Thursday, August 19, 2010

مقال . . إلى الأرض - 6

قُضيَ الأمر , و لا مردّ لما قضاه الله
.
مبارك الصباح , بعد دفن أخويه و تلقي البيعة – المستودع و المستحضر
.

.
في نهاية القرن التاسع عشر بدأت الدول المتقدمة قطف ثمار الثورة الصناعية مع بروز ملحوظ لقوى جديدة تُزاحم القوى العظمى القديمة في تقاسم كعكة المصادر و المصالح حول العالم , و قد كانت الولايات المتحدة الأمريكية أبرز هذه القوى الصناعية الجديدة , و من الطبيعي أن يؤدي هذا التزاحم و التغير في موازين القوى الى اضطرابات سياسية متعددة
.
ففي تلك الأثناء كانت بوادر العجز و المرض تظهر على وجه الدولة العثمانية , و في نفس الوقت برزت قوة التاج البريطاني بأسطوله البحري الفتاك , على الجانب الآخر نجد الإستعدادات التوسعية لـ ألمانيا و روسيا و فرنسا , و كأن كل منها يقوم بعملية إحماء للقادم من الأيام , ففي بداية القرن العشرين كان موعد المواجهة الحاسمة , حرب عالمية أولى ذهب ضحيتها قرابة الأربعين مليون إنسان بين قتيل و جريح و أسير و مفقود , الحرب العالمية الأولى التي أعادت صياغة موازين القوى العالمية و رَقَعَت نقاط الهيمنة الإستعمارية فوق الحروف السياسية
.
أما في الكويت , فقد كانت المدينة على موعد مع مرحلة تاريخية جديدة , مرحلة صراعات و إضطرابات سـ تُنسيها هدوء الأيام السابقة , ففي صباح يوم الثامن من مايو 1896 قام الشيخ مبارك بن صباح – الحاكم السابع – بقتل شقيقيه الشيخ محمد – الحاكم السادس – و الشيخ جراح لـ يستولي على الحكم , و قد إختلفت الروايات في تفسير أسباب هذه الجريمة إلا أن السبب الأكثر شيوعاً هو ما يرويه الشيخ يوسف القناعي حيث يقول
.
لا أرى لها سبباً سوى الدراهم , لأن مباركا حاكم و يريد أن يظهر بمظهر حكام العرب من البذل سواء كان البذل في محله أم لا , و جراح يخالفه في ذلك , و يقتر عليه , لأنه يرى المؤسس الوحيد للمال , و لا يرى ما يراه مبارك من البذل , و محمد عليه الرحمه ينصاع لما يراه جراح
.

و عن الكيفية التي تم فيها الإغتيال يُنقل على لسان جابر بن مبارك الآتي
.
فأمرت خادمي أن يأتي بسلاحي من البيت و لما طلع الفجر خرج صباح بن محمد للمسجد و صار البيت مفتوحاً فحينئذ دخلنا البيت و الكل نيام , فأمرني الوالد ان اتوجه لجراح و توجه الوالد الى جهة محمد و وقف سالم بالباب كيلا يدخل علينا أحد و لما صعدت على سطح البيت و توجهت الى عمي جراح رأيت بابا صغيرا مغلقا بين سطحين فحركته فانفتح و دخلت عليه فاذا هو قاعد على سريره و زوجته واقفة بقربه , فصوبت عليه البندقية فلم تصدق , فتأخرت الى الخلف و امرت الفداوية فصوبوا اليه بنادقهم و هو يقول : عمك . عمك ( أي إتق الله في عمك ) ,
.
صفحات من تاريخ الكويت ص 25 إلى ص 27
.

