Tuesday, December 25, 2012

الميموني


لست من هواة الكتابة في أمور خارجة عن نطاق – ما أعتبره – إختصاصي , و لذلك لم أعلق على حكم محكمة الإستئناف الصادر في قضية المرحوم محمد الميموني , فالقضية بالنسبة لي شأن قانوني بحت بالرغم من أبعادها السياسية , و ربما يكون لي رأي سياسي فيها إلا أنني أتحفظ دائماً على تسييس القضايا القانونية و الذي أصبح شائعاً في الفترة الأخيرة بسبب تغوُّل السياسيين و دس أنوفهم في كل مجالات الحياة في الكويت .

و لا بد الإشارة هنا إلى أن ما سأكتبه هو مجرد "رأي" من شخص غير متخصص في القانون و هذا ما يجعلني أكثر تقبلاً للنقد و التفنيد الذي قد يواجه به البعض هذه المقالة , و سأكون شاكراً بالتأكيد لمن يصحح وجهات نظري فيها .

من بين كل القضايا المتعلقة بممارسة السلطة للقمع و التعذيب و مصادرة الحريات و التعسف في تطبيق القانون و التي بدأنا نسمع عنها أخيراً يمكنني القول بأن قضية محمد الميموني هي القضية الوحيدة التي تستحق وقوف السلطة و الشعب عندها و مراجعة النفس في الكيفية التي بدأت و تطورت و إنتهت بها , فالبداية كانت بالإجرام الذي قام به رجال الأمن ثم الفزعة من قيادات وزارتهم في البيان "التدليسي" و من بعدها خداع الوزير حول حقيقة القضية التي جعلتها مادة خصبة للتكسب السياسي و الشحن الجماهيري .

و في حال ابتعادنا عن الشق السياسي للقضية و تركيزنا على الشق القانوني لها فعلينا الإنتباه إلى أن القاضي موظف عام لا يتمتع بسلطة مطلقة , فهو في نهاية اليوم حاله حال أي موظف له وظيفة محددة , و صلاحيات مقيدة يمارس من خلالها مهامه الوظيفية , و وظيفته هنا هي تطبيق "القانون" لا "خلقه" , فـ خلق القوانين مسؤولية تقع على عاتق الحكومة و مجلس الأمة , و هذا ما يجبر القاضي على الإلتزام بالقانون المقرر حتى و إن كان له رأي مختلف .

على سبيل المثال , لو كان القانون ينص على الحكم بـ خمس سنوات سجن مقابل جريمة السرقة , هنا سيضطر القاضي بالإلتزام بهذا الحكم سواء كانت قيمة السرقة خمسين ألف دينار أو خمسين مليوناً , بل أنه في بعض الحالات يضطر إلى معاقبة سارق الخمسين ألفاً بحكم أقسى من الحكم الذي سيحكمه على سارق الخمسين مليوناً , ففي حال تمت سرقة الخمسين ألفاً في أربعة وقائع منفصلة سيحصل المتهم على خمسة سنوات سجن لكل منها, فيكون بذلك حصل على عشرين سنة سجناً , بينما سيحصل سارق الخمسين مليون على حكم واحد بخمسة سنوات سجن في حال قيامه بسرقة كل المبلغ في واقعة واحدة .

و بالعودة إلى قضية الميموني أعتقد أن المسألة تتعلق بشكل مباشر في "التكييف القانوني" للتهمة الموجهة إلى المتهمين و قدرة دفاعهم على نقضها و إعادة "تكييفها قانونياً" , فعقوبة الإعدام في القانون الكويتي لا تُطبق إلا على جرائم "القتل مع سبق الإصرار و الترصد" , و الواضح أن دفاع المتهمين نجح في تكييف التهمة إلى "الضرب المفضي إلى الموت" لا "القتل مع سبق الإصرار و الترصد" , و في حال إقتناع القاضي بأن كل ما فعله المتهمين من ممارسات وحشية لا تصل أو تتوافر فيها شروط تهمة "القتل مع سبق الإصرار و الترصد" فسيكون من المنطقي أن يحكم عليهم بالسجن المؤبد و ليس الإعدام .
 

و يمكننا التأكد من ذلك من خلال قائمة الجرائم التي تمت إدانة المتهمين بها و هي :

1-     التعذيب الذي أدى إلى الوفاة

2-     الحجز في غير الأحوال التي يقررها القانون

3-     القبض على أشخاص و احتجازهم في غير ما يقرره القانون

4-     التزوير

5-     إستعمال القسوة

6-     الإكراه على توقيع مستند

7-     إخفاء أدلة الجريمة
 
و يتضح هنا غياب جريمة "القتل مع سبق الإصرار و الترصد" عن القائمة و هي الجريمة التي كان يمكن من خلالها الحكم بالإعدام عليهم , أكرر بأن هذا الرأي غير متخصص و هو لا يقلل من بشاعة و وحشية الجريمة و لا يقلل من آثارها السياسية و القانونية و الإجتماعية , و في النهاية يظل حكم الإستئناف غير نهائي في ظل لجوء الطرفين إلى محكمة التمييز , و لا يبقى أمامنا هنا سوى الترحم على روح محمد الميموني و الأمل - أو العمل - على أن تكون قضيته مفتاح لباب إصلاح التشريعات و تطوير القوانين و هي الوظيفة الأهم للحكومة و مجلس الأمة .
 
الروابط التالية للقراءة حول الإختلاف بين "القتل مع سبق الإصرار و الترصد" و "الضرب المفضي إلى الموت":

5 comments:

SHOOSH said...

Lovely

Rlfh said...

عقوبة التعذيب المفضي الي الموت ذات عقوبة القتل العمد وهي الاعدام او المؤبد واعتقد المحكمه عاقبت بالمؤبد لان التعذيب وحده لم يكن ليؤدي الي الوفاة لولا مرض الميموني بالقلب

Rlfh said...

عقوبة التعذيب المفضي الي الموت هي ذات عقوبة القتل العمد وهي الاعدام او المؤبد واعتقد المحكمه عاقبت بالاعدام لان التعذيب لوحده لم يكن ليؤدي للوفاة لولا اصابة الميموني بازمه قلبيه

Rlfh said...

هناك فرق بيت جريمة الضرب المفضي الي الموت والتعذيب المفضي الي الموت

Unknown said...

شكرا على رأيك وانا مثلك لست متخصصا وواثق بالقضاء ولكن تأمل في هذا القانون
المادة رقم 180 من قانون الجزاء الكويتي

كل من خطف شخصا عن طريق القوة او التهديد او الحيلة ، قاصدا قتله او الحاق اذى به او مواقعته او هتك عرضه ، او حمله على مزاولة البغاء ، او ابتزاز شئ منه او من غيره ، يعاقب بالاعدام.

ومما يبدوا لي ان رجال الشرطة تحايلوا على المجني عليه بخطفه وأخذه لجاخور لتعذيبه وضربه

وشكرا واتقبل ردودك ورأيك على تويتر @DrAdnanAlhadlaq