محاولة منهم في جعل المتداولين يبيعون و يشترون بكثرة حتى تزيد أرباح شركات الوساطة بغض النظر عن حاجة المتداول لذلك. طبعا معظم المتداولين البسطاء سيبيعون و يشترون بكثرة حتى يحققوا أرباحهم المضاربية القصيرة المدى كما ذكرت في السابق

و في الأسفل تجدون صورة لمؤشر الستاندرد أند بور الأمريكي و يظهر جليا لكم مدى التذبذب الذي يمر فيه المؤشر عندما يكون الهدف قصير المدى و هو ثلاثة أشهر كما في الصورة

على العكس من المضاربة, فعملية الاستثمار الطويل المدى هي عملية ممتازة للمحافظة و زيادة الأموال فكما نرى هنا في الصورة التالية نفس المؤشر و هو الستاندرد اند بور الأمريكي و لكن هذه المرة على المدى الطويل. نلاحظ أن المؤشر منطلق بثبات في اتجاهه للأعلى و هو يحقق عائد خيالي لمن استثمر لمدة عشر سنوات فقد قفز من 450 نقطة الى 1200 نقطة أي ثلاثة أضعاف تقريبا, بل الأفضل من ذلك هو من استثمر لمدة عشرين سنة فقد قفز من 200 نقط الى 1200 نقطة أي ستة أضعاف تقريبا

و من هنا يتضح لكم أن سياسة الاستثمار أفضل و أركد من سياسة التلطش و المضاربة


السؤال الثالث: بو راشد, عمري 25 أدش السوق؟ أو عمري 65 أدش السوق؟

بما أننا قد اتفقنا على ان الاستثمار سلوك محمود فهو يصلح للجميع, للشباب و الشياب مع بعض الاختلافات البسيطة. فالشاب في منتصف العشرينات أمامه مشوار طويل الى أن يصل الى سن التقاعد و هو يستطيع تحمل مغامرة أكبر من الشايب الذي لم يبق له الا القليل و يصل الى سن التقاعد. فالشاب حتى لو خسر فأمامه فرصة كبيرة للتعويض في المستقبل, أما الشايب فليس له مجال لتعويض الخسارة لأنه بلا عمل, و معاش التقاعد بالغصب يكفيه و عائلته

و السؤال هنا هو ما المقصود بكلمة مغامرة أكبر للشباب؟

طبعا المغامرة بالاستثمار ليس معناتها أن تذهب و تبيع السيارة و ترهن مهر زوجتك و تتسلف من يدتك و تحطهم بسهم الصفاة عالآجل, المغامرة هنا تعني الدخول باستثمارات ذات مردود أعلى و خطورة معقولة كأسهم الشركات الجديدة التي تفتقر للتاريخ الطويل لكن يتوقع لها نمو مستقبلي كبير

لتوضيح المقصود, فلنتخيل أن لدينا شخصان. الأول اسمه وائل و هو شاب عمره 25 و يعمل محامي, و الثاني اسمه مبارك و هو رجل متقاعد يبلغ من العمر الستين. و لكل منهما مبلغ ثلاثين ألف دينار, فكيف سنستثمرها؟

وائل
5% كاش
5% ودايع قصيرة الأجل
10% ودايع طويلة الأجل
40% أسهم ممتازة بشركات مستقرة ذات أرباح ثابته
40% أسهم في شركات جديدة متوقع لها نمو كبير في المستقبل

مبارك
5% كاش
10% ودايع قصيرة الأجل
10% ودايع طويلة الأجل
55% أسهم ممتازة بشركات مستقرة ذات أرباح ثابته
20% أسهم في شركات جديدة متوقع لها نمو كبير في المستقبل

سوف تلاحظون الفرق الواضح بين المحفظتين, فالمحفظة الأولى مستثمرة 80% في الأسهم و نصف هذه الأسهم في شركات النمو و هي أكثر خطورة لكن كما قلت فعائداتها أكبر

أما المحفظة الثانية و لطبيعة مبارك العمرية فهي أكثر تحفظا و لم نستثمر منها الا 20% في أسهم النمو و بهذه الحالة حتى لو تعرضت هذه الأسهم لخسارة فالأثر على المحفظه طفيف جدا