.
و بغض النظر عن هذه التفاصيل ما يهمنا من هذا الباب هو نجاح الشيخ مبارك في تنصيب نفسه حاكماً على الكويت , لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن , فقد نجح أبناء القتيلين بالهرب من الكويت و التوجه الى قريبهما الثري الوجيه يوسف آل إبراهيم في منطقة الدورة و منها إنتقل الجميع الى البصرة حيث بدؤوا منها العمل المنظم لإسترداد الحكم و الإنتقام من الشيخ مبارك , أما مبارك , فقد كان يسابق الزمن للحصول على إعتراف رسمي من الدولة العثمانية به كـ حاكم للكويت خلفا لأخيه محمد الذي كان يحمل لقب قائمقام على الكويت من الدولة العثمانية
.
و من المهم هنا أن نذكر إعتماد مبارك المباشر على الشعب الكويتي في سحب الإعتراف العثماني به , فقد قامت مجاميع شعبية بالتوقيع على أكثر من رسالة الى السلطان يلحّون عليه بـ سرعة الإعتراف و تعيين الشيخ مبارك حاكما على الكويت , و من الطريف هنا أن هؤلاء كرّروا المرة تلو الأخرى بأن أرض الكويت فيها من قسوة العيش ما لا يُطاق مما يجعلهم غير متمسكين بالعيش فيها , و هذا بعض مما كُتِب
.
لولا انتظار الحكومة العلية لما أخذنا الكويت لنا وطناً و لا مسكناً حيث أنها أراض قفراء لا نخيل و لا مزارع , خالية من المصالح خيرا و أهاليها على الإطلاق بدو و سكان البلد الذين تكون بهذه الصفة ما تتحمل تعيش لأجلها فراق و مصائب من قبل الوالي المعرض المتسلط يعمل بما يشاء و غاية استرحامنا من مراحم الدولة أن تؤمنا في أوطاننا و تزيل وحشتنا بتنصيب رئيسنا الشيخ مبارك الصباح قائمقام بمحل المتوفي و إذا لم نتوفق لذلك فمهّلنا مقدار شهرين حتى نؤكد لنا وطناً آخر و نهاجر من هذه البلدة لغيرها
.
بيان الكويت ص 24
.

إلا أن تأثير يوسف الابراهيم على والي البصرة جعل الدولة العثمانية تتريث في الرد على طلب أهل الكويت , فما قام به مبارك بقتل شقيقه قائمقام الكويت قد يُعتبر تمرداُ على الدولة العلية , و ليس من المستحب هنا مكافأة المتمرد , خصوصا و أن أغلب حُكام المنطقة أدانوا هذا العمل , هكذا لم يبقى لـ مبارك إلا أن يبادر هو بإرسال الكتب للدولة العثمانية يستجدي فيها الإعتراف به من جهة , و يطالب الدولة بـ لجم والي البصرة و يوسف الإبراهيم من التحرش به و إيذائه , إلا أن الدولة العثمانية لم تستجب
.

.
لم يستسلم مبارك أمام هذا التجاهل , فقد استمر في المراسلة لـ يُذكر الدولة العثمانية بخدماته السابقة لها في نجد و حصوله على الوسام المجيدي من الدرجة الخامسة , أيضا لم يتوانى مبارك عن توقيع إسمه مسبوقا بكلمة عبدكم في رسائله , و في نفس الوقت أظهر ولائه القطعي للدولة العثمانية من خلال رفضه لتوقيع معاهدة حماية مع الإنجليز , إلا أن الدولة العثمانية كانت تعيد دراسة خياراتها في التعامل مع الكويت , فمن جهة هي لا تريد مكافأة مبارك على فعلته حتى لا يتشجع الآخرين على التمرد , و من جهة أخرى هي تُثمّن ولاء مبارك لها و عدم إستسلامه للمغريات الإنجليزية , أما الخيار الثالث و الأهم فهو الإستجابة لنداء وُلاة العراق و وضع الكويت تحت الحكم المباشر , خصوصا و أن حالة إستقلال الكويت تعتبر حالة إستثنائية , هذا ما يقوله قائد الجيش العثماني في بغداد
.
فإن الكويت مكان مهم يتوسط مركز ولاية البصرة و لواء نجد . و هي ميناء ذو أهمية كبيرة على خليج فارس . و لأمر ما , فإنها لم توضع تحت الإدارة على النحو المطلوب و بقيت في حالة إستثنائية , حتى إنه لم تكن فيها ما يشير و يؤكد حقوق السيادة و يحافظ عليها , مثل وجود موظف يتقاضى راتباً أو دائرة رسمية
.
بيان الكويت ص 53
.

و بهذا فقد أحس الشيخ مبارك بالخطر يحدق به و بأملاكه في الفاو و البصرة العثمانية , هذا ما جعله يُعجل بالإستجابة لنصيحة صديقه الشيخ عيسى – حاكم البحرين - بالتواصل مع الإنجليز و توقيع معاهدة الحماية معهم , و قد تم توقيع هذه المعاهدة في 22 يناير 1899 , حيث أنها كانت نسخة شبيهة بالإتفاقية الموقعة مع مسقط في العام 1891 , و من أهم شروط هذه الإتفاقية هو الآتي :
.
سرية الإتفاقية و عدم إعلان الطرفين عنها
.
عدم تنازل أو بيع أو رهن مبارك لأي جزء من إقليمه من دون موافقة حكومة صاحبة الجلالة
.
عدم إستقبال ممثلين من القوى الأخرى
.
إلتزام بريطانيا بالدفاع عن الكويت و مساندتها في الأزمات
.
وعد شفوي من المسؤولين البريطانيين بمتابعة موضوع أملاك الشيخ مبارك في البصرة
.
بيان الكويت ص 83
.

