Wednesday, February 01, 2012

ثورة مطير على مطير

لا يخفى عليكم ان شخصية الكويتي تتميز بالزغالة , أو الميل إلى تربيط العصاعص و التشييش عندما تلوح من امامه فرصة للقيام بذلك , و أعترف هنا بأني لست أفضل من يميز بين المواقف التي تتحمل التعامل معها بزغالة و التي لا تتحمل ذلك و تستحق التعامل معها بشكل جدي , تابعنا جميعا اليومين الأخيرين من الإنتخابات و تابعنا أيضا تلذذ البعض بممارسة الزغالة سواء بالتعليق الساخر على الأحداث أو زيادة النار حطباً , لا بأس في ذلك , لهذا قررت التركيز على الجانب الغائب من الموضوع


كل من يعرفني يعرف جيداً بأني العدو الأول للتصرفات الجماعية أو ما يسمى بعقلية الجماهير أو القطيع , فأنا ممن يقدس الفردية بكل أبعادها و لا يزعجني شيء أكثر من الحديث بصيغة الجمع , لذلك لن أصف الفعل الغوغائي الذي قام به بعض الشباب في الأمس بأنه فعل "جماعي" لقبيلة مطير , فكل القوانين السماوية و الأرضية الناجحة تُأصل مبدأ مسؤولية الفرد "وحده" عن تصرفاته , فلا الزوجة مسؤولة عن تصرفات زوجها و لا الأخ مسؤول عن تصرفات أخيه , نعم قد يكون هذا عامل مساعد على الفعل لكن المسؤول الأول عنه هو من قام به


المشكلة هنا هو وجود هذا الكيان "الغير رسمي" المسمى بالقبائل , أو قبيلة فلان و علان , أقول بأنها مشكلة لأننا غير قادرين فعلا على معرفة من هو المسؤول عن هذا الكيان , هل هم شيوخ القبيلة ؟ أم انهم نوابها في المجلس؟ و هل هؤلاء النواب فقط نواب مجلس 2009 ؟ أو كل من نجح في الإنتخابات من 63 حتى الآن ؟ أم أن الفعاليات الإجتماعية كـ سلوى المطيري و تجارها كـ صاهود أيضا لهم الحق في الحديث بالنيابة عن القبيلة ؟ و إذا كان من حق كل من يحمل إسم "المطيري" كـ لاست نيم الحديث بإسم القبيلة , و التهديد بإسم القبيلة , و بالتالي شحن القبيلة فهل سيتحمل المنتمين إلى هذه القبيلة وزر كل معتوه يتحدث بإسمها ؟ و هل تتحمل القبيلة العقاب القانوني و الإجتماعي لكل أفعال هؤلاء الأوصياء عليها ؟


من طبيعة الإنسان في حالات ضعفه التنازل عن جزء من شروطه و معاييره في من يتحالف معهم , فالإنسان المديون لن يركز كثيراً في مصدر أموال من يقدم له المساعدة لتسديد دينه , و الإنسان المريض لن يضع شروط تعجيزية لمواصفات من يزوره , كذلك هو حال من يرشح نفسه للإنتخابات , فهو يضع نفسه طوعيا في حالة الضعف التي تدفعه للتنازل كثيرا إستجداءاً لصوت من ينتخبه , و أعتقد أنكم جميعا رأيتم أغنى الأغنياء و هم يشحتون الصوت من أفقر الناس , و رأيتم أكثر الناس عقلانية يفقد عقله و"عقاله" طلبا لفزعة الناخبين و أصواتهم , بل أنني أتلقى الكثير من الرسائل العنصرية و الطائفية ممن يدعون بعد موسم الإنتخابات إلى الوحدة الوطنية , هذه هي طبيعة الأشياء , و لا يستثنى منها إلا القِلة


أما بالنسبة لأحداث الأمس و ما قبله , فمن السهل علي تحليله من الجانب الإجتماعي , و من السهل تحليله من الجانب التاريخي , و من السهل إرجاعه إلى العامل الديني و الطائفي , لكني قررت أن لا أتشعب كثيرا في الأمر و التركيز بشكل أكبر عليه من الجانب الإنتخابي , قبل سنة و أشهر من الآن حصل الصدام بين السلطة و مجموعة من النواب و أنصارهم في ديوان الحربش , و قد أصبح د عبيد الوسمي أحد رموز هذا الصدام , ليس بسبب جملته الشهيرة "الكلاب من الشعب الكويتي" , لكن بسبب ما تعرض له من سحب و ضرب ثم سحل بسبب هذه الكلمة