هناك عنصر مهم جدا في هذه المحافظ و هو أنني لجأت الى تنويع الاستثمار, و السر في ذلك هو تقليل الخطورة على المحفظة, و الأمثلة على خطورة الاستثمار في سهم واحد أو نوع واحد لا تحصى

طبعا نلاحظ هنا أن الودايع طويلة الأجل لها فائدة أعلى بقليل من قصيرة الأجل فهناك اعلانات عن ودايع بيت التمويل مع عائد 6.8% , و أيضا سر وجود الكاش هو تحسبا للطوارىء أو ظهور فرصة مفاجئة للاستثمار فتكون مستعدا لاغتنامها مع توفر الكاش لديك

أيضا يجب علي ان أذكر بأنني فصّلت هذا التقسيم على أساس أن المستثمر لا يريد الاستثمار خارج الكويت.

السؤال الرابع: بو راشد, ما عندي مبلغ يسوى, آخذ قرض؟ أرهن بيتي؟ أتسلف من حماتي؟

الجواب على هذا السؤال هو لا و لا و ألف لا, لا تقترض ففائدة القرض أحيانا تكون أكبر من أرباحك, و لا ترهن بيتك لأنها عملية خطيرة ممكن فيها تتشرد و تفلس و لا تتسلف لأنك لو خسرت لن تتمكن من ارجاع المبلغ و ستدخل في حانه و مانه و منع سفر و ضبط و احضار و تنتهي بك الحال الى عنبر ثلاثة و عشرين في سجن طلحة


السؤال الخامس: بو راشد, شلون أختار الأسهم الزينة؟

سؤال جيد, الجواب هو أنه هناك عدة طرق لاختيار الأسهم الجيدة, هناك الطرق الصعبة التي تحتاج الى شخص متخصص و هناك طرق سهلة يستطيع القيام بها أي شخص عادي

الطرق السهلة هو معرفتك التامة بنشاط الشركة الرئيسي, مثلا شركة أمريكانا نشاطها في مجال الأغذية و أي شخص يروح الجمعية يستطيع ان يرى منتجاتها و يرى مطاعمها و اقبال الناس عليها. أيضا يجب عليك التعرف على أعضاء مجلس ادارة الشركة و تجنب الدخول في شركات أعضائها مو تكانه و عليهم مشاكل و قضايا مالية و تفليسات و تاريخ أسود

أما الطرق الأكثر صعوبة و جدية فهي الخوض في مجال التحليل المالي كدراسة القوائم المالية و أرباح الشركة المحققة و التأكد من أنها تأتي من النشاط الرئيسي للشركة, فليس من المعقول أن تكون 50% من أرباح شركة تعمل في بيع السيارات قادمة من الاستثمار بالبورصة أو تأجير العقارات

أيضا يمكنك التحقق من معدل الأرباح مقارنة بالسعر* و العائد على الاستثمار** و معدلات النمو*** و هي جميعا متوفرة في القوائم المالية الرسمية للشركة

*P/E ratio ,the less the better compared to the sector

**ROI ,the more the better

***Growth ratios, the more the better

السؤال السادس: بو راشد, مالي خلق أدرس و أحلل, شسوي؟

طبعا في حالة أنك انسان مشغول و غير متخصص و مالك خلق تتعب و عندك كم فلس ودك تستثمرها أنصحك باللجوء للصناديق الاستثمارية, و هذا الحل هو الامثل و الأنسب لمعظم ذوي الدخل المحدود و من يسمي أنفسهم صغار المستثمرين

فالصناديق تدار من قبل ناس متخصصين لكل منهم خبرته و تاريخه, و هم مراقبون من البنك المركزي, أيضا يساهم حجم الصندوق الكبير و علاقات مديره المتشعبة الى استثمار أكثر استقرارا و ضمانا للمستثمرين الغير متخصصين

السؤال السابع: بو راشد, ليش سكرت ديوانيتك؟

والله سكرتها بعد أن تحولت من ديوانية للمليونيرية و التفسفس الى مقر للمديونيرية و التسلف, و انشاءالله نراكم في حال أفضل في الصيف القادم

أشكركم جميعا على القراءة و انشاءالله تكونون قد استفدتم من المعلومات و من لديه سؤال فليكتب كومنت او يرسل لي ايميل. اذا أعجبك الموضوع بلغ الآخرين للقراءة فقد أخذ مني جهدا كبيرا

و شكرا جزيلا