و بهذا تمكنت بريطانيا من قطع الطريق أمام الألمان و الروس و الفرنسيين و العثمانيين من الإستفادة من الكويت و موقعها الإستراتيجي لتنفيذ مشاريعهم الحيوية , و هكذا توالت الأحداث التي أشعرت أجهزة الدولة العثمانية بعدم الإرتياح إتجاه تصرفات الشيخ مبارك , خصوصا بعد رفضه تعيين مسؤول تركي لإدارة ميناء الكويت , لذلك , قررت الدولة العلية قمع تمرد الشيخ مبارك و تأديبه بـ خطوتين , الخطوة الأولى هي إفهامه بأن ما يقوم به يعتبر خيانة للإسلام بشكل عام , و الخلافة السنية بشكل خاص , يظهر ذلك من محضر المجلس المخصوص لرئيس الوزراء حيث يقول
.
أنه بإرسال واحد من المشار إليهما الى مبارك الصباح و إفهامه بلغة مناسبة أن الحيلولة دون تحقيق الأطماع الأجنبية في الكويت , و ما تورثه هذه الأطماع من الأضرار الكبيرة على مصالح الدولة و مصالح المسلمين , يتوقف على وحدة أهل الإسلام الذين يشعرون بالرابطة الدينية القوية تجاه مقام الخلافة العظمى فيما يتعلق بأمور الدين و الدولة , و إبراز الحمية الدينية الإسلامية
.
بيان الكويت ص 102
.

أما الخطوة الثانية فهي إعطاء الضوء الأخضر لأعداء الشيخ مبارك – بن رشيد , الإبراهيم , آل ثاني - في الهجوم على الكويت , و هذا ما سـ يفسح المجال أمام السلطات العثمانية للتدخل لفض النزاع و السيطرة الكاملة على الكويت
.
بيان الكويت ص 88 و 92
.

.
هكذا بدأت أنباء هذا التحالف بإزعاج الشيخ مبارك الذي بادر بجمع أكبر عدد ممكن من الحلفاء إستعدادا لهذه المواجهة , و قد تكوّن فريق الشيخ مبارك من عبدالرحمن آل سعود , قبيلة مطير , قبيلة العوازم , قبيلة الرشايدة , قبيلة العجمان , قبيلة بنو هاجر , قبيلة بنو خالد , و الشيخ سعدون المنتفق – و آخرين حسب بعض المصادر - حتى أنهم وصلوا الى 59 ألف مقاتل , و قد بدأ الشيخ مبارك بتقسيم الجيش الى وحدات أرسل كل منها الى جهة , فعبدالعزيز آل سعود الى الرياض و آخرين الى نجد و القصيم , و بالرغم من أن الأمور سارت لمصلحة جيش مبارك في البداية إلا أن بقاء الحال من المحال , ففي صباح يوم 17 مارس 1901 تواجه الجيشان في منطقة الصريف بالقرب من بريدة , و قد إنتهت المعركة بهزيمة نكراء لمعسكر الشيخ مبارك , و قد قُتِل فيها أخيه الشيخ حمود بن صباح و ابن أخيه الشيخ خليفة بن عبدالله , و في وصف أحداث هذه الفجيعة يذكر لنا يوسف القناعي التالي
.
أما جند مبارك فإنهم , لما بدت لهم طلائع خيل ابن رشيد استبشروا بها لأنهم يعتقدون أن النصر لا محالة لهم لكثرتهم , فأخذوا يركضون لملاقاة العدو بلا نظام و لا تدبير . و لما التقى الجمعان غارت الخيل من جند مبارك من بدو و حضر , فردت على أعقابها , ثم جاءت أخرى من الجناح الآخر فكسرت , أما الحضر من أهل الكويت فإنهم لما ساق ابن رشيد عليهم المسيوق ردوه خاسراً . فأخذ الأمير ابن رشيد مع عمدة قومه يردون المسيوق الى الحضر الكويتي , و لما تبين لابن رشيد أن بدو مبارك انهزموا جميعهم و لم يبق إلا الحضر أمر خيله أن تحيط بهم , فصار حضر الكويت بالوسط يرمون من الأمام و من الخلف . و انهزم مبارك مع المنهزمين و ترك الحضر يجاهدون حتى قُضيَ عليهم بالإنكسار و التشتت
.
صفحات من تاريخ الكويت ص32
.