ما يهمني هنا ليس عبيد , لكن إهتمامي ينصب على الفخ الذي نصبه أحمد السعدون لنواب ديوان الحربش و هو تشكيل تكتل جديد يحمل إسم "إلا الدستور" , و قد إنضم 23 نائبا إلى هذا التكتل بمن فيهم نواب القبائل , و هؤلاء في العادة يصلون إلى المجلس عن طريق الإنتخابات الفرعية المجرمة "دستوريا" , و هذا ما أوقع هؤلاء في حالة تناقض صريح بين شعار "إلا الدستور" و مشاركتهم في الفرعيات , فبادر عدد منهم و من قبيلة مطير بالذات بالطعن في قانون تجريم الإنتخابات الفرعية و عدم دستوريته , حيث أنهم يعلمون تماماً حجم المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه


و قد خلصت المحكمة الدستورية في 11 11 2011 إلى الطعن في الطعن و التأكيد على دستورية قانون تجريم الإنتخابات الفرعية , بهذا سدّت المحكمة الدستورية باب الفرعيات على نواب تكتل إلا الدستور , لذلك إضطروا جميعا – بإستثناء الصيفي – لخوض إنتخابات 2012 مستقلين بلا إلتزام رسمي من القبيلة , و أعتقد هنا أن أغلب قبائل الدائرة الرابعة "تعاطفت" ضمنيا مع مرشحيها فلم تعلن عن أسماء قائمتها الرسمية

وحدها فقط قبيلة مطير أعلنت عن قائمتها الرسمية المشكلة من أربعة مرشحين , في الوقت ذاته وصل عدد مرشحي القبيلة المستقلين إلى 6 مما يشير إلى غياب التنسيق داخل القبيلة , و غياب التسيق في الإنتخابات تعني خسارة حتمية للأصوات , و خسارة الأصوات و تشتتها قد تدفع بعض مرشحين القبيلة لإستخدام أساليب مبتكرة حتى يكونوا من الناجحين , فمثلما يستخدم جويهل سلاح الهجوم على المزدوجين و السلفيين – من القبائل – للحصول على أصوات الشيعة و الحضر, قد يستخدم مرشحي مطير الأقل حظاً سلاح سب الجويهل "للبدو" للحصول على المزيد من أصوات أبناء مطير و غيرها من قبائل الدائرة الخامسة
فالحسبة هنا بسيطة جدا , يمثل مطير في العادة 5 مرشحين , 4 من الفرعية + المايسترو مسلم البراك , أما في هذه الإنتخابات فحظوظ القبيلة ضعيفة أمام التسيق المتقن لبقية القبائل , فالرشايدة شبه متفقون على الدقباسي و المويزري , و نجد محمد الخليفة من شمر و عسكر من عنزة و العيار أيضا كمرشحين اقوياء , هذا ما قد يسبب خسارة حتمية لنصف – إن لم يكن أكثر – مرشحي مطير , خصوصا و أن التنافس الداخلي بين نواب القبيلة واضح من خلال إطلاق بعض الإشاعات على هذا المرشح أو ذاك , كل ذلك يشكل ضغطا على نواب القبيلة لخلق حالة عامة يتنافس فيها كل منهم مع الآخر بأيهم أكثرهم "مطيريةً"

و هذه العملية لا تحتاج الى القيام بأي مجهود "فعلي" , فالنفوس مشحونة , و العقول مفقودة , و لا أسهل على المرشحين إلا طلب الفزعة , خصوصا إذا أتت الفزعة من باب خير من إستأجرت القوي الأمين ذو اللسان الطويل , الذي سيتمكن من خلاله الدفاع عن كرامتكم و صون مكتسباتكم , و بسبب وفرة هذه النوعية من المرشحين في الدائرة الرابعة , فمن الطبيعي أن نجد تنافساً داخليا بينهم لإظهار من منهم اطول لساناً و أكثر جرأة على الشيوخ و المتنفذين , أعلم أن هناك عوامل أخرى لما يحدث , لكن علينا عدم إغفال عامل الإنتخابات و إستعداد المرشحين للتنازل أكثر و أكثر من أجل ضمان الصوت