و في الوقت الذي شهدت فيه القوى المحلية تنافس و حروب متفرقة كان هناك تنافس آخر يدور بين القوى العظمى في المنطقة , فقد كان الإنجليز يتابعون الأحداث المحلية عن كثب و يعيدون تقييم توازنات القوى المحلية و إمكانية جذب ابن رشيد للتعاقد معهم , و مدى تأثير إتفاق من هذا النوع على علاقتهم بـ مبارك , أما الأتراك , فقد كانوا يشعرون بالإختناق من هذه التحركات البريطانية , هذا ما دفعهم للتفكير جدياً في غزو الكويت و فرض الوصاية القسرية عليها , إلا أنهم حاولوا جس نبض الإنجليز أولا بإرسال سفينة حربية الى شواطيء الكويت لتتم المواجهة الأولى مع قبطان البارجة الإنجليزية , و هذا ما يقوله قائد بحرية البصرة عن هذه المواجهة
.
لدى وصول السفينة زحاف الى الكويت جاء على الفور قبطان البارجة الإنجليزية بحجة الزيارة و أدلى بالتصريح التالي : لقد وضعت دولة إنجلترا الشيخ مبارك في حمايتها , و قام قنصل بو شهر بإعطاء معلومات لحكومتكم . إذا حاولتم إنزال العساكر و المهمات و غيرها إلى البر أو انزلتم العساكر من السفينة إلى السنابيك فسأحارب , إننا مدينون لمبارك بالحماية . ليس هدفنا هو رفع الراية في الكويت , بل الحماية , إنها أوامر و تعليمات تلقيناها . أنا هنا بصفة مأمور , فإذا حدث أي شيء فإنني سأحارب , و إذا ظهر أي شيء يخالف الأوامر و التعليمات فسأحارب. لدي أمر بالقتال إذا أنزلتم السلاح أو الذخائر أو البنادق الى البر
.
بيان الكويت ص 154
.

لم تتقبل السلطات العثمانية هذه الصفعة من مبارك , فكان ردها على الإنجليز شرسا حيث أوضحت لهم بأن الكويت جزء لا يتجزأ من الدولة العلية , و أن معاهدتهم مع مبارك باطلة حيث أن مبارك قائمقام تابع لهم , و لو أرادوا أن يلتزموا بمعاهدتهم معه فهي تعني حماية شخص الشيخ مبارك فقط , أما أرض الكويت فهي تابعة للدولة العلية , و أمام هذا الإصرار العثماني قرر الإنجليز تهدأة الوضع و قرروا عقد إتفاق مع العثمانيين يهدف الى إبقاء الوضع على ما هو عليه و عدم إقدام أي من الدولتين على التدخل في الشؤون الخاصة للكويت و فرض السيطرة عليها
.
بالطبع لم تصدق نوايا الطرفين في هذا الإتفاق , فلكل منها مصالح خاصة لا تحتمل الإنتظار , فالدولة العثمانية قلقة من إنتقال عدوى مبارك و إتفاقيته الثنائية الى بقية حكام الخليج , لذلك كان قادتها المحليين يتعطشون للإنتقام من مبارك , و نخص منهم الفريق مصطفى نوري باشا , الذي وضع خطة متكاملة لغزو الكويت نذكر منها هذه الفقرة
.
إمكانية تخليص بلدة الكويت من يد الدساس مبارك الصباح بسوق العساكر السلطانية , و عدم وجود أي احتمال بمقابلة الأهالي و القبائل العساكر السلطانية بالسلاح , و حتى لو كان احتمال حملهم السلاح لا يزيد عن خمسة في المائة , فإن المأمول من خمسة و تسعين منهم ان يقبلوا بالطاعة و يستسلموا فوراً . و مع ذلك فمن الممكن أن يبدي أهالي الكويت بعض الدعم لمبارك الصباح خوفاً منه , فسيكون دفاعا لا أمل منه , كما أن الأهالي في الأصل يكرهون مبارك الصباح لظلمه و حقده كما يكرهون أن يسلم وطنهم للأجنبي دون سبب
.
بيان الكويت ص 184
.
.
و هكذا قررت حكومة الدولة العلية وضع مبارك أمام الأمر الواقع فطلبت من والي البصرة فعل الآتي
.
بأمر السلطان , أبلغ نقيب البصرة كي يحاول إقناع الشيخ مبارك بأن يتصرف كما يتصرف سادة و حكام تلك المناطق , و على الشيخ مبارك إما الحضور الى القسطنطينية للانضمام إلى بلاط و ديوان الحكومة أو الموافقة على الاستقرار في موقع بالقرب منا حيث نضمن له الأمن و العيش الكريم
.
بيان الكويت 186
.

حاول الشيخ مبارك المماطلة في الرد على هذا الأمر من خلال طلب مهلة ثلاثة أيام للتفكير و التشاور مع شعبه , و في نفس الوقت قام بمراسلة الإنجليز طالباً منهم الحماية من كيد الأتراك أو اضطراره لمصالحة الدولة العثمانية و النزول على أمر السلطان , فرد الإنجليز عليه و نصحوه بعدم الرد على طلب الدولة العلية و قاموا هم بالرد على الأتراك بإعتبار هذا الأمر مخالف لإتفاقيتهم السابقة بإبقاء الأمر على ما هو عليه , و من هنا بدأت المباحثات الأنجلو عثمانية حول الكويت من جديد , و من خلال هذه المباحثات طغت مصالح الدول العظمى على مصلحة الشيخ مبارك , فقد طرح الإنجليز فكرة الإعتراف بأحقية الدولة العثمانية بالكويت مقابل الحصول على حصة من المشاريع المُزمع إقامتها في المنطقة
.
لاحظ الشيخ مبارك هذا البرود و عدم الإكتراث من الجانب الإنجليزي و قد عاتبهم على ذلك في كثير من المراسلات , و هذا ما جعله يتبنى سياسة جديدة و هي التلاعب على موازين القوى العالمية من خلال إثارة حفيظة كل دولة على الأخرى , فعند الحاجة الى الإنجليز كان يتعمد إظهار الود إتجاه الأتراك ليسارع الإنجليز في تلبية مطالبه حتى يعود الى جانبهم من جديد , و هكذا كان يفعل مع الأتراك من خلال التقرب الى الإنجليز , بل أنه في بعض الأحيان أثار حفيظة الدولتين برفع شعار الدولة الفارسية على قصره , و هذا ما جعل الإنجليز يطالبونه برفع علمهم أيضا , إستمر الشيخ مبارك في هذه الألاعيب السياسية حتى تمكن من حل الجزء الأكبر من مشاكله , ففي العام 1903 تمت تسوية الخلافات المالية و السياسية بينه و بين أبناء شقيقيه محمد و جراح , و في 1905 ساهم في الإتفاق بين آل سعود و الدولة العثمانية , و في العام 1907 إنتهت آخر مشاكل الشيخ مبارك بوفاة الأمير بن رشيد , و هكذا عاش الشيخ مبارك بهدوء نِسبي حتى وفاته في العام 1915 و انتقل الحكم الى ابنه الأكبر الشيخ جابر بن مبارك
.
بيان الكويت ص 325 و 326
.
و بهذا فارقت الكويت ذلك الرجل القوي الصاخب , إلا أن الأحداث الصاخبة لم تفارقها من بعده
.
يتبع

11 comments:

Safeed said...

جميل
سرد معمق "للمهمل الذكر" من تاريخنا
أحيانا، تقود المقدمات إلى فهم النهايات
وتبدو "يابسة" النهاية كأنها تأخذ ملامحها
بما يُفهم من هذا السرد

S-Q8 said...

interesting!

Bafak said...

very interesting!

le Koweit said...

جانب مهمل من تاريخنا
بعضه اعرفه
وبعضه اقرأه للمرة الاولى

جميل :)
قواك الله

بـوبـحــر said...

كلاااام كبييييييير


والياي اكبر وانا ناطر الكبييييييييييييييييره

Sami said...

الله يعطيك العافيه

حنطفيس said...

متابع وبشغف

Mohammad Al-Yousifi said...

lol

ممتاز

هذي أقصر وحدة من اللي ياي

ترقبوا

:)

The Bodyguard said...

beautiful and smooth way in telling the facts.
we are more attached now in the rest :)

The Bodyguard said...

Very interesting facts of history to know.

bo bader said...

متابع باهتمام وشغف

مشكور عزيزي على الجهد الحلو

تحياتي